Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتدخل أميركا عسكريا في لبنان؟

لحماية الاستقرار في حال انهيار المؤسسات وتحول الدولة إلى فاشلة

"حزب الله" يدرك أن أي تهديد للمصالح الأميركية في لبنان يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء (رويترز)

للسنة الـ15 على التوالي، يمدد الكونغرس الأميركي، بناء على إخطار الرئيس جو بايدن، حالة الطوارئ الوطنية بالنسبة إلى لبنان. إلا أن التمديد هذه السنة ليس تفصيلاً عابراً، في ظل الظروف والتحديات التي يعيشها لبنان، إذ تقف البلاد أمام استحقاقات مفصلية، أبرزها انتخاب رئيس جديد للجمهورية وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، وإشكالية الترسانة العسكرية لـ"حزب الله".

وإدراج لبنان تحت قانون الطوارئ الوطنية أو ما يعرف في واشنطن بـ"National Emergency Act"، يعني إعطاء الرئيس الأميركي إضافة إلى حق استخدام القوة العسكرية عند وجود أي اعتداء على المصالح الأميركية، صلاحيات "تجميد ممتلكات الأشخاص الذين يقوضون سيادة لبنان أو عملياته ومؤسساته الديمقراطية"، ومعاقبة "المساهمين في انهيار سيادة القانون في لبنان، ودعم إعادة الهيمنة والوصاية السورية، أو حتى المساهمة بأي شكل من الأشكال في التدخل السوري في لبنان"، وذلك نظراً إلى ارتباط صدور القانون حينها بمرحلة انسحاب القوات السورية من لبنان.

وتكمن أهمية هذا القانون، وفق مصدر دبلوماسي أميركي، في إمكانية التدخل الأميركي لحماية الاستقرار في حال انهيار الدولة اللبنانية، أو فقدان الدولة ركائزها الأساسية وتحولها إلى "دولة فاشلة"، الأمر الذي يأخذ لبنان سريعاً نحو الوصاية الدولية. ويعتقد المصدر أن تفعيل حالة الطوارئ الوطنية تؤمن حماية للمكونات اللبنانية من هيمنة "حزب الله" في حال سقوط الدولة.

وكان الرئيس بايدن قد وجه رسالة إلى الكونغرس أبلغه فيها تمديد حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بلبنان، مشيراً إلى استمرار الأنشطة التي تتمثل بنقل الأسلحة من إيران إلى "حزب الله"، وهذه الأسلحة تشمل أنظمة متطورة بشكل متزايد.

ونبه بايدن في رسالته إلى أن تلك الأفعال تقوض السيادة اللبنانية، وتسهم في زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، وتشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.

على الجبهة المقابلة، نشر مساعد وزير الخارجية الايراني والمدير العام لدائرة غرب آسيا وشمال إفريقيا، محمد صادق فضلي، تغريدة رداً على بيان البيت الأبيض بشأن لبنان وتمديد حالة الطوارئ حول هذا البلد، وقال "إن أميركا من خلال دعمها للكيان الصهيوني العنصري والتدخل في دول المنطقة، تسببت في تدهور الأوضاع فيها، بما في ذلك لبنان".
 وقال فضلي: "كفوا عن دعم المعتدين ونهب ثروات لبنان البرية والبحرية".
واضاف "سنقف الى جانب الشعب اللبناني الشريف والمقاوم ضد الغطرسة".

تدخل "الناتو"

في السياق ذاته، لفت مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب، إلى أن القرار التنفيذي الذي اتخذه الرئيس الأميركي، يأتي في سياق الإجراء القانوني الذي اتخذه الرئيس الأسبق جورج بوش في عام 2007، عقب حرب يونيو (تموز) 2006 بين إسرائيل و"حزب الله"، إذ سعت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا حينها إلى إصدار القرار الدولي 1701 ضمن الفصل السابع، إذ كان هناك توجه غربي لإرسال 40 ألف جندي بقيادة حلف "الناتو" إلى جنوب لبنان والحدود اللبنانية- السورية، ومناطق سيطرة "حزب الله" بهدف تجريده من سلاحه.

وذكر حرب أن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة اعترضت على ذلك، واعتبرت أن إرسال قوات "الناتو" ووضع القرار 1701 تحت الفصل السابع قد يؤدي إلى تفجير الاستقرار الداخلي، مشيراً إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون، كان حينها مبعوثاً أميركياً لدى الأمم المتحدة. وقال، "بدأنا نطالب بالضغط على الحكومة اللبنانية كي تقبل الفصل السابع لأنه في حال عدم التوافق عليه لم يعد بإمكاننا أن نجد دولاً مستعدة لإرسال جيوشها إلى لبنان، إذا لم يكن القرار قد وضع في الفصل السابع وبقيادة دولية".

أضاف حرب أنه "بالفعل، حصل ذلك، فعندما لم يوافق لبنان على الفصل السابع كانت هناك صعوبة ومشكلة في إيجاد دول ترسل نحو 10 آلاف جندي إلى جنوب لبنان، وعندما بدأ توافد السفراء من المكسيك وفرنسا للوقوف ضد الفصل السابع، تزامناً مع المباحثات التي جرت لمدة أسبوع أو أكثر في واشنطن التي استاءت من تصرف لبنان لأنه في مثل هذه الحالات الدول تريد الفصل السابع".

وأكد حرب أن بولتون قال وقتها بشكل صريح، إنه في حال رفض لبنان الفصل السابع لا يوجد أي ضمانة تمنع "حزب الله" من السيطرة على لبنان، كاشفاً عن أنه في عام 2007 شعر الرئيس بوش بخطر إيران وإمكانية تهديد المصالح الأميركية في لبنان، واستباقاً لأي تحركات إيرانية مفاجئة أقر قانون الطوارئ. وأوضح أن هذا القانون يعطي الحق للرئيس الأميركي التحرك العسكري من دون العودة إلى الكونغرس، من أجل حماية المؤسسات والمصالح الأميركية.

حماية الحياد

ووفق حرب، يمكن الاستفادة من هذا القانون في نطاق أوسع من تهديد المصالح الأميركية، إذ يمكن لمكون رسمي لبناني أن يطلب الحماية في حال تعرضه لتهديد مباشر، وعندها يعود الأمر إلى الرئيس الأميركي لتقدير الموقف لناحية إمكانية التدخل العسكري، مشيراً إلى أن البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يطالب بالحياد يمكنه طلب المساعدة العسكرية انطلاقاً من قواعد قانون الطوارئ، في حال تعرض المسيحيون لمواجهة مسلحة من "حزب الله".

أضاف حرب، أن هذا القرار يمكن أن يستعمل "في حال قدم 10 نواب في لبنان باقتراحات قوانين متعلقة بحماية البلاد من الاحتلال الإيراني ويريدون تشريعها ولم تصل إلى نتيجة، عندها ترسل كمذكرة لدى الدول المعنية في الأمم المتحدة والدول الخمس الأعضاء وترسل بدورها إلى واشنطن. وفي هذه الحالة، يتم التطرق إلى الوضع الخطير الذي يعيشه لبنان بسبب سيطرة إيران وحزب الله على الدولة اللبنانية لطلب المساندة كون هذا الخطر يهدد أمن لبنان والولايات المتحدة في الوقت نفسه ومصالحهما المشتركة".

خطوط حمراء

من جانبه، أوضح الناشط السياسي في الاغتراب الأميركي جورج فارس، أن هذا القرار يجدد دورياً ويؤكد ثبات السياسة الخارجية تجاه القضايا الاستراتيجية في العالم، بغض النظر عن فوز أي من الحزبين الرئيسين الجمهوري أو الديمقراطي، لافتاً إلى أنه تم تمديد هذا القانون بعد إقراره عام 2007 في عهد الرئيس جورج بوش مع الرئيس باراك أوباما في 2010، ومع دونالد ترمب في 2018، وحالياً مع الرئيس بايدن. وشدد فارس على أن قاعدة هذا القرار تندرج تاريخياً ضمن العلاقات الدولية لاقتصاد أميركا، وقد أطلقت في عام 1977 بعهد الرئيس جيمي كارتر، كي يتاح له اتخاذ القرارات العسكرية الفورية في حال تهديد الأمن القومي الأميركي في جميع أنحاء العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت فارس إلى أن تمديد هذا القرار يعكس النظرة السلبية لدى واشنطن لنشاط "حزب الله" الذي يقوض الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان والمنطقة، ما يشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة وسياستها الخارجية، مشدداً على أن "حزب الله" يدرك أن أي تهديد للمصالح الأميركية في لبنان يعتبر تجاوزاً للخطوط الحمراء، وقد يستجلب رداً عسكرياً حاسماً. ومن هذا المنطلق لم يشهد لبنان أي اعتداء للحزب على مصالح أميركية منذ تفجير السفارة الأميركية عام 1982 في بيروت.

واعتبر فارس أن غض نظر "حزب الله" عن إطلاق سراح المسؤول السابق في جيش لبنان الجنوبي عامر الفاخوري من السجون اللبنانية قد يكون في سياق تخوفه من تفعيل قانون الطوارئ الوطنية ضده، الأمر الذي يثبت فعاليته لردع نشاطات "حزب الله" ضد المصالح الأميركية. وشدد على أن الأمر قابل للتوسع في حال قام الحزب بعملية انقلابية على المؤسسات كما حصل في 7 مايو (أيار) 2008، موضحاً أنه حينها لم يستطع الرئيس بوش التدخل لأن القانون كان قيد الإصدار في الكونغرس من ناحية، ولأن الفرقاء اللبنانيين اتفقوا على حل سياسي حينها في اتفاق الدوحة.

رسالة صارمة

واعتبر رئيس "منظمة الدفاع عن المسيحيين" توفيق بعقليني، أن "توقيت تجديد القانون في هذه المرحلة المفصلية التي يمر بها لبنان، لا سيما قبيل استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة، يؤشر إلى رسالة أميركية صارمة لناحية تأكيد استقرار لبنان ودعم المسار الدستوري لتشكيل السلطات".

ولفت بعقليني إلى أن "مؤشرات اهتمام الولايات المتحدة بمنع أي مسار انقلابي وخارج إطار المؤسسات، قد يكون له تداعيات حاسمة لأميركا، من ضمنها الخيارات العسكرية، إذ إن هذا القانون هو تهديد مباشر لإيران وحزب الله في حال تم المساس بالمصالح الأميركية أو تهديد العملية السياسية في لبنان".

التنقيب أيضاً

وأوضح مدير مركز "ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية"، محمد زكور، أن "حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بلبنان ليست قانوناً إنما حق يمنحه الكونغرس لرئيس الجمهورية"، مشيراً إلى أن "حالة الطوارئ بموجب الدستور الأميركي حق يمنحه الكونغرس للسلطة التنفيذية ولرئيس الولايات المتحدة للتعامل مع أي أزمة أو أي خطر طارئ قد يهدد أمن البلاد. لذلك، يحق للرئيس عندها أن يتفلت من أي قيود على تصرفاته وقراراته ليتعامل بحسم وسرعة مع ما يسمى خطراً على أمنه القومي".

وشدد زكور على أن "تهديدات حزب الله لإسرائيل تعتبر بالنسبة إلى أميركا بمثابة تهديد لأمنه القومي، وهو رسالة واضحة من الأميركيين إلى الحزب بعدم التهاون في شأن أي اعتداء قد يصيب منصات التنقيب في حقل كاريش"، معتبراً أن "تمديد حالة الطوارئ نتيجة امتداد طبيعي لقانون قيصر المفروض على سوريا، وبطريقة غير مباشرة يتأثر به لبنان".

ولفت زكور إلى أن "إيران لاعب أساسي ونافذ على الساحة اللبنانية في وقت تعتبر الولايات المتحدة أمن إسرائيل أولوية لها، وهي قاعدة متقدمة لها في المنطقة، بالتالي أي أسلحة تصل من إيران إلى حزب الله، تجعل من لبنان بقعة متوترة بحيث إن قدرات الحزب العسكرية مرتبطة بالدرجة الأولى والأخيرة بالتمويل والدعم الإيرانيين، ما يعني أن الربط أكثر من طبيعي ومنطقي بأن تلك الأنشطة تشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة".

المزيد من العالم العربي