Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عائلات ضحايا تفجير مرفأ بيروت: "ماتت العدالة"

لقي أكثر من 200 شخص حتفهم فيما مُني الآلاف بإصابات في التفجير الذي دوّى عام 2020، وعلى رغم ذلك، ما زالت العائلات المكلومة تنتظر أن يُحمّل أي شخص مسؤولية هذه المأساة

ناشدت مجموعات حقوقية، بالتضامن مع الناجين من تفجير مرفأ بيروت في لبنان عام 2020 وعائلات ضحايا، الأمم المتحدة الإسراع في إرسال بعثة مستقلة لتقصي الحقائق إلى بيروت، في اتهام لحكومة البلاد بعرقلة التحقيق "بوقاحة" بعد مرور سنتين على التفجير.

قُتل 215 شخصاً على الأقل وجُرح 6 آلاف آخرون في 4 آب (أغسطس) من ذلك العام، حين دوّت آلاف الأطنان من المواد المتفجرة المخزّنة بشكل سيء في مرفأ العاصمة، وأسفرت عن أحد أكبر التفجيرات غير النووية في تاريخ العالم الحديث.

حتى هذه اللحظة، لم يتم تحميل أي جهة مسؤولية الحادثة، لا بل تمّ تجميد مسار التحقيق الذي كان جارياً لكشف الملابسات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عشية ذكرى الحادثة، اتّهمت مجموعات حقوقية عدة، بما فيها "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية ولجنة الحقوقيين الدوليين، إضافة إلى الناجين وعائلات الضحايا، السلطات اللبنانية بعرقلة التحقيق "بوقاحة" عن طريق حماية السياسيين والمسؤولين المتورطين في الجريمة. 

وقد حثّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن يصدر في دورته المقبلة المزمع عقدها الشهر التالي قراراً بإيفاد بعثة مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق "من دون تأخير".

وجاء في البيان أنه على البعثة أن "تحدد الحقائق والملابسات، بما في ذلك الأسباب الجذرية للتفجير".

وأضاف البيان، "أصبح جلياً الآن، أكثر من أي وقت مضى، أنَّ التحقيق المحلي لا يمكن أن يحقق العدالة".

وقال بول نجار، الذي كانت ابنته ألكساندرا واحدة من أصغر الضحايا سناً، لصحيفة "اندبندنت" إن تشكيل بعثة تقصي حقائق من الأمم المتحدة هو أحد المطالب الأساسية المتوقع أن يرفعها المتظاهرون خلال الاحتجاجات المخطط إقامتها في بيروت يوم الخميس.

وقال، "مجرد مرور سنتين على الحادث أمر رهيب. فالوقت لا يشفي الجراح، لا بل يزداد الألم ويتفاقم في غياب العدالة أو الحقيقة أو أي شيء من هذا القبيل". 

وأضاف، "لقد ماتت العدالة في لبنان برأينا، لا عدالة هنا".

وأتت هذه التعليقات في أعقاب تصريحات البابا فرنسيس، الذي كرّس لقاءه الأسبوعي يوم الأربعاء للصلاة من أجل عائلات الضحايا، منبّهاً إلى أنه لا يمكن طمس الحقيقة.

وقال، "أصلّي لكي يجد الجميع عزاءً في الإيمان ومواساةً في العدالة والحقيقة التي لا يمكن طمسها أبداً".

 

وفي هذا الإطار، تعالت دعوات متعددة للخروج في تظاهرات في ذكرى مرور سنتين على الحادث، على وقع مطالبة المتضررين من التفجير بتحقيق العدالة.

يذكر أن محاولات كشف حقيقة الحادث قد تعثّرت مراراً وتكراراً.

وقد حدث ذلك على الرغم من وجود أدلة ورقية مُدينة تثبت أنّ كبار المسؤولين، بدءاً بسلطات المرفأ ووصولاً إلى رئيس الجمهورية كانوا على دراية بوجود مخزون نيترات الأمونيوم القاتل الذي تسبب بالتفجير، ولم يحرّكوا ساكناً في هذا الشأن.

في البداية، عيّن وزير العدل اللبناني القاضي فادي صوّان كبيراً للمحققين، واتّهم القاضي ثلاثة وزراء سابقين ورئيس الوزراء حينذاك بالإهمال في ديسمبر (كانون الأول) 2020.

لكن المحكمة أبعدته عن القضية بعد أشهر قليلة، على إثر شكوى قدمها اثنان من الوزراء السابقين بأنه تجاوز صلاحياته. عندها، عُين القاضي طارق بيطار ليخلف صوان. ولكن كل محاولاته باستجواب شخصيات بارزة من بينها وزراء سابقين كما اللواء عباس إبراهيم، المدير العام لجهاز الأمن العام النافذ، باءت بالفشل.

نفى الجميع ارتكاب أي مخالفات ورفضوا الاعتقال، متحججين بتمتعهم بالحصانة أو بأنه لا يملك الصلاحيات الكافية لمقاضاتهم.

وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن المشتبه في تورطهم في الحادث رفعوا أكثر من عشرين طعناً قانونياً مطالبين بإقالة القاضي بيطار على خلفية مزاعم التحيّز وارتكابه "أخطاء جسيمة"، مما أدى إلى تعليق مجريات التحقيق المرة تلو الأخرى.

وُضع التحقيق جانباً في مطلع العام 2022 بسبب تقاعد قضاة من محكمة يفترض أن تصدر حكماً في عدة شكاوى مقدمة ضد بيطار قبل أن يتسنّى له مواصلة العمل في التحقيق.

وقد تمنّع وزير المالية- المدعوم من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري- عن التوقيع على مرسوم تعيين قضاة جدد، بسبب بضعة هواجس طائفية، بحسب تعبيره.

وكان من شأن هذا أن يعرقل تماماً كل محاولات التقدم في القضية، وفقاً لفاروق المغربي، وهو واحد من عدة محامين يمثّلون أشخاصاً أصيبوا إصابات بالغة في الانفجار أو أفراداً من عائلات القتلى.

وقال لـ"اندبندنت" إنهم يحاولون تقديم التماس للبرلمان بتعديل الإجراءات القانونية المدنية التي تسمح بتوقيف التحقيقات مؤقتاً بشكل تلقائي عندما تُرفع شكوى ضد القاضي المعني. كما يريدون رفع الغرامات على الأشخاص الذين يقدمون هذه الشكاوى "بسوء نية" بغية ردع السياسيين عن اتباع هذا المسار.

كما قال إنهم يأملون في أن يحثوا وزير المالية على تعيين رئيس جديد لمحكمة التمييز بحيث يصبح بالإمكان عرض الشكاوى المقدمة، التي تجمّد التحقيق، على المحكمة أخيراً.

وتابع المغربي بقوله، "عليّ ألّا أفقد الأمل بإمكان تحقيق العدالة. أُصبنا جميعاً في هذا الانفجار، وقد دمّروا البلد. لا يمكننا التعاطي مع هذا الموضوع على الطريقة اللبنانية، فهو ضخم". 

وأضاف "لو استمررنا بالنضال، لدينا فرصة لتحقيق العدالة. لو فقدنا الأمل، تتبخر الفرصة معه. لا خيار لدينا، القتال خيارنا الوحيد". 

ظهرت مخاوف جديدة في بيروت مع اندلاع حرائق في إهراءات القمح في المدينة، التي لحقتها أضرار بالغة جرّاء الانفجار، ظلت تشتعل طيلة ثلاثة أسابيع بسبب الحبوب المخمرة التي ما زالت عالقة داخلها. وبدأ عدد منها بالانهيار هذا الأسبوع، وينشر الغبار السام في المناطق المجاورة. 

 تلقّى رجال الإطفاء يوم الأربعاء تحذيراً جديداً من احتمال انهيار صومعين من الإهراءات على الجانب الشمالي. وطُلب من سكان المناطق المجاورة أن يلبسوا الكمامات عند الخروج من منازلهم.

وقال الملازم أول ميشال المر، رئيس أحد أفواج الإطفاء الذي خسر 10 أعضاء من فريقه في الانفجار، إن النيران لا تزال مشتعلة في إهراءات الحبوب ولكن التحذيرات الجديدة من احتمال انهيارها تشكّل خطراً كبيراً يعيق مكافحة فرقه للحريق.

وأضاف أنه من المستحيل وصف شعور الحزن بسبب غياب العدالة. 

وقال لصحيفة "اندبندنت"، "التحقيق معرقل وما زلنا ننتظر نتيجته. لا يمكننا أن نفعل أي شيء، من موقعنا كرجال إطفاء، فنكتفي بأداء مهمتنا ووظيفتنا". 

" قلبي محطم لأنني أريد أن أعرف ما الذي جرى وما سبب مقتل إخوتي وأختي ولأي سبب"؟

"لا يمكنني التعبير كما يجب عن الحزن الذي يعتمل في صدري".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط