Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الضوضاء تهدد الصحة النفسية للأردنيين والقوانين "حبر على ورق"

مطالبات بنشر الوعي بآثارها الخطيرة وإدخال البعد البيئي في المناهج الدراسية

أحد أحياء العاصمة الأردنية عمّان ( اندبندنت عربية- صلاح ملكاوي)

ما إن تستيقظ عمان والمدن الأردنية، حتى تتعالى أصوات الضجيج وتنتشر الضوضاء في كل مكان، معلنة بدء يوم جديد على الطريقة الأردنية، حيث الصخب يطغى على كل الأصوات المنادية بضرورة الهدوء للحفاظ على الصحة النفسية للمواطنين.

وبينما تتراجع فوضى الشارع في فصل الشتاء، يكون الأمر أكثر إزعاجاً في الصيف، حيث الألعاب النارية ومواكب الأعراس والخريجين، فضلاً عن البائعين المتجولين والأطفال الذين تضيق بهم جنبات الأحياء، وحركة السير التي لا تهدأ حتى ساعات الفجر الأولى، معلنة هدنة قصيرة، ثم لا تلبث أن تعود عمان على وجه التحديد إلى جحيم يومي لساكنيها.

وتحدد القوانين مستويات الأصوات المسموح بها في المناطق السكنية في المدن، بـ60 ديسيبل نهاراً و50 ليلاً. وفي المناطق السكنية في الضواحي، بـ55 نهاراً و45 ليلاً، لكنها على أرض الواقع تفوق ذلك بكثير.

قوانين لا تطبق

وتتزاحم القوانين التي تعنى بهذه الظاهرة، وهي قانون السير الأردني، وقانون حماية البيئــة، وتعليمات الحـد والوقاية من الضجيج، وتعليمـات صالات الأفراح، وتعليمـات تنظيم شركات الألعاب النارية، إلا أنها غير مفعلة، ولا تسهم بمنع كل مظاهر الضوضاء المنتشرة في الأردن والآخذة بالتزايد يوماً بعد آخر.

تصنف إدارة السير المركزية الضوضاء على أنها إحدى المشـكلات البيئية للمجتمع المعاصر، التي تتسبب بها الأنشطة الصناعية، ووسائل النقل، وتتحدث عن تأثيرها الكبير والضار على حياة الإنسان النفسية والعصبية، حيث يؤدي بعضها إلى ضعف مستدام في السمع، أو إصابة الأذن الوسطى وقد تحدث تلفاً داخلياً.

 وما بين ضوضاء المركبات والإنشاءات والمباني والأنشطة التجارية والبشرية كالاحتفالات، تدعو عديد من الجهات المعنية إلى نشر الوعي عن طريق وسائل الإعلام المختلفة عن الضوضاء وآثارها الخطيرة، إضافة إلى إدخال البعد البيئي في المناهج المدرسية، وضرورة إبعاد المدارس والمستشفيات عن مصادر الضوضاء، وتطبيق التشريعات اللازمة للحد والوقاية من الضجيج.

وتنص بعض القوانين، كقانون السير، على عقوبات حجز المركبات وتسديد غرامات مالية، والحبس لمدة أسبوع لمن يتسبب بالضوضاء من خلال مركبته. كما يكفل قانون البيئة للمواطنين حماية من التلوث الضوضائي بعقوبات مالية والسجن بحق المخالفين، حيث يمنع استخدام مكبرات الصوت في حفلات الأعراس التي تقام في المناطق المفتوحة، وتحظر أيضاً أعمال الإنشاءات المزعجة ما بين الساعة الثامنة مساء والسادسة صباحاً، ويمنع إطلاق الألعاب النارية بعد العاشرة ليلاً.

لكن كل ذلك يظل حبراً على ورق مع ما يعانيه الأردنيون يومياً في الأسواق والشوارع التي لا تخلو من مكبرات الصوت في سيارات الباعة المتجولين، وباعة أسطوانات الغاز، وتجار الخردة، والقائمة تطول.

 مشكلة أم حرية شخصية

ووفقاً لمراقبين، تطل أغلب المنازل في العاصمة عمان على الشوارع الرئيسة وتقترب منها، مما يجعل قاطنيها يعانون ضوضاء السيارات التي يزيد مستواها على 80 ديسبيل.

 وتشير دراسة أجرتها الجامعة الأردنية إلى أن مدينتي الزرقاء وإربد أكثر معاناة مع الضوضاء من العاصمة عمان، حيث تنتشر كثير من صالات الاحتفالات وورش العمل والمناطق الصناعية.

 ويلجأ أردنيون للتحايل على هذه الضوضاء بطرق عدة دون جدوى، كتركيب الزجاج مزدوج العازل، لكن مع خلو أغلب المنازل من العزل تظل المشكلة قائمة، بل إنها تتدرج إلى أمراض جسدية وصحية بات يرصدها الأطباء، كارتفاع ضغط الدم، ومشكلات التوتر العصبي واضطرابات النوم والقلق والإرهاق.

ويرصد متخصصون مستويات الصوت المقبولة عالمياً، وهي 25 - 40 ديسبيل في المناطق السكنية، و30 - 60 في المناطق التجارية، و40- 60 في المناطق الصناعية، و30 -40 في المناطق التعليمية و20 -35 في مناطق المستشفيات.

ويعترف المهندس جبر درادكة، من وزارة البيئة بضعف الرقابة على مخالفات الضوضاء، والتركيز أكثر على تلوث الهواء والبيئة، لكنه يشير إلى حملات مرتقبة في هذا الصدد، بينما يتحدث مسؤولون آخرون عن غياب الثقافة المجتمعية التي ترى في الضوضاء حرية شخصية وليست مشكلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حلول

وفيما غابت الشكوى من الضوضاء خلال فترات الحظر الشامل في جائحة كورونا، رصدت الجهات المعنية في عام 2020 نحو 580 مخالفة، كان أبرزها صور السيارات التي تبيع أسطوانات الغاز في الأحياء على مدار الساعة، ولحل هذه المشكلة تعمل وزارة الطاقة على إطلاق تطبيق للهواتف الذكية لطلب أسطوانات الغاز بدلاً من الضجيج الذي يمارسه الموزعون.

ويطرح الخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الرحمن البلبيسي، حلولاً عدة في هذا السياق، كوضع حواجز عازلة لضجيج الطرق والسكك الحديدية، وتخطيط حركة النقل الجوي والمطارات لتكون في أطراف المدن، وزيادة المساحات الخضراء داخل المدن.

ويشير البلبيسي إلى أن الوعي في الأردن بهذا النوع من التلوث البيئي وآثاره على صحة الإنسان لا يزال ضعيفاً، على الرغم من ازدياد أسباب الضوضاء كعوادم السيارات، والدراجات النارية، وإطلاق العيارات والألعاب النارية في المناسبات، والباعة المتجولين، ونباح الكلاب المقتناة داخل المنازل، وأخيراً طائرات الهليكوبتر السياحية.

المزيد من صحة