Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الإسرائيلية توجه تحذيرات شديدة اللهجة للبنان

الطائرات المسيرة وتهديدات "حزب الله" في صلب النقاش بإسرائيل حول المواجهة المحتملة

هدد غانتس بحرق قيادة الدولة اللبنانية وحذر لبيد بيروت من ارتكاب خطأ يكلف غالياً (الجيش الإسرائيلي)

وصلت تهديدات القيادة الإسرائيلية ضد الدولة اللبنانية ذروتها الثلاثاء 19 يوليو (تموز) الحالي، عندما وقف رئيس الحكومة يائير لبيد ووزير أمنه بيني غانتس على قمة عند الحدود الشمالية، حيث هدد الأخير بـ"حرق قيادة الدولة اللبنانية"، فيما دعا لبيد لبنان إلى "عدم ارتكاب خطأ مع إسرائيل يكلفه ثمناً باهظاً".

حالة العصبية التي بدت على المسؤولَين الإسرائيليين تعكس الضغوط التي تشهدها المؤسستان السياسية والأمنية هناك، في هذه الفترة بالذات عشية الانتخابات البرلمانية، وبعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط التي لم تحقق للبيد الأهداف التي طمح إليها، وفي وقت تكرر تسلل الطائرات المسيرة التي باتت تشكل التحدي الأكبر لإسرائيل.
وفي حين انشغلت إسرائيل بالأزمة الاقتصادية والغلاء وصراعات الأحزاب السياسية من جهة، والنقاشات والخلافات حول سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه حقل "كاريش" للغاز المختلف عليه مع لبنان، قرر لبيد وغانتس غض النظر عن هذه الأزمات والتوجه إلى الحدود الشمالية.

من هناك وجه الاثنان رسالة وصفها لبيد بالحازمة، إذ قال "إن إسرائيل جاهزة ومستعدة للتحرك في مواجهة أي تهديد، وكل مَن يحاول المس بسيادتنا أو بمواطنينا سيكتشف أنه ارتكب خطأً فادحاً".
أما غانتس فرفع من حدة تهديداته وتوجه مباشرةً إلى القيادة اللبنانية بالقول، "تعلم الدولة اللبنانية ويعلم قادتها جيداً أنه إذا ما اختاروا مسار النار فسيتعرضون للحرق والأذى الكبير".

وضمن ما قاله لبيد إن إسرائيل "تعمل وستواصل العمل ضد كل وكيل من وكلاء إيران في المنطقة وبشكل عام، علماً بأن إيران هي أكبر مصدر للإرهاب في العالم"، مضيفاً "سنتحرك بأنفسنا وبالتعاون مع غيرنا من دول هذه المنطقة لكي نحبط المساعي الإيرانية الرامية لزعزعة الاستقرار الإقليمي".

تسلل الطائرة المسيرة

وجاءت تهديدات لبيد وغانتس في وقت بحثت الأجهزة الأمنية سبل التعامل مع الطائرات المسيرة التي تُطلَق من الأراضي اللبنانية باتجاه إسرائيل، بعد أن اخترقت الحدود الشمالية طائرة مسيرة ادعى الجيش الإسرائيلي أنها أُطلقت من لبنان نحو إسرائيل، حيث قام بإسقاطها.
وترى الأجهزة الأمنية في تل أبيب أن هذه الطائرات باتت التحدي الأمني الأكبر لإسرائيل في هذه المرحلة على الأقل.
ولم يخف أمنيون وعسكريون قلقهم من تكرار إطلاق "حزب الله" الطائرات المسيرة سواء نحو الحدود البرية أو المنطقة المحيطة بحقل الغاز "كاريش"، واعتبروا كل طائرة بمثابة رسالة تهديد قد يتصاعد بشأن الخلافات حول الحقل المذكور.

وعلى مدار اليومين الأخيرين وبعد كلمة ألقاها الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله وتسلل الطائرة المسيرة، انشغلت المؤسستان الأمنية والعسكرية في إسرائيل ببحث سبل التعامل مع هذه الوضعية وكيفية ضمان الدفاع البري والجوي والبحري.

وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن الطائرة التي تسللت من الأراضي اللبنانية هي من نوع "درون"، وهي من الطائرات التي تكون في معظم حالات استخدامها محملةً بأدوات لتنفيذ المهمة التي أُرسلت من أجلها وليس فقط مجرد التهديد، مثل أجهزة كاميرات أو حتى قذائف.

ويكمن القلق الإسرائيلي من خطر نجاح مهمة واحدة من هذه الطائرات المسيرة بعد اجتيازها الحدود ووصولها إلى المنطقة المقرر تنفيذ الهدف فيها.

"حزب الله" أولاً

في سياق متصل فإن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي الذي كان لتوه قد ودع قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، بعد زيارته إلى إسرائيل لبحث سبل التعاون حول منظومات الدفاع ومناقشة التهديدات الأمنية في المنطقة، صعد حدة تهديداته تجاه إيران و"حزب الله" وكذلك "حركة حماس"، مؤكداً أن "إسرائيل لن تقف صامتة أمام أي اعتداء أمني على حدودها أو سكانها أو على سيادتها".

وفيما اعتبر كوخافي إيران الخطر الأكبر "ليس فقط على إسرائيل وإنما إقليمياً وعالمياً"، حذر أمنيون من تجاهل تهديدات "الحزب" والطائرات المسيرة ودعوا القيادة إلى التعامل مع المخاطر المحدقة بإسرائيل على أن "حزب الله أولاً"، وحظي هذا الموقف بدعم من مختلف الجهات، ما أعاد النقاش حول الخلاف الحدودي المائي بين إسرائيل ولبنان إلى أعلى الأجندة الأمنية – السياسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق النقاش الإسرائيلي، جاء "في خطاب نصرالله الأخير بأن تل أبيب ملزمة أن تحل نزاعها الحدودي البحري مع لبنان مع حلول سبتمبر (أيلول) القريب، وهو الموعد الذي يُتوقَع أن تبدأ إسرائيل فيه بإنتاج الغاز من حقل كاريش الواقع على مسافة نحو 80 كيلومتراً غرب شواطئ حيفا".

وشكلت هذه الكلمة موضوع نقاش بين الإسرائيليين فانتقد البعض سياسة غانتس، حيث اعتبروا خطاب نصر الله يعكس استخفافه بوزير الأمن الإسرائيلي الذي قال "إذا تطلب الأمر فسنسير مرة أخرى إلى بيروت"، فأوصى أمين عام الحزب، غانتس بأن يتعلم من تجربة "حرب لبنان الثانية" (2006) وقال "نحن قادرون على أن نطلق عدداً كبيراً من المسيرات المسلحة في الوقت ذاته إذا لم يحصل لبنان على حقوقه البحرية".

هذا المضمون وإطلاق مسيرة "درون" عاملان جعلا الملف كله أكبر تحديات إسرائيل في هذه الفترة.

وجاء في أحد التقارير التي ناقشت هذا الجانب أنه "منذ حرب لبنان الثانية، تعاظم حزب الله بشكل واضح، فيما يفرض اليوم أمام إسرائيل تهديدات ذات مغزى كبير جداً تتضمن عشرات آلاف الصواريخ من كل الأنواع، بعضها صواريخ تكتيكية دقيقة قادرة على أن تضرب أهدافاً استراتيجية في إسرائيل. وزودت إيران حزب الله أخيراً أيضاً بمسيرات مسلحة قادرة على ضرب طوافات الغاز الإسرائيلية. ويدور الحديث عن تهديد استراتيجي يتطلب من جهاز الأمن الإسرائيلي استثمار مقدرات وجهود كبيرة في الاستخبارات وفي قدرات الهجوم والدفاع، في ظل علم واضح بأن الجبهة الداخلية الإسرائيلية قد تتعرض لضربة قاسية جداً".

تفويت فرصة الاتفاق على الحدود البحرية

وتعاظمت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل و"حزب الله" منذ بدء العمل في حقل "كاريش" وتحديداً في المنطقة المتنازع عليها، وانتقدت أكثر من جهة تجاهل هذا الخلاف خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، وعدم طرحه في مختلف المناقشات التي تناولت الوضع الأمني في الشرق الأوسط.

واعتبر الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي في إسرائيل، غيورا ايلاند، أن "إسرائيل فوتت موضوعاً واحداً كان يمكن دفعه قدماً وهو التهديد العسكري الأهم تجاهنا الآن من جانب حزب الله. فقد طور التنظيم قدرةً مبهرة وهو مستعد لأن يفتح حرباً في كل لحظة. زعيم حزب الله يفهم أنه لأجل نَيْل شرعية لبنانية لا يمكنه أن يعمل علناً فقط من أجل مصالح إيرانية، وهو ملزَم بحجة لبنانية وطنية". وأضاف ايلاند "ظاهراً، من المجدي جداً للبنان الوصول إلى حدود متفق عليها، إذ إن الأمر سيسمح للدولة بأن تنتج الغاز الموجود بكميات كبيرة أمام شواطئها. والأمر لا يحصل لأن حزب الله يمنع اتفاقاً كهذا".
أما رئيس مركز الأبحاث السياسية والاستراتيجية البحرية في حيفا شاؤول حورف، فحمل متخذي القرار في إسرائيل المسؤولية وتساءل حول إصرار تل أبيب على نصب طوافة كاريش التي تبلغ كلفة حمايتها مبالغ طائلة. وقال "خلال زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل التقى الوسيط الأميركي آموس هوكشتين مع وزيرة الطاقة كارين الهرار وأطلعها على إصرار لبنان على البقاء في مواقفه الأساسية. الموقف اللبناني مقلق على نحو خاص على خلفية التهديدات الأخيرة لزعيم حزب الله لضرب الطوافة. وعلى الرغم من هذا، المفاجئ أنه في كل الخطاب الجماهيري الذي نشأ في الموضوع لم يُطرح السؤال: لماذا اختارت إسرائيل نصب طوافة كاريش في مكان حساس بهذا القدر ما يستوجب تخصيص وسائل كثيرة لحمايتها؟".

المزيد من الشرق الأوسط