Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهام قيس سعيد قاضيتين بالزنا في تونس يثير غضب الحقوقيين

يرى مراقبون أن استسهال "السحل الإلكتروني" للأشخاص يبيح استخدام العنف

اعتصام لمجموعة من المحامين والناشطين أمام قصر العدل في العاصمة التونسية، الأربعاء 8 يونيو الحالي (أ ب)

بعد صدور اﻷمر الرئاسي في تونس الذي تم بموجبه إعفاء 57 قاضياً من مهامهم، جرى تداول ملف إعفاء قاضية تضمن شهادة طبية ومحضراً حرر بإقليم الأمن بمنطقة الأمن في مدينة قابس، جنوب البلاد، وتبين أن السبب هو توجيه تهمة "زنا" لها، وصدر حكم ابتدائي في شأنها بعد سماع الدعوى، وهي حالياً أمام محكمة الاستئناف. كما تم تداول محضر صادر من الفرقة الخاصة للحرس الوطني بإقليم سوسة بالساحل الشرقي، يخص قاضية ثانية متهمة بالتهمة نفسها، ليثير الاتهام بالزنا جدلاً وقضية رأي عام، لا سيما بعد كلام الرئيس التونسي قيس سعيد عن القاضيتين أثناء حديثه عن مخالفات القضاة المشمولين بالإعفاء.

وسيلة قذرة

في المقابل، روت إحدى القاضيتين المعزولتين في تصريح إعلامي، أنها كانت على علاقة مع عميد في الحرس الوطني في طور الطلاق مع زوجته، وتعرضت لضغط من زوجته التي اتفقت مع أطراف معينة لإيقاعها في فخ. وقالت القاضية في عام 2020 تعرض العميد لوعكة صحية في توقيت حظر التجول، فاقترحت عليه المكوث لبضع ساعات في منزلها فإذا بالقوات الأمنية تقتحم منزلها وتحرر محضراً، ليتم في ما بعد اتهامها بتعطيل مداهمة أمنية وبتدليس تهم، وتوجه لها تهمة أخلاقية. وقالت القاضية المعزولة إنها أجبرت على الخضوع لفحص العذرية.
من جهتها، أكدت رئيسة "جمعية القاضيات التونسيات" سيدة قارشي، تعرض قاضيتين "للتشويه والضغط النفسي والمعنوي، وتوجيه تهم أخلاقية لهما، حيث خضعت إحداهما لفحص شرجي وقبلت بالأمر لإثبات براءتها من التهم المنسوبة إليها، وصدر حكم بعدم سماع الدعوى في هذا الأمر"، إلا أن البراءة بحسب سيدة قارشي، "لم تشفع لها وتم سحلها إلكترونياً مما تسبب لها في خلافات عائلية واجتماعية".
ورأت قارشي أن الاتهامات الأخلاقية بخاصة ضد القاضيات هي" الوسيلة الناجعة والقذرة التي تستعمل لجعل المرأة تحت الهيمنة الذكورية والرجوع بها إلى الوراء والهدف من التشويه هو تشويه المرأة الرائدة، بخاصة أن أكثر من نصف القضاة في تونس نساء".
وأشارت إلى أن" قضية الزنا في تونس لها شروط صعبة جداً في القانون لإثباتها"، معتبرة أن "هذه التهمة تقع ضمن ترسانة القوانين البالية التي لم تعد متماشية مع المجتمع المدني ومدنية الدولة التي نفتخر بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


عنف معنوي ونفسي

من جهتها، اعتبرت الحقوقية النسوية بشري بلحاج حميدة أن "المفزع في القصة أن رئيس الجمهورية هو من يتحدث عن الزنا. والغريب في الأمر هو أن المتهمين بقضايا الاغتصاب والإرهاب وغيرها يتم استنطاقهم، لكن القاضيتين المتهمتين يتم تشويه سمعتهما عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالوثائق والفيديوهات من دون السماح لهما بالدفاع عن نفسيهما في كنف العدالة". واتهمت بن حميدة أجهزة الدولة بتسريب هذه الوثائق ومعطيات شخصية لمدون لينشرها بنفسه للعموم. وأضافت "نحن اليوم نفتخر بتقدم المرأة على مستوى الحقوق والحريات أو على مستوى الكفاءات، لكن للأسف ما يحدث من تشويه للمرأة ووصمها أخلاقياً غير لائق ببلد كتونس التي حققت فيها المرأة مكتسبات عدة".

واعتبرت بلحاج حميدة أن "ما مورس ضد القاضيتين المتهمتين هو عنف معنوي ونفسي ومس بكرامتهما وحرمتهما الجسدية".
يشار إلى أن أحد المدونين نشر وثائق ومعطيات شخصية تخص القضاة الموقوفين عن العمل، ومنها فيديو يظهر إحدى القاضيات المتهمات مع صديق لها.

"سحل إلكتروني"

ودفاعاً عما اعتبروه "كرامة النساء والحرمة المعنوية" و"ضد السحل الإلكتروني وانتهاك حرمة وكرامة النساء"، أصدرت مجموعة من المنظمات الحقوقية في تونس بياناً مشتركاً عبرت فيه عن التضامن المطلق مع القاضيتين المعنيتين، والصدمة من هذا الاعتداء الخطير على الحياة الخاصة للأشخاص والانتهاك الجسيم لكرامة النساء.
واعتبرت المنظمات أن "انتهاج أعلى مؤسسة في الدولة (الرئاسة) خطاب الوصم الاجتماعي والأخلاقي والتشهير بجوانب تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد هو مؤشر خطير يدل على تعفن الحياة السياسية في البلاد، وتتعاظم خطورته حين يتعلق الأمر بوصم نساء أخلاقياً، ما يفتح الباب أمام الإقصاء الاجتماعي ويبيح الحملات الممنهجة للعنف الرمزي وللتشهير بالنساء بصفتهن نساء، على الرغم من أنه لم تمضِ مدة طويلة على الاعتراض على مثل هذه الاعتداءات عندما طالت شخص الرئيس وعائلته".
ونددت المنظمات بـ"إقحام الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للنساء في المعارك المتعلقة بالقضاء وبالشأن العام"، معتبرةً في البيان ذاته أن "قضايا الزنا لا تهم الرأي العام والمجتمع في شيء حتى من الناحية القانونية، علاوةً على كونها من الجرائم التي تجاوزها الزمن لمخالفتها روح القانون والمنطق السليم وتعلقها بالحياة الخاصة للأفراد وحرياتهم".
وطالبت المنظمات الحقوقية الرئيس التونسي بتقديم اعتذار علني للقاضيتين المعنيتين وللنساء التونسيات اللاتي تعددت الانتهاكات التي تطاول كرامتهن وحرمتهن المعنوية.
وتظاهرت الأربعاء 8 يونيو (حزيران) الحالي، منظمات وجمعيات تضامناً مع القاضيتين، وعبرت عن رفضها "هتك الأعراض والتعدي على حقوق المرأة وانتهاكها".
كما انتقد قسم المرأة والشباب العامل والجمعيات والمؤسسات الدستورية بـ"اتحاد الشغل"، "تداول معطيات خاصة وهتك أعراض قاضيتين على صفحات مشبوهة متخصصة في السحل والتخوين، وذلك إثر صدور الأمر الرئاسي القاضي بإعفاء 57 قاضياً وقاضية من مهامهم".
وعبرت الجهة ذاتها عن "التضامن اللا مشروط مع القاضيتين"، معتبرةً أن "التشهير بالحياة الخاصة للمواطنات والمواطنين مساهمة في ترذيل الحياة السياسية وإباحة اعتماد العنف".

المزيد من العالم العربي