Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نود أن نفترض أن بريطانيا نموذج للديمقراطية... هي ليست كذلك

حان الوقت حقاً لانتهاء تلك العلاقة بين المال والنفوذ

حفلة الصيف التي عقدها حزب المحافظين عززت الإحساس بوجود أمتين إحداهما قادرة على التأثير والحصول على ما تريد والأخيرة لا تستطيع ذلك  (غيتي)

الأسبوع الماضي، دفع مستثمر مغامر ثري 120 ألف جنيه استرليني (147 ألف دولار) في مقابل الحصول على شرف تناول العشاء مع رئيس الوزراء واثنين من أسلافه، ديفيد كاميرون وتيريزا ماي.

واستدعى ذلك كثيراً من المرح، على غرار فكرة تناول هؤلاء الثلاثة العشاء معاً من دون شجار، وفق اعتقاد البعض. فالمودة غير مفقودة بين الزعيمين المحافظين السابقين.

ومع ذلك، اعتُبِرت المناسبة متعة حميدة، جلسة ترفيه، في الحفلة الصيفية لحزب المحافظين التي عُقِدت في متحف فيكتوريا وألبرت. وبالإضافة إلى الوجبة اللعينة، بلغت تكلفة رحلة سفاري أفريقية 65 ألف جنيه، وعطلة نهاية أسبوع من الصيد 37 ألف جنيه، وبطاقات لحضور مباراة تشيلسي وأرسنال خمسة آلاف جنيه.

وغنت فرقة موسيقية أغنيات لفريق "أبا" وتناول الضيوف تارتار السلمون ولحم البقر مع هريسة الهليون وميرينغ الباشن فروت. وعلى غرار العروض الخالية من التعاطف، حلت الأمسية في الوقت المناسب – استعراض بلا خجل للسياسيين المحافظين البارزين، بمن فيهم بوريس جونسون وأعضاء في الحكومة ومتملقون متنوعون. وانضم إليهم مؤيدون أثرياء مستعدون لتقديم عروض في المزاد العلني الهزلي أو شراء التذاكر للمشاركة في سحب الجوائز المختلفة المعروضة للبيع.

كان الحدث يدور حول إقامة العلاقات وإثارة الإعجاب، واغتنام الفرصة للاختلاط والثرثرة مع النافذين أصحاب العلاقات الجيدة، وهذا أمر ممنوع على أولئك الذين لا يملكون المال. وكان يستهدف "المانحين العاديين"، وبلغت تكلفة كل طاولة 20 ألف جنيه.

في الواقع، يبدو أن السحب بالقرعة كان بلا معنى. قد يكون هؤلاء الذين دفعوا لحضور المناسبة قد حشوا مغلفات بنية بالمال وسلموها مباشرة، من دون المرور عبر تمثيلية شراء أحد البنود. ونحن نعلم ذلك، لأن إقامة العشاء مع جونسون وكاميرون وماي أحاطت بها على نحو واجب شكوك. ذلك أن جونسون أدى دوراً أساسياً في تنظيم سقوط السيدة ماي وهي تعامله بحقد منذ ذلك الوقت، وكانت هزيمة السيد جونسون للسيد كاميرون في حملة الاستفتاء الطاحنة على عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي هي التي أرغمت الأخير على الاستقالة.

ونُقِل عن أحد الضيوف قوله: "أظن أن هذه المناسبة من المناسبات التي يبيع مقر حملات المحافظين بطاقات حضورها في مزاد لكنها لا تُعقَد في واقع الأمر أبداً".

إن جلوسهم ثلاثتهم بسعادة حول طاولة مع مانح دفع 120 ألف جنيه في مقابل الشرف، عبارة عن وهم، عن خيال على غرار حفلة متحف فيكتوريا وألبرت إلى حد كبير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 ويبدو لي أن الأمر لا يتعلق على الإطلاق بشراء أشياء، بل بشراء القدرة على الوصول. ومرة أخرى، يطرح الأمر السؤال حول السبب الذي يجعلنا نتسامح مع هذا الخداع، ولماذا لا ننهي هذا المشهد الحقير إلى الأبد، ونقر تمويل الدولة للأحزاب السياسية؟

لقد أكد المشهد مرة أخرى الإحساس بوجود أمتين: إحداهما قادرة على التأثير والحصول على ما تريد، والأخرى لا تستطيع ذلك. في الخارج، طوق عاملو المتحف المدخل احتجاجاً على أجورهم وظروفهم؛ في أماكن أخرى، في العالم الأوسع، كان الناس يعانون أيضاً مع تكاليف المعيشة المتزايدة. وفي الداخل رقصوا وصاحوا وضجوا وهم لا يحملون أي هموم مالية على الإطلاق.

لا تقتصر مناسبات كهذه على المحافظين. يمثل إنكار توسل الأحزاب الأخرى الأغنياء هراء. فحزب العمال يقيم حفلات عشاء حيث تضمن كل طاولة حضور أحد أعضاء فريق الناطقين باسمه. ويحضر الزعيم ويقوم بجولات، ويجتمع بالذين دفعوا مبالغ كبيرة في مقابل الحضور ويحييهم. ويعتمد الديمقراطيون الليبراليون أيضاً على مناسبات جمع الأموال، مع ضمان حضور كبار أعضاء الحزب.

أما المحافظون فيعقدون المناسبات الأضخم والأكثر بريقاً. لكن يتعين عليهم ذلك – على النقيض من حزب العمال، في شكل خاص، لا يستطيعون الاتكال على تمويل النقابات. ولذلك، في حين كان السيد جونسون وزملاؤه يسعون في الحصول على أموال المانحين، كان 25 من نواب حزب العمال يستعدون للانضمام اليوم التالي إلى تجمعات النقابة الوطنية لعاملي السكك الحديد والبحرية والنقل. وقد يقول النواب إنهم يشاركون الإيديولوجية اليسارية نفسها التي يتبناها المضربون، لكن الشعور مستمر بأن للرابط المالي دور مساعد في حضورهم. وسيكون من المفيد أن نرى قوة تأييد النواب للنقابات إذا توقف الدعم المالي، إذا لم يكن الحزب معتمداً إلى هذا الحد على النقابات.

لا ينبغي لنا أن نخطئ أيضاً حول شراء النقابات بدورها جمهوراً، رابطاً مباشراً إلى قمة السلطة، مجدداً كما يفعل الحضور في حفلات المحافظين الباذخة. فإذا كان رؤساء النقابات يريدون أن يروا شخصية رفيعة المستوى في حزب العمال، بغرض الضغط دعماً لقضيتهم، يستطيعون أن يروها. وإذا كانوا يرغبون في أن يعرّفوا بآرائهم شخصيات مهمة، يفعلون ذلك. وتُعدَّل السياسات المقترحة لتعكس مصالحهم. الأمر بهذه البساطة، وبهذه التفاعلية.

لقد حان الوقت حقاً لانتهاء تلك العلاقة بين المال والنفوذ. لفترة أطول مما ينبغي، خربت عملنا السياسي فضائح تتعلق بالخدمات والمحسوبية. و"الفساد" موضوع دائم متكرر لا يؤدي إلا إلى الإضرار بإيماننا بالبرلمان، بأولئك الذين يقودوننا.

نود أن نفترض أن بريطانيا نموذج للديمقراطية، وأن نظامنا السياسي مفتوح وصادق. والأمر ليس من هذا القبيل، كما يبين لنا الأسبوع الماضي بوضوح.

إن الحجة التي تقول إننا لا نحتاج إلى تمويل من الدولة، وإن آخر ما نحتاج إليه هو أن يتحمل دافع الضرائب فاتورة أخرى، فاتورة لصالح أحزابنا السياسية الرئيسية، حجة ضعيفة. نحن لا نتحدث عن كم ضخم من الأموال لتمكين الأحزاب من العمل – هو كم ضئيل مقارنة بميزانية الإنفاق العام الإجمالية.

وفي المقابل، سننال عملاً سياسياً أكثر نظافة وصحة ومساواة، وننهي هذه المهزلة المخزية إلى الأبد.

© The Independent

المزيد من آراء