Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إحياء مفاوضات سد النهضة في حقيبة المبعوث الأميركي

موقف واشنطن بات أكثر وضوحاً في تبنيها الحياد وهامر قد يبحث مسار المصالحة مع تيغراي

المبعون الأميركي للقرن الأفريقي يسعى لإعادة المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي (أ ف ب)

تأتي زيارة المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، مايك هامر، لإثيوبيا ضمن جولة إقليمية لبحث قضايا متعددة ما بين الوضع الإقليمي للمنطقة والشأن الداخلي الإثيوبي، وعلى الرغم من الإعلان الأميركي وتقديمه "ملف سد النهضة" متصدراً للزيارة، إلا أن هناك تأويلات تشير إلى الشأن الإثيوبي والمصالحة الوطنية الداخلية التي بدأت حلقاتها بالتفاوض مع جبهة تيغراي، فماذا تحمل حقيبة هامر من قضايا؟

ملف النهضة

كانت الخارجية الأميركية أعلنت في بيان لها أن المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي، مايك هامر سيبدأ الأحد 24 يوليو (تموز) الحالي، جولة تشمل كلاً من مصر والإمارات وإثيوبيا، في مباحثات تستمر حتى الأول من أغسطس (آب) المقبل، لبحث ملف سد النهضة. وأوضحت أنه سيتشاور في محطته بأديس أبابا مع الاتحاد الأفريقي، الذي تجري تحت رعايته محادثات السد، وأنه سيقدم الدعم الأميركي نحو صياغة حل دبلوماسي للقضايا المتعلقة بالسد الإثيوبي، ما من شأنه أن يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم في إرساء السلام والازدهار بالمنطقة.

وقال البيان إنه "سيتاح للمبعوث الخاص فرصة استعراض التقدم المحرز في إيصال المساعدات الإنسانية، والمساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، فضلاً عن الجهود المبذولة لدفع محادثات السلام بين الحكومة الإثيوبية وسلطات تيغراي".

من جهتها، تنظر أديس أبابا إلى زيارة المبعوث الأميركي باعتبارها روتينية كسابقاتها، لا جديد بشأنها إلا في الظرف الذي يتبعها ضمن المفاوضات الجارية مع جبهة تحرير تيغراي، إلى جانب الواقع الدولي والإقليمي الذي يتطلب قدراً من التوازنات في سبيل الحفاظ على المصالح التي تتشابك فيها قضايا عدة.

وكانت تصريحات للناطقة باسم الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفيث، لوسائل إعلام مصرية، أكدت فيها أنه "لا يمكن فرض حل من أي طرف خارجي". وقالت غريفيث "بصفتنا مراقباً في العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، فإننا نسعى إلى تسهيل الحوار المثمر والنهج البناء للمفاوضات".

الموقف الأميركي أصبح واضحاً في تبنيه الحياد، لكن المعنى الأكثر وضوحاً في قضية سد النهضة هو الفشل المتلازم في إحداث أي اختراق بقضايا الخلاف، أمام تمسك أديس أبابا بعدم التوقيع على اتفاق شامل وملزم. وضمن الواقع الحالي لا يمثل السد هاجساً في فروضات تخشاها إثيوبيا بعد نجاح سياساتها طويلة النفس محدودة العطاء. وفي حالة نجاح هامر باستئناف المفاوضات مجدداً سيتبنى توقيع اتفاقيات جزئية تجاه تشغيل السد، وفق ما يشير إليه البعض في توجهات السياسة الأميركية التي تصف نفسها بالحيادية.

ملفات داخلية وإقليمية

يس أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، يقول إن "حقيبة المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر تحوي هذه المرة بعض الملفات الداخلية والإقليمية لإثيوبيا، تتمثل في إنهاء الصراع بين الحكومة والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عبر المفاوضات بين أطراف الصراع من أجل التوصل إلى المصالحة الوطنية".

ويضيف "أما الملفات الإقليمية والدولية فهي تتمثل في السياسية الخارجية لإثيوبيا وفي علاقاتها مع دول القرن الأفريقي، والتحالف الثلاثي بين إثيوبيا وإريتريا والصومال، وكذلك أزمة الحدود مع السودان، بعد نزع فتيل الأزمة بالإعلان عن تبني خيار السلام بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس المجلس السيادي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في يوليو الحالي بالعاصمة الكينية نيروبي".

ويشير أحمد إلى أن انطلاق جولة هامر بزيارة دولة الإمارات قد يكون لتوظيف الوساطة الإماراتية في مفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث من جهة، ومناقشة الرؤية الإماراتية حول إنهاء الملف الحدودي في منطقة الفشقة بالحلول الاقتصادية، من خلال مشروع استثماري لتحقيق التعاون والتكامل الإقليمي الاقتصادي بين السودان وإثيوبيا والإمارات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "إجمالاً، فإن زيارة المبعوث الأميركي في هذا التوقيت وضمن أحداث متعددة، سواء على المستوى المحلي الإثيوبي أو الإقليمي أو الدولي، تشير إلى الاهتمام الأميركي بالمنطقة، على الرغم من انشغال واشنطن بالواقع الدولي والحرب الروسية - الأوكرانية وإفرازاتها على المستوى العالمي".

من جهته، يقول عادل عبد العزيز حامد، الباحث في الشؤون الأميركية والدولية، إن "قضيتي سد النهضة وسلام تيغراي تمثلان للولايات المتحدة قضية مدمجة في الهم الأميركي تجاه المنطقة".

ويضيف "أميركا ظلت تهتم بمسار العمل السلمي في التوصل إلى حل لقضية تيغراي، إلى جانب اهتمامها بوصول جميع المساعدات الإنسانية إلى الشمال الإثيوبي، في ظل الأزمات الإنسانية، وكانت ضغوطها على القيادة الإثيوبية هي التي أدت إلى تبني الهدنة الإنسانية المفتوحة، والتحول نحو السلام، في ظل رؤيتها المتكاملة لمنطقة القرن الأفريقي وما تشكله من أهمية استراتيجية في السياسة الأميركية".

وتابع "من ثم لا يشكل سد النهضة في زيارة المبعوث الأميركي سوى قضية واحدة إلى جانب قضايا أخرى تهم السياسة الأميركية، كسلام البيت الإثيوبي الذي تعتبره واشنطن أولوية، حيث ينعكس سلامه على المنطقة التي تعاني أزمات متعددة على المستوى الإقليمي".

ويشير حامد إلى أن "مزامنة زيارة المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي مع جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعلنة خلال هذا الأسبوع ضمن التحضيرات للقمة الأفريقية - الروسية الثانية، لم تكن نتيجة مصادفة، بل تشير إلى التسابق الاستراتيجي بين القوى الدولية، كما أن ما يشهده ملف العلاقات الروسية - الإثيوبية من تطور يعطي دلالة على توازن السياسة الإثيوبية الثابتة تجاه تلك القوى".

المزيد من تقارير