Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نهب معدات الكهرباء يضيف طبقة جديدة إلى "ظلام لبنان"

مصدر أمني: عدد سرقات الكابلات من الشوارع ارتفع إلى 632 خلال 2022 والخسائر تتجاوز المليون دولار

هذا النوع من السرقات يزداد كثيراً في المناطق البعيدة والنائية مثل الضواحي والجبال (أ ف ب)

كأن العقم الذي أصاب قطاع الكهرباء والطاقة لم يكن كافياً حتى أضيفت إلى أزمة الظلام في لبنان مشكلة سرقة التجهيزات واللوازم التي تستعمل لتسيير هذا القطاع، فبعد الانهيار الكبير الذي أصاب القطاعات جميعاً والكهرباء بخاصة، أسهم انقطاع التيار في جعل منشآت ومستلزمات عمل القطاع هدفاً لكل من يريد جمع المعادن منها بغية بيعها.

معظم من استهدف هذه اللوازم والمنشآت تجار خردة وبعض الأشخاص الذين استغلوا ظروف تردي الوضعين المالي والاقتصادي وراحوا يبحثون عن أي شيء يستطيعون بيعه للاستفادة من ثمنه، وكانت كوابل النحاس ومحولات شركة الكهرباء نصب أعينهم على الرغم من الخطر الذي تشكله والضرر الذي تسببه عملية السرقة في ديمومة عمل الشركة.

الضرر اللاحق للاعتداء على الشبكات والمحولات وخطوط النقل أكبر بكثير من انقطاع التيار لفترات طويلة نظراً إلى ما تشكله هذه العملية من خطر على سلامة المواطنين، فالسارق لا يميز بين خطوط التوتر المتوسط أو التوتر العالي التي قد تشكل خطراً شديداً على سلامة جميع الناس قرب خطوط النقل المسروقة أو المقطوعة، وكل هذا يحدث في ظل تراخ مشبوه عن ملاحقة السارقين والمعتدين.

المعدلات في ارتفاع

وفي هذا الإطار يكشف مصدر أمني مطلع لـ "اندبندنت عربية" أن "سرقة الكابلات الكهربائية في ارتفاع مقارنة بالسرقات العادية التي تشهد انخفاضاً"، لافتاً إلى أن "عدد سرقات الكابلات بلغ 502 حالة عام 2021، وارتفع إلى 632 عام 2022". وأوضح المصدر أن "هذا النوع من السرقات يزداد كثيراً في المناطق البعيدة والنائية مثل الضواحي والمناطق الجبلية، وهذه الظاهرة كانت موجودة سابقاً لكنها شهدت ارتفاعاً كبيراً في معدلاتها على الرغم من توقيف كثير من العصابات من خلال مداهمة محال الخردة والنحاس، بسبب بيع المسروقات بالعملة الأجنبية وجني كثير من الأرباح".

وأوضح أن "سرقة أموال الدولة جنحة مشددة الجناية تؤدي إلى السجن، وتختلف شدة العقوبة بحسب التوقيت أو ما إذا كانت عملية فردية أو تنفذها عصابة، بخاصة أن هذه المحاولة تشكل ضرراً على الأملاك العامة والناس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشرح مدير التوزيع في مؤسسة "كهرباء لبنان" غسان درويش أنه "عادة ما يتم قطع الكابلات النحاسية المعلقة في الهواء، وغالباً ما تكون على توتر منخفض مما يؤثر لاحقاً في الأحياء"، لافتاً إلى أنه "بسبب تكرار هذه الحال صرنا نعمل على تبديل الكابلات النحاسية بأخرى من الألومنيوم تفادياً لسرقتها، بخاصة أن سعرها أزهد بكثير".

وفي حال كانت السرقة على مستوى التوتر المتوسط، يشير درويش إلى أن "الضرر يكون أكبر، إذ يتم قطع التيار عن قرى وأحياء كاملة، وهذه الحال تزداد سوءاً على مستوى خطوط التوتر العالي وهو ما حصل بين منطقتي الهرمل في البقاع والقبيات، إذ تمت سرقة الأعمدة وقطع الدعامات".

خسائر السرقات

وبالنسبة إلى الخسائر الناتجة من تلك السرقات يشير درويش إلى أنها "تجاوزت المليون دولار عام 2021، فقد شهد ذلك العام سرقات للمحولات من خلال تسلق الأعمدة وفك الأشرطة النحاسية وبيعها كخردة، وهذه العملية انتشرت كثيراً في عكار والهرمل والضاحية الجنوبية في بيروت، لذا فإن الضرر يكون كبيراً على بعض القرى التي تنقطع الكهرباء عنها بشكل مطول لصعوبة تأمين الكابلات البديلة، إضافة إلى سرقة قطع الحديد من عواميد التوتر العالي".

وكشف عن أن "المخزون في المستودعات شحيح جداً ويستفاد منه في حال كان هناك تأهيل لخط قديم، لكن تبقى الإمكانات قليلة، وهو ما يظهر من خلال التأخير في تأمين البدائل، بخاصة خطوط التوتر العالي ذات الـ 220 كيلوفولت التي عادة ما تكون مرتفعة الكلفة".

أين القانون والرقابة؟

وعن الأطر القانونية والرقابية للحفاظ على مخزون المواد المندرجة تحت مفهوم الممتلكات العامة، يوضح المدير العام السابق في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون أنها "خاضعة لضوابط ورقابة داخلية بموجب مرسوم تنظيم محاسبة المواد، وهذا المرسوم ينظم تسجيل هذه المواد عند دخولها إلى المخزون وخروجها منه، وبيان أرصدتها في كل وقت، كما يوجب إجراء جردة دورية للتحقق من وجودها وسلامتها، وهذا المرسوم عمره 20 سنة".

ولفت إلى أن "كل مؤسسة عامة حتى قبل صدور هذا المرسوم لها أنظمة مالية توجب إجراء جردة دورية للتأكد من الكميات وما إذا كانت تستخدم في مكانها أم تهدر، فمثلاً من المفترض أن يتم التأكد من موجودات ’كهرباء لبنان‘ دورياً، وكلما أضيفت إليها كميات تضاف إلى القيود، وكلما استخدم منها شيء يجري التأكد من أن الكهرباء المنتجة توازي المصروف من هذه المواد، أي أن يتناسب المنتج مع النقص في المخزون"، مؤكداً "أهمية أن تكون هناك قيود محاسبية وجرد ورقابة دورية للتحقق منها".

ويرى بيضون أنه "في ظل التقاعس والإهمال يغيب في شركة كهرباء لبنان جرد المخزون، وبالتالي تغيب الرقابة"، لافتاً إلى أن "بعض المسؤولين في المؤسسة أصبحوا أثرياء جراء هذه العملية، فالمحولات التي يتم تفكيكها وسرقتها تحتوي على أطنان من النحاس".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير