Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العمالة الوافدة في الأردن... معاناة وانتهاكات

يعاني أغلبهم طول ساعات العمل وسوء المعاملة وغياب الحماية الاجتماعية والشكاوى الكيدية

وزارة العمل الأردنية قالت إنها عدلت قانون منع الاتجار بالبشر بما يكفل محاربة أي انتهاكات لحقوق العاملين الوافدين  (تصوير : صلاح ملكاوي – اندبندنت عربية)

يتناقل الأردنيون بتندر قصة إحدى العاملات من الجنسيات الآسيوية، التي واظبت على العمل في منزل مواطن أردني طوال عشرات السنين من دون أن تتلقى راتبها ظناً منها أنه يتم توفيره لها. لكن هذه القصة تخفي وراءها عشرات القصص المماثلة التي تعبر عن شكل من أشكال معاناة العمالة الوافدة.

فقد كشف مركز "تمكين" المتخصص بالمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عشرات القصص لعمال وعاملات تعرضوا لانتهاكات جسيمة، كالعمل من دون أجر أو حجز أوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهم لمنعهم من السفر، أو حتى تكليفهم بأعمال شاقة، أو تأجيرهم للعمل في منازل أخرى خلافاً للقوانين، إضافة للدعاوى الكيدية ضدهم.

ثقافة العيب

ووفقاً لبيانـات وزارة العمـل يحتل العمال من الجنسية المصرية النسبة الأكبر في عدد العمالة الوافدة للأردن، حيث يوجد نصف مليون عامـل مصري في المملكة، ويليهم العمال القادمون من بنغلاديش والهند والفيليبين.

ويعمل عديد من هؤلاء في المناطق الصناعية المؤهلــة والعمـل المنزلي ومن ثم قطاعـات الزراعـة والتشييد وتجـارة الجملة والتجزئة.

لكن مواطنين أردنيين يضيقون ذرعاً بالعمالة الوافدة ويرى بعضهم أنها أخذت مكانهم وفرصهم، بينما يقول آخرون إن ثقافة العيب تمنع الشباب الأردني من العمل في وظائف يقبل عليها الوافدون.

فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة العمال الوافدين في قطاع الإنشاءات 8 أشخاص مقابل 3 أردنيين فقط، بينما تبلغ نسبة الأجانب نحو 70 في المئة في المهن الميكانيكية والزراعية.

قانون لمنع الاتجار بالبشر

وزارة العمل الأردنية قالت إنها عدلت قانون منع الاتجار بالبشر بما يكفل محاربة أي ممارسات أو انتهاكات لحقوق العاملين الوافدين، حيث تصل بعض العقوبات إلى الحبـس بالأشغال الشـاقة والغرامـة التـي تصل قيمتها إلى 14 ألف دولار.

وتتحدث الحكومة الأردنية عن تجربتها التي عززتها بإنشاء صندوق لتعويض ضحايا الاتجار بالبشر أو حقوق العاملين الوافدين، فضلاً عن توفير أماكن مناسبة لإيوائهم وتوفيــر الحماية الأمنية اللازمة وتأمين الاتصال بذويهم أو سفارة الدولة التي يحملون جنسيتها. وتوفيـر سـبل الحصـول علـى تعويـض مادي عاجـل لهم.

ويندرج تحت قائمة جرائم الاتجار بالبشر في القانون الأردني استغلال العمال الوافدين في الأعمال الجنسية والتعذيب الجسدي والإيذاء النفسي وحرمانهم من حق الإقامة المؤقتــة، والعمل من دون أجر.

انتهاكات العمالة المنزلية

أمــا في ما يتعلــق بعــدد المشتغلين فــي العمــل المنزلــي، فاحتلت الجنسية الإثيوبية النسبة الأكبر تليها الجنســية الفيليبينيـة، وذلك بسبب كلفــة اســتقدامهم المنخفضــة مقارنــة مــع الجنســيات الأخرى.

من بين قصص الانتهاكات الموثقة عاملة منزل من الجنسية النيبالية، تعمل في بيت مخدومها منذ عام 2019، أجبرت على العمل بعد انتهاء العقد ورغبتها بالعودة إلى بلدها من دون أن تتقاضى أجورها لمدة عام ونصف العام، فضلاً عن حرمانها من التواصل مع أهلها في نيبال.

وبعد تدخل وحـدة مكافحة الاتجار بالبشـر بسـبب الانتهاكات الواقعـة علـى العاملـة، أجبر صاحب العمل على دفع مبلــغ 7500 دولار للعاملــة وحجــز تذكـرة سـفر لهـا للمغادرة إلى بلدها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي قصة أخرى حضــرت عاملة نيباليــة الجنســية أيضاً إلى المملكــة للعمــل في منــزل لمــدة ســنتين ولــم تســتلم أجــورها طيلـة فتـرة عملهـا سـوى مـرة واحـدة. وبعد أن اشتكت لسفارة بلادها من عدم تقاضيها أجورها اتهمها صاحـب العمل بالسـرقة، ما أدى إلى القبــض عليها وتحويلهــا إلى المدعــي العــام قبل أن يصدر قراراً بتبرئتها لاحقاً.

وتعرضت عاملـة منـزل مـن الجنسـية الفيليبينيـة حضـرت إلى الأردن فـي شـهر مارس (آذار) مـن عام 2006، إلى انتهاك عمالي كبير، فبعد أن عملــت لــدى صاحــب العمــل 11 عــاماً وتسلمت جميــع رواتبهــا، وقد كان راتبهــا فــي البدايــة 200 دولار ومــن ثــم ارتفــع ليصبــح 300 دولار، حاول ابن صاحب العمل بعد وفاة والده أن يجبرها على العمل عنده من دون مقابل، إضافة للاعتناء بطفليه من ذوي الاحتياجات الخاصـة لساعات طويلة.

انتهاكات في القطاع الزراعي

يعد القطاع الزراعي واحداً من أبرز القطاعات التي يتعرض فيها العاملون الوافدون لانتهاكات جسيمة، حيث إن أغلب العاملين فيه من الجنسية المصرية.

تسرد مؤسسة "تمكين" قصة عشرات العمال من الجنســية المصريــة الذين يعملــون لــدى صاحــب عمل منذ عام 2019 براتــب يومــي مقــداره 35 دولاراً من دون احتساب أي بــدل عمــل إضافي، وبســبب عــدم دفــع أجورهــم تــرك العمــال العمــل علــى الرغــم مــن رصــد مبلــغ 1000 دولار مســتحقة لهــم، فقد اضطــر أحدهم للمغادرة بســبب الأوضاع الســيئة.

وإثر تسجيل قضية عمالية ضد صاحب العمل أقر القضاء الأردني بإلزام صاحـب العمـل دفـع مبلـغ ألف دولار لكل عامـل إضافة لأتعاب المحامـاة والفائدة القانونية.

وبحسب مراقبين تتسبب بعض التعليمات والقوانين بالتضييق على العاملين في قطاع الزراعة كمنع انتقال العامـل مـن صاحـب عمـل إلى آخر حتـى بعـد انتهاء تصريـح عمله إلا بشرط الحصول على وثيقـة تنـازل مـن صاحـب العمـل مما يبقيهم تحت رحمــة الأخير ويعرضــهم للاستغلال.

كما يعاني العاملون في قطاع الزراعة من غياب مظلات الحماية الاجتماعية كالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، على الرغم من وجود مخاطر عمل كالمخاطــر الميكانيكيــة والكهربائية والكيماوية.

ويقول حقوقيون إن من بين الممارسات التي يواجهها العمال الوافدون الاحتجاز الإداري بسبب الصلاحيـات الفضفاضـة التـي منحهـا قانـون منـع الجرائـم للحاكـم الإداري، حيث سـمح لـه باللجـوء إلى التوقيـف الإداري بحق كل مــن وجــد فــي مــكان عــام أو خــاص فــي ظــروف تجلب شبهة ارتــكاب أي جــرم أو المســاعدة علــى ارتكابــه.

 لكن هذا القانون وفقاً لمراقبين يطبــق بصــورة تعســفية ضــد العمــال المهاجريــن وبطريقــة تخالــف القانــون الأردني واتفاقيـات حقـوق الإنسان.

سمسرة

بدوره قال مرصد العمال الأردني إن قائمة الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون لا تقف عند حد تدني الأجور وطول ساعات العمل وسوء المعاملة وغياب الحماية الاجتماعية، بل تمتد إلى تحميل هؤلاء العمال عبء نظام الكفالة، وهو نظام وهمي (سمسرة) ابتدعه أصحاب العمل مقابل تسجيل هؤلاء العمال في وزارة العمل.

وبموجب نظام الكفالة فإن كثيرين من أصحاب العمل يخصمون رسوم الكفالة من رواتب العمال بدلاً من أن يتحملوها، كما أنه باب للكفالة الوهمية، إذ يضطر كثير من الوافدين لشراء الكفالة التي تصل قيمتها في بعض الأحيان إلى ألف دولار مقابل تسجيلهم رسمياً في وزارة العمل.

ويقدر عدد العمال الوافدين في الأردن بنحو مليون عامل وعاملة، لكن عدد من يمتلك تصاريح عمل منهم لا يزيد على 348 ألفاً، الأمر الذي يفسر وقوع انتهاكات بحق غير الحاملين للتصاريح في الغالب، وفي عام 2021 أعلن الأردن عن ترحيل 90 ألف عامل وافد غير قانوني من بين نصف مليون وافد غير قانوني.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير