تبنى مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء الـ12 من يوليو (تموز)، قراراً ينص على تمديد آلية المساعدة عبر الحدود إلى سوريا مدة ستة أشهر حتى 10 يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو موعد فرضته روسيا تخفيضاً لمدة السنة التي كانت مقترحة.
وتم تبني القرار بأغلبية 12 صوتاً من أصل 15. والأصوات الموافقة هي لروسيا والصين والأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن، فيما امتنعت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا عن التصويت لعدم موافقتها على المدة التي تعتبرها غير كافية للتخطيط لإيصال المساعدات بشكل صحيح.
وقال سفير دولة عضو في مجلس الأمن لوكالة الصحافة الفرنسية طالباً عدم ذكر اسمه، إن ما جرى في المجلس هو أن "روسيا نجحت في لي ذراع الجميع: إما أن تظل الآلية معطلة، أو تمدد لستة أشهر... لم يكن بإمكاننا أن ندع الناس يموتون" جوعاً خلال الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه الاثنين بين أعضاء المجلس.
آلية لتجاوز النظام السوري
ولاعتماد أي مشروع قرار، يجب أن يجمع ما لا يقل عن تسعة أصوات من أصل 15 من دون معارضة أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، وهم الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين.
وينص الاتفاق على أن تستأنف الأمم المتحدة استخدام معبر باب الهوى الواقع على الحدود بين سوريا وتركيا، علماً بأنه الممر الوحيد الذي يمكن أن تنقل من خلاله مساعدات الأمم المتحدة إلى المدنيين من دون المرور في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري. والمعبر لم يعد متاحاً للأمم المتحدة منذ مساء الأحد الماضي.
وتم إنشاء آلية عبور الحدود في عام 2014، وهي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية من دون موافقة من النظام إلى أكثر من 2.4 مليون شخص في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، التي ما زالت تحت سيطرة تنظيمات متطرفة وفصائل معارضة.
"خذلان الأطفال"
ويتضمن القرار الذي صاغته إيرلندا والنرويج، إمكانية تمديد الآلية في يناير 2023 لمدة ستة أشهر رهناً باعتماد قرار جديد، على النحو الذي اقترحته روسيا الأسبوع الماضي.
وأعربت كل من إيرلندا والنرويج عن ارتياحهما إثر تبني القرار لإمكان استئناف عمل الآلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" غير الحكومية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان قائلة، "إنه لأمر شائن أن تنجح روسيا مرة أخرى في ابتزاز أعضاء المجلس، هذه المرة من طريق تقليص فترة التجديد إلى ستة أشهر حتى ينتهي التفويض في منتصف الشتاء".
وقال تامر كيرلس، مدير الاستجابة لسوريا في منظمة "أنقذوا الأطفال" (سيف ذا تشلدرن)، إن "التجديد مدة ستة أشهر غير كافٍ ويخذل بعض الأطفال الأكثر ضعفاً في العالم".
وأضاف أنه يطرح "تحديات كبيرة... بشكل خاص لأن هذا القرار سينتهي خلال الشتاء القارس في سوريا، عندما يتحمل الأطفال وأسرهم -ومعظمهم يعيشون في مخيمات- درجات حرارة باردة لا يمكن تصورها من دون ملابس دافئة أو طعام أو تدفئة لحمايتهم".
سيادة سوريا
واستخدمت موسكو حق النقض الجمعة ضد تمديد الآلية لمدة عام واحد في شكل شبه تلقائي، أي لمدة ستة أشهر ثم ستة أشهر أخرى، وفق ما قررت الأمم المتحدة قبل عام في يوليو 2021.
ويدعو القرار الذي تم تبنيه الاثنين إلى رفع تقرير خاص إلى الأمين العام للأمم المتحدة في شأن الاحتياجات الإنسانية بحلول 10 ديسمبر (كانون الأول) على أبعد تقدير، ويطالب بإحاطة كل شهرين في شأن تطبيق هذه الآلية وتلك التي تسمح بإيصال المساعدات من دمشق عبر الخطوط الأمامية.
وتعتبر روسيا أن الآلية العابرة للحدود تنتهك سيادة سوريا وترغب منذ فترة طويلة بإعطاء الأولوية للمساعدات الإنسانية عبر الخطوط الأمامية انطلاقاً من العاصمة دمشق. وتعتبر الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى كلتا الآليتين لتلبية احتياجات السوريين.
إعادة تأهيل سريعة
ويدعو القرار كذلك إلى زيادة الجهود الإنسانية في مجالات المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والكهرباء، فضلاً عن "مشاريع لإعادة التأهيل السريعة" في ما يتعلق بتوفير مساكن للنازحين.
ويبدو أن الغربيين الذين رفضوا حتى الآن دعم أي بداية لإعادة الإعمار في سوريا طالما لم تنفذ أي إصلاحات سياسية، خففوا من موقفهم في شأن هذا الموضوع الحاسم بالنسبة إلى موسكو التي لا تملك الوسائل لتمويل قطاعات كاملة من الاقتصاد السوري المدمر منذ بداية الحرب في عام 2011.
ومن ثم، تم تقديم تنازل آخر لروسيا في القرار الذي يشجع على إجراء حوار تفاعلي غير رسمي لمجلس الأمن كل شهرين مع الجهات المانحة والأطراف الإقليمية المعنية والمنظمات الإنسانية في شأن "مشاريع لإعادة التأهيل السريعة" على وجه الخصوص.