Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاريع الطاقة الخضراء تعيد تشكيل الشمال الصناعي لإنجلترا

موعود بآلاف الوظائف الجديدة مع الظهور المفاجئ لمزيد من الفرص

أول شفرة توربينة رياح صنعها عمال مصنع "سيمنز" معروضة في "هال" عام 2017 (غيتي)

خيم "حزن كبير" على ركن ماري لانيغان في يوركشاير الإنجليزية عندما بدأ تدمير مصانع الصلب المحلية، حيث عملت أجيال عدة من عمال المدينة، ولكن الآن يطغى على الأجواء شعور مغاير في منطقة "ريدكار وكليفلاند" Redcar and Cleveland. "تغمرنا حماسة كبيرة"، تقول لانيغان.

إنها واحدة من مناطق عدة في شمال إنجلترا عانت تدهوراً في الصناعات الثقيلة التي شكلت ذات يوم قلبها النابض، لكن بعد مرور عقود من الزمن تشكل هذه المنطقة مركز ثورة صناعية جديدة، بيد أنها هذه المرة ثورة صناعية خضراء [الصناعات التي تراعي البيئة].

ويجري العمل على عدد من مشاريع الطاقة المتجددة ومن بينها مخطط لإقامة مصنع شفرات لتوربينات الرياح [للمزرعة المخططة] في "مرتفع دوغر البحري"Dogger Bank  [جزء أكثر ضحالة من البحر مقارنة بالمنطقة المحيطة به]، والذي يعد بأن يكون أكبر مزرعة رياح بحرية في العالم، ومشروع محلي رائد لاختبار الهيدروجين الأخضر.

تقول لانيغان، زعيمة مجلس "ريدكار وكليفلاند" المحلي، إن في مقدورك أن تشعر بالحماسة الموجودة "في الشارع"، حيث يتحدث السكان المحليون حول المنفعة الكبيرة التي ستعود بها الصناعة الخضراء المزدهرة على "الأجيال الشابة".

وتشير دراسات إلى أن التحفيز هو جل ما يحتاج إليه هؤلاء، ذلك أن المناطق الصناعية السابقة صنفت بأنها تضم بعضاً من أسوأ مستويات الحراك الاجتماعي في المملكة المتحدة [يقصد بذلك التغير الاجتماعي الطبقي للعائلة أو الفرد].

 

واليوم شمال إنجلترا موعود بآلاف من فرص عمل جديدة مع الظهور المفاجئ لفرص الصناعات الخضراء في المناطق التي خسرت الصناعات الثقيلة، وفي بعض الحالات تستحوذ هذه المشاريع رمزياً إلى حد ما على مواقع صناعية سابقة.

في حديث إلى "اندبندنت" قالت فيليسيتي وان، قائدة العمليات في مزرعة رياح "مرتفع دوغر البحري" Dogger Bank wind farm إن المنطقة "التي تشهد بناء قاعدة العمليات والصيانة الخاصة بنا كانت ذات يوم ورشة لبناء السفن. كانت حوضاً لتشييد سفن شركة "ريدهيد" Redhead منذ سنوات، وكان جدي يعمل في تركيب الصفائح المعدنية هناك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف وان، "يمكنك مراقبة هذا التحول الحاصل خلال الجيلين السابقين، موقع للصناعات الثقيلة تلاشى ليعود المكان ويشهد إقامة مبنانا الخالي من الكربون، ليدير مزرعة رياح بحرية"، لافتة "رائع حقاً أن نرى [هذا التحول] بالنسبة إلي، إنه مثال ملموس فعلاً على التغير الذي مر به ذلك المشروع وإعادة تكوينه في غضون سنوات قليلة".

في منطقة "تيسايد" Teesside، من المقرر إنشاء مصنع جديد لإنتاج شفرات توربينات الرياح في موقع مصنع سابق للصلب، وقرب "بليث" Blyth، مدينة التعدين السابقة في "نورثمبرلاند" Northumberland، من المقترح بناء مصنع "غيغا فاكتوري" المتخصص في صناعة بطاريات للسيارات الكهربائية، في موقع محطة قديمة لتوليد الكهرباء.

ميلاني أون، النائبة العمالية السابقة عن الدائرة الانتخابية "غريت غريمسبي" Great Grimsby، والتي تعمل الآن في مجموعة "رينويبل يو كي" RenewableUK، تجد في هذا التطور "أهمية" بالنسبة إلى المجتمعات التي عانت "خسارة كبيرة جداً في الصناعة الرئيسة"، وشعرت بأن مناطقها قد لاقت الإهمال والاستبعاد.

 

هذه المشاريع والوظائف والاستثمارات التي تعد بتوفيرها "تعني كثيراً" بالنسبة إلى من طالهم هذا التراجع وتركوا في حيرة من أمرهم في شأن مستقبل أبنائهم وأحفادهم، على حد قولها.

تذكيراً، تعهدت الحكومة البريطانية بردم الفجوة بين المناطق المتخلفة عن الركب ونظيرتها الأكثر ازدهاراً في المملكة المتحدة، وذلك من طريق أجندة تعمل على إرساء "المساواة" في بينهما، لكن الخطط التي طال انتظارها والتي كشف عنها في وقت سابق من العام الحالي أصابت شمال إنجلترا بخيبة أمل.

ومع ذلك تبقى الآمال كبيرة في أن تساعد مشاريع الطاقة المتجددة في إحياء بعض المناطق وإنعاشها.

وفي تصريح أدلى به إلى "اندبندنت" قال هنري موريسون، من مجموعة "نورثرن باورهاوس بارتنرشيب" Northern Powerhouse Partnership التي ترمي إلى تعزيز النمو الاقتصادي في شمال إنجلترا، "غالباً ما تفكر الحكومة البريطانية في الحد من أوجه عدم المساواة بين المناطق والفئات الاجتماعية والوصول إلى الصفر الصافي في انبعاثات الكربون كما لو أنهما مهمتان منفصلتان تماماً"، لافتاً "لكنهما في الواقع وفي حالات كثيرة مترابطتان تماماً في ما بينهما"، وفق موريسون.

يضرب مدير المجموعة التي تمثل قادة الأعمال والمدنيين في شمال إنجلترا، مثلاً بالمصنع الضخم المقرر إنشاؤه قرب بليث، علماً أنها منطقة تواجه مثلاً "مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة"، كما يقول.

يقول موريسون إن "فوائد [المصنع] الاقتصادية لا تقل أهمية عن منافعه البيئية"، مضيفاً أن غريمسبي، التي عانت تدهوراً في قطاع صيد الأسماك، تقوم بجني فوائد الاستثمار في طاقة الرياح البحرية وآخذة في "الازدهار".

تعتقد لانيغان، رئيسة مجلس "ريدكان وكليفلاند"، أن مشاريع الطاقة الخضراء المقرر إنشاؤها "ستحدث تحولات كلية ونهائية" في المنطقة، موضحة "نحتاج إلى هذا التحول لأننا نعيش في شمال إنجلترا. لطالما اعتقدت في الماضي أننا لم نحصل على ما نعوزه من أجل النهوض والارتقاء".

ويرى مات بيكر، المشرف على موضوع التغير المناخي في مجلس "نورثمبرلاند سيتي"، أن الدفع نحو الصفر الصافي في انبعاثات الكربون يعمل على الحد من مستويات الحرمان جنباً إلى جنب مع تحسين المناخ وتوفر مزيد من الاستثمارات والوظائف، ولكن لا بد من الحرص على أن تذهب الوظائف فعلاً إلى السكان المحليين.

 

تشدد أون، من "رينويبل يو كي"، إنه لا بد من بذل "مجهود كبير" كي تصير المجتمعات المحلية قادرة على تحقيق أقصى استفادة من الفرص الجديدة. وتضيف، "نعلم أن لدينا نقصاً في المهارات حالياً ونحاول التغلب عليه، ونعكف على تدريب الأشخاص الآن بغرض شغل الوظائف عند توافرها".

المجالس المحلية والشركات تخبر "اندبندنت" أنها تعمل مع المدارس والكليات للتأكد من تعليم الأولاد المهارات اللازمة للصناعة المحلية المزدهرة، فضلاً عن توعيتهم بالمهن اللازمة في التصدي لأزمة المناخ.

ولكن هذه المهارات لا تخص الأجيال المقبلة وحسب. يقول توم نايتنغيل، مدير الجهات المساهمة في الشمال الشرقي لدى شركة "إكوينور" التي تشارك في مشروع مزرعة الرياح في "مرتفع دوغر البحري"، إن الأمور كانت تسير بطريقة معاكسة تماماً عندما قصده طالب في زيارة مدرسية أخيراً. ويضيف "قال الطالب، أبي مهندس كهرباء، هل يمكنه القدوم والعمل في مزرعة الرياح؟".

تقول وان، من [مشروع مزرعة رياح] "مرتفع دوغر البحري"، إن الطلب على الوظائف كان مرتفعاً أصلاً، وتذكر أن المشروع وظف أخيراً 10 فنيين، معظمهم من السكان المحليين، من بين حوالى 450 تقدموا بطلب العمل.

لكن الآثار الإيجابية للثورة الخضراء في المناطق التي شكلت سابقاً قلب الصناعة تذهب أبعد من مجرد توفير فرص العمل.

تذكر أون كيف أن مدينة "هال" Hull، علماً أنها مركز صيد قديم، نصبت في وسطها شفرة توربينات رياح ضخمة تكريماً لمصنع قريب لشركة "سيمنز" عندما كانت تسمى مدينة الثقافة في المملكة المتحدة قبل خمس سنوات مضت.

وقالت نائبة الرئيس التنفيذي للمجموعة "رينويبل يو كي" إنه "ساد شعور بوجود هوية جديدة، شيء آخر تفتخر به المدينة في المنطقة".

"لا يمكننا أن ننظر إلى الخلف وإلى صناعة الصلب التي كانت موجودة يوماً، على الرغم من أنها عادت بالنفع على المجتمع، من الناحية الاقتصادية والنواحي الأخرى أيضاً. لا بد من أن تمضي الأمور قدماً"، تختم ماري لانيغان.

نشرت المقالة في اندبندنت بتاريخ 6 يونيو 2022

© The Independent

المزيد من بيئة