Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا أبلغ المفوض الروسي المسؤولين اللبنانيين وهل سقطت مبادرة إعادة النازحين؟

يأتي اهتمام موسكو ببيروت من ثلاث زوايا أساسية لا يزال تفعيلها رهن الوضع في المنطقة

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري يستقبل المفوض الروسي الخاص الى سوريا ألكسندر ‏لافرنتييف في السراي (الوكالة الوطنية للإعلام)

شكلت زيارة المفوض الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر ‏لافرنتييف للبنان، محور اهتمام ومتابعة على الساحة المحلية، انطلاقاً من الأهمية التي تعلقها السلطات اللبنانية على المساعدة الروسية في ملف عودة النازحين، في ضوء المبادرة التي أطلقت على هذا الصعيد بعد القمة الأميركية- الروسية في هلسنكي قبل نحو عام.

يعطي الوفد عنواناً أول لزيارته يتصل بدعوة لبنان إلى مؤتمر آستانة، مسقطاً الهدف الآخر المتصل بإجراء محادثات في شأن عودة النازحين، الذي يعول عليه لبنان لإعادة إحياء المبادرة التي جُمدت بعد فترة قصيرة من إطلاقها بفعل ضغط أميركي ناتج من رفض واشنطن تمويل العودة، ما لم تكن بشروطها.

خلاصة اللقاءات التي أجراها الوفد تُختصر بموقف واحد تلمّسه المسؤولون اللبنانيون، وهو تعذّر إحياء المبادرة في ظل استمرار التشدد الأميركي حيالها، وألا عودة للنازحين السوريين إلا ضمن مسار العملية السياسية للتسوية السورية، وهي التسوية المعلقة اليوم على معارك ريف حماة وإدلب التي يشرف عليها الروس مباشرة مع التنظيمات المسلحة، من دون أن تحقق تقدماً، وأيضاً في المواجهة الأميركية- الإيرانية التي يبدو أن سوريا جزء منها.

الوفد استهل زيارته فور وصوله بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتناول معه الوضع العام في ‏المنطقة وفي سوريا، في ظل التطورات المتسارعة في الشمال السوري وعلى ‏جبهة إدلب‎.‎

واستهل اليوم الثاني من زيارته بزيارة قصر بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم انتقل إلى قصر بسترس وعقد مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اجتماعاً، أعقبه لقاء مع رئيس الحكومة سعد الحريري.

وأوضح الموفد الروسي أنه يحمل دعوة إلى لبنان للمشاركة في مؤتمر آستانة، من ضمن دعوات إلى كل الدول الجارة ‏لسوريا، وعبّر بري عن تأييده مشاركة لبنان في هذا المؤتمر. وهذه الدعوة هي الأولى التي توجه إلى دول الجوار السوري.

في موضوع النازحين السوريين، جدد الوفد التشديد على ضرورة عودتهم السريعة إلى بلادهم، وعلى المبادرة الروسية لتحقيق هذا الهدف، في المقابل أصر بري على ضرورة فتح حوار بين لبنان وسوريا حول هذه المسألة، لافتاً إلى أنه يتفق مع رئيس الجمهورية في هذا الموضوع‎.‎

عون: لبنان معني بمؤتمر آستانة

بدوره، أبلغ رئيس الجمهورية الموفد الرئاسي أن "لبنان معني بالمشاركة في مؤتمر آستانة، لأنه يسهل متابعة الجهود لإيجاد حل سياسي يساهم في عودة النازحين إلى بلادهم، لا سيما أن في لبنان أكثر من مليون و500 ألف نازح سوري، ترك نزوحهم تداعيات سلبية على القطاعات اللبنانية كافة وعلى الإدارات والمؤسسات الرسمية والخاصة". وأوضح عون أن "المشاركة في المؤتمر لا تلغي حق لبنان في البحث مع الدولة السورية في تنظيم عودة النازحين إلى بلادهم"، واصفاً الدعم الروسي لتحقيق هذه العودة بـ "العامل المهم في انتظار توصل المشاركين في مسار آستانة التفاوضي إلى حلول نهائية للأزمة السورية".

