Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صائب سلام يروي معركته مع فؤاد شهاب وعلاقته ببشير الجميل (2-2)

يكشف عن دور وساطة قام به بين الفلسطينيين وفيليب حبيب

لعب صائب سلام دوراً محورياً بين الأطراف السياسية اللبنانية (غيتي)

يتسارع نبض مذكرات صائب سلام مع اقتراب موعد انتخاب رئيس للجمهورية العام 1970، وتكشف الأوراق التي توثق ذلك التسارع عن مساعي سلام الذي لم يكن في السلطة التنفيذية خلال عهد الرئيس شارل حلو (1964- 1970) للحيلولة دون عودة الرئيس الأسبق فؤاد شهاب إلى الرئاسة. ويروي حادثة تلخص ما كان عليه صاحب "أحداث وذكريات"، وهو القطب المحنك الممسك بكثير من خيوط اللعبة السياسية في لبنان، سواء أكان شعبياً أم في البرلمان أم في علاقاته الخارجية من الرياض إلى القاهرة، من توتر. يروي، "في هذا السياق كانت الزيارة التي قام بها الشيخ خليل الخوري لي ليحاول طوال ثلاث ساعات بكل الوسائل إقناعي بتأييد عودة فؤاد شهاب للحكم، مؤكداً أن شهاب سيجعل الحكم بين يدي لأنه بحسب قوله (نقلاً عن شهاب ويقصد سلام)، ’تعلم من الأخطاء القائمة، ولأنه الوحيد الذي يمكنه أن يصحح هذه الأخطاء‘. خضت مع الشيخ خليل نقاشاً طويلاً، وكلمته بالمنطق، لكن حين لاحظت أن لديه تشبثاً غريباً بموقفه انفجرت غضباً ورحت أصب كل غضبي على شهاب، قائلاً إنه هو المسؤول عن كل ما يحدث من فساد وفتن ومجازر، وإنه هو المسؤول عن انتشار الزعران خلال العهدين الأخيرين، وأنه لن يصلح الحكم لأن ذلك الأسلوب إنما هو أسلوبه وتفكيره ومزاجه، ونحن لسنا مستعدين لمجاراته، وهو ليس بالنسبة إلينا إلهاً لا غنى عنه نسجد له، ’وإن كنتم أنتم تسجدون له فهذا شأنكم، ولكن اعلموا أن في البلد أناساً أحراراً يأبون أن يذلوا أنفسهم‘. ثم قلت ’إن كان فؤاد شهاب عازماً على ترشيح نفسه فلماذا لا يقولها بكل صراحة؟ لماذا لا يعلن ترشيحه؟ فليأت إليّ هنا بكل وضوح ويخبرني بأنه مرشح، وليحدثني عن الأسس التي يترشح عليها حتى أجيز لنفسي أن أباحثه، ومهما كان فأنا لن أباحثه لأنه لا يستحق ذلك، فليفهم هذا من يفهم‘. وفهم خليل الخوري أخيراً أن تأييدي لشهاب مستحيل".

وكان سلام كتب قبل هذه الحادثة صفحات نعود إليها لتوضيح موقفه منه، "وكم ندمت على موقفي من الإصرار على انتخاب فؤاد شهاب عندما أدركت في ما بعد المعاناة الشخصية، ما كان يتصف به فؤاد شهاب من ضعف في الثقافة وتعصب، إضافة إلى ضيق صدره واتجاهه الحاقد ضد المسلمين، على الرغم من السمعة غير الصحيحة من أنه صديق للمسلمين كما أشاع بعض مناصريه، ومنهم تقي الدين الصلح وعلي بزي اللذان كانا يلازمانه دائماً، وإضافة إلى هذا فإنني وللتاريخ أقرر أن فؤاد شهاب كان العامل الأكبر، بواسطة المكتب الثاني العسكري (الاستخبارات)، في تعطيل سير الديمقراطية في لبنان على الرغم من أنني أدرك أن سيرها كان أعرج وليس كما نشتهي، وخصوصاً في تسليط المكتب الثاني على أمور الدولة ورجالها وتشجيع الرشوة والفساد، وهذا ما كان فؤاد شهاب يتهم به بعض اللبنانيين من أنهم أكلة الجبنة".

اللجوء إلى الملك فيصل

هذا الموقف من شهاب وعودته هو ما دفعه "للتفتيش عن حل" فيروي، "كنت بحاجة إلى دعم عربي لموقفي ما دامت مصر الرسمية قد اختارت هذه المرة أيضاً دعم الشهابيين ورشيد كرامي والمكتب الثاني، وهذا حقها لكنه ليس موقفي بالطبع، فما العمل؟ ما العمل والأشهر تمر سريعاً، وانتخابات الرئاسة باتت قريبة جداً وبات علينا أن نجد دعماً لنا في معركتنا؟ بكل بساطة توجهت صوب الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية، وللقاء الملك فيصل توجهت إلى أوروبا خلال الأيام الأخيرة من شهر يونيو (حزيران) 1970، إذ كان الملك بعد زيارته الجزائر توجه إلى جنيف للاستجمام، وهكذا توجهت إلى إيطاليا بحجة الاستجمام ثم توجهت من هناك إلى جنيف حيث قابلت الملك فيصل في حضور الدكتور رشاد فرعون وعزت الحافظ وسفير السعودية لدى سويسرا. وبعد ذلك رُتب لنا موعد مع الدكتور رشاد فرعون وآخر مع الأمير نواف، والاثنان هما من المستشارين المقربين أكثر من غيرهما إلى الملك فيصل، وخلال اللقاءين بحثت معهما الوضع العام في لبنان والمنطقة العربية، وركزت حديثي على مسألة رئاسة الجمهورية، إذ كانت فترة قصيرة تفصلنا عن انتخاب الرئيس المقبل وكان من الواضح أن ثمة عناصر فعالة تؤدي دوراً أساساً في اختيار الرئيس وفي مقدمها مصر والسعودية وسوريا، إضافة إلى عدد من البلدان والقوى الأجنبية، فضلاً عن الفدائيين الذين باتت لهم كلمة مسموعة في الأمر. وأضفت، ’بما أنني لاحظت أن الملك فيصل يبدي تفهماً لأوضاعنا في لبنان رأيت من المناسب أن ننال تأييده للموقف الذي نحن فيه‘، وطلبت أن تؤيدنا السعودية ضد شهاب والشهابيين بسبب ما سبق لنا أن عانيناه من حكمهم، ولحظت أنه لم يكن لدينا في المعارضة مرشح نجمع عليه وله من القوة ما يكفي، ومع هذا أضفت، ’لدينا اسمان يمكنهما أن يقفا في وجه شهاب هما كميل شمعون وريمون إده‘. ولما كان إيصال شمعون صعباً بسبب ماضيه وأحداث 1958 والأجواء الإسلامية اللبنانية والأجواء العربية المتحفظة عليه، يبقى لدينا ريمون إده وهو كما أكدت قوي ويتماشى مع منهجنا في العمل من ناحية التصدي لتسلط المكتب الثاني على الحكم، ومواقفه الديمقراطية ونظافة كفه، وكان التجاوب من قبل رشاد فرعون والأمير نواف كاملاً ومماثلاً للتفهم الذي كان قد أبداه حول الأمر نفسه عمر السقاف الذي كنت قد اجتمعت به في بيروت قبل ذلك.

 

في نهاية الأمر اتفقت مع رشاد فرعون ومع الأمير نواف على أنهما بعد عودتهما للسعودية فسوف يجتمعون ويقررون موقفهم".

انطلاقاً من هذا نشط سلام للتوفيق بين اللاعبين السياسيين من مختلف الاتجاهات، من كميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده إلى كمال جنبلاط مروراً بالأسعد وغيرهم. ويقول، "تعددت اجتماعاتنا وكان مأزقنا أننا على الرغم من اتفاقنا على ضرورة التخلص من الحكم القائم، لم نتمكن من الاتفاق على من سنأتي به، فشمعون غير مقبول عربياً وبيار الجميل لا يحظى بالإجماع وإده بدأ ينفرط عقد المريدين من حوله، فماذا نفعل؟".

أين حكومة الشباب؟

وبين مناورات ومناوشات دفع سلام نحو ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، وحصل ذلك بعدما أعلن فؤاد شهاب بيان عزوفه عن ترشيح نفسه، وقد قرأ سلام في البيان ذاك الذي يقول فيه شهاب إن "المؤسسات لم تعد تحتمل وإن الوضع العام مهترئ والاقتصاد متدهور"، أن شهاب يريد أن "يهول على من سيقبل الترشيح وكأن لا أحد يمكنه إصلاح الأمور غيره".

وإذ أعلن سلام وكتلته تأييد ترشيح فرنجية يقول، "كان للخبر وقع الصاعقة في البلد، أما كمال جنبلاط فقد سارع إلى الاتصال بي معاتباً فناقشته في الأمر، وبعد ذلك حين علم جنبلاط بأن شمعون أيد فرنجية وأن إده فعل الشيء نفسه سارع إلى الاجتماع بأركان حزبه والقوى التقدمية واليساريين والشيوعيين، ثم التقوا جميعاً بالياس سركيس أكثر من ساعتين وكانت أخبار الاجتماع تتوالى إليّ، وأحسست للحظة أن جنبلاط بات على وشك إعلان تأييده لسركيس، فما كان مني إلا أن أرسلت لقادة المقاومة الفلسطينية أخبرهم بالأمر طالباً منهم أن يضغطوا عليه، ثم اتصلت بشوكت شقير للغاية نفسها، وأعتقد أن هذا كله قد فعل فعله، إذ خرج سركيس من عند جنبلاط غير متفق معه، وبت شبه واثق من أننا سنكسب المعركة، وتم كل شيء كما كنا نريد وجرت الانتخابات يوم الـ 17 من أغسطس (آب)، وكان الفوز من نصيب مرشحنا فرنجية، وفي ذلك انتصار كبير لنا كلل جهودنا وصراعنا الطويل مع المكتب الثاني".

بعد هذه المعركة التي توجها سلام باستئناف علاقته مع شمعون المقطوعة منذ 1956 عقب العدوان الثلاثي على مصر، "بسبب موقف شمعون السلبي بل العدائي من عبدالناصر"، وفق سلام، بدأت جولة تشكيل إحدى أشهر الحكومات في لبنان، وهي "حكومة الشباب" التي أطلق سلام بالتزامن مع بدء عملها "الثورة من فوق" نظراً إلى أن أعضاءها كانوا من خارج النادي الحاكم، لكن المفارقة أن ذكريات سلام تمر عليها سريعاً بل تجعل أسماء الوزراء في أحد الهوامش، ولعل السبب وراء هذا التهميش لحكومة الشباب ومنح المحادثات بين سلام ورئيس الجمهورية في خصوص تشكيل الحكومة مساحة أكبر في الأحداث والذكريات، هو أن الحكومة فقدت معناها لا سيما بعد استقالة غسان تويني وحسن مشرفية وهنري إده وإميل البيطار، فبعد الترويج إلى أنها "حكومة الشباب" و"الثورة من فوق" تبين أن "أسلوب الحكم القائم في لبنان لم يعد مجدياً ولا متناسباً مع العصر"، وفق سلام نفسه، مما كشف عن أن صفي الشباب والثورة ما كانا سوى مخرج من استحالة تشكيل حكومة تنال ثقة الفرقاء في البرلمان، وسرعان ما اهتزت الحكومة ولا يزال اللبنانيون يتناقلون قصة صدام وزير الصحة إميل البيطار مع كارتيل الدواء والنظام الصحي عموماً، في حين لم يسانده رئيس الحكومة سلام، مما دفعه بعد معركة طويلة إلى الاستقالة.

ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه الانتقائية التي تقدم جانباً من قصة وتخفي جانباً أو قضية، وترفع من شأن شخص وتحط من آخر، صفة تلازم المذكرات المحكومة بمزاج صاحبها.

الفدائيون االفلسطينيون "مشكلة المشكلات"

ثمة موضوع آخر فرض نفسه على "أحداث وذكريات" تلك السنوات، ويصفه سلام بـ "مشكلة المشكلات"، ألا وهو وجود الفدائيين الفلسطينيين في لبنان بعد اتفاق القاهرة (1969) الذي سمح لهم بالعمل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، عبر "فتح لاند" الحدودية الجنوبية، ويرسم سلام الذي يتواصل مع الفلسطينيين والسوريين والمصريين والأميركيين بالتفصيل المشهد السياسي ومواقع الفرقاء، وبداية هذه الحكاية من لقاء جمع سلام بكتائبيين، "قلت لا أحد ينكر أن وجود الفدائيين في لبنان يلحق ضرراً به، لكن علينا أن نعالج الأمور بثقة متبادلة لحصر هذا الضرر قدر الإمكان، أما القضاء على الفلسطينيين فكلام عبثي لا يمكن لذي عقل أن يفكر فيه، لأنه لو كان ممكناً وتم تحقيقه، وهو أمر مستحيل على أي حال، فإن مليون مسلم في لبنان سيتحولون إلى فدائيين".

بعد ذلك، في أبريل (نيسان) 1973، تسللت قوات إسرائيلية إلى صيدا وبيروت حيث اغتالت ثلاثة من قادة العمل الفدائي الفلسطيني، كمال ناصر وأبو يوسف النجار وكمال عدوان، وإثر ذلك تقدم سلام باستقالته من رئاسة الحكومة. ولشرح موقفه يعود لكلمة طويلة ألقاها أمام مجلس النواب في الـ 25 من يوليو (تموز)، انتقد فيها قائد الجيش اللبناني اسكندر غانم، ويذكر بأنها ليست المرة الأولى التي طالب فيها بذلك، فالمرة السابقة كانت في 1968 بعد العدوان الإسرائيلي على مطار بيروت وتدمير نحو 20 طائرة مدنية، وحجة سلام أن قائد الجيش لا ينفذ القرار السياسي بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.

ويروي، "فور تقديم استقالتي تأزمت الأوضاع السياسية في البلد في وقت راحت فيه الأوضاع العسكرية والأمنية تزداد تدهوراً، والتضامن الوطني والتضامن اللبناني- الفلسطيني يوم تشييع ضحايا العدوان، وكنت أنا قد أسهمت في فرضه من خلال مئات الاتصالات التي أجريتها، سرعان ما تبخر أمام ممارسات قوات الجيش التي راحت تستفز الفلسطينيين، مراهنة على أوضاعهم العصيبة السيئة بعد مقتل ثلاثة من قادتهم. ربحت القيادة العسكرية الرهان وتطورت الصدامات والاعتقالات وصولاً إلى استخدام الطائرات العسكرية، وهنا، في الوقت الذي وقفت فيه سوريا موقفاً عنيفاً مغلقة الحدود مع لبنان، بدأت الدول العربية تتدخل لوضع حد لأوضاع تنذر بحلول كارثة، وعلى الرغم من أنني كنت قد صرت خارج الحكم فإن معظم الاتصالات العربية في شأن الوضع كنت أنا محورها، وكان من بين المتدخلين لرأب الصدع وزير خارجية الكويت صباح الأحمد الذي زارني يوم الثلاثاء الـ 28 من مايو (أيار) 1973، مع سفير الكويت لدى بيروت محمد العدساني، وكنت أنا الذي اتصلت به راجياً إليه أن يطلب من الوزير الكويتي الحضور لتسهيل تنفيذ التفاهم بين السلطة والمقاومة من ناحية، وبين لبنان وسوريا وهذا هو الأهم من ناحية ثانية، والحال أن زيارة الوزير صباح الأحمد لم تطمئني، إذ إنه أخبرني ما أكد توقعاتي طوال فترة المحنة، فقد أكد لي أن السفير الأميركي في الكويت أبلغه أنه إذا تأزم الوضع في لبنان أكثر من ذلك فإن الإسرائيليين سيحتلون الجنوب، كما أن الأميركيين على استعداد تام لإنزال قواتهم في لبنان فوراً تلبية لأول طلب رسمي يأتيهم منه (وكان معنى هذا أن ثمة تفاهماً مسبقاً على ذلك مع الرئيس سليمان فرنجية)".

اغتيال الملك وبداية الحرب اللبنانية

وبدأت الأحداث المتنقلة المنذرة بأمر خطر، فخارجياً اضطرب الوضع بين القيادة الفلسطينية والرئيس المصري أنور السادات، وحدث اضطراب آخر بين السادات والرئيس السوري حافظ الأسد، وداخلياً إصابة معروف سعد بطلق ناري خلال تقدمه تظاهرة ضد احتكار شركة "بترومين" الصيد البحري، وهي برئاسة كميل شمعون، وخلال وجود سعد في حال حرجة في المستشفى شهدت صيدا اشتباكات بين الفلسطينيين والجيش اللبناني، وتعرضت المدينة لقصف مدفعي من الجيش، ووسط هذا اغتيال الملك فيصل وحادثة عين الرمانة.

ويروي سلام، "من أهم تلك لأمور وأخطرها وأشدها إيلاماً اغتيال الملك فيصل بن عبدالعزيز في السعودية، وكان ذلك يوم عيد المولد النبوي الشريف، وكنت قد عدت من حفل تدشين جامع الخاشقجي في مدافن الشهداء حين فوجئت بخبر الفاجعة، وهكذا تحول ذلك اليوم من واحد من أسعد أيام حياتي إلى واحد من أتعسها، فأنا كنت قد توصلت بعد ثلاث سنوات من المداعكة مع عدنان الخاشقجي، الثري السعودي المعروف، ووكلائه إلى عقد الاتفاق ولزمنا البناء، وجعلنا حفل التدشين ووضع الحجر الأساس في ذلك اليوم الميمون يوم المولد النبوي الشريف. كان حفلاً رائعاً أثلج صدري وعدت بعده إلى المنزل مجبور الخاطر وسعيداً بما حققت، وهناك في المنزل تلقيت النبأ المفجع هاتفياً، فكان له أثر شديد الحزن في نفسي، وكان رد فعلي الأولى إدراك هول الفاجعة، لكني أدركت أيضاً أن الخسارة كبيرة، فالملك فيصل كان قد تخطى مرتبة الملوك ليقف في صف عظماء رجال التاريخ المعاصر، وفور تلقي النبأ توجهت إلى فندق ’هوليداي إن‘ حيث يقيم الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والأمير خالد بن فيصل لتقديم واجب التعزية، وهناك أصررت على أن أرافقهما على متن الطائرة الخاصة التي غادرت بهما بيروت بعد ساعات، وكان في رفقتي كل من تمام وفيصل سلام، وقد رافقت المسؤولين السعوديين على الرغم من معارضة الأمير عبدالله الذي كانت حجته أنه لن يكون لي هناك استقبال رسمي يليق بي وسط ارتجاج البلاد بالمصاب العظيم، فكان جوابي أنني أعتبر نفسي فرداً من العائلة، وقد كان لذلك الكلام أبلغ الأثر في نفس الأمير عبدالله الذي راح يردده بعد ذلك أمام الجميع في الرياض، فنزل أكبر منزلة في نفس الملك الجديد خالد بن عبدالعزيز وفي نفوس جميع الأمراء.

مهما يكن فإن استقبالنا في المطار كان كبيراً، حيث كان في استقبالنا كل من الأمير فهد بن عبدالعزيز والأمير سلطان بن عبدالعزيز والأمير مساعد بن عبدالرحمن. أمضيت ثلاثة أيام في الرياض نشارك العائلة جميع المناسبات، وشاركنا في المبايعة في اليوم الثاني ثم في الدفن بعد ظهر ذلك اليوم، ثم في تقبل التعازي، والحقيقة أن اعتناء الجميع بنا كان كبيراً".

وعودة للبنان حيث اندلعت الحرب وكان لسلام في تلك الأيام محاولات لوقف التدهور الأمني يروي، "كنت لا أكف عن الترداد طوال السنتين الأخيرتين أمام الجميع أن جهل سليمان فرنجية وما برز عنده من غرور واستلشاق (استهتار) بأمور البلد وتعصب سيقود لبنان إلى الهاوية، وأن الانفجار سيحصل في النهاية بشكل حتمي، وقد شحنت الأجواء قبل الانفجار بما أخذ يكرره بيار الجميل من حملات شعواء على المقاومة الفلسطينية بالاتفاق مع فرنجية، بل بتحريض خفي منه، حتى وقعت الواقعة. وقد انكشف، أول ما انكشف، ما كان لدى حزب الكتائب من تسلح رهيب بالسلاح الخفيف والثقيل، إضافة إلى مساعدات الجيش لذلك الحزب بالرجال والعتاد، ومن ظواهر الصدام هذه المرة أن التقاتل كان بين المقاومة ومن ورائها المسلمون طبعاً، وبين الكتائب، تمكن من استقطاب معظم المسيحيين، لكن المفاجأة التي انتظرت المسيحيين والجميع عموماً كانت أن أكثر المسلمين تورطاً ضد الكتائب والجيش، وحزب الأحرار أحياناً، كانوا الشيعة الذين مضت على المسيحيين سنون طويلة وهم يعتقدون أنهم يقفون إلى جانبهم ضد السنّة، وهي في اعتقادي سياسة عمقها فؤاد شهاب وجماعته، لا سيما عبر تأييدهما للسيد موسى الصدر، أما المفاجأة الثانية فكانت وجود ريمون إده معنا في التحالف مما ساعد كثيراً في تبديد صور الانقسام التام بين المسلمين والمسيحيين.

لقد كان ريمون إده مخلصاً ووطنياً في مجالات كثيرة حين كان يتعاون معنا عملياً وجذرياً على إطفاء الفتن وتخليص المشكلات".

بعد ذلك باتت الأحداث تندرج تحت عنوان "مناورات سياسي" أو "التفتيش عن حل سياسي خلال الاشتباكات".

بين عرفات وفيليب حبيب والمحرضين

وعلى الرغم من تراجع أدوار شخصيات مثل صائب سلام إبان الحرب، إذ لا أحزاب مقاتلة لديها، برز دوره خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لا سيما أثناء حصار بيروت. يروي، "كان ذلك ليل الثلاثاء في الـ 22 من يونيو 1982. في هذه الليلة لم ننم وكل أهل بيروت لم يذوقوا طعم النوم من القصف المتواصل، ومنذ الصباح حاولت معالجة ذلك فاتصلت بالرئيس (شفيق) الوزان فحضر إليّ ثم حضر هاني الحسن، وكانت النتيجة هيئة الإنقاذ الوطنية المؤلفة من الرئيس الوزان و(نبيه) بري و(وليد جنبلاط)، ثم قررت الاجتماع بالمقاومة الفلسطينية للبحث معهم في ترتيب الأمور، وكلمت السفير (الأميركي فيليب) حبيب فوجدته عند رئيس الجمهورية فكلمت رئيس الجمهورية أيضاً ووعد حبيب بأن يبذل جهده لوقف إطلاق النار. كلمني السفير حبيب من دارة السفارة الأميركية في اليرزة مرة أخرى وطلب أن يقابلني فذهبت إليه وقابلته، وحال ما أبلغته ما يحصل قال لي إنه أيضاً لم ينم الليل، وإنه ليس بحاجة إلى شاهد، فقد رأى القذائف والقصف يتصل من قبل الفلسطينيين ومن لف لفهم، وقد بلغت حوالى 40 قذيفة قبل أن يرد عليهم الإسرائيليون من البحر والبر، وكان درايبر يكتب ملاحظات في ما نبحث فيه. ثم اتصل بواشنطن ليوقف إطلاق النار ويوقف أيضاً الزحف الإسرائيلي من خلدة إلى بيروت، لأن الفلسطينيين كانوا قد أبلغوني صباحاً أن القصف الفلسطيني كان سببه التقدم الإسرائيلي نحو بيروت، ومع هذا فقد أبرق لواشنطن بإيقاف الزحف وأنا عنده".

 

يتابع سلام في سرد دوره المحوري بين الأطراف كافة في كواليس المشهد، "ثم كلمني أبو عمار الذي كان قد حضر إلى منزلي حين كان التجمع الإسلامي منعقداً، وكان يتكلم بصورة غير معقولة، جنونية: ’إنني محاصر، سأضرب يميناً شمالاً جنوباً، شيوخاً أطفالاً نساء، على جونية، على البلد، على الجميع، على الإسرائيليين، لن نموت هكذا، لن نموت‘. حاولت كثيراً أن أكلمه وأن أهدئ من روعه لكنه لم يسمع مني كلمة، ثم حاولت ثانية قائلاً له ’إن السفير حبيب يسعى جاداً إلى إيقاف التقدم الإسرائيلي‘، فأجاب: سيأخذون المطار، سيُنزلون الدبابات بالهليكوبتر، سيزحفون علينا ونحن لن نموت، سنقاتل".

ووسط هذا الحصار يقول سلام بشيء من الإحباط، "مع الأسف أن بعض المسلحين اللبنانيين ومن ورائهم الذين عاشوا على التخريب منذ سنوات، لا يفيدهم أن نأتي اليوم بأية حلول، وها هي البلاد كلها ترى ما أسعى إليه جاهداً منذ أسابيع، في الأيام والليالي، مع هذا وذلك، مع رئيس الجمهورية، مع حبيب، مع أبو عمر الذي يزورني مرتين في اليوم تقريباً، وهم جميعاً يقدرون ذلك، إلا أن هذا التقدير يصبح عكسه عند بعض الفصائل المسلحة من أمثال ’المرابطون‘ و’الحركة الوطنية‘ الذين يحرضون، وقد صرحوا، كما أفادتني رسالة من سركيس نعوم، المحرر في صحيفة النهار، بـ ’أننا لن نسمح بعد سبع سنوات تسميتهم جهادنا تخريباً، وبأن يأتي صائب سلام ليأخذ وجاهة حلاّل المسائل‘".

اتصال بين بشير الجميل وأبو عمار

ويكشف سلام عن دور وساطة قام به بين الفلسطينيين وفيليب حبيب، "حضرت اجتماعاً في دار الفتوى إلى جانب تقي الدين الصلح ورشيد الصلح وشفيق الوزان ووليد جنبلاط، وأعتقد أن هذا الاجتماع كان بطلب من جنبلاط ليغطي نفسه إسلامياً، وكان الوزان قد حمل إلى حبيب ما طلبه الفلسطينيون، فرد حبيب بوضع مجموعة من الأسئلة وطلب إجابات محددة عنها، وكنت أتواصل مع حبيب الذي قال لي إن الوقت يضيق وهو يريد أن ينتقل إلى إسرائيل. جرت هذه الاتصالات ابتداء من يوم الخميس الـ 24 من يونيو 1982، وكنت كلما كلمت أبو عمار أو اجتمعت به أبادره بضرورة أن يكون حكيماً متعقلاً غير انفعالي، ومرة اتصلت في حضوره ببشير الجميل، فتحدث مع أبو عمار مقترحاً أن يجتمع بالفلسطينيين، ولكن القضية كانت تحديد المكان والزمان، وكان الحديث بينهما لا بأس به، ثم تناولت التلفون لأتابع مع بشير الجميل الذي أبدى اندهاشه وقال لي ’أنت دائماً تأتيني بمفاجأة وهو ما أقدره، وسنتابع المساعي التي نعلق عليها الآمال‘ وكانت الأوضاع تتطور ولا نزال في بيروت في خطر الاجتياح الإسرائيلي، وما زلت أخشى أن يقوم الإسرائيليون بعملية كوماندوس نحو بعض الفلسطينيين أو قادتهم، مثل أبو عمار أو بعض أركانه، وأعتقد أن التدخل السعودي في النهاية سيعطي نتائجه، وقد قال لي أبو الزعيم، وكنا مع أبو عمار، إن الوزير الأمير سعود الفيصل تكلم معه وطلب منه أن يتعاونوا معي، وأن يلجأوا إلى مساعدتي دائماً، فقلت لأبو الزعيم أن يبلغ الوزير السعودي ضرورة اجتماع لجنة المتابعة للتوسط بين الفلسطينيين وحبيب، وهو ما لم تستطعه هيئة الإنقاذ الوطنية، فتنجو بيروت ولبنان كله من كارثة لا يعلم مداها إلا الله".

من أوراق عرفات

يتابع سلام كشف الأسرار، "كان أبو عمار يقول إن لديه صيغة تبقي المقاومة عسكرية صديقة، فيوضع لها نظام خاص يتفق عليه مع السلطة اللبنانية فتحفظ القضية الفلسطينية انطلاقاً من السيادة اللبنانية، وأن يكون سلاحها للمحافظة على أوضاعها وليس للحرب، ودائماً بموافقة السلطة اللبنانية، وقد طلب مني نقل هذه الصيغة إلى السفير حبيب، علماً بأنني أشك في أن أتمكن من التواصل معه، فمعلوماتي أن الطريق إلى اليرزة، حيث السفير الأميركي، مقطوعة من قبل الإسرائيليين، وقال لي أبو عمار أيضاً إن هناك مشروعاً يحضر يقضي بفك الاشتباك أولاً ثم انكفاء الفلسطينيين إلى المخيمات ثانياً، ثم بعد توافق لبناني ثالثاً تستقدم قوات دولية تشترك فيها أميركا وأوروبا للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان، وإتاحة الظرف للبنان ليستعيد عافيته في ظل حكومة شرعية تسيطر على كل لبنان، وهو البند الرابع من المشروع، وهذه المعلومات التي أتت من السعودية وأميركا تشير إلى أن مستر كلارك، بالنيابة عن أميركا والإسرائليين، أبلغ السعودية ذلك وحصل على موافقتها على فك الارتباط، بينما حبيب هنا في لبنان يبلغ حكومته أن الإسرائيليين لا يزالون غير موافقين على فك الارتباط".

ولتوضيح موقفه الواقعي يروي سلام قصصاً قصيرة من عالم علاقاته واتصالاته، "كنت على علاقة مع بشير منذ مدة كما هو معلوم، وكان يكلمني بصيغة ’أنت والدي وأنت مرشدي، إن كل ما تقوله لي أنفذه‘، وكان هذا حقيقة، ولكن بعد دخول الإسرائيليين شعرت بأنه تغير فتغيرت معه أيضاً، أرسل لي مرة محمد صفي الدين بعد أن قال له إنه يشعر بأنني تغيرت عليه، فقال له محمد صفي الدين ’أنا أيضاً شعرت من صائب بأنه تغير عليك، والسبب هو كذا وكذا وكذا‘، فكلمته وقلت له ’لقد نقل إلي محمد صفي الدين وأنت تعرف أنني صريح، نعم لقد تغيرت لأنني شعرت بأنك أنت تغيرت، فيا بشير وأيها الإخوان الموارنة، أنتم تعلمون أن قلبي مفتوح لكم ويدي ممدودة، وكلنا من أجل لبنان يجب أن نتعاون، ولكن أشعر اليوم بأنكم قصيرو النظر، فما يناله الإسرائيليون منا ومن إذلال المقاومة إذا تمكنوا من ذلك سيصيبكم الضرر الكبير من بعده، وإنهم إذا نالوا كل ذلك وهدموا بيروت والمسلمين فلن يقوم لبنان بعد اليوم، وستكونون أنتم تحت رحمة الإسرائيليين، وستكونون أنتم أكثر الخاسرين، فالمسلمون ليس لديهم كثير مما يأخذه منهم الإسرائيلي المحتل، ولكن أنتم سيأخذ من قلوبكم ويمسك برقابكم لأنكم أنتم الذين يكمن عندكم ما تعطونه‘. وهذا الحديث كنت أقوله لإخواني المسيحيين كلهم، أما أبو عمار فكان يأتيني دوماً بعد الإفطار بدقائق ليجلس ساعات أتجادل معه جدالاً قاسياً ومريراً ثم نفترق لنلتقي ثانية، وهو لا يزال عند موقفه الذي كان عليه من 10 سنوات، يحلم بأمور ويشتهي ويقيم في ضوء ما يتصوره خياله، وأنا أحاول أن أضعه عند مسؤولياته".

"نقزات" أمين الجميل ورفض بشير

وعلى أهمية قصة الاتفاق على مغادرة المقاتلين الفلسطينيين بيروت إلا أنه لا جديد فيها، فتبدأ قصة بشير الجميل وترشحه لرئاسة الجمهورية وفي جعبة سلام كثير من الأسرار، "أتذكر إشارة حبيب إلى ترشيح بشير الجميل لرئاسة الجمهورية، وكان سليم دياب قد زار أمين الجميل بناء على طلبه، وأخبرني ’النقزات‘ في حديثه أن الشيخ بشير ومن حوله من المسلحين يستولون باستبداد على المقاومة اللبنانية، وهم عملاء لإسرائيل وضالعون معها، وكان أمين الجميل يتكلم بحرارة قوية ويقول ’أطلب من صائب بك أن ينقذ لبنان فهو وحده القادر عليه ونحن نعلق عليه الآمال، ونأمل بأن يملي علينا ونحن حاضرون، قل له إن هذا موقف تاريخي يجب ألا يفوتنا، وأنا مستعد لأن أتنازل عن كل شيء في الدنيا، أتنازل عن مارونيتي، عن مسيحيتي، عن كل العقد، على أن يبقى لبنان، وأنا واثق بأن صائب يحافظ على لبنان‘. هذا هو موقف أمين الجميل من بشير كما نقله إلي سليم دياب، أي حين بدأت أشعر بتململ مسيحي كثير من تسلط الإسرائيليين مع بعض الكتائبيين الملتفين حول بشير، بل ومن بشير نفسه".

 

وإذ يروي سلام أنه كان محور الموقف الإسلامي الرافض لوصول بشير الجميل إلى رئاسة الجمهورية، يكشف عن أنه قال لسليم الحص ووليد جنبلاط وتقي الدين الصلح ومروان حماده، "ليس من المصلحة أن أعلن أنا هذا الموقف، وإن كنت أقف بكل صراحة وشدة ضد هذا الترشح إطلاقاً، لأن كل المسلمين لا يمكن أن يقبلوه، لكن لو وقفت أنا اليوم وقلت مثل قولهم صاداً بشير الجميل، فقد أعطيته دفعاً جديداً لموقفه المتعنت والتطرفي، وإنما أرى من المصلحة أن أبقى معالجاً الأمر بحكمة، وقد تفهموا جميعاً ذلك ووافقوا عليه".

وقد كرر هذا الموقف أمام رئيس الجمهورية الياس سركيس حين سأله فؤاد بطرس، "أكدت له أن الموقف الإسلامي موحد ولا رجوع عنه، وذلك بعدم القبول ببشير، وأضفت أنني أحب بالاتفاق مع إخواني أن أبقي على موقفي غير المعلن، لنحاول أن ننزع فتيل العنف الذي ولّده بشير الجميل، وذهبت إلى أبعد من ذلك فقلت إن ما يهمنا اليوم هو إنقاذ لبنان، فالقضية ليست ترشحاً لرئاسة الجمهورية ولا قضية عدد نواب ومن يصوت لمن، القضية هي موقف إسلامي - مسيحي، ولبنان لا يقوم إلا على التوافق بين جناحيه، وإننا على استعداد للقبول بأي مخرج من هذا المأزق، أي أن نأتي بمرشح يكون مقبولاً، طبعاً لا بد من أن يبقى مارونياً".

وهكذا يكون قد ترك الباب مفتوحاً بينه وبين بشير الجميل.

مفاجأة انتخاب بشير الجميل

ويركز سلام في حكايته هذه على التواصل مع النواب لضمان عدم عقد البرلمان جلسة لانتخاب بشير، وينقل تأكيد عدد واسع من النواب أنهم لن يشاركوا في الجلسة والانتخاب، ثم يخبر كيف بدأت قوات بشير تضغط على النواب المقيمين في المنطقة التي يسيطر عليها، وفجأة يروي كيف شاهد على التلفزيون عدداً من النواب الذين سبق أن أكدوا عدم مشاركتهم يدخلون مكان الجلسة ثم التصويت في دورتين، وأخيراً إعلان فوز بشير.

 

واللافت في هذا أن سلام لا يذكر قصة محاولة اغتيال النائب حسن الرفاعي المرتبطة بأمر عدد النواب ودستورية نصاب جلسة الانتخاب، ربما لأنه لا يريد اتهام بشير الجميل بها كما فعل كثيرون ومنهم الرفاعي نفسه، في كتاب "حارس الجمهورية"، وربما هناك أسباب أخرى. لكن المهم هو أن عدم إعلان سلام موقفه الرافض لانتخاب بشير الجميل ترافق، كما يروي سلام، مع اتصال دائم بينه وبين الرئيس الجديد للجمهورية، وقد توج ذلك بلقاء علني بعد انتخاب بشير الجميل بما أوحى أن سلام هو الرئيس العتيد للحكومة الأولى في عهد الرئيس الشاب الذي وصفه سلام نفسه بـ "العنيف" والمتفق مع الإسرائيليين، وبعد اغتيال بشير الجميل أصر خلفه، شقيقه أمين، على الضغط ليكون سلام رئيساً للحكومة، ويقول إنه كان ممتنعاً لكنه أسهم في تشكيلها.

رفيق الحريري بين الروتين

بعد ذلك صارت القصص مملة، شبه يوميات في دفتر ينسى صاحبه فتحه والتدوين فيه، لكنه يتذكر محاولات الرئيس أمين الجميل مصالحته، وإلغاء اتفاق الـ 17 من أيار، مؤتمري لوزان وجنيف، زيارات وليد جنبلاط، اغتيال رشيد كرامي، استقالة سليم الحص، قذيفة أخرى على منزلي، محاولة اقتحام البنك المركزي، وزيارتي السعودية ودعمها المقاصد، وصولاً إلى "اتفاق الطائف"، حيث ينشر سلام كلماته في قصر المؤتمرات ولا ذكريات.

ولعل الجديد الأبرز في هذه الصفحات هو تكرار اسم رفيق الحريري الذي يصفه سلام تارة بـ "رجل الخير الكبير"، وطوراً بـ "رسول الملك فهد إلى سوريا وغيرها"، إلى أن رحب به وقد صار رئيساً للحكومة وجلس في كرسيه.

المزيد من كتب