Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشجارات العائلية في غزة تحل بفنجان قهوة

تؤكد وزارة الداخلية أنها تفعل القانون ولا تسمح باستخدام السلاح

تتخوف المؤسسات الحقوقية من تفعيل دور الحل العشائري وغياب عدالة القانون (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

أكثر من 3500 عنصر أمن في غزة، حاصروا حياً صغيراً بأكمله، حتى تمكنوا من السيطرة على شجار عائلي استمر يومين، وكان أشبه بحرب أهلية، أطلقت خلاله أعيرة نارية بشكل مباشر صوب المواطنين، وحرق المتشاجرون منازل، وسقط ضحية استخدام السلاح قتيلان بينهما طفلة، و15 إصابة بينها خمسة أطفال، وهذه المشاجرة، تعد الرابعة خلال يومين فقط، والعاشرة خلال شهر يوليو (تموز) الحالي، واستخدمت الأسلحة في جميع المشكلات التي أخذت طابعاً عائلياً، وخلفت عدداً من الإصابات الخطرة في صفوف المواطنين، الأمر الذي أثار مخاوف حقيقية لدى المؤسسات الحقوقية من ظاهرة استخدام السلاح بشكل غير مشروع، وعودة الاقتتال العائلي والانتقام العشائري.

ضحايا استخدام السلاح

ووفقاً لمؤشرات الأفعال الإجرامية في بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية)، وتوثيقات المؤسسات الحقوقية العاملة في الأراضي الفلسطينية، سقط نتيجة استخدام السلاح، سواء في الشجارات العائلية أو لأخذ الثأر أو غيرها من الحالات منذ بداية العام الحالي، 29 قتيلاً، وفي عام 2021 وصل عدد الضحايا إلى 92، وانخفضت الحالات عام 2020، حيث سجلت نحو 65 جريمة قتل.

وتتخوف المؤسسات الحقوقية من فكرة استخدام السلاح المنتشر بين أيدي العائلات، ما يهدد السلم المجتمعي والأهلي، ويثير الفتنة ويعزز الاقتتال الداخلي على خلفيات سياسية أو عائلية، فضلاً عن أن معظم الشجارات باتت تحل داخل مجالس عشائرية وسط غياب عدالة القانون، ما يجعل الأمر أكثر تعقيداً أو قد يكون سبباً في زيادة حالات الاقتتال.

وأيضاً، لم يُخفِ سكان غزة خشيتهم وقلقهم الشديد من ظاهرة ارتفاع حالات القتل والشجارات التي يستخدم فيها السلاح الناري بشكل واسع، وتساءلوا عن الأسباب التي تدفع الجهات الأمنية في القطاع إلى السكوت عن وجود الأسلحة في معظم المنازل.

تصاعد إطلاق النار

وقال رئيس الهيئة الدولية لدعم الفلسطينيين صلاح عبد العاطي إن انتشار السلاح وسوء استخدامه يتصاعد بدرجة كبيرة في غزة، ويعد ظاهرة ملموسة لا يمكن إنكارها، وبات هناك سباق تسلح بين المواطنين والعائلات والعشائر في القطاع، الأمر الذي يشكل تهديداً حقيقياً للسلم الأهلي ولحق الأفراد في الأمن الشخصي وفي الحياة والسلامة الجسدية. وأكد عبد العاطي أن الشرطة الحاكمة في غزة، غضت الطرف مراراً وتكراراً عن مطلقي النار في الخلافات، لذلك من الضروري حماية أركان السلم الأهلي من الأجهزة الأمنية والنيابة العامة (الجهتين المخولتين) بتطبيق وحفظ القانون. وأوضح عبد العاطي أن انتشار الأسلحة يعد أبرز مظاهر غياب سيادة القانون، ومن أهم المشكلات التي تواجه المجتمع وتهدد بنيته ونسيجه، مشيراً إلى أن معظم الشجارات باتت تحل وفق العرف والتقاليد وليس حسب نصوص القانون.

وجود الأسلحة

ويحظر القانون الأساسي الفلسطيني على الأفراد اقتناء السلاح، وتعد حيازته بشكل غير مشروع جريمة بحد ذاتها تعرض صاحبها للمساءلة. وعلى الرغم من ذلك، هناك استثناء أجاز فيه القانون حيازة السلاح للأفراد بغرض الحماية بعد ترخيصه وتسجيله بإجراءات معينة تتبعها وزارة الداخلية.

ويعزو مراقبون انتشار ظاهرة الأسلحة في قطاع غزة إلى طبيعة المجتمع المعروف عنه بالسطوة العشائرية والقبلية وحرص أفراد في العائلات الكبيرة على تكديس السلاح لاعتبارات مختلفة منها التفاخر والتجارة، إلى جانب الصراع بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وإسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن عبد العاطي أشار إلى أن من بين أسباب انتشار ظاهرة الأسلحة في غزة ضعف المنظومة القضائية في ما يخص بعض الحالات التي لها علاقة بالأعمال الثأرية، إلى جانب التهاون في التعامل مع انتشار الأسلحة الصغيرة بين سكان القطاع.

مجتمع عشائري

ومعظم الشجارات التي يستخدم خلالها السلاح بات يناقش ويحل وفقاً لتقاليد عشائرية داخل المجالس العائلية، وبناء على ذلك، تضطر السلطات المحلية الإفراج عن مرتكب المشكلة أو الجريمة على اعتبار توصل طرفي الخلاف إلى حل بينهما.

وقال عبد العاطي إن خلافات كبيرة أصبحت تناقش في مجالس عشائرية وتنتهي المشكلة بعد احتساء فنجان قهوة وقبلات متبادلة، لكن ذلك يعني غياب عدالة القانون، وفي كثير من الأحيان تحيل وزارة الداخلية قضايا إلى العشائر من أجل حلها، لكن من الضروري أن يحاسب مرتكب الجريمة ومطلق النار في أروقة المحاكم وليس بطريقة العشيرة.

واستحدثت وزارة الداخلية هيئة حكومية لشؤون العشائر في غزة للعمل على التواصل مع العائلات لحل الخلافات في ما بينها والتوعية بمخاطر انتشار ظاهرة الأسلحة. وقال منسق عمل الهيئة أحمد شعث إن من أبرز مهام هيئة العشائر والمخاتير نشر التوعية المجتمعية في شأن ضرورة ضبط السلاح المتفلت حفاظاً على السلم الأهلي، ولا ينكر شعث وجود فوضى باستخدام السلاح، مضيفاً، "نواجه، للأسف، حالة فوضى في شأن انتشار السلاح غير المرخص، لا سيما لدى العائلات، وهو أمر يبرز عند الشجارات ويؤدي دائماً إلى سقوط ضحايا من دون اعتبار للقانون"، ولا يخفي شعث ضرورة حصر الأسلحة في أيدي المكلفين إنفاذ القانون، وعناصر الفصائل الفلسطينية فقط، واتخاذ إجراءات مشددة بحق كل مخالف بمن في ذلك من يستخدمه في الشجارات العائلية.

"الداخلية" لا تسمح بإطلاق النار

من جانبه، قال نائب المدير العام للإدارة العامة للعشائر ومدير دائرة الإصلاح في وزارة الداخلية علاء الدين العكلوك إنهم يعملون في 50 لجنة إصلاح بمحافظات قطاع غزة، وتمكنوا من حل أكثر من 85 في المئة من المشكلات العائلية بالتراضي والصفح والود والطرق السلمية، الأمر الذي يسهم بشكل كبير في تحقيق السلم الاجتماعي وتقوية العلاقة بين سكان غزة.

أما من جانب الجهات الحكومية، فقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إياد البزم إن حالات إطلاق النار في الشجارات العائلية أمر غير مقبول وخطير والأجهزة الأمنية لا تتعاون مع مطلقي النار ويتم توقيفهم مباشرة ومصادرة السلاح المستخدم، وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم. وأوضح البزم أن الأجهزة الشرطية لا يمكنها أن تتنبأ بوقوع الجرائم لكنها تقوم باتخاذ الإجراءات القانونية بشكل سريع من أجل استتباب الأمن، وعدم تحول الأمر إلى حال فلتان أمني، مرجعاً سبب انتشار السلاح بحكم وجود إسرائيل والفصائل، لكنه يشير إلى أن ذلك غير مبرر لاستخدام السلاح.

المزيد من تقارير