Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعثر قمة صالح والمشري يلقي بظلاله على الحوار الدستوري الليبي

تاركاً علامات استفهام كثيرة حول مصير هذه المفاوضات المهمة لتعبيد الطريق أمام الانتخابات العامة في البلاد

رئيس المجلس الرئاسي خالد المشري (أ ف ب)

انتهى اللقاء المرتقب بين رئيسي مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والمجلس الرئاسي خالد المشري إلى نتيجة مخيبة وفشل ذريع في إعطاء دفعة قوية للمفاوضات الجارية بين لجنتي المجلسين في المسار الدستوري بالقاهرة، تاركاً علامات استفهام كثيرة حول مصير هذه المفاوضات المهمة لتعبيد الطريق أمام الانتخابات العامة في البلاد.

ووصل الحوار في المسار الدستوري إلى مناقشة النقاط الحاسمة التي كان متوقعاً أن تشهد خلافات كبيرة وتحدد مصير هذا الحوار برمته، خصوصاً في ما يتعلق بالبنود المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وشكل الدولة ونظام الحكم المحلي في الدستور، وهو ما يحدث حالياً وسط محاولات حثيثة من البعثة الأممية في ليبيا لتقريب وجهات النظر بين لجنتي البرلمان ومجلس الدولة، لتجاوز هذه النقاط الخلافية والانتهاء من الملف الدستوري في أقرب وقت.

تعثر القمة المرتقبة

فشل البعثة الأممية في ليبيا بتنظيم لقاء بين رئيسي مجلس الدولة والنواب في القاهرة كان نتيجة لعدم توافق الطرفين على جدول الأعمال، مع إصرار عقيلة صالح على إدراج ملف الخلاف الحكومي بعد اعتماد الموازنة المقدمة من رئيس الحكومة الليبية الجديدة فتحي باشاغا ضمن أجندات اللقاء، وهو ما رفضه المشري ليغادر صالح العاصمة المصرية قبل ساعات من لقائه رئيس مجلس الدولة.

وتسبب إلغاء اللقاء بين عقيلة والمشري بقلق كبير من إمكان فشل وفدي مجلسي النواب والدولة في تحقيق التوافق المنتظر حول مسودة الدستور، مع رفض رئيس مجلس الدولة خالد المشري الاعتراف بحكومة فتحي باشاغا الذي يعتبره صالح إمعاناً منه في تجاهل دور مجلس النواب وقراراته ومواقفه، إضافة إلى مطالبة المشري باستثناء العسكريين وأصحاب الجنسيات المزدوجة من الترشح للانتخابات، وهو ما يعني استمرار الخلافات بين الطرفين في شأن ملامح الدولة والدستور والحكم والنظام السياسي خلال المرحلة المقبلة.

تعثر وليس فشلاً

واعتبر المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي أن "اللقاء بين رئيس المجلس عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري تعثر ولم يفشل"، وقال إن "سبب التعثر يرجع إلى أن المبعوثة الدولية ستيفاني ويليامز أعلنت أجندة الاجتماع، وتشمل الحكومة التي يترأسها فتحي باشاغا والمسار الدستوري، في حين أراد المشري ألا يتطرق الاجتماع إلى حكومة باشاغا وعندها قرر عقيلة صالح مغادرة القاهرة".

ونفى المريمي طلب عقيلة صالح دخول حكومة فتحي باشاغا إلى طرابلس، قائلاً "نعرف أن في طرابلس ميليشيات وقضايا كثيرة ولا يمكن للحكومة أن تعمل بأريحية هناك".

تعثّر متوقع

عضو مجلس الدولة الاستشاري بلقاسم قزيط علق على فشل اجتماع عقيلة صالح وخالد المشري قائلاً إنه "كان متوقعاً". واعتبر قزيط أن تسويق التوافق بين الأطراف المتنازعة خداع للرأي العام، "فالمشكلة كانت في تسويق أن هناك تقارباً وتفاهماً كبيرين بين المشري وعقيلة، وهذا غير صحيح، وأنا ألوم الذين يسوقون الوهم للناس"، مشيراً إلى أن "مسألة ترشح العسكريين للانتخابات الرئاسية ستكون اختباراً حقيقياً لمدى التوافق بين الأطراف الليبية، لا سيما بعد إعلان الاتفاق على 200 مادة دستورية حتى الآن".

وخلص إلى أن "حجم الخلافات حالياً يدور حول خمسة في المئة فقط من المواد الدستورية، وباقي المواد ليست محل خلاف، ويجب أن نتكلم في المواضيع الخلافية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صفقة لم تتم

أما الأكاديمي والباحث السياسي يوسف البخبخي فقال إنه "من الواضح في سياق الأحداث وفشل اللقاء ما بين المشري وصالح أن التركيز الحقيقي لم يكن على فكرة المعنى الدستوري أو الوصول إلى ما أطلقوا عليه وثيقة دستورية أو قاعدة دستورية ". وتابع، "القضية بالدرجة الأولى كانت هي الحكومة الجديدة المكلفة من البرلمان والإقرار أو الموافقة عليها، والمساومة على تلك القضية والانتقال بالمعطى الدستوري للوصول به إلى التوافق، أما التوافق الدستوري بحد ذاته فلم يكن هدفاً للطرفين".

وأضاف، "لا مجلس الدولة معني بالوصول إلى قاعدة دستورية فاعلة وحقيقية، ولا مجلس النواب معني بالوصول إلى تعديل دستوري للاستفتاء عليه، فمن الواضح أن المعطى الدستوري ليس هدفاً لكلا الطرفين بقدر ما هو أداة للوصول إلى هدف أبعد من ذلك".

تقدم في مؤشر السلام

وعلى الرغم من التوتر السياسي الذي يسيطر على المشهد الليبي هذه الأيام، أعلن معهد السلام والاقتصاد العالمي أن ليبيا احتلت المرتبة الـ 14 عربياً والـ 151 عالمياً ضمن مؤشر السلام العالمي للعام 2022، مستفيدة من استمرار صمود وقف إطلاق النار للعام الثاني على التوالي.

وبيّن المعهد أن "ليبيا شهدت تحسناً ملحوظاً على الصعيد الأمني، فيما بلغ حجم الإنفاق العسكري 10.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".

وأشار إلى أن "أعداد الوفيات من ضحايا العنف انخفض بنسبة 21 في المئة، بفعل اتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة الوفاق الوطني السابقة والقيادة العامة للجيش في بنغازي خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2020، إلا أنه مع هذا الانخفاض في الوفيات لا يزال مؤشر شدة الصراع الداخلي مرتفعاً".

وأوضح المعهد أن "مجال السلامة والأمن تحسن بنسبة 8.3 في المئة مدفوعاً بتراجع مظاهر العنف ومؤشرات اللاجئين والنازحين داخلياً"، مؤكداً أن "ليبيا سجلت أكبر زيادة في الاستقرار بالمنطقة وأكبر تحسن على مستوى العالم، إذ تحسنت درجاتها بنسبة 5.6 في المئة في مؤشر السلام للعام 2022، وأنها شهدت تدهوراً في مؤشر واحد فقط وهو تمويل عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وأكبر تحسن شهدته كان في مجال السلام والأمن والتظاهرات العنيفة واللاجئين والنازحين داخلياً وتصورات الإجرام".

جرعة من الأمل

وبحسب القراءة الخاصة بالباحث والأكاديمي الليبي محمد العنيزي لأسباب ونتائج هذا التقدم الملحوظ الذي أحرزته ليبيا في مؤشر السلام العالمي، فإن "المعهد الدولي اعتمد على الأرقام والمؤشرات الخاصة بالصدامات العسكرية الكبيرة التي تتسبب في أضرار بشرية ومادية كبيرة كل يوم، والتي توقفت تماماً منذ عامين في البلاد".

واعتبر العنيزي أن "هذا التحسن جرعة جيدة من الأمل وسط الأرقام المأساوية التي تحققها ليبيا على مستويات كثيرة نتيجة النزاعات السياسية والعسكرية، لكنه لا يعكس الحقيقة الكاملة حول السلام والأمن على الأرض مع استمرار انتشار السلاح الذي عزز الجرائم الجنائية التي لم يحصرها تقرير المؤشر الدولي للسلام، ووقوع صدامات مسلحة كثيرة في الغرب الليبي تهدد حياة المدنيين، والتي زادت معدلاتها بداية العام الحالي".

في المقابل، اعتبر الصحافي الليبي محمد الصريط أن هذا التحسن في مؤشرات السلام بليبيا "مهم جداً لأنه سيعطي صورة مطمئنة للخارج عن الوضع، وهو ما يسهم في تشجيع الشركات الأجنبية على العودة للبلاد، وهو أمر مهم جداً لإنعاش الاقتصاد الوطني المتعثر".

وأضاف، "تحسن البيئة الأمنية وارتفاع مؤشرات السلام يشجعان أيضاً السفارات الأجنبية على العودة لفتح أبوابها في ليبيا، وهو أمر بدأت بشائره خلال الأشهر الماضية، وكل ذلك له تداعيات إيجابية من الناحيتين السياسية والاقتصادية، ويسهم في عودة الحياة الطبيعية للبلاد بعد عقد مظلم من النزاعات والأزمات المزمنة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات