Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا ستقطع إمدادات الغاز إلى أوروبا إذا تصاعدت الأزمة

المفوضية الأوروبية تطالب لندن بالحفاظ على التعاون في مجال الطاقة

تعمل خطوط أنابيب الغاز بين ألمانيا وكل من هولندا وبلجيكا بطاقتها القصوى منذ مارس الماضي (أ ب)

قالت بريطانيا إنها ستوقف خطوط أنابيب الغاز التبادلية بينها وبين أوروبا في حال عانت البلاد من نقص الغاز الطبيعي، وذلك كإجراء طوارئ. ويُضاف ذلك إلى الإجراءات الأخرى التي قد تضطر الشبكة الوطنية البريطانية لفرضها مثل تقنين توريد الغاز الطبيعي للمصانع الكبرى وأيضاً دفع الجماهير إلى ترشيد استهلاك الغاز في المنازل.
وبحسب ما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، ونقلت عنها بقية الصحف البريطانية، فإن حالة الطوارئ للطاقة من الدرجة الرابعة ستعني إغلاق خطوط الأنابيب مع هولندا وبلجيكا، وستقوم الشبكة الوطنية بإجراء تجربة على ذلك في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

وردّ المسؤولون في أوروبا بأن مثل هذا الإجراء سيضر بشدة بجهود تنسيق أمن إمدادات الطاقة للقارة الأوروبية في ظل نقص الإمدادات من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. وطالبت الشركات الأوروبية بريطانيا العمل في إطار التعاون مع أوروبا وليس التصرف المنفرد، محذرةً من أن مثل هذه الخطوة قد تكون لها نتائج عكسية تضر ببريطانيا بشدة.
وخطوط أنابيب الغاز التبادلية (interconnectors) تسمح بانسياب الغاز الطبيعي في الاتجاهين على حسب الحاجة. بمعنى أنه في حال النقص في أوروبا ينساب الغاز من بلجيكا وهولندا إلى بريطانيا والعكس بالعكس.
وفي ظل العقوبات الأوروبية على روسيا بسبب حرب أوكرانيا، والتي تتصاعد باتجاه تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية، تمثل شبكات خطوط الأنابيب أهميةً قصوى في تأمين الإمدادات بشكل متزن على مستوى دول أوروبا.

إعادة التصدير إلى أوروبا

وتعمل خطوط أنابيب الغاز بين ألمانيا وكل من هولندا وبلجيكا بطاقتها القصوى منذ مارس (آذار) الماضي، ويُصدَّر عبرها من بريطانيا ما يصل إلى 75 مليون متر مكعّب من الغاز الطبيعي يومياً، هي أعلى سعة تشغيل للخطوط.
ولأن بريطانيا ليست لديها سعة تخزين كبيرة للغاز، يتم إعادة تصدير الغاز الطبيعي الذي يصلها إلى أوروبا في فصل الصيف، حيث تقوم دول أوروبا بإعادة ملء مخزونات الغاز لديها. والحديث هنا على وجه الخصوص، عن الغاز الطبيعي المسال الذي يأتي إلى بريطانيا على ناقلات بحرية ويتم تفريغه في منافذ الشواطئ البريطانية ليُعاد تصديره إلى أوروبا. لكن بريطانيا أيضاً تعتمد على واردات الغاز من أوروبا عبر خطوط الأنابيب تلك في فصل الشتاء، حين يزيد الاستهلاك مثلما حدث في أزمة العاصفة الباردة في عام 2018. وفي ذلك الوقت، زاد انسياب الغاز عبر خطوط الأنابيب التبادلية بقوة من أوروبا باتجاه بريطانيا.
وفي ظل مخاوف من توقف إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، التي تمد أوروبا بنحو 40 في المئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، زاد الطلب الأوروبي على الغاز من مصادر أخرى لملء المخزونات أيضاً وليس فقط لتلبية الطلب الاستهلاكي.
وطالبت المفوضية الأوروبية دول الاتحاد الأوروبي بضرورة ملء مخزوناتها من الغاز بنسبة 80 في المئة على الأقل بحلول شهر نوفمبر (تشرين الثاني). ووصل السحب من المخزونات في أوروبا إلى مستويات غير مسبوقة منذ نهاية الصيف الماضي، أي حتى منذ ما قبل الحرب في أوكرانيا. وانخفضت مستويات تلك المخزونات بنحو النصف تقريباً.
وفي قت سابق من هذا الشهر، بدأت دول أوروبية بتفعيل خطط الطوارئ لنقص الغاز وبالتالي شح الطاقة. على سبيل المثال، رفعت ألمانيا هذا الشهر درجة الإنذار حول توقف إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا إلى الدرجة الثانية، وهي الدرجة التي تسبق "حالة طوارئ" مباشرةً. وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن بلاده الآن في حالة "أزمة غاز" بعدما خفضت شركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة، إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب تحت بحر البلطيق "نورد ستريم 1" بنسبة 60 في المئة.
وقالت الحكومة الألمانية إنها لن تفعّل قانوناً يسمح لشركات الطاقة بتحميل المستهلك النهائي زيادة كلفة الغاز الطبيعي، على الرغم من ضغط شركات التوزيع لتفعيل القانون. ويحمي ذلك المواطنين الألمان من زيادة فواتير استهلاك الطاقة في المنازل، على عكس ما حدث في بريطانيا حيث تضاعفت قيمة فواتير الاستهلاك المنزلي مع رفع الحكومة سقف الأسعار لتتمكن الشركات من تحميل المواطنين زيادة كلفة الطاقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


البدائل والخطوة البريطانية

وفي إطار سعيها لتوفير بدائل للغاز الطبيعي الروسي، تعمل دول أوروبا على التعاقد لشراء الغاز الطبيعي المسال الذي يصل على الناقلات. وأسعار الغاز الطبيعي المسال أعلى بكثير من الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب. لذا تكلّف البدائل، سواء الواردات من أميركا أو من غيرها، مثل قطر والجزائر ومصر، أكثر بكثير من واردات الغاز الروسي إلى أوروبا.
ويعتمد توزيع تلك الموارد البديلة على خطوط الأنابيب، التي لا تملك أوروبا شبكة عالية السعة منها في الوقت الحالي – بخاصة لنقل الغاز من منافذ التفريغ كإسبانيا مثلاً إلى دول شمال أوروبا. ومن هنا تأتي أهمية الخطوط بين بريطانيا والقارة الأوروبية، حيث يتم تفريغ شحنات الغاز الطبيعي المسال من قطر والولايات المتحدة في منافذ بريطانية.
لذا طالب نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروش شيفكوفيتش بريطانيا بأن تُظهر "التضامن" مع أوروبا في تلك الظروف. وقال بارت هوفر، رئيس الشبكة الأوروبية لمشغلي أنظمة نقل الطاقة، "أوصي بريطانيا بشدة أن تعيد التفكير في وقف عمل خطوط الأنابيب التبادلية، لأنها وإن كانت مفيدة للقارة (الأوروبية) في الصيف فإنها مفيدة كذلك لبريطانيا في الشتاء". وأضاف هوفر أن إجراءات الطوارئ (التي تتضمن قطع الامدادات في خطوط الأنابيب التبادلية) مصمَمة فقط للتعامل مع الأزمات الطارئة لأمد قصير جداً مثل مشكلة في حقل غاز أو منفذ تفريغ، وليس في حالة أزمة جيوسياسية كالتي تشهدها أوروبا مع الحرب في أوكرانيا.
يذكر أن شركة "غازبروم" أوقفت تقريباً إمدادات الغاز الطبيعي لكل من هولندا وبلجيكا، لأسباب متعددة من بينها أنهما الدولتان اللتان رفضت شركات الطاقة فيهما دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل. بالتالي فهما أكثر احتياجاً الآن للإمدادات عبر الخطوط التبادلية مع بريطانيا.
وحذر نائب رئيس المفوضية الأوروبية، شيفكوفيتش، السلطات البريطانية قائلاً "يعلم شركاؤنا في بريطانيا بشكل جيد ما هي فوائد التعاون في مجال الطاقة، فأحياناً تكون في وضع يمكنك من بيع الطاقة، لكن غالباً ما تحتاج أيضاً إلى شراء الطاقة من شركائك".

المزيد من البترول والغاز