Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قانون الطفل" يثير الجدل والاعتراض في الأردن

يرى منتقدون أنه يفكك الأسرة ويقلّد القوانين الغربية والحكومة تقول إنها راعت الخصوصية الأردنية

أطفال على مقاعدهم الدراسية في إحدى المؤسسات التربوية الأردنية (اندبندنت عربية - صلاح ملكاوي)

سيفجّر مشروع قانون حقوق الطفل في الأردن جملة اعتراضات بين الأردنيين بسبب ما يحتويه من بنود يرى فيها كثيرون أنها تفكك الأسرة وتتماشى مع القوانين الأسرية الغربية. فبعد 12 عاماً من نقاش مستفيض حول هذا القانون، أُحيل بصيغة نهائية إلى البرلمان لإقراره، لكنه اصطدم بالكثير من الآراء المعارضة، بينما اعتبرت قلة من الآراء المؤيدة أن ثمة شيطنة ومبالغات حول القانون تقودها تيارات إسلامية.
وأقرّت الحكومة الأردنية في أبريل (نيسان) الماضي، مشروع قانون حقوق الطفل لعام 2022، استجابةً لتعديلات دستورية أكدت على حماية الطفولة، وتعزيز رعايتها من خلال إيجاد تشريع واضح.

اعتراض نيابي

وأثارت بنود القانون المقترح جدلاً نيابياً، إذ اعترض عليه عدد من نواب البرلمان الأردني الذين اعتبروا أنه لا يوجد تشريع يكفل حقوق الطفل كما كفلتها الشريعة الإسلامية، واصفين القانون المعروض على المجلس بأنه "يستهدف تفكيك الأسرة في المجتمع الأردني لصالح الفردية المطلقة مثل المجتمع الغربي، بما يخالف قيمنا وعقيدتنا".
واعتبر آخرون مسودة قانون حقوق الطفل المقدمة لمجلس النواب بأنها "منظومة متكاملة لتدمير الأسرة، لأنها تؤسس للاعتراف بالمواليد خارج إطار الزوجية، وترفض السلطة الأبوية وتكريس الحرية المطلقة للطفل".
ورفض نواب ما أسموه "الوصاية الخارجية وتدخل جهات أجنبية تريد فرض أجندتها من خلال هذا القانون"، مطالبين بأن يُناقَش إلى جانب قانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة الإسلامية، في حين وجهت اتهامات برلمانية لتيارات أردنية من دون تسميتها بأنها تحاول تفكيك الأسرة ونزع الأطفال منها.
لكن نواباً آخرين أشاروا إلى "أهمية القانون في حماية الطفل ومعالجة القضايا المتعلقة بالتعليم، والتسرب المدرسي، إلى جانب التوسع في رياض الأطفال والرعاية الصحية، والحماية من العنف، بما يضمن عدم مخالفة الثوابت والقيم النابعة من الدين".

شيطنة ومبالغات

أما على منصات التواصل الاجتماعي، فدار جدل من نوع آخر، حيث وصف البعض ما يحدث داخل البرلمان الأردني حيال القانون بأنها محاولة لشيطنته فضلاً عن المبالغة في رد الفعل تجاهه.
ويتهم ناشطون النواب المعترضين على القانون بأنهم لم يطلعوا على بنوده، مشيرين إلى أن الأردن انتظر هذا القانون المهم 12 عاماً حتى يرى النور.
ويبدو أن الفقرة التي استفزت كثيرين في هذا القانون تلك التي تتعلق بحق الأطفال في حفظ خصوصيتهم من تدخلات الأهل، وفيما اعتبر معترضون أن ذلك يمنع الأهالي من مراقبة هواتف أبنائهم وأجهزتهم اللوحية، قال آخرون إن المقصود حماية الأطفال من التعرض لأي انتهاك لحياتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي وليس منع الأهل من الرقابة على أطفالهم.
ويرى ناشطون أن مشروع القانون يتضمن الكثير من الإيجابيات، كحق الأطفال في الرعاية الصحية والتعليم وتوفير مركز متخصص للحماية من الإدمان، وحمايتهم من العنف الأسري الآخذ في الازدياد في المملكة خلال السنوات الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


دستور لحقوق الطفل

 في موازاة كل تلك الآراء المنقسمة، يصف الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة محمد المقدادي، مشروع قانون حقوق الطفل بأنه بمثابة دستور شامل لحقوق الأطفال، يتضمن تشريعات كفيلة بأن تصبح أداة رقابية تحقق لجميع أطفال الأردن القدرة على التعبير عن رأيهم والحصول على تعليم جيد وتغذية جيدة وصحة جيدة.

ورأى مقدادي في القانون وسيلةً للحديث عن الحقوق الواجب توافرها بالتحديد ومَن هي الجهة الواجب أن توفر تلك الحقوق، مضيفاً أن "القانون ليس معنياً بوزارة واحدة أو مؤسسة واحدة وإنما هو قانون يشمل كل الوزارات".
ويعدد مقدادي البنود الجديدة التي جاء بها القانون كالحديث عن توفير الرعاية الصحية الأولية المجانية، وإيجاد مراكز لعلاج الأطفال المدمنين، ومراكز وأندية لتسلية الأطفال، وبرامج الصحة النفسية.

مراعاة الخصوصية الأردنية

وردت وزيرة الدولة الأردنية للشؤون القانونية وفاء بني مصطفى على كافة منتقدي القانون، بالقول إن "الحكومة راعت الخصوصية الأردنية في جميع نصوص والمواد، التي تعهدت بحماية الأمومة والطفولة من كافّة أشكال الإساءة والاستغلال، بالإضافة لإيفاء الأردن بالتزاماته بالاتفاقيات الدولية التي وقع عليها بخاصة اتفاقية حقوق الطفل عام 2006". وأضافت الوزيرة الأردنية أن "الحكومة تحفظت على بنود عدة من بينها المواد 14 و20 و21 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 2006، والتي تتعلق بحرية الدين والمعتقد واختياره، وحرية تغيير الجنس، بالإضافة إلى التبني".
وأوضحت أن "مشروع قانون الطفل يحترم الخصوصية الأردنية بدلالة المادة الخامسة التي تنص بلا لبس على أن التنشئة السليمة للطفل تحترم الحرية والكرامة والإنسانية والقيم الدينية والاجتماعية".
وأصرت الوزيرة بني مصطفى على أن "القانون لا يتعلق فقط بحقوق الطفل الأسرية، وإنما يتيح للحكومة الفرصة اللازمة لتهيئة البنية التحتية المتعلقة بالرعاية الصحية لهم خلال عشر سنوات، بخاصة حقوق الأطفال من ذوي الإعاقة".

فزّاعة "سيداو" مجدداً

 ويعيد الجدل حول قانون الطفل اتفاقية "سيداو" إلى الواجهة مجدداً، حيث يخشى المحافظون من أن تُقْدم الحكومة على تطبيق الكثير من بنودها على الرغم من التحفظ عليها حتى الآن.

أبرز هذه المخاوف تتعلق بالصحة الجنسية والنوع الاجتماعي وهي مفردات بدأت تتسلل إلى الأدبيات الرسمية وتخفي خلفها غموضاً حول ما هو قادم من تشريعات تحت لافتة "إزالة أشكال التمييز كافة ضد المرأة" والتي تطاول الكثير من الضوابط الدينية والاجتماعية كالحضانة والميراث وتشريع حقوق المثليين.
ووقّع الأردن على اتفاقية "سيداو" عام 1992، لكنه لم يصادق عليها في حينه، بسبب التحفظات في الشارع الأردني والبرلمان المخوّل بتمريرها.

المزيد من العالم العربي