على هامش زيارة مقررة الأمم المتحدة الخاصة بمسألة العنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه، الأردنية ريم السالم، إلى تركيا أواخر يوليو (تموز) المقبل، قدمت عشر منظمات حقوقية ونسوية سورية، أمس الأربعاء، 22 يونيو (حزيران) بمساهمة للمسؤولة الأممية.
المنظمات لفتت انتباه السالم إلى فشل السلطات التركية في الإيفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي في منع أعمال العنف ضد المرأة والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها، ضمن الأراضي السورية، التي تقع تحت الولاية التركية، كسلطة احتلال، بحسب ما جاء في المساهمة.
كما تناول التقرير المقدم من المنظمات السورية عدداً من حالات العنف الممارس ضد المرأة في السجون والمعتقلات التركية، وتلك التي تديرها الفصائل التابعة للجيش الوطني السوري، المدعوم من أنقرة منذ عام 2016، معتمدة بذلك على حالات وثقتها عدد من المنظمات الحقوقية بما فيها منظمة العفو الدولية وتقارير لجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا.
تنصل تركي من المسؤولية
المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، بسام الأحمد، قال إن "لتركيا التزامات بموجب القانون الدولي كقوة احتلال على مناطق في شمال سوريا"، مؤكدا أنها "لم تف بالتزاماتها القانونية تجاه الأوضاع في تلك المنطقة، التي عملت تركيا على احتلالها بتكلفة منخفضة قانونياً عبر استخدام مسلحين سوريين متطرفين، الذين يرتكبون الانتهاكات وتتنصل تركيا من مسؤوليتها القانونية تجاهها بما فيها ضمان أمان وسلامة السكان"، على حد تعبيره.
وأضاف الأحمد، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن تقرير المنظمات تضمن توصيات من أجل إثارة التساؤلات في شأنها مع المسؤولين الأتراك، "بوصف بلادهم قوة احتلال لمناطق سورية ولها التزاماتها في ظل ارتكاب انتهاكات تطاول النساء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن المنظمات "أرفقت مع الشكوى حالات بالأدلة الدامغة عن حالات اغتصاب واعتداءات جنسية وتعذيب بحق النساء في المعتقلات الواقعة تحت سيطرة تركيا في الشمال السوري".
الشكوى الرسمية المقدمة للمقررة الخاصة بالعنف ضد المرأة تناولت عدداً من الحالات، مرفقة بالأدلة، لنساء وأطفال تعرضوا للاغتصاب والتعذيب والتحرش داخل المعتقلات، إضافة إلى حالات أخرى نقلن إلى داخل الأراضي التركية، كما ذكرت بالتحليل القانوني لتلك الحالات والتزامات تركيا القانونية، سواء التي يفرضها القانون الدولي أو القانون التركي نفسه، تجاه مثل تلك الحالات من الانتهاكات بما فيها جبر الضرر.
توصيات قانونية
وأوصت المنظمات العشر المقررة الخاصة لدى زيارتها المرتقبة إلى تركيا بإثارة التساؤل مع المسؤولين في أنقرة بشأن التدابير التي اتخذتها السلطات لضمان أن مجموعات "الجيش الوطني السوري"، المدعومة من قبلها، مدركة ومدربة على احترام حقوق النساء، وتمتنع عن ارتكاب العنف ضدهن، وكذلك الخطوات التي اتخذتها السلطات لضمان الوفاء بالتزاماتها بموجب صكوك القانون الدولي ذات الصلة، في سياق التحقيق في أعمال العنف المزعومة ضد النساء والفتيات ضمن الأراضي الخاضعة لسيطرتها الفعلية، وكيفية ضمان أن أي قوانين أو لوائح تم سنها في هذه المناطق تعود بالنفع على النساء والفتيات كبقية السكان، وما القوانين والتشريعات المعمول بها في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال سوريا، التي تحكم سلوك المسؤولين والسلطات المدنية والإدارية، والمجموعات والتشكيلات المسلحة.
كما تساءلت المنظمات، في شكواها، حول ما الذي فعلته السلطات التركية للتأكد من أن النساء في هذه المناطق على دراية وإحاطة بآليات الانتصاف، وأنهن يتمتعن بالوصول إليها من دون عوائق، وهل تزود السلطات التركية النساء والفتيات في تلك المناطق بتدابير وخدمات جبر الضرر المنصوص عليها في قانون حماية الأسرة ومنع العنف ضد المرأة.
يذكر أن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عينت مقررة خاصة معنية بمسألة العنف ضد المرأة، بما في ذلك أسبابه وعواقبه في 4 مارس (آذار) 1994، وترفع المقررة الخاصة تقاريرها إلى مجلس حقوق الإنسان، وتشغل الأردنية ريم السالم هذا المنصب منذ أغسطس (آب) الماضي.
مشاريع سكنية تركية
وفي سياق آخر، زار وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، السبت الماضي، منطقة تل أبيض، الواقعة في شمال مدينة الرقة، لتفقد مشروع بناء تجمعات سكنية تشرف عليها منظمة "آفاد" التركية.
وقال صويلو، في تصريح للصحافيين، إن بلاده بصدد تنفيذ مشاريع بناء تجمعات سكنية في 13 منطقة، تشمل نحو 240 ألف منزل في جرابلس والباب وتل أبيض ورأس العين، وفق ما نقلت وكالة الأناضول.
وأوضح المسؤول التركي أنه من المخطط أن يتم في المرحلة الأولى بناء 10 آلاف وحدة سكنية، وأن يعيش فيها نحو 64 ألف شخص.
من جهتها، نشرت منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" تقريراً بعنوان "التجمعات السكنية في عفرين: مخططات هندسة ديموغرافية أم مشاريع لإيواء نازحين؟"، ووثقت فيه أن المسؤولين الأتراك يشرفون بشكل مباشر على بناء تلك التجمعات السكنية، وأنها تجري بدعم من جمعيات إسلامية، وأن تلك التجمعات تسهم في تغيير ديموغرافية المنطقة، وتعيد هندستها اجتماعياً.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن في التاسع من مايو الماضي، أنهم يعملون على إنشاء 200 ألف وحدة سكنية في 13 منطقة على الأراضي السورية بتمويل من المنظمات الإغاثية الدولية، وفق وسائل إعلام تركية.
يذكر أن المناطق المحددة لإنشاء تجمعات سكنية من قبل أنقرة شهدت عمليات عسكرية تركية أعوام 2016 و2018 و2019 بداعي حفظ الأمن القومي التركي.