Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التضخم المرتفع يثير مخاوف الأميركيين مع توقعات رفع الفائدة

يرى مراقبون أن باول يتبع قواعد اللعبة التي وضعها فولكر في ثمانينيات القرن الماضي

يقوم "الاحتياطي الفيدرالي" حالياً بتحريك أسعار الفائدة تدريجياً صعوداً وهبوطاً في الاجتماعات المحددة مسبقاً (أ ف ب)

منذ تأسيسه في عام 1913، كافح مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) لتحقيق ثلاثة أهداف تتمثل في رفع الحد الأقصى للتوظيف، واستقرار أسعار السلع والخدمات، وأخيراً الإبقاء على معدلات الفائدة المعتدلة طويلة الأجل، لكن هذا كل ما ظل ثابتاً في إرث السياسة النقدية للبنك المركزي على مدى 109 سنوات.

وفي الوقت الحالي يعمل الاقتصاديون في مجلس الاحتياطي الفيدرالي بجد للحفاظ على سمعة المؤسسة باعتبارها ركيزة ثابتة من "الحكمة الاقتصادية"، غير متأثرة بالسياسة أو نزوات اليوم، فهي على دراية كاملة، والأهم من ذلك أنها فعّالة. ويخدم هوَس الصورة هذا، غرضاً مهماً يتمثل باستمرار ترسيخ فكرة ثقة الأميركيين في قرارات الاحتياطي الفيدرالي.

وفي محضر اجتماع يونيو (حزيران) الماضي، أشار المسؤولون إلى أن الصدقية القوية والتواصل المستمر بين الاحتياطي الفيدرالي والمستثمرين، ساعدا في تغيير توقعات السوق للسياسة المستقبلية، وساهما بالفعل في تشديد ملحوظ للظروف المالية التي من المحتمل أن تساعد في تقليل ضغوط التضخم من خلال تقييد الطلب الكلي، إذ قال رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول، إن "بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض معدلات التضخم المرتفعة تاريخياً"، وإن الأميركيين يصدقونه ويغيّرون سلوكهم ليعكس ذلك، لكن التصور لا يتماشى دائماً مع الواقع، كما أن الاقتصاديين في "الاحتياطي الفيدرالي" معرضون للتحولات الاقتصادية المتقلبة ويصنعون سياستهم النقدية من خلال التجربة والخطأ، وكانت هناك أخطاء.

أهداف "الاحتياطي الفيدرالي" غامضة نسبياً

في مذكرة بحثية حديثة قال كبير الاقتصاديين في "دريفوس ميلون" فينسينت راينهارت، إن "أهداف الاحتياطي الفيدرالي غامضة نسبياً، لكنها خاضعة للتفسير". وقال إن تعريفات هذه الأهداف الثلاثة المتمثلة في رفع الحد الأقصى للتوظيف، والإبقاء على الأسعار المستقرة، مع معدلات الفائدة المعتدلة، هي "أجسام طائرة مجهولة". ومن الواضح في الوقت الحالي أن التوظيف قوي، لكن الأسعار مرتفعة بنسب قياسية، ولكن مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، قد يكون هناك مزيد من الغموض ومجال للتوصيات النقدية الاستطرادية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقوم "الاحتياطي الفيدرالي" حالياً بتحريك أسعار الفائدة تدريجياً صعوداً وهبوطاً في الاجتماعات المحددة مسبقاً. ويقوم صناع السياسات المالية والنقدية في البنك المركزي الأميركي بشرح طريقة اتخاذهم للقرار بأكبر قدر ممكن من التواصل، ويطلقون توقعاتهم الاقتصادية لإعطاء الأميركيين فكرة عما سيأتي في المستقبل.

لكن، لم يكن هذا هو الحال في عام 1980، عندما ارتفع التضخم إلى 14.6 في المئة، وهو أعلى مستوى على الإطلاق منذ بدء تسجيل معدلات التضخم في السوق الأميركية.

وتحت قيادة بول فولكر قام مسؤولو "الاحتياطي الفيدرالي" برفع وخفض أسعار الفائدة بحدة في اجتماعات غير مقررة من دون بيانات السياسة المقابلة. ولم يكن لمعدل الأموال الفيدرالية نطاق مستهدَف ضيق مثل ما يحدث حالياً، فقد امتد بانتظام 5 نقاط مئوية. ولم يكن الأمر كذلك حتى تولى ألان غرينسبان زمام الأمور في تسعينيات القرن الماضي، حين بدأ "الاحتياطي الفيدرالي" بتعديل الأسعار في اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، ولم يبدأ "المركزي الأميركي" إلا في العقد الأول من القرن الحالي، بتشديد الأسعار وتخفيفها دورياً.

تصرفات تجريبية وغير مسبوقة

في عام 2008، وخلال الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي، وبدأت من السوق الأميركية، حدثت تغييرات كبيرة أيضاً حين كانت "الاحتياطي الفيدرالي" تحت قيادة بن برنانكي، وذلك عندما استجاب "المركزي الأميركي" للركود العظيم من خلال سَنّ سياسة لم تكن مفهومة في السابق، فقد تم تخفيض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى ما يقرب من الصفر، وظلت الأسعار في حدود هذه المستويات حتى عام 2015.

يقول مؤلف كتاب "أباطرة المال السهل" كريستوفر ليونارد، وهو كتاب عن تاريخ "الاحتياطي الفيدرالي"، إن هذه التصرفات كانت "تجريبية وغير مسبوقة". وأضاف، "لقد تجاوزوا كل الحدود".

في المقابل، يرى رئيس استراتيجية الدخل الثابت العالمي في معهد "ويلز فارغو" للاستثمار، برايان ريلينغ، إن الاحتياطي الفيدرالي شهد في الوقت الحالي "تحولاً كبيراً نحو الشفافية ومحاولة توصيل السياسة بوضوح مقدَماً حتى لا يُفاجئ الأسواق". أضاف، "إنهم أكثر شفافية في أهدافهم ووضع سياساتهم المالية والنقدية. علاوةً على ذلك، فإن تأثير باول على سجلات السياسة النقدية لم يتحدد بعد". وقال، "يبدو أن رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي يتبع بشكل فضفاض قواعد اللعبة النقدية التي وضعها فولكر في أيام التضخم المرتفع في الثمانينيات، لكن يتعين على كل رئيس للاحتياطي الفيدرالي أن يلعب بنقاط قوته الخاصة. يمكن لغرينسبان الغوص بعمق في البيانات. كان لدى فولكر سلطة شخصية في شأن فهمه للأسواق والخدمات المصرفية، وهو أمر مرعب. ويبدو أن باول مهتم بالظهور على أنه صريح، إذ حوّل تركيز واهتمام الاحتياطي الفيدرالي إلى جميع الأميركيين بدلاً من الاقتصاديين والمستثمرين فقط".

وأشار إلى أن البنك المركزي الأميركي بقيادة جيروم باول سيواجه مجموعة جديدة من التحديات عندما "لا يشعر الاقتصاد بالارتياح، وما زال التضخم لا يعود إلى المستوى المستهدَف"، إذ سيتعين على باول أن يقرر ما إذا كان "الاحتياطي الفيدرالي" سيظل على المسار الصحيح لرفع أسعار الفائدة بينما يواجه ضغوطاً سياسية وعامة في شأن حالة الاقتصاد الكلي. ربما يكون هذا هو الوقت الذي سيدخل فيه بنك المركزي الأميركي عصر "الفتاة المادية". ومن المقرر أن تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في واشنطن الأسبوع المقبل، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تعلن عن رفع آخر لسعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس.