Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف هرب الـ"يوتيوبر" المحتال بمليون دولار من أموال الفلسطينيين؟

نشر بياناته الرسمية على وسائل التواصل وادعى أنه يكره النصابين ليستقطب راغبي الثراء عبر تجارة العملات المشفرة

قدم المحتال درساً قاسياً للمهتمين بالعملات الرقمية ولم يجرؤ أحدهم على مقاضاته (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

بعد أن جمع مليون دولار أميركي، اختفى الـ "يوتيوبر" المعروف جلال النجار عن متابعيه المهتمين بالاستثمار في العملات الرقمية والمشاريع التابعة لها، وانقطع تواصله مع جميع الأفراد الذين دفعوا إليه أموالهم، كما أوقف حساباته على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وبات يهمل بريده الإلكتروني، في عملية احتيال جديدة لكن بطريقة مختلفة.

اختفاء جلال أصاب متابعيه بالصدمة، في حين لحقت انتكاسة بالأشخاص الذين دفعوا له أموالاً طائلة بحسب وصفهم، ويقدر عددهم بنحو 250 ألف شخص، وكان ذلك نتيجة خذلان الثقة التي بناها معهم ومع قنوات إعلامية كبيرة على مدار عام ونصف العام، قدم خلالها محتوى مميزاً جداً عن الاستثمار في العملات الرقمية.

ما القصة؟

في البداية، كان جلال شخصاً واضحاً أمام متابعيه، ونشر جميع معلوماته الرسمية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وعرّف عن نفسه بشكل كامل، إذ ذكر أنه من عائلة فلسطينية تسمى النجار، ويسكن في مدينة القدس الشرقية، وتعلم في الجامعة تخصص الاقتصاد، كما تابع دورات معمقة في مجال العملات الرقمية والمشفرة، وطريقة الاستثمار فيها، وهذا الأمر دفع الناس إلى الثقة فيه، وبناء عليه اعتمدته وسائل إعلامية عدة كمحلل لها في برامجها التي تهتم بالمجال.

كان جلال نشطاً جداً على قناته بموقع "يوتيوب" واستطاع من خلال محتواه المجاني الذي خصصه للحديث عن مستقبل العملات الرقمية وكيفية الاستثمار فيها وأفضل المشاريع التي لها مستقبل مربح، وبالتالي بات مصدر ثقة لنحو مليون مشترك من الأراضي الفلسطينية والوطن العربي، ودفعه تزايد المتابعين إلى إنشاء قناة أخرى مدفوعة بقيمة 300 دولار أميركي لكل ثلاثة شهور، وكان يقدم فيها محتوى مميزاً جداً عن المواضيع نفسها التي يتحدث فيها، لكن بتوسع وتعمق أكبر، ويطرح من خلالها مشاريع ويشجع متابعيه على الاستثمار فيها، لكنه كان يرفض أن يطلق على نفسه مسمى "يوتيوبر"، ويفضل مصطلح مستثمر عملات رقمية.

يقول جلال في مقابلة منشورة له على "يوتيوب" يتحدث فيها عن طبيعة عمله، إنه بدأ في مجال العملات الرقمية منذ العام 2017، لكنه تركه وعاد إليه عام 2020 بقوة، حاملاً في جعبته كثيراً من الأفكار المميزة للمهتمين.

المحتال يشتم المحتالين

وكان جلال نشطاً أيضاً على "تويتر"، وفي صفحته ذكر جميع وسائل الاتصال به، لكنه لم يدرج رقم هاتفه في أية مرة، كما فتح مجموعة على "تيليغرام" وصل عدد متابعيه فيها إلى 250 ألف مهتم بمجال العملات الرقمية والاستثمار، ومن خلالها كان يتواصل مباشرة مع متابعيه ويرد على أسئلتهم بشكل فوري، ويقدم إليهم النصيحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول جلال في مقابلته إنه يكره الاحتيال ويحذر منه، وكثيراً ما كان يشتم المحتالين ويصفهم باللاإنسانية، وهو ما أعجب متابعيه الذين كانوا يشيدون به كثيراً ويصفونه بأنه أفضل نموذج يمكن الثقة فيه، مما دفعه إلى إثبات ذلك فعلياً من طريق تدشين محفظة إلكترونية خاصة أطلق عليها صندوق استثماري مميز يهتم بالعملات الرقمية.

ولكي يقنع متابعيه المهتمين بالاستثمار الرقمي روج أنه يختلف عن المحتالين، والاستثمار معه يعتمد على مبدأ التجارة في العملات الرقمية، وهي تحتمل الربح والخسارة، ورفض التعامل بنسب أرباح محددة مسبقاً، وكان ذلك الأمر مقنعاً بالنسبة إلى رواده الذين أرسلوا إليه أموالهم بنسب مختلفة.

وحتى يثبت حسن نيته يقول جلال إنه يقدم مشاريع اكتتاب في العملات الرقمية من دون وساطة منه، أي أنه مجرد ناصح لمتابعيه حول ما تقدمه المنصات المختلفة في هذا المجال.

اختفاء أم درس قاس؟

أرسل المهتمون بالاستثمار في مجال العملات الرقمية إلى جلال نحو مليون دولار أميركي، وبعد أن وصل المبلغ لهذا الرقم غاب عن متابعيه لشهرين، لكنه أرسل إليهم بريداً إلكترونياً أورد فيه أنه يعاني مرضاً ويتلقى الرعاية الصحية على أمل أن يعود قريباً.

وصباح يوم الإثنين السادس من يونيو (حزيران) الحالي، أفاق متابعوه على صدمة، إذ أغلق جلال حسابه على "تويتر" كما أوقف قناته على "يوتيوب"، وألغى مجموعته على "تيليغرام"، وبحسب المغردين الذين تعاملوا معه فإنه أهمل بريده الإلكتروني ولم يعد يرد على رسائلهم.

وقدم جلال درساً قاسياً للباحثين عن الثراء السريع بعد اختفائه بنحو مليون دولار في محفظة ادعى أنها استثمارية. يقول عبدالرحمن الحربي وهو فلسطيني أرسل إليه نحو 30 ألف دولار، إنه حزين على الثقة التي منحها له وتعلم أن لا يرتبط بشخص تجمعهما شاشة واحدة.

لكن الحربي لم يقدم شكوى رسمية لجهات الاختصاص في الأراضي الفلسطينية، كما أفاد المتحدث باسم الشرطة لؤي أزريقات أنه لا أحد من فلسطين أو خارجها تواصل معهم في شأن عملية الاحتيال التي قام بها المذكور، ولا يمكن متابعته أو التحقيق معه من دون تفاصيل وافية عن فعلته أو شكوى رسمية موثقة بالأدلة الكاملة، وهم على غير علم بمكانه في الفترة الحالية.

حادثة سابقة وتحرك حكومي

في الواقع، ليس جلال وحده الذي قام بالاحتيال من الأراضي الفلسطينية، إذ سبقته ماريتا ياسين المهتمة بمجال التسويق الشبكي الهرمي والتي هربت من قطاع غزة إلى تركيا بعد جمعها مليوني دولار، لكن الفتاة بعد الشكاوى التي قدمت ضدها للسلطات المحلية نفت عبر منصتها على "إنستغرام" القيام بأي عملية نصب، وبررت فعلتها بأنها تجارة رابحة، وهي تكمل مشوارها في مكان آخر يفهم عملها.

الحادثتان دفعتا السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى التحذير من التداول في العملات الرقمية، كما منعت أنشطة التدريب عليه، ويقول المستشار القانوني لوزارة الاقتصاد يعقوب غندور إنهم حظروا تجارة العملات الرقمية وجميع أنشطة التسويق الشبكي والهرمي، وفي حال ثبت قيام أحد بذلك الأمر فستتخذ بحقه الإجراءات القانونية المشددة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي