لا يزال اختيار زعيم جديد لـ "المحافظين" في بريطانيا موضع تجاذب داخل الحزب. فقد انقسم نواب ينتمون إلى "مجموعة الأبحاث الأوروبية" European Research Group (ERG) (فريق بحثي يضم النواب "المحافظين" المتشككين في الاتحاد الأوروبي) حول المرشح الأفضل الذي سيناصر موضوع الخروج البريطاني من الكتلة الأوروبية، مما يؤشر إلى انقسام أوسع في جناح اليمين داخل الحزب، على الشخصية التي ستنافس المرشح الأوفر حظاً ريشي سوناك وزير الخزانة السابق.
وبات من المحتمل أن تحظى المدعية العامة سويلا برافرمان بدعم هذه المجموعة داخل حزب "المحافظين" بعدما أيدها كل من ديفيد جونز نائب رئيس "مجموعة الأبحاث الأوروبية"، والسير برنارد جينكن الشخصية البارزة في فريق ERG يوم الأربعاء الفائت.
لكن مارك فرانسوا رئيس "مجموعة الأبحاث الأوروبية"، اتخذ خياراً مغايراً عندما جاهر بدعم منافسة برافرمان ليز تراس وزيرة الخارجية البريطانية التي أيدت بقاء المملكة المتحدة ضمن الكتلة الأوروبية، والتي عززت أوراق اعتمادها وترشحها للمنصب بموقف متشدد من "بروتوكول إيرلندا الشمالية" Northern Ireland Protocol (يحكم قضايا الجمارك والهجرة على الحدود في الجزيرة ما بين إيرلندا وبريطانيا وإيرلندا الشمالية والاتحاد الأوروبي، لكن منذ بدء تنفيذه أثار خلافات بين لندن وبروكسل لأنه عطل التجارة بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية).
ورداً على سؤال من صحيفة "تليغراف" عن الشخصية المفضلة لخلافة رئيس الوزراء الراهن بوريس جونسون قال فرانسوا، "قررت شخصياً التصويت لمصلحة ليز تراس كي تكون الرئيسة المقبلة لحكومتنا".
وأضاف أن "أجندة خفض الضرائب التي وضعتها وزيرة الخارجية تحظى بدعم من جانب مختلف أعضاء الحزب، وهي في المقابل تمتلك الخبرة والقدرة القيادية اللازمة لتوحيد حزب المحافظين في هذه الأوقات العصيبة".
المفارقة أن دعم فرانسوا للسيدة تراس يشبه الحماسة التي يبديها حيالها مؤيدا الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي جيكوب ريس موغ (وزير الدولة لفرص "بريكست") ونادين دوريس (وزيرة الدولة للثقافة والإعلام والرقمية والرياضة) اللذان زعما أن تراس كانت "أشد دعماً منا لمغادرة المملكة المتحدة الكتلة الأوروبية".
أما حليفه القديم ستيف بيكر الرئيس السابق لـ "مجموعة الأبحاث الأوروبية" الذي يصف نفسه بأنه "من غلاة المتشددين إزاء الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي"، فأعرب عن تأييده لحملة السيدة برافرمان قائلاً إن من الضروري أن يكون لدى رئيس الوزراء المقبل "إيمان حقيقي وراسخ بـ ’’بريكست”".
وفي الوقت الذي اختار فيه بعض داعمي الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي في الحزب كيمي بادنوك (وزيرة الدولة البريطانية لشؤون المساواة)، ألقى الناشط في حملة "المغادرة" جون بارون، وهو شخصية بارزة أخرى في "مجموعة الأبحاث الأوروبية"، بثقله خلف بيني موردونت (وزيرة الدولة البريطانية لشؤون التجارة).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن بيكر انتقد بقوة مدى صدق مواقف السيدة موردونت في ما يتعلق بتشريع "بريكست"، وقال لراديو "إل بي سي"، "أنا آسف بيني لكن أين كنت عندما كنت بحاجة إليك؟ كان من المفترض أن تكوني من مؤيدي الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي".
السير برنارد رئيس اللجنة التوجيهية لـ "مجموعة الأبحاث الأوروبية" قال إن "السيدة برافرمان هي من أكثر الناس الذين قابلتهم جرأة والتزاماً بالمبادئ والقيم على الإطلاق، وهي شخص لم يقبل المساومة في مسألة مغادرة المملكة المتحدة للكتلة الأوروبية".
مصدر من حزب "المحافظين" أكد لـ "اندبندنت" أن "مجموعة الأبحاث الأوروبية" وافقت يوم الثلاثاء على دعم كل من السيدتين تراس وبرافرمان للبقاء داخل حلبة المنافسة على زعامة الحزب في الوقت الراهن.
إستير ماكفي المؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي أثارت دهشة الآخرين بانضمامها إلى فريق جيريمي هانت في عطلة نهاية الأسبوع، في وقت سعى فيه وزير الصحة السابق المعتدل إلى كسب بعض الدعم من ناشطي المغادرة البريطانية للاتحاد الأوروبي داخل الحزب.
ومن خلال مقارنة ماكفي بجون بريسكوت نائب رئيس الحكومة البريطاني السابق توني بلير، أكد هانت أنه سيعينها نائباً لرئيس الوزراء، وقال "لقد فازت في انتخابات عدة ضد حزب "العمال" في الشمال في وقت كنت أنا أفوز بالانتخابات ضد "الديمقراطيين الأحرار" في الجنوب".
السيدة ليز تراس خاطبت أنصار الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي من خلال ادعائها أنها كانت خلال استفتاء "بريكست" العام 2016" مؤيدة مترددة لبقاء بريطانيا في الكتلة الأوروبية". وقالت لصحيفة "ذا سبيكتيتور"، "إن أتيح لي التصويت الآن فسأصوت على مغادرة الاتحاد الأوروبي". وأضافت، "كنت مؤيدة مترددة للبقاء داخل الكتلة، إذ كنت مخلصة في ولائي لرئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون".
وزيرة الخارجية أكدت في المقابل لنواب حزب المحافظين أنها "ستكون مستعدة" لسحب المملكة المتحدة من "الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان" European Convention on Human Rights إذا ما أخفقت الإصلاحات التي تهدف إلى الحد من نفوذ القضاة في ستراسبورغ.
غير أن فريق تراس أصر على الإشارة إلى أن خطوة من هذا النوع ستكون الملاذ الأخير، وأن الطريقة الفضلى لدى المتنافسين للحد من تأثير "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان" في ستراسبورغ تكون من خلال "مشروع قانون الحقوق" الذي قدمته الحكومة.
وكان جيريمي هانت وزميله المرشح توم توغندات وعدا بالمضي قدماً في التشريع المثير للجدل الذي اقترحه بوريس جونسون في شأن تحرك حكومة المملكة المتحدة نحو إعادة صياغة "بروتوكول إيرلندا الشمالية" من جانب واحد، في تحد للاتحاد الأوروبي.
ووعد كلا المرشحين المعتدلين المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي بالمضي قدماً في "مشروع قانون بروتوكول إيرلندا الشمالية" Northern Ireland Protocol Bill على الرغم من التحذيرات من أنه سينتهك القانون الدولي.
© The Independent