Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تخنق الأصوات المعارضة بالمشنقة والكلبشة

أعدمت طهران خلال النصف الأول من عام 2022 ضعف عدد الأشخاص الذين أعدمتهم في 2021

صورة للزعيمين الإيرانيين الخميني وعلي خامنئي في طهران في 31 يوليو 2022 (أ ف ب)

تشهد إيران حملة أمنية تتخللها إعدامات بأعداد غير مسبوقة منذ سنوات واعتقالات واسعة لمعارضين للنظام، استهدف بعضها عدداً من أبرز المخرجين السينمائيين ومحاكمات لمواطنين أجانب نددت بها عائلاتهم على اعتبارها صورية.

ويبدو أن أياً من شرائح المجتمع لم يسلم من قبضة السلطات، إذ طاولت الحملة ناشطين في نقابات العمال وآخرين يعارضون إرغام النساء على وضع الحجاب، فضلاً عن أتباع الأقليات الدينية.

ويأتي ذلك تزامناً مع مرور عام على تولي الرئيس إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية السابق الذي يعد محافظاً متشدداً، الحكم خلفاً لحسن روحاني الذي يعد أكثر اعتدالاً.

ويواجه رئيسي والمرشد الأعلى لإيرن علي خامنئي أزمة اقتصادية ترافقت مع سلسلة كوارث، بما في ذلك انهيار مبنى أسفر عن سقوط قتلى في آبادان في مايو (أيار) أشعل تظاهرات قليلة الحدوث.

وتعود المشكلات الاقتصادية في معظمها إلى العقوبات التي فرضت على إيران لدفعها للحد من برنامجها النووي، لكن لا توجد مؤشرات حتى الآن تدل على إمكان اقتراب القوى الدولية والسلطات الإيرانية من تحقيق اختراق في المفاوضات الرامية لإحياء اتفاق عام 2015 النووي.

تهديد النظام

واعتبر خبير الشؤون الإيرانية في "معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية" بالجامعة الأميركية في بيروت علي فتح الله نجاد أن "الحملة الأمنية الحالية مرتبطة بشكل وثيق بتصاعد الاحتجاجات في إيران".

ولفت إلى أن الاحتجاجات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد في ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 تركت بصمتها في القيادة الإيرانية. وبينما كانت في أساسها مدفوعة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها "سرعان ما تحولت إلى سياسية واستهدفت المؤسسة الحاكمة برمتها".

وأكد فتح الله نجاد لوكالة الصحافة الفرنسية أن "التظاهرات الشعبية لا تزال تشكل تهديداً لاستقرار النظام".

وكان الازدياد الكبير في عدد الإعدامات لافتاً، إذ أعدمت إيران خلال النصف الأول من عام 2022 ضعف عدد الأشخاص الذين أعدمتهم في العام السابق، بحسب منظمة "حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية التي تتخذ من النرويج مقراً، وسجلت المنظمة 318 عملية إعدام شنقاً هذا العام.

وقالت منظمة العفو الدولية إن إيران تشهد "فورة إعدامات"، إذ باتت عمليات الشنق حالياً تمضي بـ "وتيرة مروعة".

وذكرت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" أن عمليات الإعدام شملت 10 نساء، ثلاث منهن شنقن خلال يوم واحد في الـ 27 من يوليو (تموز) بعد إدانتهن بقتل أزواجهن.

"بث الخوف في المجتمع"

في الأثناء، استأنفت إيران أيضاً قطع أصابع السجناء المدانين بالسرقة، إذ تعرض منذ مايو شخصان على الأقل لهذه العقوبة المنفذة بواسطة مقصلة وضعت خصيصاً لهذا الغرض في سجن إيوين بطهران، بحسب منظمة العفو.

وفي الـ 23 من يوليو نفذت إيران أول إعدام علني على أراضيها منذ عامين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير مدير منظمة "حقوق الإنسان في إيران" محمود أميري مقدم إلى أن "السلطات تستخدم إعدامات واسعة النطاق لبث الخوف في المجتمع لمنع أي تظاهرات جديدة مناهضة للحكومة".

وتتنامى حركة داخل البلاد وخارجها تستخدم وسم "#إعدام_نكنيد" (#edam_nakon)، أي "أوقفوا الإعدام"، تطالب بوقف استخدام عقوبة الإعدام في إيران التي تعدم عدداً من الأشخاص سنوياً أكثر من أي بلد في العالم باستثناء الصين.

وكان المخرج محمد رسول آف من بين الشخصيات الأبرز الداعية إلى وقف الإعدامات، وفاز فيلمه المؤثر المناهض لعقوبة الإعدام "لا وجود للشيطان" بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2020.

لكن رسول آف أوقف مطلع يوليو بعدما نشر مع مجموعة من المخرجين والممثلين رسالة مفتوحة في أواخر مايو تحض قوات الأمن على "إلقاء أسلحتها" في وجه الاحتجاجات.

واعتقل بعد ذلك المخرج الحاصل على جوائز دولية عدة جعفر بناهي الذي بقي لسنوات غير قادر على مغادرة إيران، عندما ذهب بعد يومين للسؤال عن مكان وجود رسول آف وقيل له إن عليه قضاء عقوبة بالسجن مدتها ست سنوات سبق وصدرت في حقه.

اضطهاد المعارضة

وينضم هؤلاء إلى معارضين معروفين آخرين خلف القضبان، بينهم الناشطة الحقوقية نرجس محمدي التي تخشى مجموعات حقوقية من أن تكون في خطر بسبب مشكلات صحية أخفقت سلطات السجن في علاجها بشكل مناسب.

وشهدت كذلك الحملة الأمنية توقيف عدد من أقارب ضحايا قمع السلطات العنيف لتظاهرات نوفمبر 2019 الذين طالبوا بالعدالة لأفراد عائلاتهم.

وقالت الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني لدى "هيومن رايتس ووتش" تارا سبهري فر إن "ما من سبب يدعو للاعتقاد بأن عمليات التوقيف تتعدى كونها خطوات خبيثة لردع الغضب الشعبي حيال إخفاقات الحكومة واسعة النطاق"، متهمة الحكومة باللجوء إلى "رد فعلها القمعي التلقائي القائم على توقيف المعارضين المعروفين".

وشهد الشهران الماضيان أيضاً عمليات توقيف استهدفت البهائيين، في إطار ما وصفها "مجتمع البهائيين الدوليين" بـ "أزمة متصاعدة في حملة الحكومة الإيرانية الممنهجة" ضد أكبر أقلية غير مسلمة في البلاد.

ولا يزال أكثر من 20 مواطناً أجنبياً أو من مزدوجي الجنسية قيد الإقامة الجبرية أو عالقين في إيران، بحسب "مركز حقوق الإنسان في إيران" (CHRI) ومقره نيويورك، في إطار سياسة تصفها عائلاتهم بأنها قائمة على احتجاز الرهائن بهدف انتزاع تنازلات من الغرب.

وفي يوليو سمحت إيران للمواطنة الألمانية - الإيرانية ناهد تقوي بمغادرة السجن للخضوع لعلاج، وأطلقت المواطن الأميركي – البريطاني – الإيراني مراد طاهباز مع وضع سوار إلكتروني للمراقبة في كاحله، لكن كليهما لا يزالان ممنوعين من مغادرة إيران، بينما يقبع في السجن أيضاً مواطن بولندي وآخر بلجيكي إضافة إلى سويدي وفرنسيين اثنين.

ومن بين المسجونين المواطن الألماني جمشيد شارمهد الذي خطف بحسب عائلته في الخليج في يوليو 2020، ويواجه الآن عقوبة الإعدام في محاكمة يتوقع بأن تختتم خلال الأسابيع المقبلة.

وقالت ابنته غزال شارمهد إن "هذه عملية ملفقة هدفها اضطهاد المعارضين والصحافيين الذين يستخدمون حرية التعبير في العالم الحر، والسماح بحدوث ذلك أمر شائن".

المزيد من تحلیل