Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"التيار الديمقراطي" الجزائري يرفض تقديم "تنازلات" بعد فشل تحديد موعد لـ"مؤتمر جامع"

يعني ذلك عدم حصول بن صالح على "شرعية سياسية" لاستمرار ولايته لما بعد 9 يوليو

تظاهرة مناهضة للحكومة في العاصمة الجزائرية (أ. ب.)

مثلما كان متوقعاً، لم تتمكن ثلاثة فصائل جزائرية من التوافق حول تاريخ محدد لـ"مؤتمر جامع" نهاية الشهر الجاري، ليس فقط بسبب عدم جاهزية البعض مثلما سُوّق، وإنما لتباعد نظرة كل طرف للحل المقترح سياسياً، لا سيما موقع رئيس الدولة عبد القادر بن صالح ودور المؤسسة العسكرية فيه. وحاول تكتل حزبي موسع من ثمانية أحزاب استمالة موقف تكتلٍ ثانٍ يقوده حزبان معارضان، هما "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، بغية عقد مؤتمر يجمع الكل عبر إضافة منتدى برز أخيراً تحت اسم "فعاليات المجتمع المدني"، إلا أن تلك الجهود سقطت في الماء من البداية، قياساً إلى حجم التباعد في المواقف بين الطرفين.
 

سقوط مؤتمر 29 يونيو
 

وكانت فكرة ما يُعرف بـ"فعاليات التغيير لنصرة خيار الشعب"، تتلخص في عقد اجتماع موسع في الـ29 من يونيو (حزيران) الحالي، كتاريخ لندوة وطنية تناقش الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، على أن تخرج مجتمعةً بوثيقة توافق وطني حول خريطة طريق موحدة تجمع مقترحات أحزاب المعارضة للخروج من الأزمة.
وذكرت مصادر قيادية في هذا التكتل أن الأخير كان سيقدم مقترحاً "وسطاً" يقضي بإقالة رئيس الوزراء الحالي نور الدين بدوي، مقابل تشكيل حكومة توافقية بصلاحيات واسعة تشرف على تنظيم الانتخابات، و"الحل الوسط" هذا يأتي من باب الاعتبار لـ"فيتو" المؤسسة العسكرية، على عدم الخروج عن نص دستور البلاد، وهو عامل يتوفر أو ينقضي، باستمرار عبد القادر بن صالح، رئيساً للدولة أو رحيله.
ويعني فشل هذا اللقاء عدم حصول بن صالح على "شرعية سياسية" لاستمرار ولايته لما بعد 9 يوليو (تموز) المقبل، بعدما حصل على تزكية من المجلس الدستوري لمواصلة مهماته إلى حين تنظيم انتخابات رئاسية.
وتوافقت قوى المعارضة من هذا الباب على توجيه دعوة إلى كل من "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" و"جبهة القوى الاشتراكية"، إلى جانب شخصيات وطنية أبدت موافقتها على غرار أحمد طالب الإبراهيمي وجميلة بوحيرد، شقيقة الشهيد العربي بن مهيدي ورشيد بن يلس وأحمد بن بتور ويوسف الخطيب وأحمد بن محمد وعلي بن محمد وناصر جابي ولخضر بورقعة إضافة إلى ممثل عن منظمة المجاهدين، وأخيراً ممثلين عن "فعاليات المجتمع المدني".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"المجتمع المدني" يرفض بحجة عدم الجاهزية
 

في النهاية، قررت اللجنة التنظيمية المكلفة تحضير الندوة الوطنية للمعارضة، تأجيل موعد الندوة إلى موعد لاحق بسبب تحجج جمعيات المجتمع المدني بعدم جاهزيتها. وكانت اللجنة التنظيمية استحدثت ثلاث لجان هي "لجنة الرؤى السياسية" التي تهتم بالمبادرات والقراءات السياسية المتداولة في الساحة و"لجنة التنظيم" و"لجنة الاتصال التقني".
وقال القيادي في "حركة مجتمع السلم" الإسلامية عبد الرحمن سعيدي حول "التنازلات" التي تقبل بها حركته، إن "هناك أطرافاً تدفعنا إلى الخروج من مساحاتنا ولا يغريهم التنازل لأنه يقتضي منهم تنازلاً وهم لا يريدون ذلك". وتابع "مثلاً، يريدون فترة انتقالية وليس إجراء انتخاب، يريدون منا إيثاراً سياسياً بقبول مشروعهم وأفكارهم كما يعرضونها من دون تنازلات".
وقصد سعيدي كلاً من "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وأحزاب أخرى من "التيار الديمقراطي"، إذ أبدت جبهة القوى الاشتراكية تحفظاً كبيراً على أي حوار "ما دام الوضع لم يتغير بعد، نحن نتحدث عن أزمة سياسية ورئيس الأركان (أحمد قايد صالح) يتحدث عن مشكلة الرايات"، كما أن "المؤسسة العسكرية تبدي اهتماماً بمحاربة العصابة فقط... المشكلة هي أن العصابة الآن تحارب نفسها".
وكانت مبادرة فعاليات المتجمع المدني التي طُرحت للنقاش على الساحة السياسية، تنص على خمسة محاور هي "تنصيب شخصية وطنية أو هيئة رئاسية توافقية تشرف على مرحلة انتقالية للعودة إلى المسار الانتخابي، وذلك لمدة 6 أشهر إلى سنة على أقصى تقدير وتشكيل حكومة كفاءات وطنية لتسيير الأعمال، مع تنصيب هيئة مستقلة للإشراف وتنظيم والإعلان عن نتائج الانتخابات، مع ضمان آليات المراقبة". كما يجب قبل ذلك "فتح حوار وطني شامل مع فعاليات الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية وناشطين من الحراك، بخصوص الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، ووسائل الخروج من الأزمة يتوَّج بندوة وطنية، مع الإسراع في الانتقال الديمقراطي السلس وفق مسار انتخابي يجسد القطيعة مع منظومتَي الاستبداد والفساد ويضمن بناء مؤسسات شرعية ذات مصداقية".
 

أي دور للمؤسسة العسكرية
 

وتقترب المبادرات وتتباعد عند نقطة المؤسسة العسكرية، فبعض الأحزاب تمتنع عن قبول دعوة أحزاب المعارضة على أساس توجسها من دور مرتقب للجيش، سواء بمرافقة الانتقال أو أن تكون طرفاً مباشراً فيه، في حين لا تخفي "فعاليات التغيير لنصرة خيار الشعب"، تغزلها بالمؤسسة العسكرية من دون عقدة، بل تعتبرها "المؤسسة الدستورية الوحيدة التي تحقق الإجماع بين الجزائريين".
من هذا الباب، اقترح رئيس حزب "عهد 54" فوزي رباعين الذي ترشح لأربع دورات رئاسية سابقة، إجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية السنة الجارية. وأعرب رباعين، الذي لحق أخيراً بمبادرة أحزاب المعارضة، عن أمله في أن "تواصل المؤسسة العسكرية مرافقتها لمطالب الحراك الشعبي الداعية لرحيل كل رموز النظام السابق".
أما رئيس "جبهة العدالة والتنمية" الإسلامية عبدالله جاب الله، فكان حديثه أكثر صراحة من باقي الشخصيات السياسية، إذ ذكر في مطلع الأسبوع أن "الحوار الجاد والمسؤول مع المؤسسة العسكرية أو مع ذوي المصداقية الشعبية من المدنيين، هو الوسيلة الأنجع لتجاوز الأزمة"، أي أنه يقدم الجيش طرفاً مباشراً في الحوار.
وقال جاب الله إن "الحالة التي تعيشها البلاد لا تُحل إلا بالحوار الجاد والمسؤول مع المؤسسة العسكرية أو مَن تكلف من المدنيين ذوي المصداقية الشعبية حول كيفية تفعيل المادة السابعة من الدستور"، لأن "نص هذه المادة الذي يحصر السلطة في يد الشعب، هو ما يجسّد مطالب الشعب ويمكّنه من استرجاع سلطته وممارسة حقه في السيادة ورسم مستقبله بنفسه". 
وفي موقف شبيه، رأى رئيس "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري أنه تتحكم بالساحة السياسية في الجزائر حالياً قوتان فعليتان تستطيعان على الفعل ولو بدرجة متفاوتة، هما المؤسسة العسكرية والحراك الشعبي، مضيفاً أن "المؤسسة العسكرية تجاوبت مع مطالب الحراك وهذه نعمة وجب أن نحمد الله عليها". أما رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، فتوجه إلى الطبقات الشعبية الناشطة في الحراك الشعبي بالقول "عليكم أن تشرحوا بدقة مفهوم كلمة إرحل، وذلك من خلال التفكير في كيفية بناء جزائر الغد". وأضاف "حان الوقت لأن نعود إلى بناء جمهورية جزائرية شعبية وليس جمهورية نخبوية، تمثل نفسها وصية على الشعب". كما أكد أنه "حان الوقت للحراك الشعبي أن يفكر في ما بعد التغيير، لضمان مستقبل أبناء وأحفاد الجزائر".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي