يبدو أن الجزائر كسرت عقدة الصادرات خارج المحروقات، بالنظر إلى الأرقام التي تقدمها مختلف الجهات الحكومية، غير أن الواقع لا يحقق ما تصبو إليه السلطات في ظل ندرة السلع وارتفاع الأسعار.
وباتت التقارير والإحصاءات المقدمة لا تخلو من نتائج إيجابية يحققها الاقتصاد المحلي في ما يتعلق بالتصدير خارج المحروقات، بشكل يوحي بأن مداخيل البلاد لم تعُد مرتبطة بأسعار النفط والغاز.
مؤسسة ميناء الجزائر أكدت تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد حاويات السلع الموجهة للتصدير بنسبة 18 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، مقارنة بالمرحلة ذاتها من العام الماضي. وشددت مؤسسة الميناء على أن هذا التحسن يؤكد "صرامة تطبيق الإجراءات التسهيلية، التي تم تطبيقها لصالح المصدرين".
وأوضح المدير الفرعي لمتابعة ودعم الصادرات في وزارة التجارة عبد اللطيف الهواري أن حصيلة الأشهر الأربعة الأولى للعام الحالي لصادرات الجزائر خارج المحروقات، ارتفعت بنسبة 82 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لتصل إلى 2.2 مليار دولار، وتحقق بذلك 40 في المئة من أهدافها المستهدفة لبلوغ 7 مليارات دولار، مبرزاً أن السوق الأفريقية تعتبر واعدة بالنسبة إلى الجزائر لقرب المسافات.
الأمل في التحرر
وتعليقاً على هذا الحراك التجاري، قال أستاذ الاقتصاد أحمد الحيدوسي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن ارتفاع عدد الحاويات دلالة على نمو حجم الصادرات الجزائرية خارج المحروقات، بالتالي اقتراب الحكومة من تحقيق الهدف المحدد بـ7 مليارات دولار، وهذا للسنة الثانية على التوالي، بعد أن سطّرت هدفاً العام الماضي بـ5 مليارات دولار. مشيراً إلى أن حصيلة الأشهر الأربعة الأولى تبشر بإمكانية تحقيق الرقم عقب تجاوزها خلال هذه الفترة 2 مليار دولار، بارتفاع يقدر بـ82 في المئة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اقتصاد ضعيف
لكن في ظل هذه المؤشرات، يتساءل الشارع حول حقيقة ما يتم التصريح به وتداوله من طرف المسؤولين، لا سيما مع ارتفاع أسعار مختلف المواد الاستهلاكية وغيرها، مثل الحديد الذي بلغ مستويات قياسية، في حين تشير الأرقام إلى تصدير كميات ضخمة إلى الخارج بعد تزايد الطلب، وتسجيل ندرة متقطعة في بعض المنتجات، إذ من غير المعقول اللجوء إلى التصدير من دون تحقيق اكتفاء ذاتي، الأمر الذي ترك انطباعاً بأن الهدف "تزيين" صورة الاقتصاد المحلي لجلب الاستثمارات الأجنبية.
وصنف الباحث في شؤون الطاقة عبد العزيز دريوش في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، اقتصاد الجزائر أنه يقع ضمن الاقتصادات الضعيفة، على اعتبار أنه مرتبط بأسعار النفط، ولا تزال بعض مظاهر الفساد تنخره بشكل تسبب في تسجيل خسائر، وكذلك نفور الاستثمارات الأجنبية التي تشتكي من البيروقراطية.
لكنه استدرك أن هناك بوادر انفراج في الاقتصاد الجزائري بعدما ارتفعت أرقام التصدير خارج المحروقات، على الرغم من بعض التحفظات التي فرضها الواقع المحلي، الذي يشهد ارتفاعاً في الأسعار وندرة مواد عدة.
وأشار دريوش إلى أن التصدير من أجل التصدير أو لتزيين الواجهة ليس مجدياً في ظل التغييرات الإقليمية والدولية الحاصلة على جميع المستويات، موضحاً أن استقطاب الاستثمارات خارج قطاع النفط والغاز أفضل طريق للانتقال إلى اقتصاد متكامل متنوع بعيداً من الريع، لافتاً إلى أن الفرصة مؤاتية لإحداث النقلة.
جدية... لكن بحذر
يرى المحلل الاقتصادي عبد المالك سراي أن من بين ركائز التخلص من التبعية لمداخيل النفط، الزراعة والسياحة، مشيراً إلى أن هناك مشاريع صناعية وإلكترونية آخذة في التطور، وهي بصدد دعم الدولة بمداخيل من العملة الصعبة، مثل تصدير كميات كبيرة من الإسمنت والحديد وكل ما تعلق بالصلب والفوسفات، وكذلك الأجهزة الإلكترونية وغيرها، لكنها تبقى غير كافية، محذراً من وجود عقبات تؤخر خطوات تقليل الاعتماد على قطاع النفط، منها البيروقراطية التي غالباً ما تجعل المستثمر يهرب من الجزائر حتى لو كان جزائرياً، ناهيك عن الأجانب.