Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمد بن سلمان وماكرون يعملان "لتخفيف آثار" الحرب في أوكرانيا

البيان الختامي: توافق "سعودي فرنسي" على معالجة أزمات الطاقة والتضخم والمنطقة

في ختام زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا، أصدر الجانبان بياناً ختامياً أكدا فيه على التوافق في رؤيتهما لأزمات الشرق الأوسط والعالم.

وأفاد البيان أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتفق مع الأمير السعودي على "تكثيف التعاون" من أجل "التخفيف من آثار الحرب في أوكرانيا في أوروبا والشرق الأوسط والعالم" سواءً ما يتعلق بالطاقة أو إمدادات الغذاء.

وأكد ماكرون "أهمية استمرار التنسيق الذي بدأ مع السعودية في إطار تنويع مصادر الطاقة في الدول الأوروبية"، وفق البيان.

وقال الأمير في رسالة بعث بها إلى الإليزيه في ختام الزيارة، إن المباحثات "أكدت رغبتنا المشتركة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا الصديقين في المجالات كافة، والعمل على استمرار التنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الصديقين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة".

وفيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، بحثا المسؤولان الشأن اللبناني وأهمية مواصلة تقديم الدعم للفئات الضعيفة ضمن إطار الآلية الإنسانية المشتركة. وأبدى ماكرون تمسكه بوقف إطلاق النار في سوريا وأهمية إقرار هدنة طويلة في اليمن.

كما تطرق الجانبان إلى الأوضاع في الشرق الأوسط، وأبدى الرئيس الفرنسي استعداده للعمل من أجل تحقيق سلام عادل ودائم ولاستئناف الحوار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وشملت المباحثات سبل تعميق الشراكة الاستثمارية بين البلدين عبر رفع وتيرة التعاون الاستثماري والاقتصادي، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتعاون في مجال الهيدروجين النظيف، والالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تطوير وتنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات وليس على المصادر.

رؤية 2030

وعبر الرئيس الفرنسي عن استعداد الشركات الفرنسية للمساهمة في تحقيق أهداف تنويع الاقتصاد في إطار رؤية 2030، بخاصة في ميادين الطاقة.

وذكّر بمهارات الشركات الفرنسية في مجال المدن المستدامة، والمجال الرقمي، والمواصلات.

كما رحب الرئيس الفرنسي بالإرادة السعودية بزيادة الاستثمار في المجالي الصناعي والإنتاجي الفرنسيين.   

وفي سياق استعراض مجال التعاون في موقع العلا، في القطاع الثقافي، والبحث، والسياحة، عبر كل من الجانبين عن أملهما بتوسيع هذا التعاون ليشمل مجالات جديدة.

وعبر الرئيس الفرنسي عن دعم فرنسا لترشيح الرياض لاستضافة أكسبو 2030.

الزيارة الفرنسية

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد استقبل مساء الخميس، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مصافحاً إياه مطولاً قبل عشاء عمل في قصر الإليزيه.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن الأمير محمد بن سلمان وماكرون عقدا اجتماعاً موسعاً بحضور وفدي البلدين. وتركزت المحادثات على العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية.

وقال ولي العهد السعودي، إن المباحثات الثنائية أكدت الرغبة المشتركة في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين السعودية وفرنسا في المجالات كافة، والعمل على استمرار التنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وعلى الرغم من أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لباريس لا علاقة لها بمستجدات آنية، فإن القضايا الكبرى طغت على أجندة الزيارة التي أعلنها البلدان.

فبعد مغادرة الأمير السعودي أثينا، بعد توقيع اتفاقيات عدة، أهمها "تسريع توطين الصناعات العسكرية"، ومد خط كهرباء يربط السعودية باليونان سيتيح تزويد أوروبا بـ"الطاقة بأسعار أرخص بكثير"، وصل ولي العهد إلى فرنسا في زيارة رسمية تعد الثانية له لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي بعد اليونان، لتوقيع اتفاقيات مبنية على المصالح المشتركة في ظل ظروف بالغة الصعوبة عالمياً بمختلف المجالات.

 

وذكرت المصادر الرئاسية الفرنسية أن الرئيس ماكرون الذي عاد مبكراً من جولته الأفريقية، التي شملت الكاميرون وبينين وغينيا بيساو، لاستضافة ولي العهد السعودي، وفق ما ذكرته صحيفة "لو موند"، سيشدد على موضوع أمن شركاء فرنسا من دول الخليج العربي، وعلى الوسائل المتاحة التي من شأنها خفض التصعيد الإقليمي.

قوة إقليمية مهمة

وقال المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يونس بلفلاح في تصريح لقناة "بي أم أف" الفرنسية: "مع اختفاء التكتلات السياسية في العالم نشهد اليوم سياسة المحاور، على سبيل المثال القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان والإيراني إبراهيم رئيسي في طهران. الكل يبحث عن حلفاء أقوياء، والسعودية تمثل قوة إقليمية مهمة، ومن مصلحة فرنسا أن يكون لها علاقات معها، إضافة إلى ذلك فإن الصندوق السيادي الاستثماري السعودي يشتري الأسهم في معظم الشركات الكبرى والأندية الرياضية، لذا من المهم أن يكون لفرنسا علاقات سياسية واقعية مع السعودية".

بدورها، استشهدت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية برأي متخصص في العلاقات السعودية- الفرنسية، لم تذكر اسمه، اعتبر "أنه بعد استقبال كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ورئيس الإمارات محمد بن زايد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يسعى ماكرون لأن يظهر أن باريس هي بوابة العبور إلى أوروبا لقادة الشرق الأوسط".

​​​​​​​ملفات الزيارة

تحل القضايا التي خلفتها الأزمة الأوكرانية من ملفات الطاقة والغذاء والتسليح على رأس ملفات الزيارة. ويبحث ولي العهد السعودي مع الرئيس إيمانويل ماكرون، في قصر الإليزيه، المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة لمواجهة التحديات المشتركة، وصون الأمن والاستقرار في المنطقة، ومحاربة الإرهاب.

وأوضحت وكالة الأنباء السعودية، أن الجانبين يبحثان ملفات مهمة ورئيسة عدة، أبرزها الحرب الروسية- الأوكرانية، وأزمة الطاقة، والملف النووي الإيراني، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

 

كما تتطرق المباحثات إلى الوضع باليمن في ظل استمرار التدخل الإيراني من خلال تهريب الأسلحة والذخائر وإرسال خبراء عسكريين إلى جماعة "الحوثي".

وكذلك تتناول الزيارة الانتخابات الرئاسية في لبنان، وأهمية تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية فيه كمطلب دولي، لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار بعيداً من التدخلات الخارجية وسيطرة الميليشيات التابعة لإيران على القرار في البلاد.

النفط والغاز

وأشار مصدر مسؤول، في حديثه للوكالة الألمانية، إلى أن "علاقات الصداقة التي تربط بين ولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي ستسهل التفاهم حول هذه الملفات وتشعباتها".

ويرى مراقبون أن الجانب الفرنسي يولي اهتماماً خاصاً بملف النفط والغاز مع سعي العديد من الدول، خصوصاً في أوروبا، لبحث موارد طاقة بديلة عن "روسيا"، خشية أن تعمد الأخيرة إلى قطع إمدادات الغاز تماماً بحلول الشتاء، رداً على قرار الأوروبيين فرض حظر على النفط الروسي.

وقال مراقبون إن السعودية تؤكد احترامها لتعهداتها والتزامها بكلمتها، بالتالي تمسكها، مثل غيرها من منتجي النفط، بقرارات مجموعة "أوبك+" بقيادة الرياض وموسكو.

علاقات وثيقة ممتدة

تكتسب العلاقات التي تربط السعودية وفرنسا أهمية خاصة في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية، التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين الرياض والدول الصديقة، التي تتبوأ فيها فرنسا موقعاً متميزاً. وتهدف سياسة البلدين إلى الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم عموماً وفي المنطقة خصوصاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرتكز التعاون الأمني والعسكري بين السعودية وفرنسا على الاتصالات الوثيقة بين البلدين في مجالات التدريب والتسليح لتعزيز الأمن الداخلي للسعودية، ودفاعها عن أراضيها، وتبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين من الجانبين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما.

ويتمثل التعاون في هذا المجال في التدريب الأمني وتسليح القوات البرية والبحرية والجوية في السعودية، ففي عام 2007 وقعت السعودية وفرنسا اتفاقية أمنية في مجال قوى الأمن والدفاع.

الثقافة السعودية - الفرنسية

وفي عام 2010، افتتح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية آنذاك، ونظيره الفرنسي برنار كوشنير معرض "روائع آثار المملكة عبر العصور" في متحف اللوفر، الذي استمر شهرين.

وفي عام 2012، أقيمت فعاليات الأيام الثقافية السعودية في مقر اليونيسكو بباريس، التي تحكي سيرة السعودية منذ توحيدها على يدي الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، والنهضة الثقافية والعلمية التي تطورت في السعودية حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.

تبادل وشراكة تجارية

السعودية شريك مهم لباريس من خلال كونها القوة البتروكيماوية العالمية، كما أن فرنسا هي أيضاً شريك قوي للرياض من حيث معدات النقل والزراعة والبضائع التي يتم إنتاجها في فرنسا.

وزاد حجم الاستثمار السعودي في فرنسا 5 أضعاف خلال العقد الماضي ليصل إلى 123 مليار دولار في 2019، بما يساوي 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.

في حين تستحوذ فرنسا على نحو 0.5 في المئة فقط من الاستثمارات السعودية في العالم، بما يعادل 1.9 مليار ريال (427 مليون يورو)، والأغلبية العظمى من هذه الاستثمارات تتم في قطاع العقارات، بحسب إحصاءات البنك المركزي الفرنسي للاستثمار والخدمات اللوجستية.

المشاريع المشتركة

ملف الاستثمار السعودي في الخبرة الفرنسية يظهر من خلال إنشاء عدد من المشاريع المشتركة بين الشركات السعودية والفرنسية، وعلى رأسها شركتا "أرامكو" و"توتال إنرجي"، من خلال إنشاء أكبر منصات التكرير والبتروكيماويات في العالم مثل "ساتورب".

وفي أوائل 2018 تم رفع الطاقة الإنتاجية لمنصة "ساتورب" إلى 440 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وبذلك يصل الإنتاج السنوي إلى نحو 22 مليون طن متري من المنتجات البترولية المكررة، بما في ذلك 700 ألف طن متري من الباراكسيلين، و150 ألف طن متري من البنزين و200 ألف طن متري من البروبيلين عالي النقاء.

والشراكات بين السعودية وفرنسا عديدة، خصوصاً في المجالات اللوجستية، إذ تعمل شركة "كامكوJV " بين  RATP Dev وSAPTCO جنباً إلى جنب في أكبر مترو في العالم بالرياض، كما أن الشركات الفرنسية موجودة تقليدياً في قطاعات النقل والطيران والطاقة والطاقات المتجددة والمياه والنفايات والنفط والبناء، وتعمل فرنسا على مشاركة السعودية في جميع القطاعات الجديدة ضمن تنويع الاقتصاد السعودي والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والثقافة والضيافة والتكنولوجيا الزراعية والتكنولوجيا الحيوية والصحة.

وفي برنامج الاستثمار الفرنسي، أعلن ماكرون في عام 2021 تقديم خطة استثمارية بـ30 مليار يورو على مدى 5 أعوام للقطاعات الاستراتيجية، حيث تعد السعودية شريكاً حقيقياً في تحقيق أهدافها لوجود تشابه بين السعودية 2030 وفرنسا 2030، إذ يرى الفرنسيون أن رؤية 2030 أنشأت حليفاً اقتصادياً وتجارياً قوياً لفرنسا في مجال السياحة والثقافة والترفيه والرياضة والاقتصاد الرقمي والبيئة.

كما تعمل شركات فرنسية في منطقة العلا وتحتل موقع الصدارة في تطوير مشاريعها بفضل التعاون بين الهيئة الملكية للعلا والوكالة الفرنسية AFALULA، حيث عملت شركات فرنسية على أكثر من 78 مشروعاً في العلا بين 2019 و2020، بفضل توقيع اتفاقية في هذا الشأن بين الدولتين.

منذ نابليون

العلاقات بين البلدين ليست مقتصرة على الوقت الراهن فقط، بل منذ الدولة السعودية الأولى، عندما أدرك رجل فرنسا الأقوى على مر التاريخ نابليون بونابرت أهمية موقع السعودية وحاول استغلالها في تسجيل نقاط ضد خصميه اللدودين في ذلك الحين البريطانيين والعثمانيين أواخر القرن الثامن عشر.

كما امتدت العلاقات إلى تأسيس الدولة السعودية الثالثة في عهد الملك عبد العزيز، حيث تعد فرنسا من أوائل الدول التي أعلنت اعترافها بالسعودية، بعد إعلان تأسيسها عام 1926، وسعت إلى منافسة المصالح البريطانية والإيطالية في الجزيرة العربية، وإلى الهيمنة على أجزاء مترامية الأطراف من المنطقة العربية، وعملت من أجل ذلك على مراقبة شؤون الحجاز بتعيين بعثة دبلوماسية في جدة منذ عام 1825، ليتسنى لها متابعة كل ما يجري في الجزيرة العربية، ولترعى شؤون رعاياها من المسلمين الذين يقصدون البقاع المقدسة بأعداد كبيرة خلال موسم الحج.

وازداد الاهتمام بعد نجاح قوات الملك عبد العزيز في الدخول إلى مكة عام 1924، ثم دخول جدة بعد عام، حيث رأت فرنسا أن جهود الملك عبد العزيز آل سعود لتوحيد الجزيرة العربية لا تمثل حدثاً محلياً فحسب، وإنما تشير إلى وجود قوة سياسية عازمة على تلمس طريقها نحو توحيد معظم المناطق في الجزيرة العربية، لذلك سارعت للاتصال به، وإلى عقد معاهدات واتفاقات معه، كما راجعت أهدافها في المشرق العربي ووضعت خططاً استراتيجية جديدة لسياسة فرنسية جديدة خصوصاً في الجزيرة العربية.

اختلافات سياسية

على الرغم من العلاقات التاريخية الممتدة بين البلدين والاتفاقات الوطيدة، فإنه لا يخلو صفو الدولتين من الاختلافات السياسية حول قضايا المنطقة، سواء مع الموقف من "حزب الله" اللبناني أو سوريا، أو الملف اليمني، فإن ماكرون زار السعودية لأكثر من مرة لعقد مناقشات "صريحة ومفيدة"، كما وصفها الرئيس الفرنسي، لحل الخلافات الشائكة بين البلدين وعقد المزيد من الاتفاقات، كما زار الأمير السعودي فرنسا عام 2018 وتم عقد اتفاقات واستراتيجيات لاستقرار المنطقة ومكافحة الإرهاب.

كما ستشكل زيارة الأمير محمد بن سلمان الحالية إلى فرنسا إضافة في نمو تطور العلاقات بين البلدين الصديقين، حيث سيلتقي القادة وكبار المسؤولين الفرنسيين.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات