Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أجور وامتيازات نواب الجزائر بين تحرك البرلمان ورفض الشارع

الاهتمام بالملف يرجع إلى أنها مسألة تمس بالمال العام وبخطورة صناعة رجال مال جدد مستفيدين من أصوات الناخبين

البرلمان الجزائري على موعد مع الصدقية مرة أخرى (الإذاعة الجزائرية)

عاد الحديث عن أجور النواب وامتيازاتهم في الجزائر، وعاد معه غضب الشارع الذي أصبحت مثل هذه القضايا تستفزه في ظل نشاط برلماني لا يتعدى رفع الأيدي من دون إضافات أو تحسينات لصالح المواطنين يمكن أن تشفع لهم.

وفتح استعداد لجنة الشؤون القانونية والحريات في البرلمان، في مناقشة وتعديل النظام الداخلي للغرفة السفلى بما يتناسب مع مضامين دستور 2020، من خلال استقبال خبراء ومختصين في القانون لإثراء النسخة الجديدة التي لطالما كانت محل خلاف بين نواب العهدات الماضية والتي انتهت حينها بتجميد المشروع.

وإن كانت مواضيع رفع الحصانة وتحديد صلاحيات ومهام النائب البرلماني، من بين الأسباب التي عجلت بإثارة الملف، إلا أن قضية المرتبات والامتيازات أيضاً لها يد في إخراج النظام الداخلي إلى العلن، وهي النقطة التي دوماً كانت تحقق إجماعاً بين النواب إلا أنها تصطدم برفض الشارع الذي تشحنه المعارضة.

أجور وامتيازات البرلماني

وليس موضوع الأجور وحده ما يثير الاستفزاز ولكن الامتيازات الممنوحة أيضاً، لا سيما ما تعلق بجواز الدبلوماسي والسفريات، والمشاركة في الندوات التكوينية بالخارج والتعويضات المالية، وغيرها من الأمور التي دأب النواب على الاهتمام بها على حساب انشغالات الشعب.

وسبق أن أثارت زيادة أجور نواب البرلمان بغرفتيه، جدلاً كبيراً بين أوساط المواطنين الذين اعتبروها خيالية، مقابل أجر قاعدي ضعيف، بخاصة أن هناك من البرلمانيين من لا يحضرون الجلسات إلا قليلاً، ومنهم من لا يمكنه تقديم مداخلة وافية عند مناقشة مشروع قانون. 

القطيعة مع النظام السابق

وفي السياق، يقول الحقوقي عابد نعمان، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنه أمر طبيعي متابعة المواطنين لما يجري بخصوص أجور وامتيازات النواب، على اعتبار أن "الجزائر الجديدة" تضمنت في جوهرها القطيعة مع مصطلح الامتياز الذي كان هو أساس النظام السابق، مضيفاً أن "وعي الجزائري لعب دوراً مهماً في تحديد الموقف من سوء استغلال هذه المصطلحات، وهذا يترجم أن المواطن أصبح لديه مناعة فكرية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً"، وأوضح أنه "حينما نتحدث عن الحصانة فإننا نتحدث من واقع سوء استغلالها، وكذلك حينما نتحدث عن الأجور والامتيازات فإننا نتحدث عن المال العام وخطر ظهور رجال مال آخرين، وأنه حينما نتكلم عن التنافي فإننا نتكلم عن خطر الفساد الإداري".

يتابع نعمان، أن المواطن الجزائري في وعي تام لحماية مكتسباته الوطنية ووضع جدار واقٍ من خطر إنشاء عصب جديدة تشبه المنظومة السابقة ما قبل الحراك، مبرزاً أن اهتمام الشارع بملف أجور النواب يرجع إلى أنها مسألة تمس بالمال العام وبخطورة صناعة رجال مال جدد مستفيدين من الأصوات التي أوصلتهم للبرلمان، بحيث يعتقد المواطن أن هذا انحراف عن العهد الذي قطعه النائب أمام المواطن في حملاته الانتخابية في الدائرة التي يمثلها، وختم أن طلب رفع الأجور سيلقى رفضاً واسعاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إعادة النظر

من جانبه، يعتقد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، بريك الله حبيب، "أن ما نلاحظه من توجهات جديدة في جزائر ما بعد الحراك هو إعادة النظر في اكثير من الملفات والقضايا والامتيازات التي كانت حكراً على بعض مؤسسات الدولة، وجعلت منها مرتعاً للفساد، ولعل قبة البرلمان والمزايا التي كانت تؤسس لكثير من التصرفات المشبوهة أكثر مثالاً على ذلك"، مشيراً إلى أن "ملف الحصانة حقق لكثير من النواب المشبوهين في قضايا الفساد مكاسب شخصية من خلال صفة نائب بالبرلمان، بعد أن أصبح هدفاً لعدد من أصحاب المال الفاسد في ظل غياب الرادع القانوني، وهو ما أثار حفيظة الشعب بخاصة في ظل غياب مشاريع قوانين هادفة تخدم التنمية وتساعد في تخطي كثير من المشاكل التي يعانيها المواطن على مختلف الجبهات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية".

مادة دسمة

ويبدو أن ملف أجور النواب بات مادة دسمة للطبقة السياسية التي تحاول استخدامه من أجل الحصول على مراكز متقدمة شعبياً، حيث قال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، القوة السياسية الثانية في البلاد، الطيب زيتوني، إن الحزب سيطرح عن طريق كتلته البرلمانية فكرة مراجعة أجور نواب البرلمان، والإطارات السامية للدولة بما في ذلك الوزراء. وأضاف أنه مع فكرة حصول النائب البرلماني على المرتبات التي كان يتحصل عليها قبل انتخابه نائباً بالبرلمان، مع منحه تعويضات تخص نشاطه وفقط، وأبرز أنه يجب مراجعة منحة تقاعد الإطارات السامية والأجور التي يحصلون عليها، مشدداً أن بعضهم يستحق ما يحصل عليه من راتب، أما البعض الآخر فلا، ويجب مراجعة هذا الأمر بالتدقيق. 

وفجر في وقت سابق، النائب بمجلس الأمة، عبد الوهاب بن زعيم، جدلاً واسعاً بعد تصريحاته بأن أعضاء المجلس الانتقالي، نحو 192 عضواً، في الفترة ما بين 1994 إلى 1997 يتقاضون إلى الآن رواتب تصل إلى 40 مليون سنتيم شهرياً أي نحو 2400 دولار، بالإضافة إلى كل الامتيازات التي يتحصل عليها نواب البرلمان، منتقداً استفادتهم من الزيادات نفسها التي عرفتها رواتب البرلمانيين إلى اليوم.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير