Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يجني المغرب من مشاركته في قوات حفظ السلام بأفريقيا؟

تتواجد في الكونغو بالنظر إلى الارتباطات التاريخية والسياسية بين البلدين

يصل عدد الجنود المغاربة الذين يشاركون في مهام الأمم المتحدة ضمن "القبعات الزرق"  إلى أكثر من 1600 جندي (أ ف ب)

لم يكد يمر شهر واحد على وفاة جنديين مغربيين ينتسبان إلى كتيبة القوات المسلحة الملكية العاملة ضمن بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى (مينوسكا)، حتى قُتل جندي مغربي آخر الثلاثاء 26 يوليو (تموز) الحالي في الكونغو الديمقراطية، كما أصيب 20 جندياً مغاربياً أيضاً بجروح.

وكان بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة المغربية قد ذكر بأن جندياً تابعاً للكتيبة العسكرية المغربية المنتشرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مينوسكا)، توفي متأثراً بجروحه الناجمة عن إطلاق نار، خلال هجمات لمسلحين على عدد من المواقع التي تنتشر فيها الكتيبة المغربية، مستغلين تظاهرة عنيفة للسكان المحليين ضد تواجد بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو.

ووفق القيادة، تسببت هذه الهجمات أيضاً بإصابة 20 جندياً يعملون في صفوف كتيبة القوات المسلحة الملكية على مستوى موقع "نياميليما" بجروح طفيفة، والذين تم التكفل بهم على الفور، على أن يعود جثمان الجندي لاحقاً إلى أرض المغرب ودفنه في جنازة رسمية.

تفاعلات مجلس الأمن والأمم المتحدة

وتفاعلت الأمم المتحدة مع حادثة مصرع الجندي المغربي من "القبعات الزرق"، من خلال تقديم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعازيه رسمياً إلى أسرة الضحية والحكومة المغربية، واعداً بإطلاق تحقيق بشأن ملابسات الحادث.

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن "أي هجوم موجه ضد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قد يشكل جريمة حرب"، داعياً السلطات الكونغولية إلى "التحقيق في هذه الأحداث وتقديم المسؤولين عنها فوراً إلى العدالة".

ودان أعضاء مجلس الأمن الدولي بدورهم، الهجمات الأخيرة على بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو، والتي خلفت ثلاثة قتلى من "القبعات الزرق"، من بينهم جندي مغربي.

ودعا الأعضاء السلطات الكونغولية إلى فتح تحقيق سريع في هذه الهجمات وتقديم الجناة إلى العدالة، وإبقاء البلدان المساهمة بالقوات والشرطة على علم بالتقدم المحرز تماشياً مع القرار 2518 (2020) لمجلس الأمن.

وفي الشهر المنصرم، توفي جنديان مغربيان من القوات الأممية بجمهورية أفريقيا الوسطى، والتي تتواجد بها قوات حفظ السلام الأممية منذ ثماني سنوات بجنود يتجاوز عددهم 14 ألف جندي، و3000 شرطي. كما توفي في حوادث سابقة جنود مغاربة ضمن بعثات "القبعات الزرق" لدى تأدية مهامهم العسكرية في أفريقيا، وتفيد معطيات بأن عدد الجنود المغاربة الذين يشاركون في مهام الأمم المتحدة ضمن "القبعات الزرق" يصل إلى أكثر من 1600 جندي، ما يضعهم بالرتبة 14 بين التشكيلات العسكرية العالمية، والرتبة الثانية في منطقة "مينا" (شمال أفريقيا والشرق الأوسط).

شيات: ماذا يجني المغرب؟

ويعلق خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة وجدة (شرق المغرب)، على الموضوع بالقول إنها ليست المرة الأولى يسقط فيها جندي مغربي تابع لقوات حفظ السلام الأممية، مشيراً إلى الرتبة 14 للمغرب بين الدول المشاركة بالجنود والعتاد، ويضيف شيات  أن "المغرب يحرص على مسألة السلام الدولي، كمنهج أساسي يتبناه في العلاقات الدولية"، مبرزاً أن مناطق عدة في القارة والعالم لا تخلو من مشكلات متعددة تحتاج إلى قوات أممية على الرغم من الإكراهات اللوجستية والمالية التي تعترض الأمم المتحدة في هذا الصدد، ولفت إلى أن نصف القوات العسكرية المغربية التابعة لـ "القبعات الزرق" الأممية تتواجد في الكونغو، بالنظر إلى الارتباطات التاريخية والسياسية بين البلدين، ما يجعلها كثيرة الحضور في هذا البلد، ما يفسر مقتل جندي وإصابة العديد من الجنود الآخرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورداً على سؤال "ماذا يجني المغرب من مشاركة قواته العسكرية في مهمات حفظ السلام الأممية في أفريقيا؟ يرى شيات أن "المغرب لا يجني عائداً مباشراً، لكنه في المقابل يراهن على توفير قدر من السلام في العلاقات بين الدول الأفريقية، ويكمل الأستاذ الجامعي أن المغرب يستخدم هذا السلام في إنعاش الاقتصاد، كما أنه يراهن على أن يكون السلام قاعدة أساسية في العلاقات بين الدول الأفريقية، وذهب المتحدث ذاته إلى أن المغرب ينسجم مع طرحه الاستراتيجي القائم على الانفتاح الاقتصادي المبني بدوره على أسس من الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلدان الأفريقية، لأن ذلك يعود بالنفع على هذه الأخيرة، كما يفيد أيضاً المغرب، وهو ما يمكن تسميته بعلاقات "رابح رابح" أو المنافع المشتركة، وخلص إلى أنه إلى جانب المشاريع الاقتصادية والتجارية والاتفاقيات مع دول أفريقية، فإن الرباط تعول أيضاً على التعاطي الإنساني مع القارة السمراء، باعتبار أن الإنسان هو محور كل تنمية منشودة.

أولاد مولود: مقاربات متعددة

من جهته، قال عبد الواحد أولاد مولود، الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الأفريقية، إن المجهودات التي تقوم بها الكتيبة المغربية لا تقتصر على المجال الأمني، بل تتجاوز ذلك إلى تقديم المساعدات للسكان، وتقريب الخدمات الطبية منهم عبر المستشفيات العسكرية التابعة للأمم المتحدة، وتابع أن المغرب يحرص على التواجد بقوة في جهود إرساء الأمن والسلام في القارة السمراء، ومن ذلك مساهمته الوازنة في التحالف ضد تنظيم "داعش" داخل أفريقيا، ولفت إلى أن "المغرب يستجيب لخطط الأمم المتحدة في حفظ السلام ناهجاً مقاربات متعددة في هذا السياق، منها المقاربة الأمنية والمقاربة الاجتماعية والسوسيو اقتصادية"، مشيراً إلى أن الكتيبة المغربية لا تكتفي بالجنود بل تدمج الخبرة العسكرية مع تقديم العمل الإنساني والطبي أيضاً لسكان أفريقيا، ووفق المتحدث نفسه، الخسائر في الأرواح التي تتكبدها القوات المسلحة المغربية في إطار "القبعات الزرق"، لم تمنع المملكة من الاستجابة للأمم المتحدة التي ما فتئت تعترف بقدرة المغرب على إرساء جسور السلم والأمن داخل القارة السمراء، وذهب أولاد مولود إلى أن المغرب لا يعتمد على مقاربة انفرادية بل يمزج بين جميع المقاربات بغية حفظ السلام بتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، فهناك مقاربة أمنية ومقاربة استخباراتية ومقاربات أخرى تتيح له التواجد بقوة مؤثرة في أفريقيا.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير