Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تسعى إلى خوض تحدي النهوض بقطاعها السياحي

5.73 مليون سائح جزائري يجولون في العالم سنوياً وقسم كبير منهم يزور تونس

وزير السياحة والصناعة التقليدية الجزائري ياسين حمادي (الإذاعة الجزائرية)

يشهد قطاع السياحة في الجزائر اهتماماً كبيراً على غير العادة، وفي حين ربطت أطراف عدة ذلك بتنظيم ألعاب البحر الأبيض المتوسط بمدينة وهران، غرب البلاد، يبقى التساؤل حول قدرة الجزائر على إحداث قفزة نوعية تجعل السياحة من بين أهم الروافد الاقتصادية البديلة للمحروقات.

دراسة تكشف المستور

وجاءت دراسة للمجمع الحكومي "فندقة، سياحة، حمامات معدنية"، لتكشف عن بعض أسباب منح الحكومة الجزائرية السياحة بعض الحيوية، إذ أبرزت أن قيمة ما ينفقه الجزائريون على عُطلهم وتنقلاتهم داخل البلاد وخارجها، تُقدَّر بـ3.5 مليار دولار سنوياً. وأوضح مساعد الرئيس المدير العام للمجمع، طارق الصغير، أن نحو 2.4 مليون زائر قدموا إلى الجزائر في عام 2019، من بينهم 1.3 مليون تونسي جاؤوا لأسباب تجارية، مشيراً إلى أنه في المقابل، يغادر الجزائر سنوياً نحو 5.73 مليون سائح، يتوجه 2.8 مليون منهم إلى تونس.
وأشار الصغير إلى أن "الوقت حان لقلب المعادلة، عبر إيجاد سبل كفيلة باستقطاب هذا العدد الهائل من السياح نحو الوجهة المحلية، وقد وضع المجمع من أجل ذلك استراتيجية للنهوض بالقطاع مع آفاق سنة 2030، ترتكز على إعادة تأهيل المؤسسات السياحية، والرقمنة الكاملة، إلى جانب تكوين وتطوير مهارات المورد البشري، وغيرها من الإجراءات".

تساؤلات وتحركات

ويتساءل الشارع المحلي عن أسباب تأخر تقديم هذه الأرقام، وعن أسباب ترك السائح الجزائري في رحلة بحث عن وجهة سياحية خارجية لقضاء عطلته، وعن أسباب عدم التمكن من استقطاب سياح أجانب، بينما تمتلك البلاد مقومات تجعلها رائدة في المجال السياحي.
إلا أن تزامن تحرك الجهات القائمة على القطاع، مع استمرار غلق الحدود البرية مع تونس، وارتفاع أسعار التذاكر نحو أوروبا وبعض الوجهات مثل تركيا، وكذلك بمناسبة تنظيم الألعاب المتوسطية بمدينة "الباهية" الساحلية، يجعل كل التساؤلات تلقى إجابة واحدة، وهي أنه حان وقت السياحة المحلية وإخراج هذا القطاع من غرفة الإنعاش، وهو ما كشف عنه وزير السياحة الجزائري ياسين حمادي، بالقول إن "النهوض بقطاع السياحة يُعد حتمية فرضت نفسها، بخاصة في ظل توافر إرادة قوية من قبل السلطات العليا للدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المنافسة شرسة

في السياق، يعتبر أستاذ الاقتصاد، أحمد الحيدوسي، أن "السياحة من الروافد المهمة في دعم الاقتصاد، ولذلك وضعت السلطات استراتيجية تمتد إلى غاية عام 2030، وتستهدف تنشيط هذا القطاع، وجعله يسهم في الناتج المحلي الإجمالي"، مشيراً إلى أن "الأمر يستهدف السائح المحلي، وجعله يفضل الوجهة الداخلية بدلاً من الوجهة الخارجية التي كان يفضلها بعض العائلات مثل تونس وتركيا". وأوضح الحيدوسي أن "تحريك الوجهة الداخلية يسمح بتنشيط عديد من القطاعات كالإيواء والاطعام والنقل والصناعات التقليدية"، مبرزاً أن "جلب السائح الأجنبي يستدعي التسويق للوجهة الجزائرية باستغلال التنوع البيئي والثقافي".
ويرى الحيدوسي أن "تحقيق قفزة في مجال السياحة في ظل المنافسة الشرسة على السائح الجزائري، يدفع إلى وضع استراتيجية فعّالة تعمل على الرفع من قدرات الإيواء وترقية المنتج السياحي، وكذلك تسهيل إجراءات منح التأشيرات، بالإضافة إلى غرس الثقافة السياحية في المؤسسات التربوية".

فرصة مناسبة

من جهة أخرى، يعتقد الرئيس السابق لمنظمة المؤسسات الاقتصادية الناشئة، عبد النور فلاح، أنها "فرصة مناسبة أكثر من أي وقت مضى من أجل وضع أسس لإنعاش السياحة في الجزائر، على اعتبار أن البلاد تمتلك مؤهلات سياحية مهمة لا تختلف كثيراً عما تزخر به بعض الدول الشقيقة والصديقة، ما يجعلها في قلب اهتمامات شركات الاستثمار السياحي الدولية"، مضيفاً أن مساحات الاستغلال السياحي بتنوعها في الجزائر تبلغ أضعافاً مضاعفة من المساحة الكلية لكثير من الدول المصنَّفة في المراتب الأولى عالمياً، وهذا وحده مؤشر استراتيجي مهم على أن الجزائر ينقصها تنسيق الجهود الرامية إلى ترقية هذا القطاع الذي يُصنَّف لدى بعض الدول كعمود فقري لاقتصادها، على غرار تونس وتركيا". وأضاف فلاح، أنه "يجب على المعنيين اتخاذ قرارات مهمة تتجه صوب تحسين القوانين وتذليل العقبات التي من شأنها أن تعرقل أو تؤخر مشاريع ترقية السياحة في البلاد، كما يجب العمل، وبجدية، على تغيير الذهنيات بتعزيز وتثمين الموارد والوجهات السياحية"، مشدداً على أن "السياحة في الجزائر لا تقتصر على فصل واحد، وإنما هي امتداد على أربعة فصول، كما لا تهتم بنوع واحد، بل تشمل الشاطئية والصحراوية والغابية والجبلية والدينية، وغيرها، وكل هذه الثروة تتطلب من الفاعلين والسلطات والمسؤولين والمجتمع برمته، التوجه نحو هذا القطاع الحيوي بقوة".

تغيّر دائم أم مؤقت؟

وفي إطار تحقيق الأهداف، أكد وزير السياحة والصناعة التقليدية الجزائري، ياسين حمادي، أن "طاقة استيعاب المؤسسات الفندقية ستصل إلى 140 ألف سرير خلال موسم الاصطياف للسنة الجارية، ما من شأنه استيعاب العائلات الجزائرية وأبناء الجالية بالخارج، وحتى الأجانب"، مضيفاً أن "الأسعار في متناول السياح، حيث تم تسجيل فنادق مصنَّفة بدرجة 4 نجوم بـ6 آلاف دينار، أي ما يعادل 40 دولاراً، وفنادق أخرى بين 2500 و3 آلاف دينار، أي نحو 17 و20 دولاراً". وشدد الوزير على أن "الرهان قائم حالياً لترقية مستوى الخدمات السياحية، وهو أمر يستلزم تنسيق العمل بين جميع مكونات السلسلة السياحية من مؤسسات فندقية ووكالات سياحية ومرشدين سياحيين لبلوغ الأهداف المرجوة".
وما يدل على تغيّر في تصورات وتوجهات الحكومة هو اللجوء إلى أساليب كانت إلى وقت قريب، لا مكان لها في مخيّلة المسؤولين الجزائريين، وأهمها الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي، والمؤثرين والمشاهير والفنانين، وحتى الإعلام الأجنبي، من أجل التسويق للمنتج السياحي، في تحول لافت في السياسات، ومنها وسوم (هاشتاغات) تحول بعضها إلى "تريندات" رقم واحد عبر منصات التواصل الاجتماعي، تشجع السياحة في الجزائر والتعريف بثقافة وعادات وتقاليد الجزائريين. كما حصدت فيديوهات وكليبات ترويجية نسب متابعة كبيرة جداً، لكن هل ستبقى هذه النظرة قائمة وتزداد تطوراً أم أن الخطوة مؤقتة تتعلق بفترة محددة لتعود بعدها الأوضاع السياحية إلى سابق عهدها؟