Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تدخل تونس مرحلة الاستقرار بعد تبني الدستور الجديد؟

"المرحلة المقبلة ستركز على وضع القانون الانتخابي الذي سيمكن من تكوين طبقة سياسية جديدة في البلاد"

تعتبر محطة الاستفتاء والقبول بالدستور الجديد لحظة فارقة في المسار الذي رسمه الرئيس التونسي (رويترز)

تدشن تونس مرحلة جديدة في تاريخها السياسي، بعد قبول التونسيين بدستور جديد هو الرابع في تاريخها إثر استفتاء شعبي هو الثاني من نوعه في تونس منذ الاستقلال.

وتتباين المواقف من هذه المرحلة، بين من يرى أنها محفوفة بمخاطر عدم الاستقرار والاحتقان الاجتماعي وسط أزمة اقتصادية ومالية خانقة، ومن يرى أنها ستشكل انفراجاً في الوضع السياسي، بعد تبني دستور جديد، يضع جزءاً كبيراً من السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، في انتظار استكمال المسار بانتخاب برلمان في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وتعتبر محطة الاستفتاء والقبول بالدستور الجديد لحظة فارقة في المسار الذي رسمه الرئيس التونسي قيس سعيد والذي بدأه في 25 يوليو (تموز) 2021، لأنه بداية ممارسة الرئيس لسلطاته وفقاً للدستور والقطع مع المرسوم عدد 117.

فهل تبدأ تونس فعلياً مرحلة الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد تبني التونسيين للدستور الجديد؟ 

مناخ من الثقة

دخلت تونس إثر تبني الدستور الجديد فعلياً في ما سماها قيس سعيد "الجمهورية الجديدة"، ويقدر الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، محسن النابتي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "المصادقة الشعبية على الدستور الجديد، يمثل منعرجاً في الحياة السياسية في تونس، لأنه سيقطع مع المنظومة السابقة التي باتت من الماضي، ما سيخلق مناخاً من الثقة داخل الأوساط الشعبية وأيضاً داخل الأوساط السياسية".

ويضيف النابتي، أن "المرحلة المقبلة ستركز أساساً على وضع القانون الانتخابي الذي سيمكن من تكوين طبقة سياسية جديدة في البلاد وتشكيل مشهد سياسي جديد على قواعد مختلفة عن المشهد الذي عاشه الشعب التونسي خلال السنوات العشر الماضية". 

وبخصوص أولويات المرحلة المقبلة يؤكد أنها "أولويات سياسية واقتصادية واجتماعية من خلال استكمال المسار السياسي، وإعلان القانون الانتخابي وتنقية المناخ السياسي ومعالجة الهنات داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للذهاب إلى انتخابات 17 ديسمبر المقبل في ظروف طيبة". 

ويشير الناطق الرسمي باسم التيار الشعبي، إلى أن الاستحقاق الثاني هو "المحاسبة، وهي مطلب شعبي، بعد أن تكرست ثقافة الإفلات من العقاب طيلة السنوات الماضية"، ويعتبرها "المدخل للجمهورية الجديدة"، داعياً إلى "محاسبة كل من أجرم في حق الشعب التونسي".

ويخلص النابتي إلى أن "الأولوية الثالثة، والمهمة والتي يتوقف عليها المسار بكامله، وهي الأولوية الاقتصادية لأن تونس في أزمة اقتصادية، والشعب التونسي يرمي إلى تحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي من خلال تغيير المشهد السياسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى أن "الدستور الجديد سيمنح رئيس الجمهورية الصلاحيات الكاملة، وعليه لا بد من المرور بقوة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية"، محذراً من "رهان معارضي قيس سعيد على ارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي، من أجل إرباك مسار الرئيس".

المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية

من جهته، يعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، رضا الشكندالي أن "مفتاح النجاح في المرحلة الراهنة في تونس، هو القدرة على تعبئة الموارد المالية الخارجية، والتقدم في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي". 

ويعتقد الشكندالي أن "الدستور الجديد يخول لرئيس الجمهورية تعيين الحكومة، وبالتالي لا دخل للأحزاب السياسية في تعيينها، وهذا لا يزعج صندوق النقد الدولي، لأن المسؤولية ستكون مباشرة في يد رئيس الجمهورية، عكس ما كان عليه الوضع في دستور 2014، عندما كان الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية هو من يعين الحكومة".

ويعتبر أستاذ الاقتصاد أن "الطريق مفتوح أمام قيس سعيد الذي تحدث عن جمهورية جديدة تتطلب بالضرورة ابتكار مقاربات اقتصادية واجتماعية جديدة، تقطع مع المقاربة المحاسباتية التي تم اعتمادها لسنوات، والتي تقوم على سردية التقليص من الدعم والضغط على الأجور، وهو ما أنهك القدرة الشرائية للمواطن، وأسهم في ارتفاع التضخم".

ودعا الشكندالي إلى "توظيف فريق تفاوض قوي مع صندوق النقد الدولي، لإقناعه بالسياسات الاقتصادية الجديدة لتونس، من أجل تحريك عجلة النمو وتحسين تموقع تونس في الوكالات الدولية ولدى الجهات المانحة".

وخلص أستاذ الاقتصاد إلى أن "العشرية السوداء دخلت في الماضي، والمسؤولية ملقاة اليوم على عاتق رئيس الجمهورية، من أجل إيجاد الحلول العاجلة للأزمات المستفحلة"، محذراً من "ارتفاع منسوب الاحتقان وتآكل شعبية قيس سعيد".

تونس دخلت دوامة عدم الاستقرار 

في المقابل، يقول الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، "التونسيون قاطعوا مسار قيس سعيد، ورفضوا المشاركة في الاستفتاء، وذلك من خلال ما تبينه الأرقام الرسمية التي أعلنتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي نصبها رئيس الجمهورية، والتي بينت أن ثلث الجسم الانتخابي فقط من أيد مشروع الدستور الجديد، بينما 75 في المئة من الناخبين التونسيين قاطعوا المسار ولم يشاركوا في الاقتراع". 

ويؤكد الشابي أن "تونس دخلت في دوامة عدم الاستقرار المؤسساتي والدستوري، وهو ما سيعمق من أزمة البلاد الاقتصادية والاجتماعية، وسيضعف من قدرتها على مواجهة هذه التحديات"، مشيراً إلى أن "القيادة الحالية للدولة لا تفقه في الشأن الاقتصادي، ولا تملك الحلول لمختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يضاف إلى ذلك الانسداد في الآفاق السياسية وعدم الاستقرار الدستوري، وهو ما سيضعف علاقة الدولة بالشعب التونسي، وعلاقة الدولة بشركائها في الخارج".

وحمل الشابي رئيس الجمهورية "مسؤولية الوضع في تونس"، معتبراً أن "الحل في الذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، بعد تنقية المناخ السياسي والاتفاق على قانون انتخابي ديمقراطي، في إطار دولة تقوم على توازن بين السلطات، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية".

المزيد من تقارير