أما لافرنتييف فقال إن "بلاده تعتبر مشاركة لبنان والعراق ضرورية عند البحث في الأزمة السورية"، مؤكداً أن موسكو ستقوم بالمزيد من الجهد لمعالجة الوضع في سوريا، بالتنسيق مع الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا السفير غير بيدرسون. كما أعلن أن موسكو ماضية في مكافحة الإرهاب"، مشدداً على "مشاركة لبنان في خطواته تمهيداً لعودة السوريين إلى بلادهم، وأن هذا الموضوع سيكون محور بحث في مؤتمر آستانة وسيلقى لبنان دعماً روسياً في المجالات كافة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاهتمام الروسي: النفط والتعاون العسكري

يأتي الاهتمام الروسي بلبنان من ثلاث زوايا أساسية، لا يزال تفعيلها رهن الوضع في المنطقة والمسار الذي سيسلكه، على ضوء آلية بلورة الحل السياسي في سوريا.

أول هذه الزوايا يتمثل بملف النفط والغاز، فقد دخلت روسيا بقوة على هذا الخط من خلال العقد الذي وقعته شركة "روسنفت" مع مصفاة طرابلس نهاية يناير (كانون الثاني) 2019 لمدة 20 عاماً، لتجهيز المنشآت وفتح خط نقل الغاز بين لبنان ودول المنطقة. كما أبرمت شركة "نوفاتيك" الروسية مع لبنان، عقدين للتنقيب عن النفط واستخراجه وإنتاجه في البلوكين الرابع والتاسع.

تجدر الإشارة إلى أن قيمة التبادل التجاري بين روسيا ولبنان قد ارتفعت من 423 مليون دولار عام 2016 إلى 800 مليون دولار عام 2018، حين احتلت صادرات الطاقة الروسية القسم الأكبر منها. وشكّل النفط جزءاً أساسياً منها بسبب تصديره إلى سوريا كنتيجة لتفلتها من العقوبات الأميركية.

ثاني الزوايا يكمن في الرغبة الروسية في استحواذ دور في موضوع حل أزمة النازحين السوريين. وجاءت المبادرة الروسية لتصب في هذا السياق، لكنها لم تنجح بعد في تحقيق أي تقدم، في ظل الدور الأميركي الضاغط، فضلاً عن تطورات المنطقة التي أعادت رسم الدور الروسي في سوريا، بحيث تحول موقف روسيا من حليف قوي لمحور دمشق- طهران، إلى عامل فاعل وضاغط في اتجاه إخراج إيران من سوريا. ونقلت مصادر مطّلعة أن الوفد الروسي حذر المسؤولين اللبنانيين من الانخراط في ‏أية عملية عسكرية قد تحصل في المنطقة، على خلفية التطورات الأخيرة، داعياً إلى التمسك بسياسة النأي بالنفس وتحييد الساحة الداخلية عن الصراع فيها‎.

وفي هذا الموضوع، أبلغ الوفد الروسي المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، موقف بلاده وفيه، ألا عودة للنازحين إلا من خلال مسار العملية السياسية للتسوية السورية التي تسير، ولو ببطء، بمواكبة ومباركة دوليتين، ‏وأن على اللبنانيين وقف التراشق حولها.

أما النقطة الثالثة، فتكمن في اهتمام روسيا بتعزيز التعاون مع لبنان في المجالات كافة، لا سيما على المستويين الأمني والدفاعي، بعدما تعثّر هذا التعاون بفعل تجميد معاهدة التعاون العسكري بين البلدين، نتيجة الضغوط الأميركية على قاعدة حماية حصرية الولايات المتحدة في تسليح الجيش اللبناني والقوى الأمنية. وتقدّر قيمة المساعدات الأميركية العسكرية التي تقدمها واشنطن للبنان بـ 100 مليون دولار تقريباً، كمعدل سنوي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي