Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح تونس في رهان "التحول الرقمي"؟

وزير تكنولوجيات الاتصال في حديث لـ"اندبندنت عربية": لسنا بمعزل عن التهديدات العالمية وأسسنا منصة متطورة لمقاومة الإشكاليات الإلكترونية

كشف نزار بن ناجي عن أن المنصة الخاصة بالاستشارة الوطنية تعرضت لـ120 ألف محاولة اختراق (اندبندنت عربية)

تراهن تونس على تعزيز الرقمنة في إدارتها ودفع الكفاءات في هذا الإطار من خلال تحفيز مناخ ريادة الأعمال لأهمية انعكاساته على أداء المؤسسات الاقتصادية، ومقاومة البيروقراطية بتعويض الخدمات الإدارية الكلاسيكية.

وزير تكنولوجيات الاتصال، نزار بن ناجي، قال في حواره مع "اندبندنت عربية"، إن الرفع من أداء الاقتصاد يستوجب التأسيس للرقمنة، والحوكمة القائمة على البيانات، وتفعيل الذكاء الاصطناعي، في إطار استراتيجية كاملة للتحول الرقمي.

وأضاف بن ناجي، أن التحول الرقمي يمر بالضرورة بتطوير البنية التحتية لشبكة الاتصال، ودعم المنظومات الوطنية وتطوير قدرة المراكز القطاعية والحوسبة السحابية، دعماً للسيادة الوطنية من دون اللجوء للخارج.

وأشار الوزير إلى أن تونس أسّست منصة متطورة لمقاومة الإشكاليات التكنولوجية التي تعترض التونسيين ومعالجتها، علاوة على تطوير أمن الفضاء السيبراني الوطني عن طريق النظر في الإجراءات الاستباقية لتفـادي التهديـدات المحتملـة ومقاومة الجرائم الإلكترونية.

كما لفت بن ناجي إلى أن الاستشارة الوطنية الإلكترونية مثلت نموذجاً للأداء الرقمي لإحدى أهم المنصات المحدثة ومدى مقاومتها للمخاطر واستيعابها للبيانات.

التحول الرقمي والابتكار

وأوضح بن ناجي أن الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في تونس ترتكز على مراجعة الأطر التشريعية، أي القوانين، عبر إعداد المجلة الرقمية وتحيين مجلة الاتصالات ونظام حوكمة القطاع الرقمي، وتركيز الإدماج الرقمي والمالي ما يمكن من تحقيق الإدماج الاجتماعي.

واسترسل أن "من شروط ذلك تطوير البنية التحتية لشبكة الاتصال، ودعم قدرة المنظومات الوطنية المتوفرة، بينما تمثل رقمنة الإدارة أبرز أبواب تبسيط الإجراءات وتسريعها، إضافة إلى تعزيز الأمن السيبراني الوطني ومقاومة الجريمة الإلكترونية".

وقال، "تسعى تونس إلى ذلك في إطار استراتيجية لتفعيل الذكاء الاصطناعي، كما تعمل على تأهيل الكفاءات وتطوير قدراتها في المجالات الرقمية، وتطوير مناخ ريادة الأعمال، والتشجيع على الابتكار والتجديد في المجال التكنولوجي".

ومن أهم البرامج لتحفيز المؤسسات الناشئة، بحسب الوزير، برنامج "تونس الناشئة"، وتفرد الوزارة بمقتضاه أصحاب المشاريع الناشئة بعلامات "المؤسسة الناشئة"، التي ارتفع عددها إلى 696 علامة، وتمتعها بعدد من الامتيازات.

وأشار إلى أن "البرنامج وفّر أكثر من 3 آلاف فرصة عمل لذوي الكفاءات، كما يتم العمل على تطوير الكفاءات في المجال الرقمي، ودعم القدرة التشغيلية، بما يتلاءم مع متطلبات سوق الشغل للمساهمة في تطوير التكوين على المستوى الجامعي والأكاديمي، ووضع برامج لإعادة تأهيل الشباب للمهن الرقمية، وتنظيم دورات تكوينية متخصصة في المجال الرقمي، على غرار الماجستير المهني في السلامة المعلوماتية".

الأمن السيبراني

وكشف بن ناجي عن أن المنصة الخاصة بالاستشارة الوطنية، التي أحدثتها الوزارة، وعرضت على التونسيين أسئلة لإبداء آرائهم في عديد من القضايا، تعرضت لـ120 ألف محاولة اختراق، لكن منظومة وأجهزة السلامة المعلوماتية الموضوعة عطلت هذه الهجمات، وهذا دليل على أن تونس جاهزة تقنياً لإحداث عديد من المنصات الموجهة لملايين التونسيين بطريقة مؤمنة.

وأضاف أنه تم تحليل المعطيات والبيانات بالاستشارة كماً وكيفاً من خلال استعمال عدة تقنيات رقمية، على غرار تحليل البيانات النصية، وتقنية معالجة اللغة الطبيعية، واستعمال لغة البرمجة الخاصة بتحليل البيانات الضخمة والإحصاء، إضافة إلى اعتماد أنظمة متطورة لمعالجة البيانات، واللجوء إلى حلول الذكاء الاصطناعي في التحليل الكيفي للمعطيات التي أدرجها المشاركون داخل تونس وخارجها في مساحات التعبير الحر، التي بلغ عددها قرابة 260 ألف مساحة تعبير حر مملوءة.

وشدد الوزير على أنه في ظل تصاعد التوترات، التي يمر بها العالم، وخصوصاً في الفضاء السيبراني، حذرت وزارة تكنولوجيات الاتصال التونسيين من مخاطر الهجمات الإلكترونية المحتملة على الفضاء السيبراني الوطني، ومنها برامج الفدية، ووضعت الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية (حكومية) على ذمة المؤسسات جميع الإجراءات الفنية والتقنية اللازمة لحماية الشبكات والأنظمة المعلوماتية من مخاطر برامج الفدية المنتشرة.

وبخصوص الهجوم الذي تعرض له البنك المركزي التونسي، قال بن ناجي، إن "ما حصل هو التعرض لبرمجيات خبيثة، وهو أمر يهدد أي شركة لديها أنظمة مفتوحة على الإنترنت، وتم التدخل من قبل الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية بمساهمة فريق البنك المتخصص، وعادت الأمور إلى سيرها الطبيعي". وأضاف أن "تونس ليست بمعزل عن هذه التهديدات التي يتعرض لها العالم، والمهم هو السيطرة عليها، ولم يتم تسجيل أي اختراق في هذا الصدد".

وأشار إلى أنه تم إنشاء منصة مخصصة للإبلاغ عن الإشكاليات التي تعترض مستعملي الإنترنت في تونس، مؤكداً "يبقى تأمين الأمن السيبراني الوطني من الأولويات عن طريق وضع إجراءات التفطن السريع للحوادث السيبرانية والهجمات والتدقيق الدوري في سلامة الشبكات وأنظمة المعلومات والإجراءات الاستعجالية لتأميـن الاستجابة الناجعــة في حالات الطوارئ، وللتصدي السريع للهجمــات والتحقيـق والتحـري الرقمـي لجمـع الأدلة، وتشـخيص الحـوادث السـيبرانية، وهي من مهام الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية".

التوقيع الإلكتروني

من أهم المشاريع، التي تعمل وزارة تكنولوجيات الاتصال عليها، وفق نزار بن ناجي، المشروع الوطني لتركيز الهوية الرقمية، التي تمثل ركيزة من ركائز الاستراتيجية الوطنية الرقمية، إذ تمكن من توحيد وتبسيط طريقة الولوج إلى بوابات الخدمات الإلكترونية الحكومية عن بعد. وتعويض الخدمات الإدارية المباشرة، وتمكين التونسيين من آليات الإمضاء الإلكتروني.

وبحسب الوزير، "تخول هذه الآلية الجديدة التخلي التدريجي عن الخدمات الإدارية الكلاسيكية، على غرار التعريف بالإمضاء بالدوائر البلدية (الدوائر المحلية) والنسخ المطابقة للأصل، وغيرها من المعاملات والخدمات الورقية".

وأشار بن ناجي إلى أنه يتم العمل نحو تعميم الأختام الرقمية لتعويض الإمضاءات اليدوية والأختام الكلاسيكية في عدة سجلات بعد أن تم إدراجها في شهادات التلقيح وشهادات علمية. ويندرج هذا ضمن برنامج شامل للتحول الرقمي للإدارة التونسية، الذي يهدف إلى تسريع وتسهيل الترابط بين الإدارات لتقليص تنقل المواطنين وضمان الخدمات عن بعد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإدماج الرقمي المالي والاجتماعي

تحدث الوزير عن إطلاق مشروع التحول الرقمي للخدمات المدرسية، لتمكين التلاميذ من بطاقات ذكية تسمح لهم بالتمتع بجملة من الخدمات. وبخصوص تعزيز الادماج الرقمي والاجتماعي والضغط على الفجوة الرقمية وضعت تونس مشروع "تغطية المناطق البيضاء، الذي تم استكمال تنفيذه من قبل الشركة الوطنية للاتصالات "اتصالات تونس"، وهو في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، التي تهدف إلى تقليص الفجوة الرقمية بين الجهات، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الفئات في النفاذ العادل إلى شبكات الاتصالات".

وقال الوزير، إن المشروع شمل تغطية 94 عمادة (منطقة) و164 مؤسسة تربوية و59 مركز صحة عمومية في 15 محافظة، لتصل التغطية الإجمالية إلى قرابة 180 ألف مواطن. وفي إطار تعزيز الإدماج المالي وخلق ديناميكية اقتصادية، أعطى البنك التونسي ترخيصاً لاعتماد الموبايل payement.

الجيل الخامس

كما تعطي الاستراتيجية الرقمية المعتمدة اهتماماً خاصاً للانتقال إلى استعمال النسخة السادسة من بروتوكول الإنترنت (IPv6). وذكر الوزير أن وزارة تكنولوجيات الاتصال انطلقت منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 في تنفيذ هذا الانتقال بمعية جميع الفاعلين في القطاع، وهم مشغلو الاتصالات ومزودو خدمات الإنترنت والإيواء العامة والخاصة، استعداداً للانطلاق في العمل بتكنولوجيا الجيل الخامس (5G) لشبكات الهاتف الجوال، وللتطوير الجيد أنظمة إنترنت الأشياء (IOT). ودعت الوزارة جميع الهياكل العمومية إلى الانخراط في التوجه الوطني المتمثل في الانتقال التدريجي لاستعمال النسخة السادسة من بروتوكول الإنترنت.

التعاون الدولي

وحول المشاريع المشتركة واكتساب خبرات جديدة والاطلاع على التجارب الناجحة في مجال الرقمنة مع عدد من البلدان، ذكر نزار بن ناجي، أن لتونس تجارب ناجحة على مستوى الحوكمة الإلكترونية، وخص بالذكر التعاون التونسي الكوري، الذي أثمر عديداً من المشاريع المشتركة والناجحة على غرار منظومة الشراء العمومي على الخط TUNEPS ومنظومة المشاركة الإلكترونية e-People.

كما أشار الوزير إلى تمركز مؤسسات تونسية ناشطة في المجال الرقمي في عدد من البلدان الأفريقية، التي ترغب في تمتين العلاقات مع تونس بمجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال والاقتصاد الرقمي. ومن أهمها ساحل العاج التي ترغب في الاستفادة من التجربة التونسية في مجال الأقطاب التكنولوجية ومحاضن المشاريع الناشئة، وتبادل الخبرات في مجالات الرقمنة والحوكمة الإلكترونية.

وبخصوص التعاون متعدد الأطراف، يدرس البنك الأوروبي للاستثمار آليات تمويل مجموعة من المشاريع الرقمية، وإعداد جملة من الدراسات حول النجاعة الطاقية في المجال الرقمي والتصرف الناجع في النفايات الإلكترونية.

اقرأ المزيد