Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قمة "تحول الناتو"... عن الاستراتيجيات الممكنة والمآلات المستحيلة

العنوان العريض لما قررته القمة الأخيرة هو دعم "حرب ساخنة" بالوكالة وحشد لـ"حرب باردة" مباشرة ضد روسيا

حين يحذر بوتين الغرب من أن دعم كييف بالأسلحة يسهم في إطالة الحرب، فإنه يقول عملياً، "دعوني أجهز على أوكرانيا، ثم نتحدث" (أ ف ب)

ثلاث قمم خلال أسبوع واحد أعطت الأولوية في اهتماماتها لحرب أوكرانيا: قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وقمة "مجموعة السبع" في بافاريا وقمة "حلف الأطلسي" في مدريد.

القمة الأوروبية وافقت على إعطاء أوكرانيا ومولدوفا صفة المرشح لعضوية الاتحاد. أما قمة الدول الغنية، فقررت "دعم أوكرانيا بكل الأشكال طالما اقتضت الحاجة"، وزادت العقوبات على روسيا من منعها من الوصول إلى التكنولوجيا التي تدعم صناعتها للأسلحة إلى حظر استيراد الذهب الروسي. وشهدت قمة "حلف الأطلسي" قفزة هائلة إلى الأمام، إذ وصفها الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، بأنها "قمة تحوّل".

حربان: حارة وباردة

أما العنوان العريض لما قررته القمة الأخيرة، فهو دعم "حرب حارة" بالوكالة، وتحشيد لخوض "حرب باردة" مباشرة. وأهم ما قاد إلى التغيير هو قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشن حرب على أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) الماضي. وهو لا يزال مصراً، على الرغم من المقاومة الأوكرانية، وإجباره على التراجع عن حصار كييف، والخسائر التي مُني بها جيشه، وانكشاف "أسطورة" الأسلحة المتطورة والجيش الروسي الجديد، على أن المخرج الوحيد لإنهاء الحرب المرشحة لأن تطول هو "استسلام أوكرانيا الكامل".

وحين يكرر بوتين تحذير الغرب من أن دعم كييف بالأسلحة يسهم في إطالة الحرب، فإنه يقول عملياً، "دعوني أجهز على أوكرانيا، ثم نتحدث". ذلك أن بين الأهداف التي أرادها بوتين من الحرب ثلاثة أهداف كبيرة: إحداث تغيير جيوسياسي يبدّل الحكم في أوكرانيا ويعيدها إلى المدار الروسي، ومنع تقدم "الناتو" إلى حدود روسيا و"جوارها القريب" وضمان موقع قوة عظمى لبلاده في نظام عالمي متعدد الأقطاب، مع التخلص من الأحادية الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ما حدث هو العكس: كييف صمدت بقيادة الرئيس فلوديمير زيلينسكي ودعم الغرب الأميركي والأوروبي. "الناتو" توسع أكثر عبر ضم السويد وفنلندا بعد عقود من الحياد. واستراتيجية الأطلسي تبدلت بشكل جذري وعميق. كيف؟.

التصور الاستراتيجي للحلف الأطلسي كان ينص على "الرغبة بتأسيس شراكة استراتيجية حقيقية مع روسيا". وكان الأعضاء الأوروبيون في الحلف، ومعهم مراكز مهمة في أميركا، يصرون على مساعدة روسيا ودعم اقتصادها لتصبح "عاملاً أوروبياً"، ويرون ضرورة التعاون مع الصين لتلعب دور "حامل أسهم مسؤول" في الاقتصاد العالمي، بحسب تعبير روبرت زوليك، الذي عمل نائباً لوزير الخارجية الأميركية.

وحتى بعد أن تبنت واشنطن استراتيجية التوجه إلى الشرق الأقصى، والمواجهة مع "خطر الصين" الأكبر من الخطر الروسي، فإن أوروبا لم تعمل بالاستراتيجية الأميركية. بل إن الحلف الأطلسي، الذي رآه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "في موت سريري"، ووصفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بأنه "تقادم في الزمن"، وقال بوتين إنه "لم يعُد ذا صلة"، أعيد توسيعه وتعميقه.

مستحيلان: الانتصار والهزيمة

التصور الاستراتيجي الجديد الذي تبنّته القمة الأطلسية في مدريد اعتبر أن روسيا "التهديد الأكثر إلحاحاً لأمن الأطلسي". وليس ذلك مجرد كلام. فالرئيس الأميركي جو بايدن تعهّد رفع عدد الجنود الأميركيين في أوروبا إلى مئة ألف وزيادة نوعية الأسلحة. وقرار "الناتو" المباشر هو تقوية وجوده على الجبهة الشرقية ضمن مبدأ "الردع من خلال المنع"، بما يحول دون أن تغزو روسيا دول البلطيق. وهناك التزام من كل الأعضاء بتخصيص 2 في المئة من الدخل القومي للدفاع، ووضع ثلاثمئة ألف جندي في "حال تأهب قوي"، فضلاً عن توجه أميركا، بعد تقوية وجودها في أوروبا، إلى ترتيب "إطار إقليمي في الشرق الأوسط" وتقوية التحالفات في الشرق الأقصى.

والمؤكد أن بوتين ربح تكتيكياً في شرق أوكرانيا، وخسر استراتيجياً في أوروبا والعالم. فهو في حال "من لا يمكنه أن يخسر ولا يستطيع أن ينتصر". وحتى المستشار الألماني أولاف شولتز يقول، "يجب ألا يُسمح لبوتين بأن ينتصر"، لكن ماكرون مصر على الحوار مع الرئيس الروسي، مكرراً القول، "نحن الأوروبيين نتشارك قارة واحدة، والجغرافيا عنيدة، بحيث سيتضح في نهاية الأمر أن روسيا لا تزال هناك". والمهم أن تبقى أوكرانيا على الخريطة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل