Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العالم يتحدث عن "ركود مقبل" للاقتصاد فلماذا التشاؤم؟

أسباب التدهور تبدأ من رفع الفائدة والتضخم وأزمة سلسلة التوريد والحرب في أوكرانيا وتداعيات "كوفيد"

الركود يقترب من الاقتصاد العالمي (أ ب)

تتصاعد التحذيرات من دخول الاقتصاد العالمي، والأميركي على وجه الخصوص، في موجة ركود حيث تتدفق التصريحات اليومية من شخصيات اقتصادية بارزة ومؤسسات عالمية رائدة تحذر من حدوثه، وعلى الرغم من اختلاف شواهد الركود ومؤشرات حدوثه وطول مدته ومدى تأثيره، يتفق الجميع على أسبابه التي تتلخص في تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد الصيني، مصنع العالم، وأزمة سلسلة التوريد، والحرب الروسية في أوكرانيا وما يتبع ذلك من ارتفاع قياسي في التضخم، وبالتالي في معدلات الفائدة.

إعصار اقتصادي

"استعدوا لإعصار اقتصادي انطلق بالفعل وسيقطع علينا الطريق قريباً"، كانت تلك أقوى التحذيرات التي أطلقها الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان"، جيمي ديمون، الذي أشار إلى أن هدوء الأوضاع لا يؤكد سيطرة الاحتياطي الفيدرالي على التضخم. وحذر المستثمرين من سحب عاصفة تقترب من الاقتصاد الأميركي على وجه التحديد. وأرجع الركود المنتظر إلى رفع الفائدة والحرب الروسية - الأوكرانية.

أما أغنى رجل في العالم، فلم يحذر فقط، بل كانت تصريحاته صادمة، حيث قال إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا لصناعة السيارات الكهربائية إن الركود قد بدأ بالفعل، وتوقع أن يستمر الركود بحد أقصى 18 شهراً.

وأجمع كل من ماسك وديمون على تحذير الشركات والمستثمرين من التوسع وضرورة التحفظ في الميزانية العمومية وكذلك مراقبة التكاليف والتدفقات النقدية.

ويبدو أن هناك إجماعاً بين قادة القطاع المصرفي الأميركي على التحذير من الركود، حيث وصف جون والدرون رئيس بنك "غولدمان ساكس" المناخ الاقتصادي بالأكثر تعقيداً الذي مر عليه في حياته. كما توقعت جين فريزر الرئيسة التنفيذية لبنك "سيتي غروب" أن يكون الركود أقرب وأقوى في أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.

الصدمة قادمة

الأمر لا يمثل آراء شخصية فقط، بل تعالت التحذيرات من المؤسسات العالمية الرائدة على اختلاف طبيعة عملها، حيث خفض البنك الدولي توقعاته للنمو لعام 2022. وحذر من اندفاع اقتصادات عدة نحو الركود بسبب تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية وجائحة "كوفيد". وأشار إلى توقعه فترة طويلة من ضعف النمو وارتفاع معدلات التضخم.

وتوقع كذلك "دويتشه بنك" أن يشهد العالم ركوداً كبيراً، لكنه رأى أن الركود ضروري للسيطرة على التضخم والحد من ارتفاعاته، وأن عام 2023 سيشهد بدء ذلك الركود في ظل رفع الاحتياطي الفيدرالي للفائدة.

وحذر "بنك أوف أميركا" أيضاً من تسارع تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي، وخطر ذلك على حدوث ركود اقتصادي، حيث أكد أن صدمة الركود قادمة طالما استمرت صدمة رفع أسعار الفائدة والتضخم.

لماذا التشاؤم؟

بدأ التشاؤم حول الأوضاع الاقتصادية منذ جائحة "كوفيد-19" التي ضربت العالم، ومع بدء تعافي الاقتصاد العالمي في النصف الثاني من العام الماضي، كانت أزمة سلسلة التوريد تدفع بأسعار مواد الغذاء والطاقة نحو الارتفاع تدريجياً. وزاد من معضلة التضخم وفرة السيولة بسبب الدعم المادي الذي قدمته الحكومات وقت الجائحة.

وعمق أزمة سلسلة التوريد إصرار الصين على الوصول إلى صفر إصابات من "كوفيد"، ما حد من قدرة إنتاج المصانع في أكبر دولة مصدرة في العالم.

ومع بدء تعافي الاقتصادات الغربية وعودة الطيران والنقل للعمل بطاقته التشغيلية العادية، انطلقت الحرب في أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، لتؤثر في المعروض من الطاقة وتدفع الأسعار إلى مستويات قياسية، ما أضعف قدرة الاقتصادات على النمو والاستفادة من تحسن البيئة التشغيلية ومستويات الثقة.

تشديد نقدي

وعلى الرغم من تأثير اجتماع تلك العوامل على مستويات الثقة والرغبة في الاستثمار وتزايد القلق من التوسع في الإنتاج أو تأثير تلك العوامل في الأسواق المالية، كانت الصدمة الكبرى للأسواق بسبب زيادة أسعار الفائدة بوتيرة مرتفعة، حيث اتبع الاحتياطي الفيدرالي سياسة تشديد نقدي غير مسبوقة ورفع الفائدة مرتين منذ بداية العام، بعد أن ارتفع التضخم إلى أعلى مستوياته في الولايات المتحدة على مدى 40 عاماً.

ويبدو أن التشديد مستمر، حيث رجح جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة نصف نقطة مئوية في كل اجتماع خلال الاجتماعين المقبلين في يونيو (حزيران) الحالي ويوليو (تموز) المقبل، وهو ما أكده عدد من مسؤولي الفيدرالي، ومن بينهم باتريك هاركر رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في فيلادلفيا.

وعلى الرغم من توقع البعض توقف الفيدرالي عن رفع الفائدة في سبتمبر، فإن نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لايل برينارد استبعد ذلك في إشارة إلى احتمال استمرار رفع الفائدة حتى نهاية العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يقتصر الأمر على الفيدرالي الأميركي، حيث توقعت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد أن يقوم المركزي الأوروبي بأول رفع في أسعار الفائدة على مدى أكثر من عقد من الزمن في اجتماعه المقرر في يوليو المقبل وبزيادة قد تصل إلى 0.5 في المئة.

خارج السرب

لكن على الرغم من كل تلك التحذيرات فإن بعض الاقتصاديين والمؤسسات لم يتسلل إليهم ذلك الكم من القلق، وكانوا أكثر تفاؤلاً من غيرهم.

فقد دعا لويد بلانكفين، الرئيس السابق لـ"غولدمان ساكس" إلى تخفيف النظرة التشاؤمية، وتوقع أن يصل الاقتصاد إلى بر الأمان بهدوء، بحسب تعبيره. كذلك رفضت كريستين لاغارد فكرة أن منطقة اليورو تتجه نحو الركود. وقالت إن البنك لا يبني سياساته على توقع حدوث الركود.

كما استبعد صندوق النقد الدولي حدوث الركود على لسان مديرة الصندوق، كريستالينا غورغييفا، التي قالت إن تأزم الأوضاع المالية وارتفاع الدولار وتباطؤ اقتصاد الصين، قد يدفع بعض الاقتصادات إلى الركود، لكن الصندوق يستبعد أن يمتد الأمر إلى ركود في الاقتصاد العالمي.

اقرأ المزيد