بعد ما يقارب شهرين على تفشي مرض "جدري القرود" في عدد من دول العالم، وتحديداً في منتصف شهر مايو (أيار) الماضي، أعلنت وزارة الصحة السعودية، الخميس 14 يوليو (تموز)، رصد أول حالة إصابة بالمرض لشخص عائد من خارج البلاد.
وبحسب البيان المقتضب الصادر عن وزارة الصحة، فإن الحالة المصابة تم تسجيلها في الرياض، وهي تخضع للرعاية الطبية المعتمدة للتعامل مع المرض، لافتة في الوقت ذاته إلى أنه تم حصر جميع المخالطين للحالة الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض.
ارتفاع حصيلة الإصابات
وسبق أن سجلت دولة الإمارات إصابات بهذا المرض في أواخر مايو الماضي، بعد أيام من بدء ظهور حالات إصابة في كل من إسبانيا، حيث انتشرت عدوى "جدري القرود"، وسجلت نحو 80 إصابة مؤكدة في بديات الظهور، إضافة إلى 11 حالة في الفترة ذاتها في بريطانيا، ولكن هذه الإحصائيات نمت بشكل كبير خلال الشهرين الماضين، وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ارتفعت حصيلة الإصابات المؤكدة بهذا المرض، بشكل كبير، وتخطت عتبة الـ10 آلاف إصابة في أكثر من 60 بلداً، في تفش تعد أوروبا الأكثر تأثراً به.
ومع ارتفاع عدد الإصابات بالمرض في دول عدة من العالم، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن لجنة الطوارئ الخاصة بـ"جدري القرود" التابعة لها، ستعقد الخميس المقبل، اجتماعاً لتحديد التدابير التي يتعين اتخاذها في مواجهة التفشي الراهن للمرض، وستحدد اللجنة، في الاجتماع المقرر الأسبوع المقبل، مدى خطورة تزايد الإصابات بهذا المرض، وما إذا كانت ستصنفه "حالة طوارئ صحية دولية"، وهو أعلى مستوى تنبيه للمنظمة، والاجتماع سيكون الثاني للجنة بعد أن استبعدت في اجتماعها الأول، في 23 يونيو (حزيران) الماضي، رفع مستوى التنبيه.
وأعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس مراراً عن قلقه إزاء تفشي المرض خارج البلدان المتوطن فيها، وحث الدول الأعضاء في المنظمة على اتخاذ التدابير المناسبة للحد من التفشي، وعاد ليجدد مخاوفه، خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة السويسرية، جنيف، الثلاثاء الماضي. وقال إنه يشدد "مجدداً على ضرورة العمل لوقف التفشي، وأوصي الحكومات بوضع آلية تتبع لحالات الاختلاط لمراقبة الفيروس ومكافحته ومساعدة الأشخاص الموضوعين في العزل".
وسبق لمنظمة الصحة العالمية أن أشارت إلى أنه لا يوجد للقاح خاص لـ"جدري القرود"، لكنها نوهت إلى أن التطعيم السابق ضد الجدري أثبت نجاعة عالية في الوقاية أيضاً من المرض الجديد وبنسبة 85 في المئة، إذ تتمكن من القضاء على أعراضه المتمثلة بالطفح الجلدي والحمى والصداع.
واكتشف المرض، للمرة الأولى، لدى القرود، لذلك سمي هذا الاسم، عام 1958، وتم اكتشاف أول إصابة لدى الإنسان به، عام 1970، في أفريقيا، وعرفت المنظمة المرض، على أنه مرض نادر يحدث أساساً في المناطق النائية من وسط أفريقيا وغربها، قرب الغابات الاستوائية الماطرة، وهو مرض فيروسي حيواني المنشأ ينقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان، وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها، في الماضي، المرضى المصابون بالجدري، ولكنه أقل شدة.
سلالة "الكونغو"
ومع أن الجدري كان قد استؤصل، عام 1980، فإن "جدري القرود" لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا، كما ينتمي فيروس المرض إلى جنس الفيروسات الجدرية التابعة لفصيلة فيروسات الجدري. وعلى الرغم من تعافي معظم المصابين بعد أسابيع قليلة، فإن المرض يشكل خطراً جسيماً إذا نتج عن سلالة "الكونغو" الأخطر بنسبة وفيات تصل إلى 10 في المئة، بحسب منظمة الصحة العالمية.