Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخارجية الأميركية ترصد تضييقا على الحرية الدينية بالمغرب

رجال دين أجانب لم يشجعوا المواطنين المسيحيين في البلاد على الحضور إلى كنائسهم خوفاً من توجيه تهمة التبشير لهم

البابا فرنسيس والعاهل المغربي محمد السادس أثناء توقيع النداء المشترك بشأن القدس في مارس 2019 (الدائرة الإعلامية في الفاتيكان)  

أصدرت وزارة الخارجية الأميركية في 21 يونيو (حزيران) تقريرها السنوي بخصوص الحرية الدينية في بلدان العالم، وفي جانبه المتعلق بالمغرب لاحظ التقرير أن اليهود هم الأقلية الأكثر تمتعاً بالحقوق من بين الأقليات الدينية غير المسلمة، وأن تلك الأقليات من مسيحيين وشيعة عرفوا تضييقاً بخصوص حرية المعتقد.

ضرورة احترام القانون

خَلص العباس الوردي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إلى أنه على الرغم من كون دستور المملكة المغربية يشير إلى أن دين الدولة هو الإسلام، لكن ذلك لا يعني أن المغرب يحرِّم غير المسلمين من أداء شعائرهم الدينية، ولكن عليهم القيام بذلك في إطار احترام القوانين الجاري العمل بها داخل البلاد، مع حظر التبشير بطبيعة الحال الذي يمنعه القانون المغربي، بالتالي مسألة التضييق على المسيحيين لا أساس لها من الصحة لأن حمايتهم الجسدية مكفولة بنص القانون، غير أن مطالبهم بإقامة أماكن للعبادة والتدريس والمقابر وغير ذلك هو أمر محسوم بنص القانون لأن دين الدولة هو الإسلام.

أضاف "إن تحديد الحقوق والواجبات هي مسألة داخلية تخضع لسيادة الدولة وتتمتع بها جميع دول العالم، وحتى الشعائر الدينية الإسلامية في الخارج تخضع لقوانين تلك الدول المستقبِلة، بالتالي من أراد ممارسة شعائره الدينية أن يحترم قوانين الدولة التي يعيش فيها، ما يقوم به المغرب لا يعتبر تضييقاً بل هو تطبيق للقانون من أجل حماية الأقليات الدينية التي عليها بالمقابل احترام مقتضيات القانون الداخلي للبلد".

ضمان الحرية الدينية

وكان العاهل المغربي قد قال خلال استقباله لبابا الفاتيكان في 30 مارس (آذار) الماضي، "إن المملكة المغربية حرصت على الجهر والتشبث الدائم بروابط الأخوة، التي تجمع أبناء إبراهيم عليه السلام، كركيزة أساسية للحضارة المغربية، الغنية بتعدد وتنوع مكوناتها، ويشكل التلاحم الذي يجمع بين المغاربة، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم، نموذجاً ساطعاً في هذا المجال، فهذا التلاحم هو واقع يومي في المغرب، وهو ما يتجلى في المساجد والكنائس والبيع، التي ما فتئت تجاور بعضها البعض في مدن المملكة".

تضييق

اعتبر التقرير أن اليهود هم فقط المواطنون غير المسلمين الذين يمكنهم ممارسة دينهم بحرية اعتماداً على تقرير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ويضيف أن زعماء مسيحيين وشيعة أفادوا بأن السلطات المغربية احتجزت واستجوبت بعض المواطنين المسيحيين والشيعة بشأن معتقداتهم واتصالاتهم مع غيرهم ممن يتبنوا الدين نفسه، كما ذكر مواطنون مسيحيون وشيعة أنهم قرروا ممارسة شعائرهم خفية خوفاً من المضايقات السلطات والمجتمع.

أضاف التقرير أن مجموعة تطلق على نفسها اسم المجموعة المغربية المسيحية قامت بالتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتقديم عريضة تطالب الحكومة بالاعتراف بحقوق المواطنين المغاربة المسيحيين، مثل حرية العبادة والاحتفال بالزيجات المدنية وتأسيس وتشغيل المقابر، واستخدام أسماء الكتاب المقدس للأطفال، وحق الأطفال في رفض الدروس الإسلامية في المدارس المغربية. وقال رجال دين أجانب إنهم لم يشجعوا المواطنين المسيحيين في البلاد على الحضور إلى كنائسهم خوفاً من توجيه السلطات تهمة التبشير لهم.

إيجابيات وسلبيات

يعتبر بلال التليدي الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن التقرير أشار إلى بعض الجوانب الإيجابية التي تخص السياسات الحكومية المغربية في التعاطي مع الحريات الدينية (جهود محاربة التطرف، وحوار الحضارات والأديان، والاعتناء بالذاكرة اليهودية في الصويرة، والتأكيد على التعايش بين المسلمين واليهود في المغرب، ودور التربية في محاربة ثقافة الكراهية والعداء للسامية،  فضلاً عن توسيم كنائس وقساوسة على جهودهم في بث ثقافة التسامح في المجتمع المغربي)، لكن هذه المعطيات الإيجابية جاءت محدودة الحجم بالقياس إلى حجم الانتهاكات المرصودة، التي خصصت بالكامل للأقليات الدينية، كما أعاد التقرير الفقرات نفسها التي تتحدث عن التضييق المجتمعي على حقوق الأقليات الدينية، لا سيما منها البهائية والشيعية.

أضاف "هذه المعطيات، التي سيقت في صيغة تقرير، لا يمكن قراءتها في ضوء بعدها الوقائعي، الذي يستند إلى خبر ورد في صحيفة أو تقرير لجمعية حقوقية، أو إفادة من هيئة تناضل من وقع دعم الحريات الدينية والأقليات الدينية، وإنما يتطلب تحليلها استحضار الخط السياسي الذي ينتظم فيه عشرون  تقريراً أميركياً في سياق زمني يستحضر تحولات المجتمع المغربي الذي يعيش ضمن فضائه الإقليمي والدولي".

قناعات حكومية

نقل التقرير عن وزير الدولة مصطفى الرميد قوله، إن "حرية المعتقد لا تشكل تهديداً على المدى القصير للدولة ولكنها بالتأكيد تشكل خطراً طويل الأجل على التماسك الوطني"، فيما قال وزير العدل محمد أوجار إن المغرب عبر التاريخ  سمح للمواطنين اليهود والزائرين المسيحيين من أوروبا وأفريقيا بممارسة شؤونهم الدينية بحرية، فيما استضافت الحكومة المغربية المؤتمر الدولي الثاني للحوار بين الثقافات والديانات في فاس في الفترة من 10 إلى 12 سبتمبر (أيلول)، حيث ألقى الملك محمد السادس ملاحظات تؤكد تجدر التعايش في المغرب بين المسلمين واليهود والانفتاح على الديانات الأخرى.

وبخصوص رد فعل الحكومة المغربية على التقرير قال وزير الدولة مصطفى الرميد في اتصال بـ"اندبندنت عربية" إن الأمر يتطلب وقتاً لدراسة التقرير من طرف الحكومة، وسيتم ذلك في بيان رسمي من المرتقب أن ينشر في الأيام المقبلة.

وضعية اليهود

أشار التقرير بخصوص وضعية اليهود بالمغرب إلى أن هناك مجموعة منفصلة من القوانين والمحاكم الخاصة تحكم جانب الأحوال الشخصية لليهود، كالأمور المتعلقة بالزواج والميراث وغيرها، وأن السلطات الحاخامية هي من تدير محاكم الأسرة اليهودية.

فيما اعتبر سيرج بيرديغو الأمين العام لمجلس الجماعات اليهودية بالمغرب، أن الاستثناء المغربي يأخذ معناه كاملاً في اتجاه العيش المشترك والهوية الواحدة والمتنوعة المترسخة دستورياً، والتي تعتبر اليهودية أحد روافدها.

وضعية الشيعة والبهائيين

نقل التقرير عن زعماء دينيين وعلماء القانون استمرار رفض الحكومة المغربية في السنوات الماضية الترخيص بإنشاء جمعيات شيعية بدعوى تقويض الإسلام، حيث استمر منع هذه الأقلية من التجمع بشكل قانوني لحضور الاحتفالات الدينية العامة، في الوقت الذي لا توجد فيه مساجد شيعية معروفة.

وأضاف التقرير أن أعضاء من البهائيين قالوا إنهم منفتحون على عقيدتهم مع العائلة والأصدقاء والجيران، لكنهم يخشون أن تحاول العناصر المتطرفة في المجتمع إلحاق الأذى بهم، ومع ذلك، فإن بعض المواطنين البهائيين لم يشعروا أنهم يعاملون بشكل مختلف عن المواطن المغربي العادي، فيما قال المسلمون الشيعة في بعض المناطق، لا سيما في المدن الكبرى في الشمال، إنهم لم يخفوا دينهم عن العائلة أو الأصدقاء أو الجيران، لكنهم تجنبوا الكشف عن انتمائهم الديني في المناطق التي تقل فيها أعدادهم.

إحصاءات

تقدر الحكومة الأميركية إجمالي عدد السكان بالمغرب بـ 34.3 مليون) تقديرات عام 2018)، أكثر من 99 في المئة من السكان هم من المسلمين السنة، وأقل من 0.1 في المئة من السكان هم من المسلمين الشيعة، وأن المجموعات التي تشكل مجتمعة أقل من 1 في المئة من السكان تشمل المسيحيين واليهود والبهائيين.

ووفقاً لقادة الجالية اليهودية، هناك ما يتراوح بين 3000 إلى 3500 يهودي، يقيم حوالى 2500 منهم في مدينة الدار البيضاء، فيما يقدر بعض قادة الجالية المسيحية أن هناك ما بين 2000 و 6000 مواطن مغربي مسيحي موزعين في جميع أنحاء البلاد، ومع ذلك، خلص تقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لعام 2017-2018 إلى أن هناك 25 ألف مواطن مسيحي، ويعتقد الزعماء الشيعة المغاربة أن هناك عدة آلاف من المواطنين الشيعة، وأكبر نسبة موجودة في شمال البلاد، فيما يقدر قادة الجالية البهائية أن هناك 350-400 بهائي في جميع أنحاء المغرب.

المزيد من الشرق الأوسط