Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأثير مقتل الظواهري في الأداء الميداني لـ "داعش" داخل سوريا

آراء الشارع تتفاوت بين رد شرس لخلايا التنظيم وانهيار صفوفه مع سقوط قياداته

دورية لعناصر من حركة طالبان في كابول عقب الإعلان عن مقتل الظواهري (رويترز)

طوى صاروخ "هلفاير" صفحة من صفحات الملاحقة والمراقبة الأميركية الواسعة والدقيقة لزعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، بعد استهدافه بطائرة مسيّرة فجر يوم الأحد، 31 يوليو (تموز) الماضي، ضمن مجمع سكني في المنطقة الخضراء بالعاصمة الأفغانية كابول.

عملية جراحية

مقتل الظواهري (71 سنة) شكل ضربة موجعة لأحد أكثر التنظيمات الإسلامية تشدداً في العالم، وترك هول الفاجعة بالنسبة إلى زعماء "حركة طالبان"، ولعل العملية فائقة الدقة حظيت بمتابعة شخصية من الرئيس الأميركي جو بايدن مع كبار المستشارين ومسؤولي الأمن القومي من قاعة "سيتويشن روم" بالبيت الأبيض، وقد وصفها بأنها "عملية أُعدت بعناية وكانت ناجحة".
في المقابل، وصف أحد المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة العملية بالعمل الطبي الجراحي، من خلال إطلاق صاروخين مركزين على منزل يقيم فيه زعيم "القاعدة" من دون الحاجة إلى انتشار للقوات البرية، الأمر الذي أثار سخط واستهجان حركة طالبان التي تمسك بزمام الحكم في أفغانستان.

ودار بين المتحدث باسمها ووزارة الخارجية الأميركية تبادل للتصريحات حول الالتزام باتفاق الدوحة للعام 2020 الذي مهد الطريق أمام الانسحاب الأميركي من ذلك البلد.

ردود غير متوقعة

في غضون ذلك، ضج ما تبقى من أفراد "داعش"، الذي يعد فرعاً من فروع "القاعدة"، بمصرع من كان طبيب أسامة بن لادن وعراب العمليات بعد مقتل الأخير.

ويترقب متابعون أن يصب فلول "داعش" في البادية السورية جام غضبهم على القواعد الأميركية المنتشرة شرق الفرات، ويعتقد المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة عبدالسلام الشيخ أن هجوماً عنيفاً سيشن على أكبر القواعد العسكرية الأميركية في منطقة "التنف" شرق سوريا.

ويقول، "يتوضع في سوريا ما يفوق 25 قاعدة ونقطة عسكرية تتبع لواشنطن على الرغم من خفض أعداد القوات المحاربة، ومن غير المستبعد أن تمطر خلايا ’داعش‘ هذه النقاط بصواريخ قريبة أو متوسطة المدى، أو استهداف الدوريات الجوالة وآليات الجند بالألغام أو المفخخات".
ويرى عبدالسلام الشيخ في الوقت ذاته أن "خلايا ’داعش‘ تحث الخطى نحو العودة لسابق عهدها قبل سقوط حكم التنظيم في آخر معاقله شرق دير الزور بمنطقة الباغوز العام 2019".

 ومع سقوط أحد رموز القيادات المتشددة سيكون رد الفعل عنيفاً جداً بل وشرساً، ولا يمكن استبعاد حتى شن عمليات في الولايات المتحدة، ومن السهل عليهم استهداف حقول وآبار النفط وقواعد مثل الرميلان والمالكية وتل بيدر وغيرها".

حادثة الاغتيال بين مد وجزر

خلال هذه الأثناء تفيد معلومات واردة من مصادر أهلية في شرق الفرات وقريبة من القواعد الأميركية عن إدخال تعزيزات أمنية وزيادة في نسب المراقبة والحراسة أحاطت أهم المواقع كمهابط الطائرات.

وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ "داعش" بعد إعلان اغتيال الظواهري هجوماً استهدف مركبة سيارة تتبع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في موقع أبرهية التابعة لمدينة البصيرة شرق دير الزور، أسفر عن مصرع عنصرين.

وأضاف بيان للمرصد أن "مجموعات مسلحة تابعة لـ ’داعش‘ نفذت 109 عمليات ضمن مناطق الإدارة الذاتية الكردية منذ مطلع عام 2022، وتنوعت بين هجمات مسلحة وتفجيرات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الضربة بالرأس

من ناحية أخرى يرى فريق من المتابعين أن العالم سيشهد انهياراً كبيراً في صفوف الفلول الداعشية الساعية إلى التئام الشمل في جوف الصحراء، فهذه الضربة ستسبب للتنظيم برأيهم "قدراً كبيراً من الشعور بالضعف والتشتت"، ويعتقد الباحث في الشأن السياسي الدولي بجامعة دمشق معتصم رجا أن "التنظيم في طريقه إلى الانهيار والجيش النظامي يطوقه في الصحراء عبر حملة واسعة". وأضاف، "ينتاب أفراد التنظيم التشتت والضعف مع ضرب قياداته والإجهاز عليهم لأنهم منساقون بأوامرهم، ودونهم الخلايا والمجموعات الصغيرة التي تقاتل هنا أو هناك، وستتلاشى وستفقد جدوى وجودها".

وقال إن المسعى الأميركي الدائم إلى استهداف رأس التنظيم المتشدد سببه أن "الضربة بألف".

وأضاف، "لهذا تترك الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية ملاحقة القيادات والفلول، وتستبق حملاتهم العسكرية والأمنية بضربات جوية تمهيدية ليس إلا".
وتلقى "داعش" في شهر يوليو (تموز) الفائت ضربة قاسية عبر غارة بمسيرة جوية أميركية استهدفت أحد أبرز مموليه وقادته في سوريا، ماهر العكال، وهو يستقل دراجته النارية مع مرافقه شمال سوريا.

وفي ضربة أميركية أخرى نفذت خلال فبراير (شباط) الماضي، سقط أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في إدلب شمال البلاد، وأيضاً في ريف إدلب سقط في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019 زعيم "داعش" السابق أبو بكر البغدادي.

الخليفة المنتظر

ومع السيناريوهات المتعددة لردود "داعش"، يترقب أفراده وقياداته على الأرض وكذلك العالم بأسره اختيار خليفة للظواهري، وتشير الترجيحات إلى اسم "سيف العدل" المصري، وهي شخصية متشددة منذ ثمانينيات القرن الماضي عاشت في مصر وبعدها أفغانستان، وتفيد المعلومات الاستخباراتية بأن آخر ظهور له كان في سوريا عام 2015 حيث أرسل من "القاعدة" ليجابه التدخل العسكري الروسي.
والمرشح الجديد لزعامة "القاعدة" وإن كان قد ترك ساحة الميدان كما فعل الظواهري، لن يبتعد من النظر إلى الوراء، لا سيما البادية الممتدة ليس بين سبع مدن سورية رئيسة بل المترامية الأطراف، لدرجة أنها تتصل بدول أخرى مثل الأردن والعراق.
ومن المعلومات المتوافرة أيضاً أنه قبل وصوله إلى سوريا وقع سيف العدل أسيراً لدى الإيرانيين عام 2010 وأطلق سراحه في تبادل أسرى مع الدبلوماسي الإيراني حشمت الله عطار زاده.

وسبق ذلك إدراج اسم "سيف العدل" ضمن لوائح الإرهابيين الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، وأعلنت مكافأة تقدر بـ 10 ملايين دولار للحصول على معلومات عن مكانه.
وإن كان سيف العدل أو غيره من سيخلف الظواهري فيبدو أن الرد الشرس من خلايا التنظيم قد يكون قريباً، ولعل التكهنات كثيرة عن مستقبل "داعش" الذي برز منذ العام 2014 وحتى 2019 في طريقه إلى أن يقضي نحبه، لكن لديه القدرة على قتال خصمه حتى ولو أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.

المزيد من متابعات