Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بـ"مشاركة السيارة"... مغاربة يسافرون بأقل المصاريف

معروفة عالمياً بـ"كوفواتيراج" وبدأت الانتشار في المغرب خلال كورونا والبعض يتخوف من استخدامها لأسباب تتعلق بالأمن

لقي نظام مشاركة السيارة للتنقل قبولاً كبيراً في المغرب (مواقع التواصل)

"في الأزمات تتفتق الحيل والأفكار"، هكذا اقتفى عدد من المغاربة أسلوب التنقل المعروف عالمياً بـ"كوفواتيراج"، أو "مشاركة السيارة"، أو "النقل المشترك"، من أجل مواجهة ارتفاع أسعار المحروقات، أو لتجاوز فوضى التنقل عبر المدن في مناسبات عدة، مثل مناسبة عيد الأضحى، أو خلال الأزمات الوبائية التي تحظر التنقل بين المناطق، مثل ما حصل أثناء جائحة كورونا.

وتنتعش خدمة "كوفواتيراج" بين المغاربة خلال أيام عيد الأضحى، بغية التنقل إلى مدن أخرى لقضاء المناسبة الدينية مع أسرهم وأقاربهم. كما أنها تزدهر خلال فترة الصيف، نظراً إلى أسفار عدد من المغاربة لقضاء العطلة السنوية.

أصل الفكرة

وسبق لهذه الخدمة أن انتشرت بشكل غير مسبوق في المغرب خلال فترة جائحة كورونا، بخاصة خلال قرارات الإغلاق والحظر، فكان يتشارك عدد من الأشخاص في مصاريف نقل سيارة خاصة، بعيداً من المراقبة الشديدة التي كانت تخضع لها وسائل النقل العمومي، من حافلات وقطارات.

وتقوم فكرة "كوفواتيراج" أساساً على اقتسام الكُلف المالية للتنقل بين عدد من الأشخاص، يركبون سيارة أحدهم، قاصدين مدينة أو منطقة معينة، فيربح بذلك الطرفان: صاحب السيارة الذي يتجه إلى المكان ذاته لأنه اقتصد مصاريف التنقل، كما يربح الركاب معه لأنهم تخلصوا من معاناة وسائل النقل العمومي، فضلاً عن توفير جزء من الكُلف.

وانتشرت بشكل لافت عروض خدمات النقل المشترك على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام التي تسبق عيد الأضحى في المغرب، وحتى الأيام التي تليه أيضاً، باعتبار عودة كثيرين إلى المدن التي انطلقوا منها، للرجوع إلى وظائفهم وأشغالهم بعد "عطلة العيد".

وتقدم هذه العروض تفاصيل عن السيارة المعنية بالتنقل وصاحبها ورقم هاتفه والمدينة التي يقصدها، لتنهال عليه الطلبات بعد ذلك من طرف المهتمين بهذه الخدمة وبمسار السفر، قبل أن تتفق الأطراف على كيفية تقاسم كُلف التنقل.

راحة وادخار

وتحدثت "اندبندنت عربية" إلى عدد من المواطنين المغاربة الذين جربوا من قبل أسلوب "كوفواتيراج" في التنقل، فانقسمت الآراء إلى ثلاثة، الأول يرى الخدمة إيجابية، والثاني يرفض وينتقد التعامل مع هذا النمط في التنقل، والثالث يبقى متحفظاً متردداً.

في هذا الصدد، يقول أحمد غالي، موظف في القطاع الخاص، إنه منذ أن جرّب تلك الخدمة، لم يفارقها بعد ذلك في تنقلاته، خصوصاً أيام عيد الأضحى، أو حتى في عطلة الصيف، لأنه وجدها مريحة واقتصادية في الآن ذاته.

ويشرح أن الراحة تكمن في أن الذي يختار "الكوفواتيراج" يبتعد عن تجشم عناء السفر بوسائل النقل العمومية، مثل الحافلات التي تكون مكتظة بالمسافرين، خصوصاً خلال المناسبات والعطل.

وتابع أن ميزة "الاقتصادية" تتجلى في أنه يدخر ماله بفضل هذه الطريقة، لأنه يؤدي مصاريف مالية أقل بكثير، تصل إلى أكثر من النصف، لو اختار حافلة عمومية أو قطاراً للتنقل إلى مدينة أغادير جنوب البلاد.

وتشهد أسعار تذاكر النقل الطرقي عبر الحافلات العمومية زيادات ملموسة خلال فترات المناسبات وحتى العطل، إذ عرفت زيادة بلغت أحياناً 40 في المئة خلال أيام عطلة عيد الأضحى بالمغرب، ما دفع عدداً من المواطنين إلى اللجوء إلى "كوفواتيراج".

مخاطر غير محسوبة

في المقابل، هناك مغاربة يرفضون التنقل عبر تلك الوسيلة لأسباب تتعلق أساساً بالأمن والسلامة الشخصية للراكب، ومنهم أبوراس عزيز، أستاذ في التعليم الثانوي، الذي قال لـ"اندبندنت عربية" إنه يرفض هذا الأسلوب في التنقل من حيث المبدأ، لأن الأمر كمن "يركب مع شخص مجهول ليتّجه صوب المجهول"، وفق تعبيره.

ويوضح أنه سمع بعدد من القصص التي تنفر من اختيار "كوفواتيراج"، منها إحدى قريباته التي جرّبت هذا النمط في "النقل المشترك" بعدما كانت متوجهة إلى مدينة تطوان، فركبت مع ثلاثة شبان وفتاة من خلال إعلان عثرت عليه في مواقع التواصل، قبل أن تصطدم بمحاولة تحرش جنسي كادت تصل إلى هتك العرض.

ومن المشكلات الأخرى التي تفرزها "كوفواتيراج"، وفق شهادات عدد من أصحاب "السيارات المشتركة"، أنه قد يقع صاحب السيارة في يد الشرطة أو الأمن الذي ربما يلصق به تهمة "النقل السري"، أو النقل من دون رخصة، فيتم سحب رخصة السياقة أو يتم حجز السيارة.

أما الموقف المتردد من استعمال تلك الوسيلة، فهو الذي يحكيه مراد، عامل في شركة، بالقول إنه يختار الحل "الوسط"، من خلال اللجوء إلى "كوفواتيراج" إذا كان متأكداً من الأشخاص الذين يركب معهم ويشاركهم السفر، ويرفض هذه الطريقة إذا كان الأمر يتعلق فقط بإعلان في "فيسبوك"، لأن الأمر سيكون أشبه بمغامرة مجهولة العواقب.

"ناجع وغير محمي"

وفي الصدد، يعلق الدكتور بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، بالقول إن النقل عبر "كوفواتيراج" انطلق للمرة الأولى من فرنسا، وانتشر في أوروبا، بالنظر إلى عوامل القدرة الشرائية والرغبة بالاستئناس بين الركاب في الطريق.

وتابع أن ذلك الأسلوب دخل المغرب للمرة الأولى من خلال رجال التعليم الذين كانوا يشتركون في التنقل عبر سيارة أحدهم بسداد مصاريف البنزين وغير ذلك، في تحركاتهم صوب القرى والمناطق النائية حيث يشتغلون.

ووفق الخراطي، فإن ارتفاع أسعار المحروقات دفع فئات من الموظفين وغيرهم إلى التواصل مع آخرين يقصدون المدينة أو المنطقة ذاتها، ليتنقلوا بسيارة أحدهم، أو حتى عبر استئجار سيارة كبيرة الحجم، فيشتركون في المصاريف لتحقيق سفر أقل كلفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويستدرك أن "هناك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تروّج لمثل هذه الخدمات، فيحصل أن تقع حوادث من قبيل النصب أو حتى اغتصاب النساء"، مبرزاً أن "هذا النوع من النقل غير مقنن ولا توجد حماية لسلامة المسافرين أو أموالهم".

ودعا الخراطي إلى التفكير في سنّ مقترح قانون خاص بالنقل عبر "كوفواتيراج" لحماية صاحب السيارة وأيضاً المسافرين، نظراً إلى أن غياب قانون يؤطر هذا المجال يجعله معرضاً للفوضى ولمخاطر السلامة، تحديداً بالنسبة إلى أصحاب هذه الخدمة "المجهولين".

وبخصوص الفرق بين النقل السري غير المرخص والنقل عبر "كوفواتيراج"، أوضح الخراطي أن النقل السري يعتبر مهنة قائمة بذاتها، كما أنه نقل ربحي وغير قانوني، بينما "كوفواتيراج" لا يكون بمقابل محدد، بل هو عبارة عن تشارك في مصاريف التنقل.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي