Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عنوانان خادعان لمعركة غزة

"وحدة ساحات" إيرانية تنكشف أمام "وعد صادق" إسرائيلي

تنتهي الجولة بمفاوضات ويدفن الغزيون مزيدا من الضحايا وتكون الرسائل الإسرائيلية قد وصلت ممهورة بالدماء والدمار (أ ف ب)

حمل الفصل الجديد من حروب غزة تسميتين، إسرائيل أطلقت عليه "الفجر الصادق" وحركة "الجهاد الإسلامي" المستهدفة بالحرب سمّته بـ"وحدة الساحات"، والتسميتان تحيلان في اللاوعي السائد إلى جذر واحد في توترات المنطقة.

فـ"الصادق" تذكير بحرب "الوعد الصادق" بين "حزب الله" وإسرائيل، و"وحدة الساحات" شعار ترفعه إيران صاحبة "الوعد" وتلح عليه منذ تطويرها تصدير ثورتها وصولاً إلى تزعمها محور "المقاومة الممانع"، الذي يشتبك مع خصومه في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ويتحدث كثيراً عن تحرير القدس.

لم تكُن مبررات الحرب الإسرائيلية على غزة هذه المرة كافية وواضحة. في حروب سابقة، كانت إسرائيل تنتظر تلقي بضعة صواريخ لتبدأ تمرينها الجوي الدموي ضد القطاع المكتظ بسكانه ومخيماته.

لكن هذه المرة بادرت إلى الهجوم في معركة استباقية بدا أن أهدافها تتخطى الرد على تنظيم "إخواني" فلسطيني، مؤسسه فتحي الشقاقي (اغتاله الموساد في 1995) نشأ على الإعجاب بالإمام الخميني وكتب كتاباً في هذا الإعجاب، وخليفته زياد النخالة كان في مصادفة غريبة يجالس خلفاء الخميني في طهران ويشيد بحكمة المرشد وقيادته عندما اندلع "الفجر الصادق" وانطلقت "وحدة الساحات".

منذ بداية الأسبوع الماضي، بدأت القيادة الإسرائيلية الإعداد لضربتها، اعتقلت قيادياً "جهادياً" في جنين هو بسام السعدي واغتالت آخر هو تيسير الجعبري.

بدا هذا التصعيد استئنافاً لهجمات مارس (آذار) الماضي في مخيم جنين، التي انتهت إلى اغتيال المراسلة الصحافية شيرين أبو عاقلة، لكن الأمر تعدى ذلك.

فرضت إسرائيل منع تجول في مستوطنات محيط غزة (الغلاف) وحذرت السكان من ردود فلسطينية، ثم قررت خططاً هجومية بالقطاع في اجتماع الأركان يوم الخميس، ليعلن رئيس الوزراء المؤقت يائير لبيد أن "الوضع حول غزة لن يستمر طويلاً" بعد الإغلاق الذي تقرر منذ مساء الإثنين.

ترافقت قرارات الجيش مع حملة إعلامية حول "شعور مستوطني غلاف غزه بالحصار" و"استعداد الجهاد الإسلامي لضرب أهداف إسرائيلية"، لكن "الجهاد" لم تبادر هذه المرة إلى أي عمل ضد إسرائيل.

وظهر أن هناك انضباطاً تاماً يسود صفوف المنظمات الموالية لإيران على امتداد المنطقة عشية الإعلان عن استئناف مفاوضات فيينا النووية (الخميس) والتوقعات المتفائلة بإمكانية العودة إلى الاتفاق و"خطة العمل المشتركة".

اختارت إسرائيل، كما يبدو، توقيتها للموقعة الاستباقية لتحقيق سلسلة أهداف، ولو كان الثمن عدداً إضافياً من القتلى والجرحى ومزيداً من الدمار في غزة. وسعت حركة "الجهاد" إلى منع الصدام، فاتصل زعيمها النخالة بمدير الاستخبارات المصرية عباس كامل مطلع الشهر الحالي لـ"نزع فتيل التصعيد"، لكن القرار الإسرائيلي وضع موضع التنفيذ.

قد تكون الانتخابات الإسرائيلية في الخريف المقبل أحد أهداف لبيد من وراء المعركة، وهذا ليس جديداً على السياسيين الإسرائيليين، الذين يخوضون معاركهم السياسية بمزايدات في الاستيطان ورفض الدولة الفلسطينية أو بفتح معارك عسكرية.

لبيد وحلفاؤه يحتاجون مثل هذه المعارك في وجه غريمهم بنيامين نتنياهو، الذي يستعد للعودة إلى السلطة، وإلى هؤلاء ثمة من يهمس أن قيادة الجيش التي لا تستسيغ هجمات نتنياهو ضدها هي من اتخذت القرار بالتصعيد لحشر هذا الأخير في الزاوية.

الهدف الثاني من العملية الإسرائيلية هو كشف هشاشة الرواية الإيرانية عن "وحدة الساحات". لم تتحرك الساحات الإيرانية في غزة أو غيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حركة "حماس" بقيت على أهبة الاستعداد لمتابعة الموقف، ولم تشارك حتى الأحد في الرد على الضربات الإسرائيلية، وبدا أنها تعتمد على صدام في المسجد الأقصى مع المستوطنين لتأمين حالة استنهاض شعبي وديني يغطي على مجريات معركة القطاع.

خارج فلسطين، أعرب الحوثي عن غضبه وتضامنه، ووضع فالح الفياض، رئيس الحشد الشعبي العراقي "قلوب العراقيين" بتصرف أبناء غزة، أما حسن نصر الله، الأمين العام لـ"حزب الله" في لبنان، فقد بدا أنه يعتبر المعركة رسالة ضده، وجزم أن كل "ساكت عن الجريمة مدان" وأن من "حق الشعب الفلسطيني وحركة الجهاد الرد في الزمان والمكان المناسبين".

وشرح نصر الله: "نحن نتابع ما يجري وعلى تواصل مع إخواننا في الجهاد وحماس، ونعتقد أن يد المقاومة ستكون العليا في هذه المعركة".

رأى نصر الله بوضوح أن إسرائيل "تقصف غزة لتخاطب لبنان"، وهذا ما لم تخفِه القيادة الإسرائيلية طوال الأشهر الماضية. فهي استعدت وأجرت تدريبات ومناورات تحاكي حرباً مع "حزب الله"، وحربها في غزة رسالة وتحذير مسبق لهذا الحزب تحديداً، خصوصاً بعد تهديدات زعيمه بحرب قريبة على خلفية مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل.

اكتفت إيران، قائدة محور المقاومة بالتحليل والإرشاد، وهي وسط مفاوضات مصيرية بالنسبة إلى اقتصادها وازدهارها. مساء السبت، تحدث حجة الإسلام مسعود في خطبته بحضور المرشد خامنئي عن "الصمود في وجه المتغطرسين وطواغيت الظلم".

قبله، طمأن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ضيفه زياد النخالة بأن "مقاومة سكان غزة ستسرع في زوال هذا الكيان القاتل للأطفال"، أما علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي، فقد استمع إلى الزعيم الفلسطيني يبلغه أن "إسرائيل محاصرة بفضل توجيهات قائد الثورة".

وفي التوقيت ذاته، تبرع قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني بـ"وعد" قاطع مفاده بأن "أبناء حزب الله يخططون لتوجيه الضربة الأخيرة للكيان الصهيوني في الوقت المناسب".

ستنتهي الجولة الجديدة من حروب غزة بمفاوضات عبر عباس كامل والوسيط القطري، وسيدفن الغزيون مزيداً من الضحايا، وستكون الرسائل الإسرائيلية قد وصلت ممهورة بالدماء والدمار.

المزيد من آراء