Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما تأثير انخفاض أسعار الوقود في أزمة كلفة المعيشة؟

يجب على أمور عدة أن تتضافر خلال الأشهر القليلة المقبلة قبل أن يخرج العالم نفسه من التضخم المرعب الذي يعيشه

الخبر السار مفاده أن تدنى أسعار النفط سيخلف أثراً كبيراً في أزمة التضخم  (غيتي)

لنبدأ بسؤال أولاً. هل أسعار النفط عالمياً أعلى الآن مما كانت عليه عندما هاجمت روسيا أوكرانيا؟ إنها أعلى بالتأكيد – أليس هذا هو السبب الذي يجعل من فواتير الوقود لدينا تحلق عالياً؟ حسناً، الإجابة هي أنها [أسعار الطاقة] أدنى بقليل.

يسجل خام "برنت" 94.66 دولار للبرميل حالياً، في حين أنه كان قد أغلق في يوم 23 فبراير (شباط) عند 96.84 دولار. قد تقفز الأسعار غداً، هذا ممكن! – لكن وبفضل ارتفاع قيمة الدولار لا تزال الأسعار اليوم أعلى مما كانت عليه في فبراير الماضي إذا ما حسبنا السعر بالجنيه الاسترليني أو اليورو (انخفض سعر الجنيه الاسترليني مقابل الدولار من 1.36$ قبل الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ما دون 1.19$ بحلول منتصف يوليو "تموز" الماضي). وهذا جزء من السبب الذي ما زال يجعلنا ندفع أكثر لملء خزانات وقود سياراتنا، لكن في المقابل، عندما يشاهد المرء حركة سوق مفاجئة كهذه، يتعين عليه أن يسأل لماذا، ثم يفكر في ما قد تحاول الأسواق أن تبلغنا به.

كلمة التساؤل "لماذا؟" يجب أن تبدأ من النقطة التي يبدو فيها أن سوق النفط تتجه نحو فائض عالمي. فالإنتاج، وفق الوكالة الدولية للطاقة، زاد قليلاً. ويبدو أن روسيا تصدر نفطها على الرغم من العقوبات، كما أن الطاقة الإنتاجية للولايات المتحدة في أعلى معدلاتها، ناهيك بموافقة منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) أخيراً على زيادة طفيفة في الإنتاج بدءاً من سبتمبر (أيلول) المقبل.

لكن التحول الكبير حقاً لم يكن في العرض، وإنما في الطلب. ففي الغرب كان هامشياً أي تراجع في الأسعار. لقد حاولنا كلنا الاقتصاد [في الإنفاق] بعض الشيء - فانخفض الطلب على الوقود- لكن الارتفاع المذهل في أسعار الغاز كان يعني أن النفط سيستخدم حيثما أمكن بدلاً من الغاز، ولا سيما في ألمانيا.

التغير الأكبر في الطلب جاء من الصين. لقد تباطأ الاقتصاد هناك بشكل حاد في الربع الثاني من هذا العام ويبدو أن يوليو الماضي لم يكن أفضل حالاً، وفق مؤسسة التوقعات الاقتصادية "تشاينا بيج بوك إنترناشيونال -China Beige Book International". ولا ينبغي للمرء أن يصدق كل القصص السلبية عن الصين لكي يستنتج أن التباطؤ هناك حقيقي للغاية. بالتالي، إن كان الناتج الصيني ضعيفاً، هذا يعني أن البلاد ستشتري كميات أقل من النفط – وبما أنها أكبر مستورد للنفط على مستوى العالم، سيخلف ذلك أثراً كبيراً على الأسعار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستناداً إلى التوقعات بالنسبة إلى الصين في الأشهر المقبلة، من الوارد أن يستمر سعر النفط بالانخفاض -من يدري؟- إلى المستويات التي كان عليها قبل عام، أو حتى أقل منها، لكن على الجانب الآخر، وأياً كان ما سيحدث لأسعار الغاز هذا الشتاء، وهو بالطبع نتيجة لقرارات روسيا في شأن صادراتها إلى أوروبا، لا يبدو بأن سعر النفط سيعود إلى مستويات الـ120 دولاراً للبرميل التي شهدها قبل بضعة أسابيع.

إذا كان هذا صحيحاً، فماذا يعني ذلك؟ هنالك قصة سلبية وأخرى إيجابية.

القصة السلبية هي أن ركوداً اقتصادياً قد يصيب قسماً كبيراً من بلدان العالم المتقدم. لا أعتقد أن هنالك فائدة ترجى من محاولة إضافة مزيد من الكآبة التي عصفت بالمملكة المتحدة، وكذلك أيضاً أوروبا والولايات المتحدة، خلال الأيام القليلة الماضية، لكن الأمر الذي يستحق أن نقوله بكل تأكيد هو أن الركود يشكل وسيلة مؤكدة للجم الطلب على الطاقة – بالتالي أسعار النفط.

أما القصة الإيجابية فهي أن انخفاض سعر النفط سيكون له أثر شديد في التضخم بشكل عام. نعم ليس من السهل وضع ثقتنا في التوقعات الرسمية في شأن التضخم، ذلك لأن التوقعات الحالية كانت خاطئة إلى حد كبير، لكن النتائج قد تكون مفاجئة من جهة أخرى. فبعض دراسات شركة "لونغفيو إيكونوميكس - Longview Economics" الاستشارية التي تتخذ من لندن مقراً لها ترى أن المزاج السائد في سوق النفط بالكامل يتحول افتقاره إلى العرض باتجاه الافتقار إلى الطلب. هي لا تقدم توقعاً بخصوص الأسعار، لكن يبدو لي أن سعر النفط قد يعود إلى المستوى الذي كان عليه قبل سنة -نحو 70 دولاراً للبرميل - إذا كان ما تطرحه الشركة حول [مؤشرات] الطلب والعرض صحيحاً.

هذا لا يعني أن أزمة كلفة المعيشة كلها ستنتهي. فلقد كان اعتماد أوروبا على الغاز الروسي أكثر مما ينبغي بكثير [فاق المستويات المقبولة]. والاضطراب في خطوط الإمداد سيستمر لأشهر مقبلة قبل أن تعود إلى سابق عهدها، كما ستستغرق مواجهة نقص العمالة في عديد من الخدمات، بما في ذلك في قطاعي السفر والسياحة الضخمان، عدة أشهر لحلها وهذا ما قد يسهم في رفع الكلف، لكن انخفاض سعر النفط، في المقابل، سيزيل إحدى القوى التي كانت تدفع معدلات التضخم إلى الأعلى.

دعونا ننظر إلى الأمر بهذه الطريقة. يجب على أمور عدة أن تتضافر في الأشهر القليلة المقبلة قبل أن يتمكن العالم من إخراج نفسه من [أزمة] التضخم المرعب الذي يعيشه. لا بد من زيادة الإمدادات الغذائية، ونظراً إلى أهمية أوكرانيا كبلد منتج للحبوب ستكون المهمة بالغة الصعوبة. ولا بد من تطوير مصادر بديلة للطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، وإلى أن يحدث هذا لا بد من أن يتعلم العالم الاقتصاد في استهلاك الطاقة.

لكن الهبوط المستمر في أسعار النفط سيكون اللبنة الأولى نحو العودة إلى الحياة الطبيعية. وهذا، كما أرجو، ما سيناله العالم [يكون مآله] على الأرجح.

© The Independent

المزيد من آراء