Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ألهمت أزمات الحكومة البريطانية الشاشة؟

استقالة جونسون بدت وكأنها دعاية مجانية لمسلسل "تحليل فضيحة" الذي يأتي ضمن قائمة أعمال تكشف خفايا سياسة المملكة المتحدة

استعرض مسلسل "تحليل فضيحة" نهاية مسيرة سياسي بريطاني ناجح بعد كشف سجل جرائمه الصادم (أ ف ب)

لا يزال السباق لخلافة بوريس جونسون على مقعد رئيس وزراء إنجلترا مشتعلاً، فبعد استقالة اضطرارية في السابع من يوليو (تموز) الحالي، لم تهدأ العناوين ولا التصريحات، وكذلك الحركة داخل الغرف المغلقة، على خلفية الأزمة التي اتهم بسببها بالكذب في أمور تتعلق بأموال تجديد شقته، وأيضاً في ما يخص تجاوزه إجراءات مكافحة كورونا، وتورطه في حفلات جماعية في أثناء الحظر.

قبل هذا التوتر الذي جعل جونسون خامس رئيس وزراء بريطاني على التوالي يغادر منصبه مستقيلاً بوقت قصير، كان العالم على موعد مع مسلسل إنجليزي سرد فضائح صادمة في مقر رئاسة الوزراء أيضاً هو "Anatomy Of A Scandal - تحليل فضيحة" في موسمه الأول على "نتفليكس".

العمل الذي كان قوامه الخيال البحت استمد بطريقة مراوغة بعض الأحداث التاريخية والمتعلقة ببعض المجموعات في جامعة أكسفورد. لكن ظلّ المسلسل المأخوذ عن كتاب لسارة فوغان مجرد تصورات. لكن إلى أي مدى هي بعيدة أم قريبة من الواقع؟

فضائح سياسية وأخلاقية

مؤلفة الكتاب الأصلي سارة فوغان، استلهمت أحداثه من عملها مراسلة تغطي أخبار السياسة الصاخبة، فهي على دراية بكواليس لم يُكشف عنها على نطاق واسع، استفادت منها في صنع قصة مشوّقة، فمن يمكنه مقاومة متابعة حكاية بطلها وزير في حكومة المملكة المتحدة متهماً بالاغتصاب والعنف الجنسي!

الفضائح الأخلاقية في عالم السياسة دوماً تجد جمهورها النهم، سواء على أرض الواقع أو حتى في ما يتعلق بسيناريوهات الدراما، فالقضايا السيئة السمعة لا تسقط بالتقادم في دوائر صناعة القرار بالعالم، حيث يتابع المشاهد على مدار ست حلقات في "Anatomy Of A Scandal  ـ تحليل فضيحة"، سيناريو ميليسا جيمس جيبسون وديفيد كيلي، شداً وجذباً وتربصاً يذكّر كثيراً بالضغوط والتراشق الذي يسيطر على المشهد السياسي البريطاني حالياً، وكأن الوضع الحالي بمثابة دعاية مجانية لعمل فني انطلق عرضه قبل وقت قصير من ذروة انفجار الأزمة، على الرغم من اختلاف القضيتين، لكن تبقى الأجواء متشابهة ومتشابكة.

الوزير جيمس وايتهاوس (روبرت فريند) يجزم ببراءته من تهمة ممارسة العنف الجنسي ضد باحثة شابة في مكتبه أوليفيا ليتون (نعومي سكوت)، ويسعى لتوطيد علاقته بزوجته سيانا ميلر (صوفي وايتهاوس) وطفليه الصغيرين، ليحافظ على الصورة البراقة للعائلة المثالية التي صدّرها للجماهير.

وعلى الطرف الآخر تجتهد محامية الدفاع كيت وودكروفت (ميشيل دوكري) لإدانته، وحتى حينما يعترف بأنه كان على علاقة سرية مع الموظفة التي تقاضيه، تدفع بحجة أخرى، وهي أن العلاقة الجسدية محل النقاش حدثت من دون رضا الطرف الآخر، وهو ما يجرّمه القانون الإنجليزي حتى في إطار الزواج الرسمي منذ عام 1991 ما يسمّى بـ "الاغتصاب الزوجي".

التضامن مع شريك الجريمة

يبدو رئيس الوزراء توم ساوثرن (جيوفري ستريتفيلد) في "تحليل فضيحة" الذي يخرجه س ج كلاركسون، متعاطفاً مع صديقه القديم، ويرفض التخلي عنه حتى حينما يتعرض للضغط من وسائل الإعلام، وفي مواجهات ومبارزات مجلس العموم الطاحنة، فصول الأزمة تتصاعد، ومعها نعلم أن المحامية هي بالأساس ضحية اغتصاب للوزير الوسيم، حيث كانت زميلته بجامعة أكسفورد وصديقة قديمة لزوجته الحالية.

وعلى رغم تبرئة الوزير، لكن العدالة تتحقق بشكل آخر، حيث يشير العمل إلى صعود نجمة حركة "أنا أيضاً" المعنية بملاحقة المتورطين في العنف ضد النساء، ويسقط السياسي الذي كان واعداً، بسبب سجل جرائمه السري، من خلال جرائم تتعلق بتاريخه في مخالفة القانون قبل سنوات طويلة حينما انخرط في مجموعات تورّطت في جرائم جنسية وجرائم قتل، في أثناء نشاطه في نادي للنخبة يضم مجموعة من الطلبة في الجامعة.

ومما بدا وكأنها محاكاة للنادي الشهير الذي عُرف في القرن الثامن عشر بأكسفورد، وكان شريكه الدائم هو رئيس الوزراء الذي يظهر وهو يخرج من 10 داونينغ ستريت بصحبة الشرطة، وتتسابق الكاميرات على تسجيل انفعالاته في تلك اللحظة، التي لم يتوقعها أبداً.

أزمات 10 داونينغ ستريت على الشاشة

وبخلاف عشرات القصص الواقعية، التي أعادت سردها الدراما سواء في أفلام أو مسلسلات شهيرة، وبينها "ذا كراون وبيكي بلايندرز"، فإن هناك حكايات خيالية تناولت الأوضاع بين أعضاء الحكومية الإنجليزية، بخاصة في الحلقات التلفزيونية البريطانية، التي تبدو أكثر رحابة في ما يتعلق بتقديم قصص متنوعة ومسلية في عالم السياسة تناسب جمهور هذا الوسيط، وبينها "The Thick of it" العمل الذي عرض على مدار أربعة أجزاء منذ عام 2005 وحتى 2012.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهو المسلسل الذي للمفارقة ارتبط اسمه بحقبة رئيس الوزراء المستقيل من حزب المحافظين بوريس جونسون، وذلك بسبب تعدد خلافاته مع وزراء حكومته، ومحاولة أحد وزرائه الدفاع عنه بعبارة أثارت الجدل والسخرية، وهي "رئيس الوزراء ليس مهرجاً"، الأمر الذي أشعل التغريدات حينها لتتهم إدارة جونسون بأن سياستها تشبه ما كان يجري ضمن أحداث مسلسل "The Thick of It"، وهو عمل هزلي حقق شعبية كبيرة بسبب الحس الكوميدي العالي في الحوار الذي كان يجري بين أعضاء الحكومة الإنجليزية المتخيلة، الذي ركز بدوره على فضائح سياسية عدة، واستعرض معاناة رئيس الوزراء في إرضاء الجهات التنفيذية ووسائل الإعلام، وبدا مرتبكاً في سياسته مع فريقه الذي كان بدوره لديه مشكلات وأزمات عدة.

والعمل من تأليف وإخراج أرماندو يانوتشي، حيث يحمل خطاً كوميدياً لافتاً، لكنه يلمس كثيراً من الأزمات السياسة الواقعية التي عايشها المواطنون كذلك.

مسلسل آخر قديم نسبياً هو "Yes Minister" يعتبره كثيرون واحداً من أبرز المسلسلات السياسية التي تناولت كواليس ما يجري في الحكومة، حيث بدأ عرضه عام 1980 عبر "بي بي سي"، وهو من تأليف أنتوني جاي، ويصنف على أنه نقد سياسي لاذع، حيث يستعرض الكواليس الساخنة للسياسة الإنجليزية الرصينة إجمالاً، ويعتمد الأسلوب الفكاهي الخفيف في كثير من مشاهده.

وحقق العمل الخيالي شعبية كبيرة، وعلى رغم مرور كل تلك السنوات، لكنه لا يزال متصدراً قائمة أشهر الأعمال التلفزيونية التي سخرت بطرافة من قرارات رئاسة الوزراء، ومن المؤامرات والمواءمات التي تتحكم في العلاقة بين الوزراء.

فيما ركز مسلسل "بودي غارد" على تواطؤ بعض المسؤولين مع المتطرفين من أجل تحقيق مصالح بعينها، وإذا كان العمل الذي ناقش أسلوب عمل الحكومة الإنجليزية إبان أزمات الاغتيالات والطوارئ المهددة للحياة من خلال قصة الحارس الخاص لوزيرة الشؤون الداخلية، يستند إلى خيال صناعه، لكنه تناول بدقة كيفية عمل المنظومة الأمنية في هذا العالم، بخاصة في ظل صعود اليمين المتطرف.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة