Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع قياسي جديد للتضخم في أوروبا

البنك المركزي يشير إلى تشديد أكبر وأسرع للسياسة النقدية في منطقة اليورو

اقتصاد دول منطقة اليورو أخذ في التباطؤ (رويترز)

أشارت الأرقام الأولية الصادرة عن مكتب الاحصاء الأوروبي (يوروستات) إلى ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو، في يونيو (حزيران) الماضي، إلى معدل قياسي جديد، متجاوزة توقعات الأسواق. وأعلن "يوروستات"، الجمعة الأول من يوليو (تموز)، أن معدل التضخم في دول منطقة اليورو ليونيو الماضي وصل إلى 8.6 في المئة بمعدل سنوي. وتأتي النسبة أعلى من توقعات المحللين بحسب استطلاع وكالة "رويترز" لمجموعة من الاقتصاديين قدروا ارتفاع معدل التضخم بنسبة 8.4 في المئة. وكان معدل التضخم السنوي لمايو (أيار) عند نسبة 8.1 في المئة.

وفاجأت ألمانيا الأسواق هذا الأسبوع حين أعلنت أن معدل التضخم في أكبر اقتصاد في أوروبا تراجع بنسبة 0.5 في المئة بمعدل شهري. لكن المحللين رأوا أن ذلك يرجع إلى زيادة الحكومة الألمانية للدعم المقدم للمواطنين لمواجهة تبعات ارتفاع أسعار الطاقة.

أما في دول أوروبية ذات اقتصادات كبيرة أخرى فواصلت معدلات التضخم ارتفاعها. في فرنسا وإسبانيا وصلت معدلات التضخم ليونيو الماضي إلى مستويات قياسية جديدة، لتتجاوز مثلاً نسبة 10 في المئة في إسبانيا للمرة الأولى منذ عام 1985.

تتجاوز معدلات التضخم في دول أوروبا نظيرتها في الولايات المتحدة، إذ إن أحدث أرقام التضخم في أكبر اقتصاد في العالم تشير إلى ارتفاع بنسبة 8.5 في المئة. لكنها تظل أقل من معدلات التضخم في بريطانيا التي تشهد أسوأ وضع اقتصادي بين الدول المتقدمة. وكان معدل التضخم في بريطانيا لمايو تجاوز نسبة 9.1 في المئة.

البنك المركزي الأوروبي

تاريخياً، تعد دول منطقة اليورو الأقل من ناحية معدلات التضخم مقارنة بغيرها من الكتل الاقتصادية الرئيسية في العالم. لكن ارتفاع أسعار الغذاء مع الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة حتى منذ ما قبل حرب أوكرانيا، وتفاقم هذا الارتفاع بسبب الحرب، أدى إلى زيادة الضغوط التضخمية في الدول الأوروبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لذا، فإن البنك المركزي الأوروبي يحافظ على أسعار فائدة سلبية (أي أقل من صفر في المئة)  منذ عام 2014. لكن الوضع الحالي وتوقعات استمرار معدلات التضخم في الارتفاع مع زيادة تأثير تبعات الحرب في أوكرانيا واحتمالات قطع إمدادات الطاقة من روسيا، أمور ستدفع البنك المركزي الأوروبي إلى تشديد السياسة النقدية بقوة وبسرعة عما كان مقدراً سابقاً.

ويجتمع البنك المركزي الأوروبي في نهاية يوليو الحالي ليقرر بشأن أسعار الفائدة في دول منطقة اليورو، إذ سيرفع نسبة الفائدة. وأشارت رئيسة البنك المركزي كريستين لاغارد، في وقت سابق هذا الأسبوع، إلى أن البنك سيرفع سعر الفائدة مرة أخرى في سبتمبر (أيلول) المقبل. ومن شأن ذلك أن يجعل نسبة الفائدة على اليورو إيجابية وترتفع فوق الصفر للمرة الأولى منذ نحو ثماني سنوات.

وبدا من حديث كريستين لاغارد في مؤتمر في البرتغال قبل أيام أن المركزي الأوروبي بدأ، ولو متأخراً، يدرك أن معدلات التضخم تزداد بقوة ولفترة أطول. وعن الفترة التالية للرفع الثاني المتوقع لسعر الفائدة في بداية الخريف، قالت لاغارد "إذا لم تتحسن التوقعات بالنسبة إلى معدلات التضخم، فسيكون لدينا ما يكفي من المعلومات والبيانات لنتحرك بشكل أسرع (أي مزيد من رفع سعر الفائدة)".

لكن هناك شكوكاً حول قدرة البنك المركزي الأوروبي على استخدام أدوات السياسة النقدية (رفع سعر الفائدة وسحب السيولة من السوق عبر وقف برامج التيسير الكمي) بشكل قوي وسريع. ففي ظل احتمالات الركود في الاقتصادات الرئيسية في العالم، ومنها اقتصاد منطقة اليورو، سيؤدي تشديد السياسة النقدية إلى تعميق الركود.

احتمالات الركود

وإذا ما كان الركود أكثر احتمالاً في بريطانيا في غضون الأشهر القليلة المقبلة، كما يبدو من تصريحات محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، أندرو بايلي، وغيره، فإن اقتصاد دول منطقة اليورو أخذ في التباطؤ بالفعل كما يظهر من بيانات النشاط الاقتصادي المتتالية في الأسابيع الماضية. ومن شأن الإسراع في زيادة سعر الفائدة على اليورو وبنسب كبيرة أن يبطئ النشاط الاقتصادي أكثر ويعجل بالركود ربما هذا العام وليس العام 2023، كما يتوقع كثيرون.

لكن لاغارد ما زالت ترى أن منطقة اليورو تشهد نمواً. وقالت بهذا الصدد "ما زلنا نشهد معدلات نمو إيجابية، بسبب الإجراءات المحلية لمواجهة ضعف النشاط الاقتصادي".

ويتوقع اقتصاديون في بنك "برينبرغ" في ألمانيا أن يدخل اقتصاد دول منطقة اليورو في ركود بحلول العام المقبل، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بنسبة 8 في المئة. ويرون أن مزيداً من الضغوط الاقتصادية نتيجة استمرار الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا وتأثير ذلك في أسعار الغذاء والطاقة قد تجعل منطقة اليورو تدخل في ركود في وقت أبكر من المقدر سابقاً.