Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كتائب طرابلس تفتح "قنوات حوار" لكن الخلافات تعرقلها

غياب أطراف بارزة في النزاع المسلح عن طاولة النقاش يؤكد أنه لا توافق بين المجتمعين

الكتائب توصلت لاتفاق يجري بموجبه سحب جميع التمركزات العسكرية من مناطق التماس غرب العاصمة (أ ف ب)

للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، فتحت الكتائب المسلحة بغرب ليبيا قنوات للحوار في ما بينها بعيداً من ساحات القتال، في محاولة أخيرة لتجنيب العاصمة طرابلس ويلات حرب ضارية ظهرت مؤشراتها وتواترت خلال الأسابيع الماضية، مع تراكم الحشود العسكرية على أطراف المدينة، بين قوات موالية لرئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة ومنافسه على المنصب فتحي باشاغا.

وعلى الرغم من أن الخطوة لاقت ترحيباً حذراً من أطراف كثيرة بالبلاد، فإن غياب أطراف بارزة في النزاع المسلح عن طاولة الحوار وتصريحات لأبرز القادة العسكريين الموالين لباشاغا ورئيس الاستخبارات العسكرية المقال بقرار من الدبيبة، قبل أشهر قليلة، أسامة الجويلي، مدد بقاء طرابلس تحت تهديد صراع مسلح جديد، يخشى أن يكون أعنف من كل ما مر عليها في الأشهر الماضية.

اتفاق على التهدئة

قال قادة عدد من الكتائب العسكرية في مناطق طرابلس ومصراتة والزاوية والزنتان، إنهم "توصلوا إلى اتفاق مبدئي يجري بموجبه سحب جميع التحشيدات والتمركزات العسكرية من مناطق التماس غرب العاصمة، وعدم الانجرار إلى الاقتتال، وتولي عناصر مديريات الأمن التابعة لوزارة الداخلية مهمة التمركز في هذه المناطق".

واتفق قادة الكتائب على عقد اجتماع آخر، الأسبوع المقبل، للاتفاق على ترتيبات جديدة، وسط أنباء عن خلافات بينهم على عدد من النقاط أدت إلى عدم التوقيع على اتفاق مكتوب يجبر كل الأطراف على الالتزام بما يتضمنه من تعهدات.

وعاشت طرابلس ليلة دامية، نهاية الأسبوع الماضي، على وقع اشتباكات عنيفة بين قوات "جهاز الردع" و"كتيبة ثوار طرابلس" وسط أحياء سكنية، أسفرت عن سقوط 28 شخصاً بين قتيل وجريح.

خلافات واسعة

في السياق، يرى مراقبون أن عدم تلاوة بيان ختامي لاجتماع قادة الكتائب المسلحة في غرب ليبيا، يتضمن سرداً لنقاط الاتفاق الذي أعلنوا عنه، دليل واضح على عدم وجود اتفاق حقيقي.

وتعززت هذه الشكوك بعد أن بدأت التسريبات تكشف عما دار في كواليس الاجتماع بين قادة الكتائب المسلحة التابعة للدبيبة واللواء المقال من جهاز الاستخبارات العسكرية الليبية أسامة الجويلي، الذي صرح بعدم التوصل إلى اتفاق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت مصادر عسكرية وصحافية متطابقة في طرابلس، إن "الاجتماع شهد غياب كتائب بارزة لعبت أدواراً محورية في النزاعات المسلحة الأخيرة بالعاصمة مثل (قوة الردع) و(اللواء 444 قتال)، بسبب تأكيدهم أن قواتهم محايدة لا تتبع الدبيبة ولا باشاغا".

وقالت المصادر ذاتها إن "الجويلي طلب مغادرة الدبيبة بشكل سلمي لتجنيب طرابلس الحرب، بسبب انتهاء ولايته وفق القانون واتفاق جنيف، وطلب اجتماعاً آخر مع قوى مسلحة من طرابلس ومصراتة، للخروج برأي جامع ضد حكومة الدبيبة".

وخلص الاجتماع، بحسب هذه التسريبات، إلى "الاتفاق على اجتماع جديد الأسبوع المقبل، مع التشديد على منع أي تصعيد في طرابلس خلال هذه الفترة، وضرورة إيجاد حل لصراع السلطة التنفيذية بالتنسيق مع مجلسي النواب والدولة".

الجويلي يؤكد الإشاعات

الإشاعات التي تناقلتها مصادر صحافية وعسكرية كثيرة في طرابلس، أكدها القيادي العسكري الموالي لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا أسامة الجويلي، الذي قال إنه "أكد خلال اجتماعه مع عدد من قادة التشكيلات المسلحة رفضه المطلق لمبدأ استخدام القوة أو التمسك بالسلطة أو الوصول إليها بقوة السلاح".

وحمل الجويلي حكومة الدبيبة مسؤولية التوتر الذي تشهده المنطقة الغربية حالياً، واصفاً إياها بـ"الفاقدة للشرعية والولاية القانونية منذ تاريخ منح الثقة لحكومة باشاغا، ونحن ندافع عن مبدأ التداول السلمي للسلطة، وقد نضطر مكرهين لاستخدام القوة لتأمين عمل الحكومة المكلفة من البرلمان".

وأضاف، "الحاضرون طالبوا بخفض التصعيد إلى حين الاجتماع المقبل ووافقنا على ذلك"، لكنه قال إن "مجموعات مسلحة تابع للدبيبة منعت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا من ممارسة عملها من العاصمة طرابلس، ومن رفض تسليم السلطة بطريقة سلمية يتحمل مسؤولية أي دم قد يراق نتيجة لذلك".

وتساءل الجويلي، "كيف سنصل للانتخابات ما لم نمارس ضغوطاً على الجميع للوصول إلى هذا الهدف؟ بهذه الطريقة لن نصل لها ولو بعد 100 عام، مع استمرار رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة في تقديم المبررات للتمسك بالسلطة".

الكرة في ملعب الدبيبة

المتحدث الرسمي السابق باسم مجلس الدولة السنوسي إسماعيل علق على تصريحات الجويلي، بقوله إن "الجويلي دعا حكومة الوحدة الوطنية إلى تسليم مهامها، ورمى الكرة في ملعب الدبيبة، وما سيحدث سيكون من مسؤولية الحكومة المنتهية ولايتها بالكامل".

في المقابل، انتقد وزير الثقافة الأسبق الحبيب الأمين تصريحات الجويلي، مخاطباً إياه بقوله "لست وصياً ولا سياسياً ولا مكلفاً بشرح وتفسير وتعريف الدولة المدنية، وتبني رأي خلافي تناصره وتفرضه بقوة السلاح". وتساءل "أين الدولة المدنية التي تتحدث عنها مع كل ما تملك من أرتال مسلحة تسمح لك باستخدام لغة التهديد هذه؟".

ورأى الأمين أن "حل الأزمة المزمنة الحالية يكمن بإزاحة الكل وعقد انتخابات عاجلة، لا في حل يفرضه عسكري متغطرس، كلامك مرفوض".

مسؤولية المجتمع الدولي

المحلل السياسي عز الدين عقيل، حمل المجتمع الدولي المسؤولية كاملة تجاه ما تشهده ليبيا من انفلات مسلح وفوضى أمنية، وقال إن "النزاع المسلح في ليبيا صناعة مجلس الأمن والأمم المتحدة وحلف الناتو".

وأشار عقيل إلى أن "التحالف الذي سمي (فجر الأوديسا) سبب إسقاط الدولة الليبية، والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما أشار في مذكراته إلى أنه ارتكب خطأ كبيراً بمسايرة بعض الأطراف في إسقاط الدولة الليبية سقوطاً مريعاً تبعاته تظهر الآن".

واعتبر أن "الجماعات المسلحة بمثابة أجنحة يستخدمها كل طرف، سواء من الأطراف الإقليمية أو الدولية وبعض الأطراف المحلية التي تدير حرب الوكالة الداخلية، وما يجري اليوم يتحمّل مسؤوليته الإنجليز والأميركان والروس، الذين هشموا انتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021 فوق رؤوس الليبيين بعد استعداد الشعب لها بشكل كامل".

تأجيل المحادثات العسكرية

ما شهدته وتشهده طرابلس في الأيام الأخيرة من توتر عسكري ألقى بظلاله على المسار العسكري الليبي، الذي شهد اتفاقاً مبدئياً مفاجئاً قبل أيام قليلة بين أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" على توحيد الجيش وقيادته، عقب زيارة هي الأولى لوفد عسكري من بنغازي إلى العاصمة.

وتسببت التطورات في العاصمة بتأجيل زيارة مرتقبة لوفد رئاسة الأركان في طرابلس إلى بنغازي لحسم مسألة تعيين قيادة موحدة للجيش.

وقال عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي إن "تأجيل زيارة رئيس الأركان العامة بالمنطقة الغربية الفريق أول محمد الحداد إلى بنغازي يرجع لانشغاله بمتابعة الوضع الأمني في العاصمة، بما في ذلك الاضطرابات الأخيرة بمحيط مطار طرابلس الدولي".

وأضاف العرفي أنه "يتوقع أن يزور الحداد بنغازي في وقت لاحق لاستكمال الترتيبات المتعلقة بالمؤسسة العسكرية، وتقديم الدعم اللازم للجنة المشتركة 5+5 لتنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق العسكري".

المزيد من متابعات