Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علينا أن نمنع المرشحين لخلافة جونسون من استحضار إرث مارغريت تاتشر

بالتأكيد لدى حزب المحافظين البريطاني أشياء أفضل ليقدمها بدلاً من إعادة عقارب الساعة إلى 1979

يبدو أن ليز تراس تقلد أسلوب مارغريت تاتشر (غيتي)

نقترح قاعدة جديدة: أي كان ممن يخوضون المنافسة على زعامة حزب المحافظين حالياً ممنوعون من استحضار ذكرى وإرث مارغريت تاتشر. من غير المسموح ارتداء القميص بربط عقدة كبيرة قرب العنق [وهو الزي الذي اشتهرت بارتدائه تاتشر] وممنوع الحديث عن حرب جزر الفوكلاند [بين المملكة المتحدة والأرجنتين]، وممنوع أيضاً ذكر اقتصاد السوق الحرة، والعمل على ضرورة موازنة المالية العامة. هذا النوع من التصرفات يجب أن يعاقب عليها من يرتكبها كي يتخلى عنها تماماً، وأن يتم سحق صاحب مثل هكذا إدعاء بغض النظر عن موقعه إلى درجة تسمح بإقلاعه عن هذه التصرفات التي تقلد الآخرين بشكل قطعي.

لقد شهدنا أربعة رؤساء وزراء من المحافظين منذ تم وضع الحد لعهد تاتشر بشكل عنيف. ومن دون أن يفهم كلامي وكأنه خال من المشاعر، فهي توفيت قبل عقد من الزمن، ومنذ تلك الفترة كنا قد قمنا بإطاحة زعماء الحزب ثلاث مرات إضافية. لقد أخرجنا بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ونجحنا في النجاة من جائحة عالمية وحالياً نواجه مستويات تضخم مرتفعة للغاية. بالتأكيد لدى حزب المحافظين شيء أفضل ليقدموه غير إعادة عقارب الساعة إلى الوراء تحديداً إلى عام 1979 [بداية عهد تاتشر]؟   

يشعر المرء وكأنه بصدد مشاهدة بث إعادة لبرنامج تلفزيوني قديم مثل "بعض الأمهات يحظين بهم" Some Mothers Do Have ’Em  أو مسلسل "الحياة السعيدة" Good Life على قناة هيئة الإذاعة البريطانية الثانية الـ"بي بي سي 2". كنا قد شاهدنا أفضل المقاطع من تلك البرامج ونعرف مسبقاً كيف ستنتهي الحلقة، لذلك نحن غير معنيين إذا عُرضت تلك المقاطع على تطبيق "تيك توك"، أو منصة "تويتر" اليوم لأن لدينا علماً مسبقاً كيف ستنتهي كل الحلقة.

بالطبع لا يمكن أن يعاني حزب المحافظين من ضحالة إلى هذا الحد ويبدو وكأنه قد أفرغ كل ما في جعبته من أفكار ــ وأن أعضاءه قد لجأوا إلى صورة كاريكاتورية "للسيدة العظيمة"، وهي تقليد للعمل الأصلي يظهر القليل جداً من الإبداع الأصلي ويمنعنا من تذوق ما هو جديد ومتطور [من أفكار وحلول لمشكلاتنا اليوم].

ما تنتجه معاهد الدراسات والأبحاث اليمينية لم يسبق أن كان أكثر إثارة من الفترة الحالية. روبرت كولفيل، مدير مركز دراسات السياسات الحكومية Centre for Policy Studies، وهو معهد يعكس التوجهات التاتشرية مليء بالطروحات السياسية الجديدة، تماماً كما هي حال رايان شورتهاوس، وهو يمثل جناحاً مختلفاً لحزب المحافظين ويقود معهد "برايت بلو" Bright Blue، فلماذا نحن نعاني إلى هذه الدرجة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كنت في السابق قد قمت بطرح فكرة ابتكار نسخة محدثة عن التاتشرية Thatcher 2.0، وربما قد يرى البعض في ذلك أنني أناقض نفسي، ولكن العمل على تطوير نهج وعلامة حزب المحافظين التجارية بشكل يسمح له البقاء في السلطة تعني أن على هذا الحزب القيام بما كانت تاتشر قد قامت به وليس أن يقوم بتقليد ما كانت عليه [المرأة الحديدية]. على أنصار الحزب الاستفادة من شجاعتها وتفانيها وتطبيق هذه الخصائص في ما يسعون لتحقيقه في عصرنا هذا. التطور والتطلع إلى المستقبل هو ما عليهم القيام به بدلاً من أن يركنوا إلى البكاء على زمن مضى. 

إن عظمة تاتشر تكمن في قدرتها على تشخيص المشكلة والمخاطرة في سعيها لإيجاد الحلول لها. كانت تنحرط في النقاشات، وكانت مستعدة للإنصات في سنوات حكمها الأولى، وكانت قادرة على القيام بتغيير المسار "وتبدأ من نقطة التعامل مع المعطيات الواقعية". كانت لتستمتع بالفرصة المتاحة حالياً لوضع حد لتهور الرئيس بوتين، وذلك ليس لكي تنال الشهرة أو تبرز صلابتها ولكن بسبب إيمانها المبدئي بالحرية والكرامة الإنسانية. ما علينا السعي من أجل تحقيقه هو هذه الرؤية على المدى البعيد ولكن في أسرع وقت ممكن. كانت لتاتشر رؤية، لم نرها بعد في طروحات المتنافسين اليوم على قيادة الحزب. إذ لديهم لائحة طويلة من الطروحات والمشاريع والمواقف السياسية غير المترابطة لا يجمعها إلا القليل من الطموح.

رئيسة الوزراء الراحلة تاتشر كانت نتاج مرحلتها التاريخية. هؤلاء ممن يدعون حيازتهم حق وراثتها كانوا من المستفيدين من السياسات التي طبقتها في الثمانينيات، لكن الحريات التي سعت إليها كانت قد تكونت في ظلال انتشار الفاشية في أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي. لم يتم بناء مدينة روما في يوم واحد، والسيدة "ت" [أول حرف من اسمها - تاتشر] Mrs T، أخذت وقتاً طويلاً لبلورة شخصيتها وما كانت تمثله أيضاً.

في الأساس كانت تاتشر شخصية راديكالية. المرشحون لرئاسة الحزب الحاليون اليوم لا يمكنهم أن يرتدوا عباءتها لأنهم انتهجوا طريقاً إلى حد ما يضمن لهم "السلامة أولاً". العالم وببساطة تامة تلتهمه النيران اليوم، لكن أنصار الحزب الأوفياء يتم التملق لهم بدلاً من إقناعهم بقضايا أساسية كضرورة اعتماد هدف تصفير الانبعاثات. أو أن يقوموا بطرح موقفهم ورؤيتهم حيال إمكانية، ولماذا من الضروري علينا خفض الضرائب.  

وهناك أيضاً مقاربة تاتشرية أخرى وهي "العدوانية" وهو أمر السياسة الحديثة في حالتها المنقسمة على ذاتها لا يمكن لها أن تتسامح معها. فهي لم تتراجع وتحاول التوصل إلى تسوية مع نقابات العمال، وكانت قد اتخذت إجراءات حازمة وكان على حزب المحافظين التعايش مع ذلك الإرث لسنوات طويلة، خصوصاً في المدن حيث كانت تتركز مناجم الفحم، وبفضل ضريبة الاقتراع، في اسكتلندا أيضاً. فهل سيكون من يدعون أنهم من أنصار التاتشرية مستعدون أيضاً الادعاء أنهم يملكون هذا الجانب [السلبي] من إرث السيدة؟  

في النهاية، المرشحون الذين يقومون باستحضار تاتشر كوسيلة آمنة، يختارون التنصل من راديكاليتها الشديدة لأنهم يعلمون ربما أنه إذا أردت أن تلعب دور الزعيم فعليك أن تكون مستعداً لتقبل فكرة أنك ستكون مكروهاً أيضاً. أيديولوجية حزب المحافظين الحقيقية هي عملية تطور مستمر واعتراف أنه إذا أردت أن تصمد في موقعك فلا بد أن تستمر بالتطور. مَن من المرشحين قادر على ذلك؟

نُشر في اندبندنت بتاريخ 21 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من آراء