رضيع يسقط من السماء، فتلتقطه بين ذراعيها امرأة ليس لديها أطفال. نعم، بهذه البساطة تصبح أماً. من المؤكد أن هذه الطريقة ليست متوقعة. تبلغ المرأة من العمر 38 عاماً، وهو العمر الذي يقرر فيه جميع أصدقائك الإنجاب. قول إن قدوم هذا الطفل إلى الحياة لم يكن عسيراً هو أبسط من الواقع بكثير. لم يكن هناك تلقيح عن طريق الأنابيب ولا عملية تبن ولا تبرع بالحيوانات المنوية ولا تبديل شرير بين الرضع عن الولادة. لم تكن هناك حاجة حتى إلى شريك. قد يبدو الأمر أشبه بالفوز في اليانصيب بالنسبة لشخص يود الحصول على طفل بأي ثمن، كما كنت أنا شخصياً: لقد خضعت لثماني محاولات مرهقة من التلقيح الاصطناعي كي أنجب طفلي الأول، لكن هذه المرأة رزقت بطفل لا تريده. فهذا الرضيع مخيف بشدة لدرجة أن الكلاب تنبح عندما تراه إضافة إلى كونه قاتلاً.
مرحباً بكم إلى سلسة الرعب الكوميدية الجديدة "الرضيع" The Baby المكونة من ثماني حلقات يبدأ عرضها هذا الأسبوع عبر خدمة "سكاي أتلانتيك". إنه عمل يروح عن النفس للغاية: إنه غوص عميق في مشاعر النساء المتضاربة تجاه الأمومة والرضع - مشاعرنا ومشاعر الآخرين. لقد رأينا موجة من الأعمال الكوميدية والرائدة حول الأمومة مثل: "أرض الأمومة" Motherland على "بي بي سي"، و"مربون" Breeders على "سكاي"، و"محاولة" Trying على "أبل تي في". مع ذلك، فإن "الرضيع" هو أكثر عرض مرعب عن الأمومة رأيته على الإطلاق. علاوة على ذلك أشعر بأنه يمت لي بصلة.
المقدمة التي تنقلها إلينا البطلة ناتاشا عن تربية الأبناء قاسية جداً. في أحد المشاهد، نراها تقود سيارتها إلى المنزل مع طفلها المخيف آنف الذكر، وقد أخفي في سلة غسيل بيضاء على المقعد الأمامي لسيارتها، وتبدو مصدومة بشدة تماماً مثل صدمتي عندما غادرت المستشفى مع طفلي حديث الولادة. لقد أقحمت في عالم الأمهات من دون سابق إنذار: حفلات الأطفال المزعجة، الفضلات التي تلوثها بالكامل عندما حاولت تغيير حفاضة للمرة الأولى، الحرمان من النوم، أسلوب التربية بالرقابة الكاملة الذي يتبناه آباء وأمهات آخرون، لكن في حين أن الأمهات الأخريات يقلقن في شأن رفع أصواتهن في لحظة من الغضب، أو تناول أطفالهن بعض الحلوى - وجميعها مشكلات أمومة مزعجة تنغص عليّ أيضاً - تضطر ناتاشا إلى حمل سكين مطبخ في حال سحب رضيعها سكينه بسرعة.
لم أكن أماً مترددة مثل ناتاشا التي تقوم بأداء دورها ميشيل دي سوارت التي لعبت دوراً مسانداً في مسلسل "الدوقة" The Duchess الكوميدي المزعج الموجود في منصة نتفليكس حول بطلة هي أم عزباء تلعب دورها كاثرين رايان. تقضي ناتاشا معظم المسلسل وهي تحاول التخلص من الطفل، لكنني أتفهم معنى أن تسلبك الأمومة حياتك، حيث تكون كل لحظة من لحظات يقظتك مكرسة لاحتياجات شخص صغير، وليس لاحتياجاتك الخاصة. أمر أحياناً بلحظات أقول فيها لنفسي: "أوه، سأذهب فقط إلى المقهى وأطلب قهوة مركزة"، لكن لا. فجأة لا أتمكن من الخروج من دون عربة أو حمالة أطفال - وإذا كان الطفل نائماً فعليّ الانتظار. أحياناً كنت أشعر كذلك بأنني مقيدة بالسلاسل إلى مهد الصغير. على كل حال، فإن مسلسل "الرضيع" يضاعف كل تلك الأحاسيس، ويقدم لنا نسخة متطرفة مما نخشى أنه أسوأ جوانب تربية الصغار. أن يصل بإرهاق الوالدين إلى مستوى جديد.
تمر جميع الأمهات بأيام سيئة - وأنا من ضمنهن، لكن أيام ناتاشا شديدة السوء بعايير أي شخص. إنها عالقة مع رضيع قاتل ذي قوى عنيفة، هذا الطفل متحكم. إنه متلاعب. ويقلب حياة ناتاشا رأساً على عقب. إنه يجعل شخصية الرضيع في فيلم الرعب "رضيع روزماري" Rosemary"s Baby وشخصية داميان في فيلم "الطيرة" The Omen يبدوان مثل لعبتين لطيفتين بالمقارنة.
في أحد مشاهد الرضاعة الطبيعية، يقوم بقضم حلمة ثديها، ثم ينظر إليها مبتسماً ابتسامة خبيثة بفمه المغطى بالدماء بينما تتحول عيناه إلى لون أحمر شيطاني. قد يكون هذا كابوساً تستيقظ منه وهي غارقة في عرق بارد، لكن ما تعيشه بشكل يومي أسوأ من ذلك - حيث يستمر الطفل في القتل. هذه استعارة بلاغية: هل سيؤدي إنجاب طفل إلى القضاء على حياتك؟
هناك شخصية متملقة خبيثة تدعى، هيذر، لديها صلة بالماضي الأليم لهذا الرضيع، تقول، "سيهدم حياتك. يدمر علاقاتك. وعندما يتأكد من أنه استحوذ عليك، سيدمرك". يبدو ذلك أشبه بإدمان المخدرات أكثر من إنجاب طفل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذه هي الطريقة التي يرى بها عديد من الأشخاص الأبوة والأمومة: فقدان الحرية. أنا أيضاً أتذكر كل القصص المرعبة التي سمعتها عندما كنت حبلى بطفلي الأول - ما سمعته عن المخاض وحده كان كافياً تقريباً لتنفيري، لكن على عكس ناتاشا، كنت أريد حقاً أن أنجب الأطفال. لم يكن لديّ أي خوف مما سيأتي - وكان ذلك عاملاً مريحاً.
كان أطفالي ينامون بهدوء طوال الليل وهم رضع ولم ألحظ حتى ظهور أسنانهم.
ومع ذلك، مثلي مثل ناتاشا، أنا بعيدة جداً عن الصورة المثالية للأمومة - التي تسودها المتعة والسعادة ولا تشوبها شائبة. أنا أم عازبة عاملة مجهدة تفقد أعصابها في كثير من الأحيان. أصرخ على الكلب والأولاد، ثم أعتذر بعد خمس ثوان لأنني مرهقة تماماً. أحرق قطع السمك عند شويها لأن فكري شارد، وذات مرة، لم أرسل أطفالي إلى المدرسة في أحد الأيام لأنني لم أكن قادرة على توصيلهم أبداً.
على كل حال، لم يخطر ببالي حقاً إلا في الحلقة الأخيرة من "الرضيع" عدد الأمور التي تربطني بمسلسل الرعب هذا. تستسلم ناتاشا أخيراً بالكامل للأمومة وتصاب أختها بوبي بالصدمة عندما ترى حالة منزلها. إنه يغص بمستلزمات الأطفال: الأضواء المهدئة المتبدلة المحيطة بالمهد، والألعاب، ورفوف المطبخ المكدسة بعلب حليب الأطفال المجفف، والحمام المليء بالمناديل المبللة. يبدو البيت أشبه بحضانة. لقد استولى الرضيع على المكان.
أصرخ فزعة: "يبدو هذا مثل شقتي الآن"، أنظر حولي - ليس هناك شبر واحد من منزلي لا تشغله الألعاب، بما فيها منزل دمية باربي بطول خمسة أقدام موضوع وسط مطبخي، لكنني اعتدت على ذلك، هذا هو الوضع الطبيعي الآن. ربما استولى أطفالي على حياتي من دون أن أدرك في بعض النواحي؟ ربما هم أطفال مراسهم سهل، لكن لم يتبق لي أي مساحة - عقلياً أو مكانياً.
أعادني مسلسل "الرضيع" إلى ما كان عليه أطفالي عندما كانوا رضعاً - طفلاي الآن في عمر الرابعة والسادسة. إنه وضع يؤدي إلى العزلة. تماماً مثل ناتاشا، كنت ضائعة في أرض الرضع. عندما يزورني الأصدقاء والعائلة، لم أكن قادرة على التركيز - كل تفكيري منصب على إقناع الصغير بتناول ملعقة أخرى من التفاح المهروس. لقد فقدت أيضاً بعض الأصدقاء بسبب الأمومة - أعرف الوضع تماماً.
لكن، وكما نسمع هيذر تقول، "قد يبدو وكأنه رضيع... إلا أنه مصنوع من شيء قديم جداً، إنه خوفنا من أن نكون غير محبوبين، إنه احتياج لا نهاية له". من الجيد رؤية صور أمومة أكثر صعوبة - على الأقل لا يمكن أن يكون واقعنا بنصف سوء تلك الصور.
يبدأ عرض مسلسل "الرضيع" المكون من ثماني حلقات يوم الخميس 7 يوليو (تموز) عبر خدمتي "سكاي أتلانتيك" و"ناو" للبث التدفقي.
© The Independent