Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يعني أن تكون مصوراً صحافياً في السودان؟

ضرب وتضييق وتكميم أفواه يعانيها الإعلاميون من جميع الأطراف

يتم استهداف الإعلاميين لأن أصواتهم عالية وصورهم واضحة وتصل لكل العالم (اندبندنت عربية- حسن حامد)

يواجه المصورون والصحافيون في السودان مضايقات مستمرة خلال تغطيتهم الأحداث الجارية، خصوصاً المتعلقة بالتظاهرات المستمرة منذ انتفاضة ديسمبر (كانون الأول) 2018، التي أسقط الشعب خلالها حكم البشير الذي استمر 30 عاماً، وإلى الآن.

يتعرض الإعلاميون، وخصوصاً المصورين، لاعتداءات كبيرة تهدد سلامتهم الجسدية والنفسية، إضافة إلى الاعتقالات المستمرة وسحب رخص عملهم وتلفيق التهم لهم، كما يواجهون قمعاً للحريات وأحياناً يمنعون من نقل الأحداث المتسارعة في البلاد. كما اعتقل عدد منهم، فضلاً عن الحرمان من العمل والضرب والتهديد بالسلاح.

المصورون الأكثر ضرراً

يعاني المصورون الصحافيون والتلفزيونيون من مضايقات مستمرة أثناء تغطيتهم للتظاهرات، حيث تعرض عدد كبير منهم للضرب، منهم مصور "اندبندنت عربية" حسن حامد، الذي تعرض للضرب وتحطيم معداته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتكررت الحادثة مع المصور الصحافي إبراهيم نقد الله، الذي يواجه 3 تهم تحت المواد (69، 77، 57) بعد أن اعتقلته الاستخبارات العسكرية عقب موكب الـ17 من يوليو (تموز) قرب مدخل كوبري الفتيحاب.

وقال إبراهيم نقد الله إن "المصورين في السودان يواجهون مشكلات كبيرة متعلقة بتغطية أحداث التظاهرات منذ بداية ثورة ديسمبر 2018 حتى تاريخ اللحظة، لذا يعتبر محللون أن كل الأنظمة الديكتاتورية في كل أنحاء العالم تخاف من الكاميرا، لأنها تلعب دوراً أساسياً في كشف الحقائق".

وعن التضييق الذي يواجههم قال نقد الله "كتجربة شخصية تم اعتقالي يوم الـ14 من فبراير (شباط) الماضي لمدة 3 أيام، وتم نقلي لمكان لا أعرفه، وحققوا معي وأخذوا ذاكرة الكاميرا التي بها توثيق لأحداث إحدى التظاهرات، بعدها تم فك سراحي وقمت بالمشاركة في موكب الـ28 من فبراير، حينها تم استهدافي بقنبلة صوتية مباشرة أتلفت حقيبتي التي تحتوي على الكاميرا والهاتف مما أفقدني كل ما قمت بتوثيقه".

وأضاف نقد الله "بعدها تلقيت عدداً من رسائل التهديد، وعندما شعرت بالخطر انتقلت إلى بلد آخر لخوفي من محاولة اغتيال، جلست لمدة شهر ونصف الشهر، ثم رجعت إلى السودان وواصلت مسيرتي في التوثيق برفقة زملائي في لجان المقاومة".

 

وعن آخر ما تعرض له، قال نقد الله "آخر موكب في الـ17 من يوليو (تموز)، تم نصب كمين لي في الخرطوم وتم القبض عليّ من أشخاص يرتدون زياً مدنياً ولم أتعرف على الجهة التي يتبعون لها، وتم ضربي ومصادرة الكاميرا وتم نقلي للقسم الشمالي بالخرطوم وفتحت ضدي 3 بلاغات تحت المواد 77 إزعاج و69 إخلال بالسلامة العامة و57 تصوير المناطق العسكرية".

وأشار إلى أنه "تم حبسي في وضع سيئ أنا و12 شخصاً آخرين من التظاهرة، ثم تم إخلاء سبيلي بضمانة بواسطة محامي طوارئ، وتم تحديد محاكمتي في منتصف أغسطس (آب) الحالي".

وعن ما يتعرض له المصور يومياً، أوضح نقد الله أن "التضييق علينا رهيب، ومستقبلي كمصور صحافي في ظل الأحداث الحالية مشوش، لكننا اكتسبنا خبرة جيدة من خلال المواجهات المباشرة والمستمرة، ونستعد للانطلاق عالمياً، لأننا نملك صور مواجهات من تظاهرة الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول)، وصور انتهاكات مختلفة لن ننشرها إلا عندما يكون هنالك قضاء عادل ونزيه، حيث رصدنا من خلال الكاميرا عدداً من القوات النظامية وهم يوجهون سلاحهم صوب المتظاهرين".

قانون غير منصف

البلاغات التي يتم فتحها ضد صحافيين دائماً ما يكون هدفها التخويف، حيث واجه خلال العامين الماضيين عدد من الصحافيين والمصورين بلاغات عدة غير حقيقية، بحسب وكالات أنباء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القانوني خالد شريف قال إن "البلاغات التي تفتح ضد الإعلاميين في السودان إذا لم تكن صحيحة فمن السهل جداً السيطرة عليها والمثول أمام القانون لإثبات براءتهم، إلا إذا كانت تقف خلفها جهات تهدف من خلالها إلى إيقاف نشاط الصحافي أو تخويفه".

وعن الحلول في مثل هذه الحالات، اعتبر شريف أن "الصحافي والمصور إذا كان يواجه بلاغاً حقيقياً في حال أنه فعلاً نشر أخباراً كاذبة أو صوراً في جهات ممنوعة كالمناطق العسكرية مثلاً، هنا يجب أن يتحمل مسؤوليته ويمثل أمام القانون ويحترم سيادة الدولة، لأن ضرر هذه الأمور أكبر من نفعها".

استهداف واضح

لعب الصحافيون والمصورون دوراً كبيراً في انتفاضة ديسمبر، حيث نقلوا أصعب المواقف في أصعب الأوقات وعملوا في ظروف صعبة ومنهكة.

وفي هذا الصدد، قال الصحافي حمزة فضل إن "المصور والصحافي والمذيع جميعهم أصحاب بصمة واضحة في الانتفاضة، وحتى الآن يعملون تحت ظروف قاسية وصعبة وتتم مقابلتهم بشتى أشكال التنكيل والانتهاكات من كل الجوانب، حيث إن هناك عدداً كبيراً منهم تعرض للضرب من قبل الثوار وجهات نظامية، كل تلك الأمور لم تضعفهم بل واصلوا في جهودهم".

وعن الاستهداف الواضح لهم، أضاف فضل "يتم استهداف الإعلاميين لأن أصواتهم عالية وصورهم واضحة وتصل لكل العالم، وتهدد أطرافاً لها يد في التخريب والفساد والقتل الذي يحدث في السودان، لذلك كان الحل الأمثل لتلك الجهات هو إسكات أصواتهم وتحطيم كاميراتهم لقتل الحقيقة وإخفائها وهذا صعب طالما أن ضمير الإعلاميين ما زال حياً".

عديد من الانتهاكات

الأمين العام السابق للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية حسام حيدر قال إنه "خلال الفترة التي تلت انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 مباشرة وقع عدد من الانتهاكات، خصوصاً في الفترة من أكتوبر 2021 وحتى فبراير (شباط) 2022".

وعن مواد مجلس الصحافة، قال حيدر "بحسب المادة السابعة البند الثاني، فإن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية يكون مستقلاً في أداء أعماله وموازنته، أي لا سلطة للوزير المتخصص بالتدخل في اختصاصات المجلس بأي شكل كان بموجب البند الثالث، أي أن الوكيل لا يملك صلاحية لا يملكها الوزير، علماً بأن الوكيل الحالي مكلف تسيير أعمال الوزارة فقط".

وأشار حيدر إلى أنه "بموجب القرار 104 لسنة 2021 الصادر عن مجلس الوزراء الانتقالي المنقلب عليه، فإن الوزير المتخصص هو وزير الثقافة والإعلام، وقبل سقوط نظام المؤتمر الوطني المخلوع صدر قرار عن مجلس الوزراء في مارس (آذار) 2019 أن يكون الإشراف لوزير وزارة شؤون مجلس الوزراء".

 

 

وعن بقية المواد، أضاف حيدر "وفقاً للمادة الثامنة الفقرة (أ) من قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية لسنة 2009 يختص المجلس بالإشراف على الأداء العام للمؤسسات والشركات الصحافية ودور النشر الصحافي والمطابع الصحافية ومراكز الخدمات الصحافية ووكالات الأنباء ووكالات الإعلان ومراجعة أدائها المهني، وفي المادة التاسعة الفقرة (هـ) من سلطات المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية اعتماد مكاتب الصحف والوكالات الأجنبية والوكالات الصحافية الأجنبية واعتماد مراسليها حال موافقتهم معايير وشروط العمل كمراسلين، ومنها السجل الصحافي المذكور في المادة 23 البند الأول من القانون ولائحة تطوير العمل الصحافي لسنة 2013".

وقال حيدر إن "وكيل وزارة الثقافة والإعلام، غير متخصص باتخاذ قرارات لمؤسسات صحافية لا تقع تحت نطاق سلطات الوزارة، حيث إنها متخصصة فقط بالتصديق والترخيص للإذاعات والقنوات المحلية فقط بالتنسيق مع هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني".

وعن ضرر القرار على المهنة، أضاف أنه "امتداد لاستهداف حرية الصحافة والإعلام، وتأكيد على أن السلطة الانقلابية تضيق على الصحافيين أثناء أداء عملهم، ويؤكد ذلك ما تعرض له عدد من الصحفيين كما في محاولة دهس الصحافية شمائل النور وتعرضها للضرب، كذلك ما حدث مع عثمان فضل الله وبكري خليفة وآخرين".

اعتداءات متكررة

وعن الاعتداءات المتكررة، قال حيدر إن "ما حدث من اعتداء على مراسلي ومنتجي ومراسلي قنوات العربية والحدث والحرة والشرق وعدد من الصحافيين في مواكب الـ30 من ديسمبر (كانون الأول) واقتحام مكاتبهم يعد ردة وعملاً ممنهجاً تجاه الصحافيين، هذا الأمر يخالف مواد قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية لسنة 2009، وبالطبع عملياً ليس هناك وثيقة دستورية للاستناد على موادها في ظل هذا الوضع الانقلابي".

وأشار إلى أن الاعتداء على الصحافيين ومراسلي ومصوري القنوات ظل حاصلاً طيلة الفترة الماضية، بدايةً بالاعتداء على طاقم إذاعة راديو المهن 106.6 من مجموعة عسكرية في سبتمبر (أيلول) الماضي، والاعتداء على الصحافي علي الدالي من قوة عسكرية، وفي قضيته اتخذت إجراءات قانونية وقتها بصفتي الاعتبارية أميناً عاماً لمجلس الصحافة والمطبوعات الصحافية، وتحدثت مع ممثلي الجهات العسكرية والأمنية بأن هذه الاعتداءات مرفوضة تماماً، وأن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية مسؤوليته حماية الصحافيين ومؤسساتهم التي ينظم ويشرف على عملها".

ولفت إلى تكرار الاعتداءات بعد المحاولة الانقلابية في الـ21 من سبتمبر الماضي، بالاعتداء على مراسل صحيفة الشرق الأوسط محمد أمين يس، ثم توقيف موفد قناة الشرق حسام بيرم، وكذلك احتجاز الصحافيين في وكالة سونا للأنباء، يوم السبت الـ23 من أكتوبر الماضي، عند حضورهم لتغطية المؤتمر الصحافي لقوى إعلان الحرية والتغيير، وتعرض الصحافي الأحمدي فرح نتيجة ذلك الاعتداء لكسر في يده وأجرى عملية لاحقاً، وتهديد سلامتهم من بعض المجموعات الداعمة للانقلاب، وتم التعامل وقتها مع كل هذه الأحداث بالزيارات لعين المكان والحدث والوصول للصحافيين المعتدى عليهم أو المتضررين أو الاتصال بهم وبمديري المكاتب".

وأوضح أن "كل هذه التجاوزات تم وضعها ضمن أجندة الأمانة العامـة للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية والاتصال بالجهات الأمنية والعسكرية لوضع آليات لحماية الصحافيين أثناء أداء عملهم وفق نصوص قانون الصحافة والمطبوعات الصحافية لسنة 2009، وبدء التنسيق حتى يقوم الصحافيون بعملهم بحرية واستقلالية ومهنية في وضع تعددي ديمقراطي، لكن قطع كل ذلك الانقلاب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير