Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"السيدة الأولى"... سيرة حياة "صاخبة" لزوجة بوريس جونسون

كتاب يروي تفاصيل عن حياة المرأة الثانية بعد الملكة التي تلعب دوراً سياسياً في بريطانيا من دون أن تكون منتخَبة

عُينت كاري مديرة الاتصالات لحزب المحافظين براتب بلغ 80 ألف جنيه حين كانت في التاسعة والعشرين (أ ف ب)

في صيف 2019 دخلت صديقة بوريس جونسون 10 داوننغ ستريت، وكانت أول شريكة عازبة لرئيس وزراء في التاريخ البريطاني. كانت كاري سيموندز في الواحدة والثلاثين، وذكرتها الصحافة طرفاً في طلاقه من زوجته الثانية المحامية مارينا ويلر، وإثر شجار معه في شقتها قبل شهر، سمعه جار لهما فاتصل بالشرطة. يقول مايكل أشكروفت في كتابه "السيدة الأولى" الصادر عن "باكبايت ببليشنغ" إن سيموندز هي المرأة الثانية بعد الملكة التي تلعب دوراً سياسياً في بريطانيا من دون أن تكون منتخَبة. كان أشكروفت نائب رئيس حزب المحافظين، وعضواً في مجلس اللوردات، وسبق أن كتب سيرة كير ستارمر، رئيس حزب العمال، وديفيد كامرون، رئيس الحكومة السابق، وريشي سوناك، وزير الخزانة.
يقول أشكروفت، إن كاري تعرفت إلى جونسون حين عملت لحزب المحافظين، ثم عُينت مستشارةً خاصة للحكومة. أتت من عائلة عملت في الصحافة والسياسة، وكان جدها جون بيفان عضواً عن حزب العمال في مجلس اللوردات، ثم عضواً في البرلمان الأوروبي. والدها ماثيو سيموندز أسس صحيفة "اندبندنت" مع أندرياس ويتام – سميث في ثمانينيات القرن الماضي.

علاقات خاصة

ولِدت كاري من علاقة بين والدها المتزوج ووالدتها المطلقة جوزفين ماكافي، وكان والدها أيضاً نتيجة علاقة بين والدته المطلقة آن سيموندز، المذيعة في "بي بي سي"، ووالده جون بيفان الذي كان صحافياً يسارياً متزوجاً. والدة جدتها إميلي بيفان أتت من أسرة متواضعة، واستطاعت بفضل شخصيتها القوية أن تصبح قاضية وناشطة في حقوق النساء، وأُطلق اسمها على شارع في منطقة مانشستر الكبرى. جدّة كاري لأبيها، آن، قد تكون ولِدت أيضاً من علاقة بين والدتها هيلدا هاريسون ورئيس الوزراء الليبرالي هربرت أسكويث الذي كبرها بستة وثلاثين سنة، وكتب لها مئات الرسائل التي نُشرت في 1933 و1934 بعنوان "رسائل لورد أكسفورد إلى صديقة". حمل والد كاري اسم عائلة طليق والدته، ومنح كاري اسم عائلته، ودرس في "باليول كولدج، أكسفورد"، حيث سيدرس زوج ابنته العتيد. يذكر أشكروفت أنه كان يتناول علبة الواقي من جيبه في اجتماعات "اندبندنت" الصباحية لكي يعرف زملاؤه أنه ينام مع امرأة غير زوجته. حاول أن يدبر لعشيقته عملاً في الصحيفة، واكتشف بعضهم هويتها حين رافقته إلى الفنادق خلال مهمات مهنية وأضاف نفقاتها إلى الحساب الذي دفعته "اندبندنت".
في خريف عام 1987 نشرت مجلة "برايفت آي" الساخرة أن جوزفين ماكافي حامل في شهرها الخامس من ماثيو سيموندز، بعدما كان أكد أنه أنهى علاقته بها. عاش في بيت يبعد أقل من خمسة كيلومترات عن مسكن جوزفين، ولئن تجنب زيارتها أول الأمر إرضاءً لزوجته، أرسل الطفلة كاري إلى مدارس خاصة جيدة. في سن الثانية عشرة تقريباً، أمضت كاري عيد الميلاد في بيت صديقتها فلورنس، وتسللت معها إلى باحة الكنيسة لتشربا الكحول وتكشفا عن صدريهما لكل رجل بدا أنه تعدى الخمسين على الطريق. شعرت بالمرارة لاقتصار حياتها على والدتها، وغياب الأب والأجداد، وقالت إن أمها باردة ووالدها غائب تماماً، علماً أنه زارها من حين إلى آخر. أحبت التمثيل، واستطاعت أن تذرف الدموع بسهولة. قالت إنها خضعت لتجربة سينمائية لدور برايوني تاليس في فيلم "تكفير"، وأصيبت بخيبة حين اختيرت سيرشي رونان للدور مع كيرا نايتلي في دور شقيقتها سيليا. حصلت على أعلى العلامات في الامتحانات الثانوية، ودرست المسرح وتاريخ الفن في جامعة ووريك، ونالت الدرجة الأولى عند التخرج.

حادثة التاكسي

في 2007 سهرت كاري مع أصدقاء في تشلسي، وانتظرت الباص لتعود إلى منزل والدتها في ريتشموند. توقف سائق سيارة تاكسي سوداء فقالت إنها تملك خمسة جنيهات فقط. رد أنه سيكتفي بما معها لأنه ربح مبلغاً كبيراً في الكازينو، وعرض عليها الشمبانيا ليحتفلا، فأفرغت الكأس من دون أن تشربه. مدح جمالها، وطلب منها أن تمارس فعلاً جنسياً مقابل المال، فضحكت متظاهرةً بأنه يمزح. كانت اقتربت من منزلها حين أوقف السيارة ليذهب إلى مرحاض عمومي، فاتصلت بأحد الأصدقاء الذين سهرت معهم، وأخبرته ما حدث، لكنها بقيت في السيارة. جلس السائق معها في المقعد الخلفي، وقال إنها لا تتأثر بالكحول، وعرض عليها 50 جنيهاً إذا شربت كأس فودكا. فعلت، ووصلت مترنحة إلى بيتها بعد ساعة ونصف الساعة لرحلة تتطلب ربع ساعة فقط، وبقيت نائمة اثنتي عشرة ساعة.
في أوائل عام 2008 مثل سائق تاكسي سوداء يدعى جون ووربويز أمام المحكمة بتهمة تخدير النساء في سيارته والاعتداء عليهن بعد الادعاء أنه ربح مبلغاً في الكازينو، وتقديم الكحول لهن. كانت كاري من القلة اللواتي تعرفن إليه، ووجدت الشرطة رقم هاتفها في منزله في لندن. كشفت الصحافة تقصير الشرطة التي كان يمكنها اعتقاله في الشهر نفسه الذي أقل فيه كاري إلى منزلها، وكان يمكن لمحافظ لندن طرد أي شرطي يثبت تقاعسه، لكنه لم يفعل. كان المحافظ يومها بوريس جونسون. أدلت كاري بشهادتها من دون أن تكشف هويتها، ثم قررت التحدث إلى وسائل الإعلام، ووصفتها الـ "ديلي تلغراف" بـ"الشقراء الواثقة". قالت لـ "بي بي سي"، "أشعر أنني كنت سأعرف لو هاجمني. هذا ما آمل فيه. رهيب ألا أملك راحة البال من معرفتي ما حدث بالضبط. أستطيع القول بنسبة 99 في المئة إن لا شيء حدث، لكن واحداً في المئة من الشك يخيفني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إلى السياسة

كانت لا تزال طالبة جامعية حين اشتركت في مسابقة لمجلة "أف إتش أم" الخاصة بالذكور لاختيار أكثر الفتيات إثارة مقابل جائزة قدرها عشرة آلاف جنيه. أرسلت أربعة عشر ألف شابة صورهن في ثياب قليلة، وعُرضت الصور على الإنترنت لكي يختار الجمهور الفائزة. لم تربح، ومحيت صور المسابقة لحسن حظها، إذ نشرت "ديلي ميل" القصة في عام 2021 ولكن من دون صور محرجة. عملت في شركة علاقات عامة بعد تخرجها، وتركتها بسرعة لتعمل مساعدة لنائب منطقتها زاك غولدسميث الذي لقبه المحافظون بـ "الضمير الأخضر" لاهتمامه بالبيئة وحقوق الحيوان. لم تهتم يومها بالسياسة أو الأيديولجيا، وفق صديقها السابق أوليفر هيست، وقد يكون عملها مع غولدسميث فتح عينيها على السياسة كمستقبل مهني. قبل بلوغها الثالثة والعشرين باتت المسؤولة الإعلامية في حملة حزب المحافظين مع أن منافستها كانت عملت لباراك أوباما. أنهت علاقتها بأوليفر الذي قال إنهما تشاجرا كثيراً لسرعة غضبها لأتفه الأسباب كتعطل مملس الشعر خلال رحلة سافاري في كينيا. اتهمها بتقلب المزاج وحب لفت النظر، لكنه قال إنها لم تكن متعالية طبقياً، ولم تهتم بالمال أو البيوت الفخمة.
في 2011 عملت في حملة بوريس جونسون لإعادة انتخابه محافظاً للندن ضد مرشح حزب العمال كِن ليفنغستن. كان جونسون على علاقة يومها بطالبة أميركية تدعى جنيفر أركوري خلال زواجه من مارينا ويلر. كانت كاري طموحة، واهتمت بالتعرف إلى الصحافيين والمستشارين والسياسيين. رُقيت وجُعلت مسؤولة عن المقابلات بين وسائل الإعلام والنواب المحافظين، وبدت أكثر كفاءةً في تلقيم الصحافيين الأخبار، ويُستحسن ذلك خلال غداء في مطعم معروف، منه في الحملات الميدانية. بعد فوز ديفيد كامرون في الانتخابات في 2015 عينها جون ويتنغديل، وزير الثقافة والإعلام والرياضة، مستشارةً خاصة للإعلام. كتبت "ديلي ميل" عما دعته "اهتماماتها الثقافية ما دون الوسط"، وذكرت وصفها المغني زين مالك والممثل الأسترالي إريك بانا بـ "المثيرين للغاية".
في السابعة والعشرين اشترت الشقة الأولى في مبنى فكتوري فخم في "إيست ساسكس" بنحو مئتي ألف جنيه، وجالت محلات الأنتيك لتؤثثه. كان التساؤل بدأ في الوزارة عن ملاءمتها للوظيفة بعد غيابها المتكرر وتذرعها بالصداع أو السفر. طلبت مساعدة زميل لها يوماً، وقدمت الاستشارة كأنها هي مَن قامت بها. بدت معرفتها محدودة بوظيفتها، وفق زميل سابق، وقام مكتب الإعلام بكثير من مهماتها. كانت أكثر اهتماماً ببناء شبكة علاقات مفيدة، وعرفت كثيرين في 10 داوننغ ستريت، مقر الحكومة. تمتعت بالدعوات المجانية إلى الحفلات الفنية وغيرها، وشك بعضهم في كونها من المحافظين فعلاً، إذ بدت أقرب إلى الليبراليين أو الخضر. تكرر اتهامها بالغياب وعدم الملاءمة لعملها المؤقت في وزارة الإسكان، ويذكر مصدر أنها بقيت تطالب بـ"آي باد" ذهبي إلى أن حصلت عليه.

تقلبات مهنية

عُينت كاري مديرة الاتصالات لحزب المحافظين براتب بلغ 80 ألف جنيه حين كانت في التاسعة والعشرين، ويتهمها أشكروفت بأنها روجت على "تويتر" للسياسيين الذين عملت معهم، كزاك غولدسميث ومايكل غوف وبوريس جونسون وساجد جافيد، بدلاً من أن تكون حيادية وتعمل للجميع. أكثرت من الغياب عن العمل، وحافظت على غرامها بالسفر، وكان لبنان من البلدن التي زارتها في ذلك الوقت. كلفت الحزب أيضاً آلاف الجنيهات على سيارات التاكسي التي استخدمتها خارج أوقات العمل، وحجزتها أحياناً باسم زملاء أقل منها رتبة للتغطية. دافع ساجد جافيد وزاك غولدسميث عنها، لكنها طُردت من عملها. سافرت إلى أميركا، وعادت لتشتري شقة في كامبرويل بـ 675 ألف جنيه، ثم بدأت العمل في منظمة خيرية للحفاظ على المحيطات.

اشتركت في حملة إعلامية ناجحة لإبقاء جون ووربويز في السجن بعدما أمضى عشرة أعوام فيه، وكتبت في "ذا صانداي تايمز" أنها خائفة فعلاً من أن يستهدفها، وأنه لا يزال يشكل خطراً على النساء. كانت فشلت في إقناع وزير الخارجية يومها، بوريس جونسون، بتوظيفها مستشارةً خاصة له، وعرضت أن تقدم نصائح خاصة حول استراتيجيته الإعلامية. حين نصحه البعض في الوزارة بتوظيف رئيس أركان، صُعقوا حين اقترحها. كثرت لقاءاتهما منذ أواخر 2017، وبدآ يتواعدان في أوائل العام التالي. عرفت زوجته بالعلاقة وطلبت الطلاق، فذُهل. كانت كاري عابرة كالأخريات، يقول أشكروفت، ولم يتوقع جونسون رد فعل زوجته، لكن كان عليه القبول بوضعه الجديد، واقتنع بأفكار كاري إلى درجة طلب منه أقرب مستشاريه أن يتخلص منها. حين انتخبه الحزب زعيماً له كتبت "ديلي ميل" أن "حزب القيم العائلية اختار لزعامته رجلاً لو قورنت أخلاقه بهرّ الزقاق لكان ذلك تشهيراً بالهرّ". ذكّرت الصحيفة بالطفل الذي أنجبه جونسون من عشيقة، وبآخر أجهضته عشيقة أخرى. وصفت كاري بـ "الفتاة الوقحة" وقالت إنها ستبكي قبل منتصف الليل. بعد أن عينت أصدقاءها في مراكز مهمة، وربحت أكثر من معركة ضد خصومها، وبينهم مستشارين كبار، قد تكون تبكي الآن. قوضت الحفلات التي أقيمت في مقر الحكومة شعبية جونسون، وتسببت بخسارة مقعدين في انتخابات فرعية. نهاية جونسون رئيساً للوزراء قريبة، وفق التوقعات، وإن تمسك بالكرسي بعزم السياسيين في العالم الثالث.

المزيد من كتب