سلسلة فعاليات ومسيرات غاضبة بدأت في الأراضي الفلسطينية احتجاجاً على خطة السلام الخاصة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، أو ما يسمى إعلامياً "صفقة القرن"، دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية وقطاع غزّة والمدن التي احتلتها إسرائيل عام 1948 وفي مخيمات الأردن وسوريا ولبنان. وتمتد هذه الفعاليات على مدار ثلاثة أيّام، وتتزامن مع ورشة المنامة الذي سيعقد في البحرين.
ويقول منسق القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية عصام بكر، إنّ مسيرات شعبية غاضبة ستنطلق في الضفة الغربية، رفضاً للمشاريع التصفوية وما يحاك من مؤامرات لتصفية حقوق الفلسطينيين، وتستمر لمدة يومين.
وبعد المشاركة في المسيرات، من المقرر أنّ يتوجّه المواطنون إلى مناطق الاحتكاك والتماس مع الجيش الإسرائيلي، رفضاً لمخططات إسرائيل وسياسات التطهير العرقي واستباحة القدس والاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية، وتصعيداً للمقاومة الشعبية.
وستوحد الإذاعات والقنوات التلفزيونية البث لتغطية ونقل الفعاليات والأنشطة وإرسال رسائل الفلسطينيين بـ "رفض الانغماس في المؤامرة المسماة صفقة القرن".
مواجهات
وبالتزامن مع افتتاح ورشة المنامة، الثلاثاء، فإنّ مواجهات عنيفة ستدور بين الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين على نقاط الاحتكاك والتماس. ويشير بكر إلى أنّ تلك المواجهات هي رسالة الفلسطيني إلى العالم بأن لا مقايضة على الحقوق المشروعة بأموال الوهم الاقتصادي الأميركي، وأن الحقوق غير قابلة للمساومة أو التنازل.
أمّا الأربعاء فتمّ تخصيصه في الضفة الغربية وقطاع غزّة ليكون يوماً للمؤتمرات الشعبية واللقاءات الموسعة بحضور القوى والهيئات والفعاليات الشعبية والأطر النسوية والنقابية والأهلية والمهنية. ويشير بكر إلى أنّ ذلك يأتي في إطار الرفض الكامل للتعاطي مع كل ما سينجم عن "صفقة القرن"، وهي دعوة إلى التحرك عربياً حتى إسقاط الصفقة بكل ما تحمله من مخططات عدوانية تجاه الفلسطينيين.
تنكيس أعلام ورايات سوداء
أمّا في غزّة، فتبدأ الفعاليات بالإضراب الشامل الرافض لـ"صفقة القرن". ويقول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لؤي القريوتي إنّه سيتمّ تنكيس العلم الفلسطيني مع انطلاق ورشة المنامة، ورفع الرايات السوداء في كلّ شوارع القطاع وأسطح منازل المواطنين. وبعدها، سيتمّ عقد مؤتمر وطني يشارك فيه صف واسع من القيادات الفلسطينية، للتأكيد أن الفلسطينيين يرفضون "صفقة القرن" والحلول الاقتصادية التابعة لها.
وفي يوم الأربعاء، ستخرج مسيرة من أمام المقر الرئيسي لـ "الأونروا" حتى مبنى الأمم المتحدة، بهدف القول للأمين العام للأمم المتحدة إنّ الأرض ليست للبيع ولا للمقايضة بالأموال، وفق القريوتي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المقرر أن يكون يوم الجمعة المقبل يوم تصعيد ميداني في مواقع المسيرات الأسبوعية في الضفة الغربية وقطاع غزّة، رفضاً للاستيطان والجدار العنصري.
عباس يجزم بفشل ورشة المنامة
قبيل ساعات من انطلاق ورشة المنامة الاقتصادية، جزم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بفشل الورشة التي ستناقش الجانب الاقتصادي من خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط.
وقال عباس إن الورشة لن يكتب لها النجاح، مستبعداً "خروجها بنتائج لأنها بنيت على خطأ، وما بني على باطل فهو باطل"، مشدداً على ضرورة وجود حل سياسي للقضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية قبل الدعم الاقتصادي. واتهم الرئيس الفلسطيني الإدارة الأميركية بتحويل القضية الفلسطينية من سياسية إلى اقتصادية، مستعبداً التوصل إلى اتفاق سلام في ظلها، بسبب تنكرها للشرعية الدولية وقراراتها.
وهاجم عباس الفريق الأميركي للسلام المؤلف من كوشنير ومبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وسفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، مضيفاً أن القيادة الفلسطينية "لن تكون خادمة لهم".
محتوى هزيل
في المقابل، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية "إن محتوى ورشة المنامة هزيل والتمثيل فيها ضعيف"، مضيفاً أن مخرجاتها ستكون عقيمة، مشيراً إلى "أن رفض فلسطين لها والمشاركة فيها أسقط الشرعية عنها".
وأكد أشتية أن "حل القضية الفلسطينية سياسي، ويتمثل بإنهاء الاحتلال وتمكيننا من السيطرة على مواردنا، وبناء اقتصاد مستقل".
وشدد وزير المالية الفلسطيني شكري بشارة أنه "لن يكون هناك أي استقرار ونمو واستدامة لأي منظومة اقتصادية من دون أن تتحرر الأرض الفلسطينية كاملة"، مشيراً إلى "أنه من المستحيل إقامة اقتصاد في ظل احتلال عسكري خانق وسلب للأراضي والأموال ومحاصرة الشعب داخلياً وخارجياً"، موضحاً أن 65 في المئة من الأراضي الفلسطينية تسيطر عليها إسرائيل".
واعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن "ورشة البحرين خطأ استراتيجي"، مشيراً إلى "أنها ستؤدي إلى تطبيع مجاني قبل تنفيذ مبادرة السلام العربية القائمة على أساس الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة كخطوة أولى".
في المقابل، يرى مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية هاني المصري، أن طرح الشق الاقتصادي من الخطة قبل السياسي، يشير إلى أن الإدارة الأميركية تسعى إلى إدامة الاحتلال.
ويوضح أن الأميركيين نفذوا الشق السياسي من الخطة، حتى قبل الكشف عنه من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وسعيهم لحل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين لشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وإعلانهم الموافقة على ضم أجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل.
ويقول المصري إن تقرير المصير وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الوطنية قضايا ليست ثانوية، مضيفاً أن الخطة الاقتصادية لن تنجح ولن يكتب لها الاستدامة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
احترام موقف الإجماع الفلسطيني
بدورها جددت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية معارضتها الحاسمة لعقد ورشة المنامة في غياب أي التزام بالقانون الدولي ومتطلبات إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1976 وعاصمتها القدس.
ودعت اللجنة جميع الدول والهيئات والكيانات السياسية والاقتصادية المدعوة للمشاركة بالورشة، إلى احترام موقف الإجماع الفلسطيني وموقف منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدة أن القيادة الفلسطينية لم تكلف أحداً بالمشاركة أو بالتفاوض نيابة عن الشعب الفلسطيني أو الحديث باسمه.
في المقابل، أوردت وزارة الخارجية الفلسطينية أن المشروع الاقتصادي الأميركي "يُشكل امتداداً لموقفها السياسي المنحاز بالكامل للاحتلال وسياساته".
وتوقع الباحث في مجموعة الأزمات الدولية طارق بقعوني فشل خطة السلام بسبب محاولة الإدارة الأميركية إلغاء البعد السياسي للقضية الفلسطينية وجعلها قضية إنسانية واجتماعية واقتصادية، مشيراً إلى فشل محاولات مماثلة في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته.
ويوضح بقعوني أن عدم وجود دعم عربي ودولي للخطة سيساهم في فشلها إلى جانب الرفض الفلسطيني لها، مضيفاً أن إسرائيل تستغل اتفاق أوسلو وعملية السلام للتغطية على ضمها الفعلي للضفة الغربية.