Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعلن عسكر السودان حكومة تسيير أعمال؟

يرى مراقبون أن "أي حل لا يقود إلى إنهاء انقلاب 25 أكتوبر وتحقيق التحول المدني الديمقراطي سيكون تعميقاً للأزمة"

القرارات المتوقعة من قائد الجيش تتضمن الإعلان مبكراً للاستعداد للانتخابات العامة قبل انتهاء الفترة الانتقالية (اندبندنت عربية - إعلام مجلس السيادة السوداني)

يتداول السودانيون هذه الأيام في مواقع التواصل المختلفة ما سمته وسائل إعلام محلية تسريبات مؤكدة عن اعتزام قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تشكيل حكومة تصريف أعمال، خلال أغسطس (آب) المقبل، نظراً إلى فشل القوى المدنية في التوافق على حكومة كفاءات مستقلة (تكنوقراط)، ما ينهي أزمة البلاد التي تفجرت بإعلان البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) حالة الطوارئ وتعطيل العمل بالوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، فضلاً عن إلغاء الشراكة مع المدنيين، ما اعتبرته غالبية القوى السياسية انقلاباً عسكرياً مكتمل الأركان.


وبحسب وسائل الإعلام السودانية، فإن القرارات المتوقعة من قائد الجيش، والتي تأتي نتيجة لانتهاء المهلة التي منحها الأخير للقوى السياسية من أجل التوافق لتسليمها السلطة، تتضمن الإعلان مبكراً للاستعداد للانتخابات العامة قبل انتهاء الفترة الانتقالية، لكن تلك الوسائل الإعلامية أشارت إلى أن كل السيناريوهات مفتوحة أمام البرهان.

وكان قائد الجيش السوداني، أعلن في الرابع من يوليو (تموز)، أن القوات المسلحة السودانية قررت عدم المشاركة في المفاوضات الجارية حالياً التي تسهلها الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيقاد"، وذلك لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، مشيراً إلى أنه سيتم بعد تشكيل الحكومة التنفيذية حل مجلس السيادة، وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة، يتولى القيادة العليا للقوات النظامية، ويكون مسؤولاً عن مهام الأمن والدفاع وما يتعلق بهما من مسؤوليات بالاتفاق مع الحكومة المدنية.

فكيف يرى المراقبون إعلان مثل هذه الحكومة، وهل يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الأزمة السودانية واستقرار الوضع، أم ستعمق الأزمة؟

إنهاء الانقلاب

وقال مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني للشؤون الولائية عبدالجليل الباشا، "في اعتقادي أن أي حل للأزمة السياسية في البلاد لا يقود إلى إنهاء انقلاب 25 أكتوبر وتحقيق التحول المدني الديمقراطي سيكون تعميقاً لهذه الأزمة، لذلك، فإن القضية ليست إعلان حكومة، بل تتعلق بالبيئة التي تعمل فيها الحكومة، كما لا بد أن يكون هذا الحل مربوطاً بمتطلبات السلطة الانتقالية، ومن ثم يأتي تشكيل هذه الحكومة من قوى الثورة، بالتالي، المطلوب أولاً إنهاء الانقلاب كخطوة مهمة ورئيسة في اتجاه حل هذه الأزمة، وإذا  كان المكون العسكري لديه الإرادة والعزيمة، لكان سلم السلطة للمدنيين في حينها".

أضاف الباشا، "إذا بالفعل قام المكون العسكري بتكوين حكومة برعايته ستكون معزولة وغير معترف بها، وستواجه عديد من المشكلات، فضلاً عن أن مثل هذا القرار يؤكد أن حديث البرهان بضرورة حدوث توافق بين المدنيين لتشكيل حكومة مدنية مجرد كلمة حق أريد بها باطل، فمثل هذه الخطوة تبين، بما لا يترك مجالاً للشك، أن المكون العسكري ليس جاداً في استقرار البلاد، فتشكيل أي حكومة بهذا الشكل سيكون عرضة للفشل، لأنها لم تتكون في ظل توافق بين مكونات الثورة الحقيقية، في وقت قدمت كل القوى المدنية الموجودة في الساحة السياسية طرحاً لاستعادة التحول الديمقراطي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفت الباشا إلى أن نضال القوى السياسية سيكون مستمراً من خلال الضغط الجماهيري والمجتمع الدولي والإقليمي، لأنها ستكون حكومة في يد العسكر، إذ لا تعبر عن إرادة الثورة ومن يقف خلفها من الجماهير، فالشارع السوداني يضم قوتين هما قوى الثورة التي تنادي بمدنية الدولة وعودة الجيش إلى ثكناته، وقوى أخرى مؤيدة لانقلاب 25 أكتوبر. وأكد مساعد رئيس حزب الأمة القومي السوداني للشؤون الولائية أن قوى الثورة قطعت شوطاً كبيراً في التوافق في ما بينها كقوى حية تدافع عن الديمقراطية، وهي الآن مجتهدة في عمل دؤوب باتجاه التوقيع على إعلان سياسي يعبر عن برامجها للفترة المقبلة وكيفية المضي قدماً من أجل استعادة التحول الديمقراطي واستقرار البلاد من خلال استكمال ما تبقى من فترة انتقالية وصولاً للانتخابات العامة.

الرشد المفقود

في المقابل، قال الخبير السوداني في التخطيط الاستراتيجي محمد حسب الرسول، "تزداد الأوضاع في السودان سوءاً يوماً بعد آخر منذ أن بدأت الفترة الانتقالية عقب التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المكونين العسكري والمدني في 17 أغسطس 2019، بسبب حال الانقسام السياسي، وزيادة حجم النفوذ والتدخل الخارجي في الشأن السوداني، والذي تفاقم بعد تشكيل البعثة الأممية الخاصة بالسودان، والتي تحمل تفويضاً بإعادة هندسة الأوضاع السودانية في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، ما انعكس على حال البلد التي بدأت في التفكك، وكذلك انعكس على حال الناس في معاشهم وأمنهم وحاضرهم ومستقبلهم".

وتابع الرسول، "إزاء كل ذلك، فإن لجوء الجيش إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لتسيير الأعمال تقود البلاد نحو انتخابات قبل خريف 2024 يعد ضرورة وطنية ملحة، إذ ليس من المحتمل اتفاق القوى السياسية على تشكيل حكومة وهي التي عجز بعضها عن إدارة المرحلة الماضية من الفترة الانتقالية، وعجز بعضها الآخر في خلق كيمياء بينها، وقائد الجيش الذي يحمله حرصه على استرضاء بعض القوى الخارجية من المضي قدماً مع الأحزاب الوطنية حتى نهاية المشوار الانتقالي، لهذا، فإن العودة إلى خيار حكومة الكفاءات الوطنية فيه عودة إلى الرشد المفقود، وعلى هذه الحكومة حين تأليفها أن تعمل بجد وسرعة لإعادة السلطة إلى الشعب ليختار بإرادته الحرة من يعالج أزماته الحاضرة ويخاطب تطلعاته المستقبلية".

ولفت الخبير السوداني في التخطيط الاستراتيجي إلى أن "التظاهرات التي يشهدها بعض الشوارع في العاصمة الخرطوم، هي تظاهرات تحركها قوى سياسية ذات ارتباط بمشروع خارجي ولا مصلحة لها في التحول الديمقراطي ولا أمل لها في العودة إلى السلطة عبر الانتخابات، كون العملية الانتخابية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمجتمع ونسيجه ومصالحه وهواجسه، وهذه القوى بعيدة عن المجتمع وعن شواغله. ولهذا، لن تقبل هذه الأقلية السياسية بغير ديكتاتورية الأقلية، ولن يرضى شركاؤها في الخارج بأي تحول ديمقراطي يرد السلطة للشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة، ولذلك، على الجيش، الذي تقع على عاتقه مسؤولية الحفاظ على استقلال وسيادة البلد، وعلى القوى الوطنية أن تضع أمر استعادة استقلال الوطن في مقدم أولوياتها".

حكومة ذات صدقية

وكان أن أشار مدير شؤون منطقة شرق ووسط أفريقيا في الحكومة البريطانية سايمون ماسترد، الذي زار الخرطوم أخيراً، إلى إنه، من دون اتفاق سياسي شامل وذي صدقية لتنصيب حكومة انتقالية بقيادة مدنية، سيستمر وضع الشعب السوداني في التدهور، مؤكداً أن الطريق الوحيد لوضع البلاد على طريق التعافي هو عبر حكومة مدنية ذات صدقية تستوعب الجميع، ومنذ 25 أكتوبر 2021، يشهد السودان احتجاجات شعبية متواصلة تطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي وترفض إجراءات رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، الاستثنائية التي أطاحت بالشراكة مع المكون المدني وحلت مؤسسات الفترة الانتقالية التي كانت قائمة، بيد أنها اعتبرت تلك الإجراءات انقلاباً عسكرياً، وقوبلت التظاهرات المتواصلة في مدن العاصمة الثلاث (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) بعنف مفرط من قبل الأجهزة الأمنية راح ضحيته 116 متظاهراً منذ الانقلاب، فضلاً عن مئات الجرحى، ونفى البرهان صحة اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري. وقال إن إجراءاته تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، وتعهد تسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.

وكانت الآلية الثلاثية قد رعت أولى جلسات الحوار السوداني المباشر الذي انطلق في الثامن من يونيو (حزيران) الماضي، غير أنها علقت في المهد بسبب مقاطعة تحالف قوى الحرية والتغيير المعارض وقوى ثورية أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات