Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تضارب بين المعارضة وحكومة كردستان بشأن انتهاكات في السجون

  حقوقيون يطالبون بالإفراج عن عشرات الموقوفين ومسؤولو الإقليم: لا تجاوزات والمفوضية الأممية التقت 60 سجيناً

نشطاء يتهمون السلطة بالتجاوزات بينما تنفي حكومة كردستان  (أ ف ب)

دعت منظمة حقوقية دولية سلطات إقليم كردستان إلى الإفراج الفوري عن نحو 52 سجيناً بينهم نشطاء وصحافيون مضربون عن الطعام "مع تسجيل حالات اعتقالات جديدة"، تزامناً مع اتهام رئيسة هيئة حقوق الإنسان لرئيس الحكومة بالـ"تنصل" عن مقابلتها للبحث في "ملف حقوق الإنسان والانتهاكات"، فيما صدرت تحذيرات حكومية من "تهويل" المزاعم بوجود حالات قمع للحريات بهدف "زعزعة "الاستقرار القائم في الإقليم.

وكان العشرات من الموقوفين أعلنوا إضرابهم عن الطعام احتجاجاً على تعليق إطلاق سراحهم "بموجب إفراج شرطي"، وذكر نشطاء ووسائل إعلام أن عدد المضربين يبلغ نحو 52 شخصاً، يواجه بعضهم وضعاً صحياً حرجا، مشيرين إلى استمرار السلطات في احتجاز ناشطين اثنين من أصل ستة كانوا اعتقلوا خلال محاولتهم لتنظيم احتجاج في أربيل في 22 من يوليو (تموز) الحالي استنكاراً لمقتل تسعة مدنيين وإصابة أكثر من 20 آخرين في قصف تركي طاول منتجعاً سياحياً في قضاء زاخو قرب الحدود مع تركيا.

اعتقالات جديدة وإفراج مؤجل

عضو منظمة "فرق صناع السلام" المعروفة اختصاراً بـ"CPT" الأميركية محمد صلاح قال لـ"اندبندنت عربية" إن "نحو 81 صحافياً وناشطاً مدنياً كان قد اعتقل في الفترة الممتدة بين أغسطس (آب) عام 2020 على وقع احتجاجات شهدها الإقليم ومنها منطقة بادينان، وفبراير (شباط) عام 2021، أي خلال ستة أشهر فقط، ثم أفرج لاحقاً بعد مدة قصيرة عن نحو 33 منهم من دون إجراء محاكمة، فيما  احتجز الآخرون ولم يسمح لمحامين أو أفراد أسرهم بمقابلتهم، أو حتى إحالتهم إلى المحاكمة إلا بعد أن حصلت ضجة إعلامية ودعوات من منظمات حقوقية محلية ودولية"، مبيناً أن "12 من الموقوفين حوكموا بتهم مختلفة، خمسة منهم حكم عليهم بالسجن لمدة ست سنوات، ثم خفف الحكم إلى سنتين وأربعة أشهر بقرار صدر عن رئاسة الإقليم، ويفترض أن يطلق سراحهم في الربيع المقبل، فيما هناك خمسة آخرون من معتقلي منطقة شيلادزي في دهوك، كان يفترض أن يطلق سراحهم قبل عيد الأضحى الماضي بموجب بند الإفراج المشروط، وقد تأجل ذلك بذرائع شتى، ومنذ أيام أعلن عشرة من المعتقلين إضراباً عن الطعام قبل أن ينضم للإضراب 42 آخرين محكوم عليهم في ملف آخر، بعضهم يعاني وضعاً صحياً حرجاً، وأحدهم مصاب بمرض الكبد الفيروسي ويحتاج إلى تدخل طبي عاجل، فيما هناك معتقلان آخران أحدهما صحافي حكم عليهما بالسجن لسبع سنوات".

 وأوضح صلاح أن "عدد المطلق سراحهم حتى الآن سواء بعد انقضاء مدة محكوميتهم أو بقرار الإفراج المشروط يبلغ 36 شخصاً، وكنا ننتظر إطلاق سراح البقية من المشمولين وفق مادة الإفراج المشروط قبل عطلة عيد الأضحى، لكن يبدو أن هناك تدخلاً سواء سياسياً أو حكومياً في الملف".

تحذرات حكومية

لكن سلطات الإقليم نفت في أكثر من مناسبة صحة مزاعم "بارتكاب انتهاكات في السجون أو أي تدخل في شؤون القضاء"، آخرها كان رد مكتب "منسق التوصيات الدولية" التابع لحكومة الإقليم في يونيو (حزيران) الماضي على التقرير السنوي الصادر عن "منظمة مراقبة حقوق الإنسان أوروبا - البحر المتوسط" بالقول إن "السلطة القضائية التزمت القوانين النافذة في الإقليم والعراق ووفرت للسجناء جميع الحقوق المنصوص عليها وفقاً للقانون، بعيداً من التدخلات الحزبية والسياسية". وشدد على أن "السجون تخضع لرقابة الجهات المحلية والدولية والأممية، إذ نُظمت 85 زيارة إليها خلال العام الماضي فقط، واتخذت إجراءات قانونية بحق أربعة من المتهمين بممارسة العنف ضد السجناء".

ويرى عضو "الحزب الديمقراطي" الذي يقود حكومة الإقليم الائتلافية عماد باجلان أن "هناك تهويلاً وتأويلاً في مزاعم قمع الحريات وكل ما يبث من إشاعات في هذا الجانب غير صحيح بالمرة، وما حصل كان في أيام الحجر الصحي ومنع التجول بسبب جائحة كورونا، خرق خلالها بعض النشطاء والصحافيين القانون العام وقرار التباعد الاجتماعي، بعدها قدموا لمحكمة مدنية وعلنية وبعضهم خففت أحكامهم وأطلق سراح آخرين بقرار العفو". وأضاف، في تصريح خاص، أن "الوضع في الإقليم في مجال الحريات مؤسساتياً وإعلامياً يختلف تماماً عن بقية مناطق العراق، والوضع ليس كما يساق له من قبل جهات تستهدف ضرب الاستقرار الذي يتمتع به الإقليم من النواحي كافة، ونجدها تسخر أدواتها الإعلامية ونوابها من أجل تشويه صورة الإقليم، حتى إن مشكلة المعتقلين ظهرت بسبب قطع بغداد لرواتب موظفي الإقليم التي أثارت حفيظة بعض المواطنين وعندما عادت لم نجد حصول أي مشكلة، أما بخصوص صعود أسعار الوقود وغيرها من المواد فهي مشكلة عالمية".  

رد مؤجل

في المقابل كان لدى رئيسة "هيئة حقوق الإنسان" في حكومة الإقليم منى ياقو رأي آخر وصفه المراقبون بـ"المفاجئ والجريء"، حيث كشفت في توضيح وجهته للرأي العام عن عدم تلقيها "رداً على طلب تقدمت به قبل خمسة أشهر لمقابلة رئيس مجلس الوزراء للحديث حول وضع حقوق الإنسان والانتهاكات الحاصلة والحلول والإشكاليات التي تعيق عمل الهيئة". وأضافت "لا يمكن لمؤسسة يفترض أنها مستقلة أن تنجح في عملها بينما يتسلم مناصب حساسة فيها أشخاص حزبيون ومن خلفية سياسية معينة جل اهتمامهم أن يخلقوا الأزمات ويصنعوا الجبهات، لأن مثل ذلك التكليف هو دليل على رغبة السلطات في شل عمل تلك المؤسسات وجعلها مجرد ديكور يمتثل لأوامر أشخاص محددين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإزاء الموقف من بيان ياقو اعتبر باجلان أن "وجود هيئة رسمية خاصة بحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة مشرعة بقانون هذا بحد ذاته إيجابي، بالتالي فإن تخصصها يتوجب مزيداً من الحقوق ليضاف إلى ما تحقق من تقدم وهذا لا يعني عدم وجود حريات فالمساحة مفتوحة، أما الأمر المتعلق بالجانب الأمني فهذا موجود في كل دول العالم عندما تحوم شبهات ما تتخذ الإجراءات بحق المشتبه فيهم لحين ثبوت براءتهم أو إدانتهم"، وأردف "لننظر إلى حالة التعايش والتنوع العرقي والإثني القائم بين المكونات في الإقليم الذي يحتضن عديداً من الأقليات النازحة من بقية المناطق العراقية، ولو كان هنالك قمع وتكميم للأفواه لما جاءت إلى الإقليم، لأنه أي مكان يصبح قابلاً للتعايش عندما تحترم وتطبق فيه مبادئ حقوق الإنسان". 

تقارير دولية ونفي حكومي

وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" وصفت في تقريرها السنوي مطلع العام الحالي محاكمة نشطاء وصحافيين بــ"الخطير"، واعتبرت أن "صدور أحكام قضائية بحق النشطاء والصحافيين مؤشر واضح لإسكات الأصوات الناقدة للسلطة، وقد سُجلت خروقات قانونية وتدخلات سياسية في ملفات المتهمين"، إلا أن حكومة الإقليم ردت من جانبها على التقرير منوهة إلى أن "الأوامر القضائية الصادرة استندت إلى القوانين المعمول بها في الإقليم، وأن التهم الموجهة للمتهمين ليس لها علاقة بالصحافة والنشاط، وظهرت على مدار التحقيقات جرائم جنائية وأفعال جنح تتعلق ببعض الأفراد، وتم تمرير ملفات القضية بشكل ثابت من خلال عملية قانونية موثوقة وشفافة". وأشارت إلى أن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أكدت اتخاذ (خطوات ملموسة) طوال عام 2021 نحو مزيد من الحماية للحق في حرية التعبير، فمنذ يناير (كانون الثاني) 2021، أتيح للمفوضية الأممية حق الوصول غير المقيد إلى مرافق الاحتجاز وحتى مايو (أيار) 2021 فقط، أجرت 14 زيارة ومقابلات مع 60 سجيناً".

بيانات متضاربة

ووفقاً "لنقابة صحافيي كردستان"، فإنها سجلت "187 انتهاكاً ضد الصحافيين ووسائل الإعلام خلال عام 2021، واعتقل 35 صحافياً"، ولفت إلى أن "أغلب الانتهاكات وقعت في أربيل"، بينما تشير بيانات "مركز ميترو" المعني بحرية الصحافة والإعلام في الإقليم إلى انخفاض في حالات الانتهاكات ضد الصحافيين بنحو 8 في المئة خلال عام 2021، بالمقارنة مع العام الذي سبقه فقد سجلت نحو 353 حالة انتهاك ضد 260 صحافياً ومؤسسة إعلامية"، لكنها حذرت "من تزايد حالات اعتماد قانون العقوبات العراقي (القديم) تجاه حرية التعبير"، في حين أفاد تقرير لمنظمة "مراسلون" المعنية بحقوق الصحافيين في الإقليم الشهر الحالي تسجيل "71 ملف انتهاك بحق 140 صحافياً"، وذكرت أن "حالات الانتهاك تنوعت بين الاعتقال والمنع من التغطية والتفرقة بين المؤسسات الإعلامية".  

إلا أن حكومة الإقليم تؤكد أنها ماضية في تطبيق "خطة" لحماية حقوق الإنسان، وجاء ذلك على لسان "منسق التوصيات الدولية في حكومة الإقليم" ديندار زيباري في مايو الماضي عندما أعلن أن الخطة "ستمتد إلى عام 2025، بمشاركة بعثة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني الذين سيكون لهم دور في تقديم المشورة لمواءمة القوانين المعمول بها في الإقليم مع الاتفاقات والمعاهدات الدولية واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتشاور مع الأطراف ذات الصلة لكي تصبح قوانين وتدخل حيز التنفيذ".

وفي خطوة لافتة عقد رئيس الحكومة مسرور بارزاني منتصف الشهر الماضي لقاءً مفتوحاً مع صحافيين ممثلين عن مختلف وسائل الإعلام بينها تابعة لقوى المعارضة وجهوا خلالها انتقادات حيال سوء الأداء الحكومي والانتهاكات المرتكبة، بينما حذر بارزاني "من ممارسة سياسية تضخيم الأحداث من قبل بعض وسائل الإعلام بينما تتعمد  تهميش الإنجازات ونشر الروح الوطنية"، وزاد "ربما لديكم انتقادات أيضاً وقد جئت لأستمع إليها ولكم الحرية الكاملة في طرحها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير