Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حال الأنوثة المعاصرة في مرآة ذراعي ناتالي بورتمان؟

سخر من مادونا بسبب عضلاتها البارزة، بينما شجعت بورتمان، فما العبرة من هذا حيال وجهة نظرنا المتغيرة لتصوير أجساد النساء؟

"هناك حساب على منصة "إنستغرام" يحمل اسم "أنت تبدين مثل رجل" يرصد التعليقات النابية التي يقولها الناس للسيدات ذوات الأجسام الرياضية القوية" (غيتي / مارقل ستوديو/ اندبندنت)

ذراعا ناتالي بورتمان. من المستحيل الآن نطق هذه الكلمات الثلاث بصوت عادي. أصيب الجميع بالحيرة منذ ظهرت لأول مرة الصور الملتقطة للنجمة من فيلم "ثور: الحب والرعد" Thor: Love and Thunder. الكل مفتونون. إليكم هنا عينة من ردود فعل الجمهور على "تويتر": "أنا أملأ استمارة جواز السفر. كتبت في خانة الديانة: ناتالي بورتمان بدور مايتي ثور"، "لن أكتب تعليقاً شهوانياً لعيناً عن ذراعي ناتالي بورتمان"، و"ناتالي بورتمان من فضلك الكميني على وجهي" (بالتأكيد أنت حر في طلب ذلك، لكن هل رأيت ذراعيها؟ ستقتلك بلكمتها حرفياً).

قالت بورتمان إنه "طلب منها أن يكون ذراعاها ضخمين بقدر الإمكان" من أجل شخصية جين فوستر في جزء التكملة الذي يخرجه تايكا وايتيتي، وهذا ما فعلته. وفقاً لمدربة اللياقة البدنية الخاصة بها، نعومي برندرغاست، كانت النجمة تقوم بتمارين رياضية لمدة 90 دقيقة عند الساعة 4.30 صباحاً لمدة عشرة أشهر للوصول إلى هذا المستوى من اللياقة البدنية. وهو روتين تصفه بورتمان بـ"الممتع حقاً"، لكن دعونا نتذكر مرة أخرى، أنها في نهاية المطاف ممثلة حائزة جائزة أوسكار. كانت تتناول مشروبات غنية بالبروتين. وتقوم بتمارين رفع الأوزان. لديها كل العوامل لبلوغ ذلك. وفي الواقع، أليس كل هذا منطقياً؟ أننا نقف أخيراً أمام بطلة خارقة تبدو وكأنها قادرة فعلاً على رمي مطارق عملاقة على رؤوس الأشرار.

من المثير للاهتمام أن رد الفعل كان احتفالياً جداً: إذ ليس الحال هكذا عادة عندما يتعلق الأمر بالنساء القويات جسدياً. هناك حساب على منصة "إنستغرام" يحمل اسم "أنت تبدين مثل رجل" يقوم بتوثيق التعليقات القبيحة التي يقولها الناس للسيدات ذوات الأجسام الرياضية القوية. إليكم على سبيل المثال لا الحصر "اتركي الأفعال الرجالية للرجال"، "عندما تتعرقين تبدين وكأنك مغطاة بدهن لحم الخنزير المقدد"، "نتمنى لك التوفيق عندما تصابين بالتهاب المفاصل" و"الرجال لا يريدون مواعدة غرامية مع آبائهم". في نهايات العقد الأول من الألفية الحالية، تعرضت مادونا للهجوم بسبب بروز عضلات ذراعيها، حيث نشر موقع "تي أم زد" المهتم بأحاديث المشاهير أوصافاً مختلفة لذراعيها مثل "ذراعا جثة مغطيان بالأوردة الدموية الناتئة" و"ذراعان بارزا العضلات بشكل مروع يبدوان وكأنه أعيد إلصاقهما بهيكل عظمي لبقرة ميتة". لا يسمح للمرأة عادة بالخروج عن النموذج المثالي للأنوثة. بالطبع، ارتكبت مادونا خطيئة مضاعفة متمثلة في كونها قوية البدن وفي الخمسينيات من عمرها.

هناك قصة أخرى سبقت ذراعي ناتالي بورتمان. عندما ظهرت ليندا هاميلتون لأول مرة على الشاشة في فيلم "المبيد 2" Terminator 2، كانت اللقطة الأولى التي نراها في شخصية سارة كونور تبرز العضلات اللامعة والمشدودة والمنتفخة لذراعيها وهي تقوم بتنفيذ تمارين السحب باستخدام قضيب معدني. جعل مظهرها الجسدي، المختلف جداً عن أجسام النساء في عام 1991، مشاهدي السينما يفغرون أفواههم. على كل حال، فإن الإعجاب بذراعي بورتمان يأتي في وقت تتغير المواقف تجاه قوة المرأة. يمارس مزيد من النساء رياضة رفع الأثقال، هناك 32.4 مليون مشاركة تحت وسم #girlswholift [الفتيات اللاتي يرفعن الأوزان] على "إنستغرام". هناك العديد من الأسباب وراء احتضان هذه الرياضة: إضافة إلى المساعدة في بناء العضلات، فهي تحسن صحة القلب والأوعية الدموية والعظام والمفاصل. يوصي غانر بيترسون، المدرب الشخصي لـكلوي كاردشيان، برفع الأثقال باعتباره الطريقة الأولى للحصول على قوام مشدود.

يقول: "تكافئك العضلات على مجهودك... إنها تحرق الطاقة طوال الوقت. يعني رفع الأثقال، أنك تستمر في حرق السعرات الحرارية، بعد التمرين، بمعدل أعلى مما يحدث مباشرة عقب التمارين التي لا تشمل رفع الأوزان". حتى إن العضو السابقة في فريق "سبايس غيرلز" فيكتوريا بيكهام، التي تبدو آخر امرأة ستقدم على ارتداء حمالة صدر رياضية، تقوم برفع الأثقال. وقالت أخيراً لمجلة غراتسيا "لقد كنت دائماً خائفة بعض الشيء من الأثقال، لكن اتضح أنني أحبها. حتى أنني أمتلك قفازات خاصة أرتديها أثناء التمرين!"

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك، من حيث التصوير الثقافي للمرأة القوية، يبدو أن السحر ينبع دائماً من حقيقة أنهن ما زلن نادرات جداً. أو، كما كتبت هولي بلاك في مجلة "إليفانت"، "مصطلح (قوة الأنثى) مثقل بأبعاد كثيرة... القوة الجسدية هي جانب مقبول بالنسبة إلى من يلعب دور الذكر، لكن لا يزال من الصعب العثور على مكافآت من الإناث". من حين لآخر، فإن الأمر يصل إلى حدود الهوس الجنساني. عندما غادر باراك أوباما منصبه، احتفلت مجلة فوغ بهذه المناسبة بـ"توديع ذراعي ميشيل أوباما الخاليين من العيوب". وصل ذراعاها "المشدودان بدرجة سوريالية" إلى درجة جعلتهما "يمثلان ما هو أكثر بكثير من تفانيها الشخصي في اللياقة البدنية: لقد كانا أيضاً تذكيراً محسوساً بقدرتها على التشمير عن ساعديها وإنجاز الأشياء" - على ما يبدو.

يظل مظهر المرأة المؤشر الأول على قيمتها في أجزاء كثيرة من أنحاء العالم. هناك حقيقة وهي أن النساء ما زلن يكسبن جوائز الأوسكار عن "تقبيح أنفسهن" - زيادة أوزانهن من أجل الأدوار التي يلعبنها، أو دفن وجوههن وراء قبح صناعي. يتأرجح العالم عندما تفقد شخصيات شهيرة مثل أديل وريبيل ويلسون الوزن. تثير المرأة التي تمتلك ذراعين مفتولين الوساوس، لكن طالما أنها لا تزال جميلة، فلا بأس بذلك. إنها تتلاعب بنموذج الأنوثة المقبولة من دون تقويض أساساته - من خلال أن تصبح غير جذابة بالنسبة إلى الرجال. ولنكن صادقين، فإن ذراعي بورتمان، ضمن هذا السياق، هما أداة تسويقية جيدة.

وينطوي هذا على مخاطر. تبحر النساء بالفعل في عالم مشبع بقوالب جاهزة على "إنستغرام" عن النماذج الأنثوية المثالية. إن السعي إلى محاكاتهن باهظ الثمن وغير مجد - في كتابها الكلاسيكي النسوي من التسعينيات "أسطورة الجمال"، كتبت نعومي وولف "الجمال المثالي مثالي لأنه غير موجود. يكمن التأثير في الفجوة بين الرغبة والإشباع... تلك المساحة، في ثقافة المستهلك، هي مساحة مربحة".

المشكلة في هذا؟ أن مزيج الرأسمالية والنظام الأبوي قاتل. تم تضخيم السعي الذي لا ينتهي للحصول على نسخة مثالية من أنفسنا فقط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تمنح مستخدميها وهم الاستقلالية بينما تسرب إلى عقولهم الاتجاهات السائدة المكلفة. تصف الكاتبة في مجلة "ذا نيويوركر" جيا تولينتينو في مقالها الذي يحمل عنوان "كن محسناً دائماً"، التعسف الذي تواجهه المرأة في الحياة في ظل الرأسمالية المستجدة، مثل حيوان هامستر يراوح في مكانه فوق دولاب سعياً وراء صورة مثالية عسيرة. تقول ربما تتمكن حصص "بار" Barre الرياضية -وهي شكل من التمارين المكلفة والفعالة والمؤلمة والقائمة على النتائج- في جعل النساء يشعرن بالرضا للأسباب الخاطئة، موضحة "ما تجيده هذه الرياضة حقاً هو منحك جسداً مناسباً لحياة رأسمالية متسارعة للغاية".

لكن ماذا لو أصبحت علاقتنا المتغيرة بقوة الأنثى وسيلة للتخلص من بعض هذه الأشياء؟ دخلت الكاتبة كيسي جونستون عالم رفع الأثقال بعد أن أدركت قدرتها على أن "تصبح قوية بسهولة أكبر وبسرعة أكبر مما كنت أتخيله، وأن رفع الأثقال يمكن أن يكون أكثر أشكال التمرين متعة ونفعاً التي جربتها على الإطلاق". في أحد مقالاتها التي كتبتها ضمن سلسلة "اسأل امرأة مفتولة العضلات" التي تكتبها لصالح مجلة "فايس" (التي تواصلها الآن من خلال سلسلة منشورات "إنها شابة" عبر موقع سابستاك)، تقدم نصائح مريحة لقرائها. تريد إحداهن معرفة كيف يمكنها إنقاص وزنها. فتعيد جونستون صياغة السؤال "ما أريده منك هو هدف أكثر لطفاً وسخاء وأشمل من هدف (فقدان الوزن) الذي يحاول العالم تقديمه إلينا باستمرار". لو اتبعتم فلسفتها، فإن تمتع المرء بالقوة الجسدية قد يصبح متعلقاً بمطالبة المرء بإدارة شؤونه والاعتناء بنفسه، في ثقافة تدفع النساء في اتجاه آخر.

هذا الإحساس بالمعنى والتمكين هو شيء رددته بورنا بيل، مؤلفة وصحافية ورافعة أثقال. فازت أخيراً بكتاب الأداء الرياضي لعام 2022 عن كتابها "أقوى" Stronger، الذي تدون فيه مذكراتها حول رحلتها إلى القدرة على رفع أثقال بضعف وزن جسمها. كتبت على "إنستغرام" أن "رفع الأثقال ليس مجرد رياضة بالنسبة إليَّ، إنه تشبيه للحياة. وقد أعطاني السلامة العقلية والعزيمة الجسدية، في عالم يسعى إلى حرماني من كليهما".

في الواقع، توافق بورتمان على ذلك. قالت، "كي تحصلي على رد الفعل هذا وينظر إليك على أنك ضخمة العضلات، فإنك تدركين "أوه، لا بد أن هذا مختلف جداً، أن تمشي بين الناس ومظهرك هكذا... شعوري بأنني قوية لأول مرة في حياتي جامح جداً".

يبدو هذا الكلام راديكالياً تقريباً في عالم لم تعد المرأة تضمن استقلالها الجسدي.

يعرض فيلم "ثور: الحب والرعد" في دور السينما حالياً

© The Independent

المزيد من منوعات