Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مع تخطي الحرب في أوكرانيا يومها الـ150 ما الذي يخبئه المستقبل؟

يقول القادة الأوكرانيون إن الأسلحة الغربية تحدث فرقاً كبيراً في القتال، لكنهم لا يتوقعون نهاية وشيكة للعنف

جندي أوكراني يقف في عربة نقل المشاة في كراماتورسك في شرق أوكرانيا (أ ف ب/غيتي)

مع هبوط الظلام في نهاية يوم صيفي حارق آخر في دونباس، يعطي الكابتن أولكسندر رادشينكو أوامره لوحدته بفتح النار من راجمة الصواريخ "أم 142 هيمارس" M142 Himars، فتنطلق 6 صواريخ من مؤخرة مركبة من نوع "أم 1140" M1140 وسط موجة من رذاذ اللهب البرتقالي على وقع هتافات حماسية من أفراد القوات الأوكرانية.

ثم تُسمع هتافات أعلى من الأولى عندما تصيب الصواريخ الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي أس) من عيار 227 ملم هدفها، وهو مدفع هاوتزر روسي ذاتي الحركة من نوع S19 Msta2، كانت القوة الروسية تستعمله لمهاجمة القرى الواقعة حول ليمان وسلوفيانسك طيلة أسابيع، ما أسفر عن مقتل أشخاص وإصابة آخرين وتدمير ممتلكات. وأخيراً صار بوسع الأوكرانيين الآن أن يردوا.

وصل معدل الإصابات في الوقت الحالي بين القوات الأوكرانية في شرق البلاد حداً مروعاً، إذ يلقى ما يزيد على 100 جندي مصرعهم فيما يُصاب حوالى 350 آخرين بجروح يومياً. ومن أصل الجنود التسعة الذين التقينا بهم في مدينتي سيفيرودونتسك وليسيتشانسك خلال فترة ثلاثة أيام، قُتل أربعة وأُصيب اثنان آخران في وقت لاحق.

يقول لنا الأوكرانيون مراراً وتكراراً إن [الروس] يتفوقون عليهم من حيث العتاد، وبأنهم يتعرضون للقصف من مسافة بعيدة وخارج نطاق مدفعيتهم وصواريخهم. وتأتي نداءات المساعدة العاجلة للغاية من أولئك الذين نجوا من القصف ولا يزالون يقاتلون، ومن الآخرين الذين أصيبوا بجروح ويجري إجلاؤهم، ومن عائلات هؤلاء الذين قتلوا.

أصيب بوغدان19 سنة، وهو جندي في مشاة البحرية بجراح في ظهره بسبب شظايا تعرض لها خلال اشتباكات عنيفة بالقرب من قرية بوهوروديشني استغرقت ساعات وسقط خلالها بعض رفاقه قتلى.

ويقول بوغدان "القصف وحشي، إنهم يركزون على هدف ويواصلون دكه بالقذائف جولة بعد أخرى، وتصبح مواجهة ذلك في غاية الصعوبة، إنهم يطلقون كثيراً من القذائف على مواقعنا قبل أن يتقدموا، ونحن ببساطة لا نملك ما يكفي من الأسلحة للتصدي لذلك، ولذا فإننا نخسر كثيراً من القتلى والجرحى، وما لم نحصل على أسلحة حديثة فإن كثيراً منا سيقتلون والأمر بهذه البساطة".

ولدى الكابتن راديشنكو الذي يخدم في كتيبة متطوعين، وكان يتحدث بعد يوم من القتال في ليسيتشانسك حيث شهد مقتل أحد رجاله وإصابة خمسة آخرين منهم بجراح، رسالة مماثلة.

 

يريد الكابتن أن يشير إلى أن الاستنزاف يُحدث أثراً نفسياً وجسدياً عميقين. ويضيف "كم يمكنك أن تبقى على هذه الحال؟ إن هؤلاء جميعاً شباب. هل من العدل أن تتركهم يواجهون هذه الهجمات ما لم يكن لديهم فرصة للقتال؟"

وإضافة إلى النقص في الأسلحة بعيدة المدى، هناك شح حاد في الذخيرة. وكنا نرى في مناسبات عديدة كيف أن رد الجنود الأوكرانيين بعد كل عشر جولات من القصف الروسي الذي يستهدفهم، كان يقتصر على ثلاث أو أربع جولات. وتظهر الأرقام الرسمية طبقاً لكييف بأن الأوكرانيين يطلقون حوالى 6 آلاف قذيفة في اليوم بالمقارنة مع 20 ألف قذيفة يطلقها الروس.

وقد وضع الروس قبضتهم على كل من سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك، الأمر الذي سمح لهم بالسيطرة على مقاطعة لوغانسك. وتستعد قوات الكرملين الآن لشن هجوم في محاولة للسيطرة على ما تبقى من دونباس.

لكن في الوقت نفسه، تتواصل إمدادات المدفعية والصواريخ الغربية بأعداد أكبر لتتيح الفرصة للأوكرانيين بالمقاومة. وإلى جانب 12 راجمة صواريخ أميركية وبريطانية من نوع هيمارس، هناك مدافع هاوتزر أميركية من عيار 155 ملم وفرنسية من نوع قيصر، ومزيد من صواريخ جافلين وميلانو ونلاو المضادة للدبابات فضلاً عن صواريخ ستينغر المضادة للطائرات.

ومن المقرر أن ترسل الولايات المتحدة طائرات مسيرة "انتحارية" من طراز Phoenix Ghost إلى أوكرانيا، كما يُنتظر وصول مزيد من طائرات بيرقدار التركية المسيرة. وقد أعطى مجلس النواب الأميركي الإذن بإنفاق 100 مليون دولار (حوالى 83 مليون جنيه استرليني) لتدريب طيارين أوكرانيين على قيادة طائرات حربية متطورة، ما يفتح الباب على احتمال توفير مقاتلات "أف "15 و"أف "16 من أجل استخدامها في الصراع الدائر حالياً.

 

وستساعد الأشهر القليلة المقبلة على اتخاذ القرار بشأن قدرة هذه الأسلحة الغربية على المساعدة في تغيير مسار الحرب. ومن المرجح أن تشتمل المرحلة المقبلة من الهجوم الروسي على محاولة للاستيلاء على المدن المتبقية [التي لم تسيطر عليها موسكو بعد] في المنطقة.

وتتمتع سلوفيانسك على وجه الخصوص بأهمية استراتيجية ورمزية. وتعد إلى جانب جارتها مدينة كراماتورسك عاصمة الإقليم، المفتاح لسيطرة روسيا على الشرق.

ويتواجد الروس حالياً على بعد 10 أميال (16 كلم) فقط من سلوفيانسك. وهذا هو المكان الذي اندلع فيه تمرد عام 2014، ما أدى إلى تشكيل"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين". وقد راقبت الوضع حينذاك فيما كان الانفصاليون المسلحون والمدربون بشكل جيد يسيطرون على مقر قيادة الشرطة ومبنى البلدية ومكاتب جهاز الاستخبارات الأوكرانية خلال عطلة نهاية الأسبوع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان ذلك يذكر على نطاق أصغر بكثير، بماذا كنا قد شاهدناه قبل بضعة أشهر، وهو الاستيلاء على شبه جزيرة القرم من قبل "الرجال الخضر الصغار" الروس الذين كانوا قد ظهروا فجأة من حيث لا تدري ليضعوا يدهم على المكان.

لن ينتهي الصراع في المستقبل القريب في دونباس، وهي أرض صعبة مليئة بمناجم الفحم ومصانع الحديد الصلب. وهو صراع لئيم وشخصي، فقد فرق بين المجتمعات وحتى بين العائلات التي صارت تقف ضد بعضها بعضاً.

عندما توفي ليونيد غوباروف وهو يقاتل الانفصاليين، ومُنح بعد مقتله وسام "بطل أوكرانيا"، كان والده على الخط الأول يقاتل في صفوف الجانب الآخر. ويحكي أنطون دياتشينكو، وهو مدفعي في ليسيتشانسك، عن الأخ غير الشقيق الذي ترعرع معه ويخدم حالياً في قوات "جمهورية دونيتسك الشعبية". ويحدثني بوغدان، وهو جندي مشاة البحرية المصاب عن محاولاته للوصول إلى والدته وأخته بنت الـ15 سنة، العالقتين في منطقة الانفصاليين في لوغانسك.

 

وبعدما تركز الصراع لمدة شهرين في الشرق، ها هو ينتشر من جديد باتجاه أجزاء أخرى في البلاد. وأسفرت سلسلة من الهجمات بالصواريخ على فينيتسا وخاركيف ودنيبرو وميكولايف عن مقتل العشرات من المدنيين. وأعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، عن تكثيف الهجمات "في كل القطاعات العملياتية". وجاء هذا الأمر في أعقاب تعرض مراكز روسية للوجيستيات والذخيرة لـ30 هجوماً شنها الأوكرانيون بواسطة الأنظمة الصاروخية الغربية.

ولن يتوقف الأوكرانيون عن ضرب هذه الأهداف فهذا تكتيك فعال للغاية. وليس هناك من مؤشرات إلى أن روسيا ستكف عن شن هجماتها هي الأخرى، التي استمرت بشكل شبه يومي. وأعلن فلاديمير بوتين أخيراً أنه يعتزم تصعيد الحرب. وقال "يجب أن يعرف الجميع أننا بشكل عام لم نبدأ مرحلة الجد بعد".

ولكن في الواقع، كانت عملية روسيا المتعلقة بغزو أوكرانيا واحتلالها بمثابة محاولة جادة للغاية، وهي محاولة تواجه الفشل، وهذا لا يفاجئ موسكو فحسب، بل أيضاً خصومها في حلف شمال الأطلسي "ناتو".

في الساعات الأولى من يوم 24 فبراير (شباط) وحين كنت في كييف وعايشتُ الضربات الصاروخية الروسية الأولى، بدا الأمر كما لو أنه مسألة وقت فقط قبل سقوط العاصمة. الدفاعات الجوية الأوكرانية تمكنت من إسقاط عدد كبير من الصواريخ التي أطلقها الروس، لكن صواريخ أخرى استطاعت أن تخترق الدفاعات لتضرب عمارات سكنية وتدمر منازل وتقتل وتصيب نساء ورجالاً من الشباب والكبار في السن.

 

توجهت قافلة عسكرية روسية طولها 40 ميلاً (64.4 كلم) في اتجاهنا. وحذر سياسيون وخبراء عسكريون غربيون من أن مصيراً رهيباً كان بانتظارنا. فالعاصمة الأوكرانية ستُسوى بالأرض وتغدو مثل غروزني في أعقاب حرب الشيشان قبل عشرين عاماً. وإذ اقتربت قوات موسكو أكثر وباتت على بعد حوالى 20 ميلاً (32.2 كلم) من وسط المدينة، بدا ذلك احتمالاً واقعياً.

واندلع قتال شرس في البلدات والقرى خارج كييف، وأصبح إعداد تقارير إخبارية عن القتال صعباً ومحفوفاً بالمخاطر. وقتل خمسة صحافيين في أسبوع واحد. ووجدت نفسي أنا وزملائي عالقين في خطوط القتال فيما كنا نحاول تغطية ما كان يجري في بلدات مثل إربين، وبوتشا، وهوستوميل، وماكاريف.

كان الروس يقومون بهجمات على جبهات متعددة. وكانت خاركيف بصورة خاصة عبارة عن جائزة مرغوبة. وكان 74 في المئة من سكان خاركيف، وهي ثاني أكبر مدن أوكرانيا الواقعة على بعد حوالى 19 ميلاً (30 كلم) فقط من الحدود الروسية، ناطقين باللغة الروسية، كما كانت نسبة مهمة من الشعب تعد متعاطفة مع روسيا. بيد أن واحدة من المفارقات المأسوية لـ"حرب التحرير" التي يشنها بوتين، تتمثل في أن مدناً ناطقة إلى حد كبير باللغة الروسية، مثل ماريوبول وخاركيف، قد تعرضت إلى أسوأ عمليات القصف. وتغيرت الحالة المزاجية في خاركيف فأصبحت مزيجاً من الغضب والتحدي.

 

وكان كيريل سيميونوف، الناطق بالروسية، مثالاً على ذلك. فهو كان في زيارة سابقة يعبر بشكل صاخب عن أنه "لن أحمل السلاح إطلاقاً ضد إخوتنا الروس". وبدلاً من ذلك فإن المهندس 48 سنة، قد أصبح متطوعاً، ينقل الإمدادات والمواد الغذائية للقوات الأوكرانية. وقال لي بينما ارتسمت على وجهه ابتسامة مرتبكة "لقد قصفنا بوتين إلى حد جعلنا ندرك كم نحن أوكرانيون".

ومع ذلك وعلى الرغم من الصعاب، كان يتم صد الهجمات ببطء وسط كثير من الدماء التي أريقت، وطُردت القوات الروسية من الشمال حول مدينة كييف ومن ثم حول خاركيف. وللمرة الأولى بدا أن أوكرانيا ستنجو من خطة بوتين.

ومع انسحاب الروس ظهرت أدلة على الفظائع الرهيبة [التي ارتكبوها] من القتل والتعذيب والاغتصاب، والضحايا الذين جرى إلقاؤهم في قبور جماعية أو تركوا مرميين في الشوارع لتأكلهم الحيوانات. وتعرضت البيوت والمدارس والمكاتب والمصانع إلى النهب ثم أضرمت النيران فيها. وأصبحت بلدة بوتشا رمزاً لهذه الهمجية. لكنني زرت أيضاً مواقع شهدت أعمالاً وحشية في إربين وماكاريف وتشرنيهيف وهوستوميل وفي القرى المحيطة بخاركيف. كما كان هناك مزيد من الأدلة العلنية على القتل الجماعي مثل قصف ماريوبول ومحطة كراماتورسك للسكك الحديدية.

وكانت أيدي بعض القتلى في بوتشا مقيدة خلف ظهورهم، وبعضهم رؤوسهم مغطاة وفيها ثقوب طلقات نارية من الخلف. وظهرت على آخرين علامات تدل على تعرضهم للتعذيب قبل وفاتهم. وقال ديمترو زاموهيلني في شارع فوكزالنايا "تُركوا ليتعفنوا بعد موتهم، كما لو كانوا أكياساً من القمامة. في ذلك الوقت، حطت أسراب من الغربان على الجثامين لتنقر العيون وتأكلها. لم أكن أعتقد على الإطلاق أنني سأرى شيئاً كهذا يحصل، وفي الواقع كان يحصل بالقرب من منزلي. كيف يمكن لأي شخص حتى أن يتخيل شيئاً بهذا السوء، في مكان كهذا؟"

هناك ما يزيد على 21900 جريمة حرب روسية مزعومة تخضع للتحقيق حالياً، إلى جانب 1100 جريمة أخرى مصنفة كـ"أعمال ضد الأمن القومي" بموجب القانون الأوكراني، و800 عملية نهب وسرقة. وقد قتل أكثر من 6000 مدني بينهم 348 طفلاً كما أُصيب 7571 بجراح، بمن فيهم 650 طفلاً.

وقد تعهدت دول غربية بما في ذلك بريطانيا، في مؤتمر "المحاسبة بشأن أوكرانيا" الذي عُقد في لاهاي في وقت سابق من هذا الشهر بالمساعدة في تعقب المتورطين بارتكاب جرائم حرب.

وبعد ثلاثة أيام أقال فولوديمير زيلينسكي إيرينا فينيديكتوفا، وهي المدعية العامة التي كانت تقود التحقيق في جرائم الحرب، إلى جانب إيفان باكانوف، رئيس جهاز الاستخبارات الأوكرانية. الإقالات هذه (وهي الأخيرة في سلسلة من عمليات التطهير التي نفذها الرئيس الأوكراني منذ بدء الغزو) سيكون لها تأثير في تحقيقات جرائم الحرب التي ينتظرها سلفاً مسار صعب لجهة تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.

وقد حددت السلطات في كييف 127 "مشتبهاً شبه مؤكد"، غير أن 15 فقط من هؤلاء هم قيد الاعتقال في أوكرانيا. وينفذ الروس نسختهم الخاصة من محاكمات جرائم الحرب بالنسبة إلى الأجانب الذي أسروهم فيما كانوا يقاتلون في صفوف القوات الأوكرانية. وقد صدر الحكم على ثلاثة منهم، بينهم بريطانيان، بالإعدام. وقد تنتهي عمليات المحاكمة الصورية في آخر المطاف بتبادل الأسرى.

 

إن القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الغرب وحلفائه هي العقوبات على روسيا. وكانت هناك موجات من هذه العقوبات في أعقاب الغزو استهدفت الدولة الروسية ومنظمات وشركات والأوليغارشية القريبة من الكرملين.

ولقد أثرت العقوبات من دون شك في الاقتصاد الروسي. لكنها فشلت في منع بوتين من إضافة 100 مليار دولار (83 مليار جنيه استرليني) لتمويل الحرب خلال المئة يوم الأولى للغزو. وجاء الضخ الهائل للأموال من مبيعات منتجات الطاقة، إذ استغلت موسكو الارتفاع الشديد في الأسعار وباعت نفطاً بأسعار مخفضة للغاية لمشترين كبار مثل الصين والهند.

وسعت روسيا إلى تمتين علاقاتها خارج الغرب عبر سلسلة من المحادثات مع الصين، واجتماع مع مجموعة "بريك" المؤلفة من البرازيل وروسيا والصين والهند، إضافة إلى زيارة قام بها بوتين إلى إيران حيث اجتمع مع رئيس البلاد إبراهيم الرئيسي والرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

كما التقى الرئيس الروسي علي خامنئي المرشد الأكبر، الذي أعرب عن دعمه لغزو أوكرانيا في [إطار التعبير عن] التأييد [لبوتين] بشكل أقوى بكثير من ذاك الذي قدمته له الصين أو أي دولة كبرى أخرى.

 

في غضون ذلك، قد يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة بالنسبة إلى المستهلكين في أوروبا، والتهديد بأن موسكو قد تقطع إمدادات الغاز مع دنو فصل الشتاء، إلى استنزاف بعض الدعم الكبير الذي تمتعت به أوكرانيا حتى الآن في الغرب.

ويناقش الاتحاد الأوروبي هدفاً طوعياً من أجل خفض طلبات الغاز بـ10 في المئة ليصل التخفيض إلى 15 في المئة، إلا أنه يواجه معارضة من عدد من الدول الأعضاء. وقد سقط زعيمان أوربيان هما بوريس جونسون وماريو دراغي. وتكسب حالياً الأحزاب السياسية اليمينية التي تبدي عادة تعاطفاً أكبر حيال بوتين، مزيداً من النفوذ في أنحاء أوروبا كلها. ويزعم حلفاء الكرملين مثل فيكتور أوربان في المجر بشيء من التباهي بأن مواقفهم تثبت صحتها.

ويستطيع الأوكرانيون أن يروا الأخطار الكامنة التي تنتظرهم. سيحاول الكرملين أن يدفع الحكومات الغربية التي يواجه عديد منها وضعاً اقتصادياً وسياسياً متفاقماً، للضغط على كييف من أجل قبول وقف لإطلاق النار، وترك مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية في أيد روسية.

وليس لدى ألكسندر روديانسكي، وهو أحد كبار مستشاري زيلينسكي، أية أوهام، معتبراً أن "الروس يفهمون كيف يعمل النظام، والضغط الذي تواجهه الديمقراطيات الغربية وهذا هو ما يحاولون استغلاله".

وأضاف "يريد الروس أن تقبل أوكرانيا الوضع الراهن، أي خسارة سيادتها على أراضٍ وإبرام صفقة من نوع ما. وهم سيستغلون الوقت خلال وقف إطلاق النار لإعادة تنظيم صفوفهم وإعادة التسلح ومن ثم استئناف عدوانهم. نحن نعلم أي نوع من الصفقات يريدون وبالطبع لا نستطيع أن نقبل بها، وسنواصل الدفاع عن أنفسنا".

 

ويقول قادة أوكرانيون، إن الأسلحة الغربية تُحدث فرقاً كبيراً في دعم [جهود] هذا الدفاع. ولم يُحرز الروس أي تقدم ملحوظ في دونباس طوال الأسبوع الماضي. وقد دمرت ضربة من قاذفات الصواريخ هيمارس جسر أنتونوفسكي المهم الرابط بين خيرسون وشبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا. وادعى فولوديمير هافريلوف، نائب الدفاع، أن الصواريخ المضادة للسفن ستُستعمل لضرب أسطول البحر الأسود الروسي. ويجري حالياً نقل بعض السفن من قاعدة شبه جزيرة القرم في سيفاستوبول إلى نوفوروسيسك الأكثر أماناً في جنوب روسيا.

وصارت أغنية عن طائرة بيرقدار المسيرة رائجة بشكل كبير في أوكرانيا في بداية الحرب. ويحاول الآن كاتب الأغاني تاراس بوروفكو أن يؤلف أغنية عن قاذفات صواريخ هيمارس، ستضم أبياتاً يقول فيها "رفيقنا في السلاح الجدير بالثقة يأتي من الغرب... ومنه ننفس عن كل غضبنا..."

لكن بالنسبة للكابتن رادشينكو ومقاتليه، فإن نهاية هذه الحرب الدموية وغير العادية تبدو بعيدة للغاية. ويتساءل "هل فكر أحد حتى قبل عام، أننا سنخوض هذه الحرب الرهيبة في قلب أوروبا؟". ويتابع "نحن في حاجة للفوز. لا يوجد خيار آخر أمامنا. وإلا سيتم تدميرنا كدولة. لكن هذه [الحرب] ستستمر لفترة طويلة جداً. لا أعرف كم واحد منا سيكون حياً لرؤية نهايتها".

نُشر في اندبندنت بتاريخ 25 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من تقارير